37/08/03


تحمیل

الموضوع:- خــتــام.

بقي هنا مسالتان.

المسالة الاولى:- ان الدين الثابت على ذمة الميت ، فمن يدعي الدين على ذمة الميت فعليه اقامة البينة على ذلك ، ولكن هل يثبت هذا الدين بإقامة البينة او لا؟

الجواب:- المعروف والمشهور بين الاصحاب بل المتسالم عليه ان مدعي الدين على الميت لا يمكن اثباته بالبينة فقط بل لابد من ضم اليمين الى البينة ايضا ، وهذه المسالة مسالة مفصلة وطويلة ومذكورة في باب الشهادات ، واما اذا كان ثبوت الدين بالاستصحاب ـــ كما في المقام ـــ فان الزكاة تعلقت بأموال المورث وتعلقها بأمواله معلوم ثم مات المورث وشك الوراث في انه أداها او لا؟ فلا مانع من استصحاب بقاء الزكاة ، وهذا الاستصحاب يجري ومقتضى هذا الاستصحاب وجوب اخارجها على الورثة من التركة ثم تقسميها بينهم إرثاً ، هذا واضح ولا يرتبط بمسالتنا ، ولكن ذكرنا ان هذا الاستصحاب محكوم بقاعدة اليد فمن اجل ذلك لا يجري ، واما الاموال التي هي متعلقة للزكاة وقد تلفت فاذا كان التلف بتقصير من المورث فهو ضامن لبدل الزكاة من المثل او القيمة ثم مات المورث وشك انه ادى الضمان ام لا؟ فلا مانع من استصحاب بقاء الضمان وهذا الاستصحاب ليس محكوما بقاعدة اليد ، فهل يثبت الدين على الميت بالاستصحاب او لا؟ فهل هذا الاستصحاب بحاجة الى ضم اليمين او ليس بحاجة الى ذلك؟

الجواب:- قد يقال ـــ كما قيل ـــ انه بحاجة الى ضم اليمين اما الاستصحاب وحده فلا يكفي في اثبات الضمان واخراجه من اصل التركة بل لابد من اليمين.

ولكن الظاهر ان الامر ليس كذلك فانه خارج عن مورد الروايات التي تنص على ان من يدعي دينا على الميت واقام بينة فلابد من ضم اليمين اليها ولا يمكن اثبات الدين على الميت بالبينة فقط ، فان مورد هذه الروايات هو البينة واما ما نحن فيه فليس مورد هذه الروايات فان ما نحن فيه ليس الدين مدعى على الميت بل الدين ثابت على الميت والشك في انه اداه ام لم يؤديه؟ فلا مانع من الاستصحاب ، واما ضم اليمين فلا دليل عليه والدليل مورده من يدعي دينا على الميت واقام بينة على ذلك فلابد من ضم اليمين الى البينة.

المسالة الثانية:- ذكر الماتن (قدس الله نفسه) ان ذمة الميت اذا كانت مشغولة بالزكاة او بالخمس او بالدين او بالكفارة او بالنذر ، فان الماتن الحق الكفارة بالزكاة والخمس والدين وكذا المال المنذور.

ولكن الظاهر ان الامر ليس كذلك فان الكفارة ليست من الواجبات المالية ، وكذا النذر ليس من الواجبات المالية ، كما اذا نذر اعطاء مال للفقير او للهاشمي او ما شكال ذلك ، فليس وجوب الوفاء بالنذر من الواجبات المالية بحيث يخرج من اصل التركة قبل الارث كما هو الحال بالدين سواء كان الدين شرعيا كالزكاة والخمس ام كان الدين عرفيا كما اذا كان مديونا لزيد او عمر ، فالدين مستثنى من التركة قبل الارث ، واما الكفارة فليست دينا ، وكذا المال المنذور ليس دينا على الناذر بل الكفارة ليست من الواجبات المالية بل هو مجرد تكليف فهو مكلف باطعام ستين مسكينا لا انه مدين باطعام ستين مسكينا بل هو مكلف باطعام ستين مسكينا او بصوم شهرين متتابعين او بعتق رقبة وليست ذمته مشغولة بذلك حتى تكون دينا ، اذن ما ذكره الماتن (قدس الله نفسه) من الحاق الكفارة بالزكاة والخمس والدين في غير محله.

وكذا وجوب الوفاء بالنذر ليس وجوبا ماليا بل هو وجوب كوجوب الحج والصلاة والصيام فما ذكره الماتن لا يمكن المساعدة عليه.

ثم قال الماتن (قدس الله نفسه): السادسة: إذا علم اشتغال ذمته، إما بالخمس أو الزكاة وجب عليه إخراجهما إلا إذا كان هاشميا، فإنه يجوز أن يعطي للهاشمي بقصد ما في الذمة وإن اختلف مقدارهما قلة وكثرة أخذ بالأقل والأحوط الأكثر))[1] .

فاذا علم ان عليه خمس او زكاة وجب عليه اخراجهما معا لان العلم الاجمالي منجز ويجب عليه الموافقة القطعية معا والموافقة القطعية لا يمكن الا باخراج الخمس والزكاة معا.

نعم اذا كان هذا العلم الاجمالي للهاشمي فيجوز للهاشمي ان يدفع للهاشمي بعنوان ما في الذمة أي سواء كان ما في ذمته خمس ام كان في ذمته زكاة فعلى كلا التقديرين يجوز للهاشمي ان يعطي للهاشمي فان زكاة الهاشمي للهاشمي جائز وهو مورد للخمس ايضا ، فيجوز للهاشمي ان يعطي للهاشمي بقصد ما في الذمة ولا يجب عليه الاحتياط ، مثلا اذا فرضما انه علم اجمالا ان ذمته مشغولة بعشرة امنان من الحنطة من الزكاة او ان ذمته مشغولة بعشرين دينان من الخمس فيجب عليه اخراج كليهما ، أي اعطاء الخمس لمستحقه واعطاء الزكاة لمستحقها ، واما اذا كان هذا العلم الاجمالي للهاشمي فيجوز للهاشمي فيجوز للهاشمي اعطاء احدهما بقصد ما في الذمة لان ذمته مشغولة بأحدهما لا بكليهما فيجوز له اعطاء احدهما للهاشمي لان الهاشمي مستحق لهما سواء كان خمسا او زكاة.

وهذا الوجوب وهو وجوب الموافقة القطعية العملية انما هو فيما اذا كان الخمس والزكاة متساويين ، واما اذا كان احدهما اكثر من الاخر نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.