34/08/09


تحمیل
 
 الموضوع : فصل في احكم الاعتكاف
 يحرم على المعتكف امور : احدها : مباشرة النساء بالجماع في القبل اوالدبر .
 ولا شبهة في حرمته وتدل على ذلك مضافاً الى دعوى الاجماع في المسألة الذي مرّ انه لا يمكن الاعتماد عليه مجموعة من الروايات :
 الرواية الاولى : موثقة الحسن بن فضال عن الحسن بن الجهم عن ابي الحسن (ع) قال سالته عن المعتكف ياتي اهله , فقال لا ياتي اهله ليلاً او نهاراً وهو معتكف [1] . فان هذه الموثقة تدل بوضوح على عدم جواز الجماع لا ليلا ولا نهارا اذا كان الشخص معتكفاً .
 الرواية الثانية : صحيحة زرارة : قال سالت ابا جعفر (ع) عن المعتكف يجامع ؟ قال اذا فعل ذلك فعليه ما على المظاهر [2] . اي عليه كفارة الظهار فهذه الصحيحة تدل على حرمة الجماع وانه موجب للكفارة ايضاً .
 الرواية الثالثة : موثقة سماعة : قال : سالت ابا عبد الله (ع) عن معتكف واقع اهله ؟ فقال : هو بمنزلة من افطر يوما من شهر رمضان [3] . اي بمعنى ان عليه الكفارة والحرمة , فان الافطار في نهار شهر رمضان محرم وموجب للكفارة وهذا بمثابة من افطر في نهار شهر رمضان .
 الرواية الرابعة : موثقة سماعة : قال سالته عن معتكف واقع اهله قال : عليه ما على الذي افطر يوما من شهر رمضان متعمداً عتق رقبة او صيام شهرين متتابعين او اطعام ستين مسكيناً [4] .
 فلا شبهة في ان الجماع محرم على المعتكف وعليه الكفارة .
 ثم ذكر الماتن (قده) : وباللمس والتقبيل بشهوة .
 وقد ادعي عليه الاجماع بان لمس المعتكف النساء او التقبيل بشهوة محرم , ولكن لا دليل عليهما ما عدا دعوى الاجماع في المسألة , فان تم الاجماع فهو والاّ فلا دليل على حرمته , واما قوله تعالى [وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ] [5] لا تدل على ان المراد اللمس والتقبيل , والظاهر ان المراد من لفظ المباشرة في الآية المباركة هو الجماع والمواقعة ولا تشمل اللمس والتقبيل وما شاكل ذلك , اذ لو حملناها على ذلك فمعناه ان مطلق التقبيل واللمس حرام وان لم يكن بشهوة ولم يقل بذلك احد , فالآية المباركة اشارة الى الجماع كما ان في بعض الايات كآية الوضوء التعبير باللمس [أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء ] [6] فاللمس كناية عن الجماع , وكذلك المباشرة في الآية المباركة كناية عن الجماع ولا تشمل اللمس والتقبيل , فلا دليل على حرمة اللمس والتقبيل للزوجة عن شهوة وهو معتكف .
 ثم ذكر الماتن (قده) : لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة فيحرم على المعتكفة ايضاً الجماع واللمس والتقبيل بشهوة .
 كما ان الجماع حرام على الرجل فهو حرام على المراة ايضا , وكما ان على الرجل كفارة فكذلك عليها الكفارة ايضاً وتدل على ذلك مضافا الى الروايات - قاعدة الاشتراك في التكاليف بين الرجل والمراة اذا لم يؤخذ في موضوع التكليف النساء كما في الحيض والنفاس والاستحاضة وما شاكل ذلك , فحكم الاعتكاف مشترك بينهما ولا فرق بينهما , واما الروايات :
 الرواية الاولى : صحيحة الحلبي عن ابي عبد الله (ع) قال : لا ينبغي للمعتكف ان يخرج من المسجد الا لحاجة لابد منها ثم لا يجلس حتى يرجع ولا يخرج في شيء الا لجنازة او يعود مريضا , قال : واعتكاف المراة مثل ذلك [7] . فان هذه الصحيحة تدل على ان اعتكاف المراة مثل اعتكاف الرجل في جميع ما يترتب على اعتكاف الرجل يترتب على اعتكاف المراة ايضاً سواء الاحكام المذكورة في هذه الرواية او الاحكام غير المذكورة فيها ولا يختص هذا التنزيل بالاحكام المذكورة في نفس الصحيحة فان مقتضى اطلاق هذا التنزيل ان اعتكاف المراة يشترك مع اعتكاف الرجل في جميع الاحكام المذكورة فيها وغيرها .
 الرواية الثانية : صحيحة داود بن سرحان عن ابي عبد الله (ع) في حديث قال : ولا ينبغي للمعتكف ان يخرج من المسجد الجامع الا لحاجة لابد منها ثم لا يجلس حتى يرجع والمرأة مثل ذلك [8] .
 وناقش في دلالة ذلك السيد الاستاذ (قده) على ما في تقرير بحثه , بان التنزيل هنا هو تنزيل المرأة بمنزلة الرجل لا تنزيل اعتكاف المرأة بمنزلة اعتكاف الرجل كما في صحيحة الحلبي , فان مقتضى عموم تنزيل اعتكاف المرأة منزلة اعتكاف الرجل هو الاشتراك في جميع الاحكام اي جميع ما يترتب على اعتكاف الرجل يترتب على اعتكاف المرأة , اما في هذه الصحيحة فهو تنزيل المرأة بمنزلة الرجل , غاية الامر هذا لا يدل على اكثر من ان الاحكام المذكورة في هذه الصحيحة فهي احكام مشتركة بينهما , والظاهر انه لا فرق بين هذه الصحيحة وصحيحة الحلبي , لان المراد ان المرأة المعتكفة كالرجل المعتكف , فالتنزيل ليس تنزيل المرأة بمنزلة الرجل ولا شبهة في ان تنزيل المرأة المعتكفة بمنزلة الرجل المعتكف , وظاهر هذا التنزيل واطلاقه ان جميع ما يترتب على الرجل المعتكف من الاحكام فهو مترتب على المرأة المعتكفة بلا فرق بين ان تكون تلك الاحكام مذكورة في نفس هذه الصحيحة او لم تكن مذكورة , فلا فرق بين هذه الصحيحة وصحيحة الحلبي .
 الرواية الثالثة : صحيحة ابي ولاد : قال سالت ابا عبد الله (ع) عن امرأة كان زوجها غائباً وقدم وهي معتكفة باذن زوجها فخرجت حين بلغها قدومه من المسجد الى بيتها فتهيأت لزوجها حتى واقعها , قال : ان كانت خرجت من المسجد قبل ان تقضي ثلاثة ايام ولم تكن اشترطت في الاعتكاف فان عليها ما على المظاهر [9] . والكلام في هذه الصحيحة في ان الكفارة على الجماع او انها على خروجها من المسجد؟ ذكر السيد الاستاذ (قده) على ما في تقرير بحثه ان الكفارة على الجماع وليس الكفارة على الخروج فان هذا المقدار من الخروج مشمول للادلة وهو خروج لحاجة ضرورية ولو كانت لاخبار زوجها انها بعد في الاعتكاف , فان هذا المقدار من الخروج لا يضر , فحينئذ هذه الكفارة انما هي على المواقعة وليست على الخروج .
 الظاهر من هذا انه يمكن حمل الرواية على ذلك وان كانت في نفسها ظاهرة في ان الكفارة على الخروج , ولكن مناسبة الحكم والموضوع بملاحظة ان خروجها ليس من جهة الاشتراط اي لم تشترط رجوعها متى شاءت او عند عروض عارض لها وكان خروجها في اثناء الاعتكاف ولم تتم ثلاثة ايام فحكم عليها بالكفارة ظاهره ان الكفارة على الخروج لا على المواقعة , ولكن ان مناسبة الحكم والموضوع تقتضي ان الكفارة على المواقعة لا على الخروج فان هذا المقدار من الخروج لحاجة مستثنى ولا يضر باعتكافها ولكن الجماع في اثناء الاعتكاف موجب لثبوت الكفارة عليها لانه كما يحرم على الرجل المعتكف كذلك يحرم على المرأة المعتكفه , وكما على الرجل المعتكف الكفارة كذلك على المرأة المعتكفة .


[1] الوسائل /ج 10 /ص 545 / باب 5 / كتاب الاعتكاف /ح 1 .
[2] الوسائل / ج 10 / ص 546 / باب 6 / كتاب الاعتكاف / الحديث 1.
[3] الوسائل / ج 10 / ص 547 / باب 6 / كتاب الاعتكاف / الحديث 2.
[4] الوسائل /ج 10 / ص 547 / باب 6 / كتاب الاعتكاف / الحديث 5 .
[5] سورة البقرة / الآية 187 .
[6] سورة النساء / الآية 43 .
[7] الوسائل /ج 10 / ص 549 / باب 7/كتاب الاعتكاف / الحديث2.
[8] الوسائل / ج 10/ ص 549/ باب 7 / كتاب الاعتكاف / الحديث 1.
[9] الوسائل /ج10/ ص 548/ باب 6 / كتاب الاعتكاف / الحديث 6.