كتاب الخمس

البريد الإلكتروني طباعة

كتاب منهاج الصالحين ج 1 ص 385 ـ ص 414

كتاب الخمس

( 386 )


( 387 )


وفيه مبحثان:


المبحث الأول

فيما يجب فيه


وهي أمور:

الأول : الغنائم :

المنقولة و غير المنقولة المأخوذة بالقتال من الكفار الذين يحل قتالهم إذا كان القتال بإذن الإمام عليه السلام ، و أما إذا لم يكن بإذنه فالغنيمة كلها للإمام ، سواء كان القتال بنحو الغزو ـ للدعاء إلى الإسلام أو لغيره ـ أم كان دفاعاً لهم عند هجومهم على المسلمين ، و يستثنى من الغنيمة فيما إذا كان القتال بإذن الإمام عليه السلام ما يصطفيه منها لنفسه و كذا قطائع الملوك لخواصهم و ما يكون للملوك أنفسهم فإن جميع ذلك مختص به عليه السلام كما أن الأراضي التي ليست من الأنفال فئ للمسلمين مطلقاً .
مسألة 1188 : ما يؤخذ منهم بغير القتال من غيلة ، أو سرقة أو نحو ذلك ـ مما لا يرتبط بالحرب و شؤونها ـ ليس فيه خمس الغنيمة بل خمس الفائدة ـ كما سيأتي ـ هذا إذا كان الأخذ جائزاً و إلا ـ كما إذا كان غدراً و نقضاً للأمان ـ فيلزم رده إليهم على الأحوط .
مسألة 1189 : لا يعتبر في وجوب الخمس في الغنيمة بلوغها عشرين ديناراً على الأصح ، نعم يعتبر أن لا تكون لمسلم ، أو غيره ممن هو محترم المال ، و إلا وجب ردها على مالكها ، أما إذا كان في أيديهم مال للحربي

( 388 )

بطريق الغصب ، أو الأمانة ، أو نحوهما جرى عليه حكم مالهم .
مسألة 1190 : في جواز تملك المؤمن مال الناصب و أداء خمسه إشكال .

الثاني : المعدن :

كالذهب ، و الفضة ، و الرصاص ، و النحاس ، و العقيق ، و الفيروزج ، و الياقوت ، و الكحل ، و الملح ، و القير ، و النفط ، و الكبريت ، و نحوها . و الأحوط وجوباً إلحاق مثل الجص و النورة و حجر الرحى و طين الغسل و نحوها بما تقدم ، و الأظهر أن المعدن من الأنفال و إن لم تكن أرضه منها . و لكن يثبت الخمس في المستخرج منه و يكون الباقي للمخرج على تفصيل سيأتي إن شاء الله تعالى .
مسألة 1191 : يشترط في وجوب الخمس في المعدن النصاب و هو قيمة ( خمسة عشر مثقالاً صيرفياً من الذهب المسكوك ) سواء أ كان المعدن ذهباً أم فضة أو غيرهما ، و الأقوى اعتبار بلوغ المقدار المذكور في حال الإخراج بعد استثناء مؤونته دون مؤونة التصفية ، نعم إنما يجب إخراج الخمس من الباقي بعد استثناء مؤونة التصفية ، و سائر المؤن الأخرى .
مسألة 1192 : إذا أخرجه دفعات كفى بلوغ المجموع النصاب و إن أعرض في الأثناء ثم رجع ، نعم إذا أهمله فترة طويلة و لو لمانع خارجي ـ بحيث لم يعد عرفاً عاملاً في المعدن ـ لا يضم اللاحق إلى السابق .
مسألة 1193 : إذا اشترك جماعة في الإخراج و لم يبلغ حصة كل واحد منهم النصاب لم يجب الخمس فيه و إن بلغ المجموع نصاباً .
مسألة 1194 : قد مر أن المعدن مطلقاً من الأنفال إلا أنه إذا لم يكن ظاهراً فهو على ثلاثة أقسام :
1 ـ ما إذا كان في الأرض المملوكة أو ما يلحقها حكما ، و المشهور

( 389 )

أنه حينئذ ملك لمالك الأرض ، فإن أخرجه غيره بدون إذنه فهو لمالكها و عليه الخمس ، و لكن هذا غير خال عن الإشكال فالأحوط لهما التراضي بصلح أو نحوه فإن لم يتراضيا فليراجعا الحاكم الشرعي في حسم النزاع بينهما .
2 ـ ما إذا كان في الأرض المفتوحة عنوة التي هي ملك للمسلمين من دون أن يكون لشخص معين حق فيها ، و الأظهر حينئذ لزوم الاستئذان في استخراجه من ولي المسلمين فإذا استخرجه بإذنه ملكه و عليه الخمس .
3 ـ ما إذا كان في الأراضي الأنفال ، و لا حاجة حينئذ إلى الاستئذان في استخراجه بل هو جائز لجميع المؤمنين ـ لولا طرو عنوان ثانوي يقتضي المنع عنه ـ فإذا استخرجه أحد وجب فيه الخمس و يكون الباقي له .
مسألة 1195 : إذا شك في بلوغ النصاب فالأحوط وجوباً الاختبار مع الإمكان و مع عدمه لا يجب عليه شئ ، و كذا إذا اختبره فلم يتبين له شئ .

الثالث : الكنز :

وهو المملوك المنقول الذي طرأ عليه الاستتار و الخروج عن معرضية التصرف ، من غير فرق بين أن يكون المكان المستتر فيه أرضاً أو جداراً أو غيرهما و لكن يعتبر أن يكون وجوده فيه أمراً غير متعارف ، فمن وجد الكنز يملكه بالحيازة و عليه الخمس ، و الظاهر عدم اختصاص الحكم بالذهب و الفضة المسكوكين بل يشمل غير المسكوك منها أيضاً ، و كذلك الأحجار الكريمة بل مطلق الأموال النفيسة ، و يعتبر في جواز تملكه كونه شرعاً مالاً بلا مالك أو عدم كونه لمحترم المال سواء وجد في دار الحرب أم في دار الإسلام ، مواتاً كان حال الفتح ، أم عامرة أم في خربة باد أهلها ، سواء كان عليه أثر الإسلام أم لم يكن ، و يشترط في وجوب الخمس فيه بلوغ النصاب ، و هو أقل نصابي الذهب و الفضة مالية في وجوب الزكاة ، و لا فرق بين الإخراج دفعة و دفعات ـ إذا لم تفصل بينها فترة طويلة ـ و يجري هنا أيضاً استثناء

( 390 )

المؤونة ، و حكم بلوغ النصاب بعد استثناء مؤونة الإخراج ، و حكم اشتراك جماعة فيه إذا بلغ المجموع النصاب كما تقدم في المعدن ، و إن علم أنه لمسلم أو ذمي موجود هو أو وارثه فإن تمكن من إيصاله إلى مالكه وجب ذلك و إن لم يتمكن من معرفته جرى عليه حكم مجهول المالك و إن لم يعرف له وارثاً جرى عليه حكم إرث من لا وارث له على الأحوط ، نعم إذا كان المالك المسلم أو الذمي قديماً بحد يعد ذلك موجباً لعدم إحراز وجود الوارث له فلا يبعد جريان حكم الكنز عليه .
مسألة 1196 : إذا وجد الكنز في الأرض المملوكة له فإن ملكها بالإحياء جرت عليه الأحكام المتقدمة ، و إن ملكها بالشراء و نحوه عرفه المالك السابق ـ إذا كان ذا يد عليها و احتمل كونه له احتمالاً معتداً به ـ فإن ادعاه دفعه إليه و إلا راجع من ملكها قبله كذلك ، و هكذا ، فإن نفاه الجميع جرت عليه الأحكام المتقدمة ، و كذلك الحال فيما إذا وجده في ملك غيره إذا كان تحت يده بإجارة أو نحوها .
مسألة 1197 : إذا اشترى دابة فوجد في جوفها مالاً كان حكمه حكم الكنز الذي يجده في الأرض المشتراة في لزوم تعريف البائع على النهج المتقدم ، فإن لم يعرف له مالكاً أخرج خمسه ـ و إن لم يبلغ نصاب الكنز على الأحوط ـ و يكون الباقي له .
وهكذا الحكم في الحيوان غير الدابة حتى السمكة إذا احتمل أن يكون ما في جوفها لمن سبقه كما إذا كانت تربى في موضع خاص و كان البائع أو غيره يتكفل بإطعامها دون ما إذا كان قد اصطادها من البحر أو شبهه .

الرابع : ما أخرج من البحر بالغوص :

من الجوهر و نحوه ، لا مثل السمك و غيره من الحيوان .

( 391 )

مسألة 1198 : يعتبر في وجوب الخمس فيما يخرج بالغوص بلوغ النصاب و هو قيمة دينار واحد فلا خمس فيما ينقص عن ذلك على الأظهر .
مسألة 1199 : إذا اشترك جماعة في الغوص و لم يبلغ نصيب كل منهم النصاب فالأظهر عدم وجوب الخمس فيه كما مر نظيره في المعدن ، كما يجري هنا ما مر فيه من اعتبار بلوغه النصاب بعد استثناء مؤونة الإخراج .
مسألة 1200 : إذا أخرج بآلة من دون غوص فالأحوط وجوباً جريان حكم الغوص عليه .
مسألة 1201 : الظاهر أن الأنهار العظيمة حكمها حكم البحر بالنسبة إلى ما يخرج منها بالغوص .
مسألة 1202 : ما تقدم من اعتبار بلوغ النصاب في تعلق الخمس يكفي فيه مجموع ما أخرج بلا فرق بين اتحاد النوع و عدمه .
مسألة 1203 : لا إشكال في وجوب الخمس في العنبر إن أخرج بالغوص ، و الأحوط بل الأظهر وجوبه فيه إن أخذ من وجه الماء أو الساحل .
مسألة 1204 : ما يستخرج من البحر من الأموال غير المتكونة فيه لا يدخل تحت عنوان الغوص كما إذا غرقت سفينة و تركها أربابها و أباحوا ما فيها لمستخرجه فاستخرج شخص لنفسه شيئاً منها ، فإن كل ذلك يدخل في الأرباح .

الخامس : الأرض التي تملكها الكافر من المسلم :

ببيع أو هبة أو نحو ذلك ـ على المشهور ـ و لكن ثبوت الخمس فيها بمعناه المعروف لا يخلو عن إشكال .

السادس : المال المخلوط بالحرام :

إذا لم يتميز و لم يتيسر له معرفة صاحبه و لا مقداره بحيث احتمل زيادته على الخمس و نقيصته عنه ، فإنه يحل بإخراج خمسه ، والأحوط وجوباً صرفه

( 392 )

بقصد الأعم من المظالم و الخمس فيمن يكون مصرفاً لهما معاً ، و إذا علم أن المقدار الحرام يزيد على الخمس أو أنه ينقص عنه لزمه التصدق عن المالك بالمقدار الذي يعلم أنه حرام إذا لم يكن الخلط بتقصير منه و إلا احتاط بالتصدق بالزائد و لو بتسليم المال كله إلى الفقير بإذن الحاكم الشرعي ـ على الأحوط ـ قاصداً به التصدق بالمقدار المجهول مالكه ثم يتصالح هو و الفقير في تعيين حصة كل منهما .
و إذا علم المقدار و لم يتيسر له معرفة المالك تصدق به عنه سواء أ كان الحرام بمقدار الخمس أم كان أقل منه أم كان أكثر منه ، و الأحوط وجوباً أن يكون بإذن الحاكم الشرعي ، و إن علم المالك و لم يتيسر له معرفة المقدار فإن أمكن التراضي معه بصلح أو نحوه فهو و إلا اكتفى برد المقدار المعلوم إليه إذا لم يكن الخلط بتقصير منه و إلا لزم رد المقدار الزائد أيضاً على الأحوط ، هذا إذا لم يتخاصما في تحديد المقدار أو في تعيينه و إلا تحاكما إلى الحاكم الشرعي فيفصل النزاع بينهما ، و إن علم المالك و المقدار وجب دفعه إليه و يكون التعيين بالتراضي بينهما .
مسألة 1205 : إذا علم قدر المال الحرام و لم يعلم صاحبه بعينه بل علمه في عدد محصور أعلمهم بالحال ، فإن ادعاه أحدهم و أقره عليه الباقي أو اعترفوا بأنه ليس لهم سلمه إليه و يكون التعيين بالتراضي بينهما ، و إن ادعاه أزيد من واحد فإن تراضوا بصلح أو نحوه فهو و إلا تعين الرجوع إلى الحاكم الشرعي في حسم الدعوى ، و إن أظهر الجميع جهلهم بالحال و امتنعوا عن التراضي بينهم فالأظهر لزوم العمل بالقرعة ، و الأحوط تصدي الحاكم الشرعي أو وكيله لإجرائها ، و هكذا الحكم فيما إذا لم يتيسر له معرفة قدر المال و علم صاحبه في عدد محصور إلا أن ما تقدم في كيفية الخروج عن عهدة المقدار الحرام في صورة الجهل به و العلم بالمالك ـ في أصل المسألة ـ

( 393 )

يجري هنا أيضاً .
مسألة 1206 : إذا كان في ذمته مال حرام فلا محل للخمس ، فإن علم جنسه و مقداره فإن عرف صاحبه رده إليه ، و إن لم يعرفه ، فإن كان في عدد محصور ، فالأحوط ـ وجوباً ـ استرضاء الجميع ، و إن لم يمكن عمل بالقرعة ، و إن كان في عدد غير محصور تصدق به عنه ، و الأحوط ـ وجوباً ـ أن يكون بإذن الحاكم الشرعي ، و إن علم جنسه و لم يتيسر له معرفة مقداره جاز له في إبراء ذمته الاقتصار على الأقل إذا لم يكن منشأ الجهل به الشك في التفريغ و عدمه ، و إلا لزمه الأكثر ، و كذا إذا كان مقصراً في طرو الجهل به على الأحوط ، و على كل حال فإن عرف المالك رده إليه و إلا فإن كان في عدد محصور ، فالأحوط ـ وجوباً ـ استرضاء الجميع ، فإن لم يمكن رجع إلى القرعة ، و إلا تصدق به عن المالك ، و الأحوط ـ وجوباً ـ أن يكون بإذن الحاكم ، و إن لم يعرف جنسه و كان قيمياً و كانت قيمته في الذمة فالحكم كما لو عرف جنسه ، و إلا ـ كأن كان ما في الذمة مردداً بين أجناس مختلفة قيمياً كان الجميع أو مثلياً أو مختلفاً ـ فكذلك إذ يرجع حينئذ إلى القيمة على الأقوى إن لم يمكن القطع بتفريغ الذمة على نحو لا يلزم ضرر أو حرج و إلا كان هو المتعين .
مسألة 1207 : إذا تبين المالك بعد دفع الخمس كان ضامناً له على الأحوط .
مسألة 1208 : إذا علم بعد دفع الخمس أن الحرام أكثر من الخمس وجب عليه دفع الزائد أيضاً ، و إذا علم أنه أنقص لم يجز له استرداد الزائد على مقدار الحرام على الأحوط .
مسألة 1209 : إذا كان الحرام المختلط من الخمس ، أو الزكاة أو الوقف العام ، أو الخاص لا يحل المال المختلط به بإخراج الخمس ، بل يجري عليه حكم معلوم المالك ، فيراجع ولي الخمس أو الزكاة ، أو الوقف

( 394 )

على أحد الوجوه السابقة .
مسألة 1210 : إذا كان الحلال الذي اختلط به الحرام قد تعلق به الخمس ، فالأحوط لزوماً إخراج خمس التحليل أولاً ثم إخراج خمس الباقي فإذا كان عنده خمسة و سبعون ديناراً خمسه ثم خمس الباقي فيبقى له من مجموع المال ثمانية و أربعون ديناراً .
مسألة 1211 : إذا تصرف في المال المختلط بالحرام قبل إخراج خمسه ، بالإتلاف سقط الخمس ، و جرى عليه حكم رد المظالم ـ المتقدم في المسألة 1206 ـ على الأقوى .

السابع : ما يفضل عن مؤونة سنته .

له و لعياله من فوائد الصناعات و الزراعات ، و التجارات ، و الإجارات و حيازة المباحات ، بل الأحوط الأقوى تعلقه بكل فائدة مملوكة له كالهبة و الهدية ، و الجائزة ، و المال الموصى به ، و نماء الوقف الخاص أو العام إذا صار ملكاً طلقاً للموقوف عليه ، و الظاهر عدم وجوبه في المهر ، و في عوض الخلع و في ديات الأعضاء و فيما يملك بالإرث عدا ما يملكه المؤمن بعنوان ثانوي كالتعصيب ، و الأحوط لزوماً إخراج خمس الميراث الذي لا يحتسب من غير الأب و الابن .
مسألة 1212 : لا خمس فيما ملك بالخمس أو الزكاة على الأظهر ، و الأحوط ـ إن لم يكن أقوى ـ إخراج خمس ما زاد عن مؤونته مما ملكه بالصدقات المندوبة أو الواجبة ـ غير الزكاة ـ كالكفارات و رد المظالم و نحوهما .
مسألة 1213 : إذا كان عنده من الأعيان التي لم يتعلق بها الخمس أو تعلق بها ، و قد أداه فنمت ، و زادت زيادة منفصلة ، أو ما بحكمها عرفاً كالولد ، و الثمر ، و اللبن ، و الصوف ، و الأغصان اليابسة المعدة للقطع و نحوها فالظاهر وجوب الخمس في الزيادة ، بل الظاهر وجوبه في الزيادة المتصلة

( 395 )

أيضاً ، إذا عدت عرفاً مصداقاً لزيادة المال كسمن الحيوان المعد للاستفادة من لحمه كدجاج اللحم ، و أما إذا ارتفعت قيمتها السوقية ـ و لو لزيادة متصلة لا على النحو المتقدم ـ فإن كان الأصل قد أعده للتجارة وجب الخمس في الارتفاع المذكور ، إذا أمكن بيعه و أخذ قيمته ، و إن لم يكن قد أعده لها لم يجب الخمس في الارتفاع ، و إذا باعه بالسعر الزائد لم يجب الخمس في الزائد من الثمن ، إذا لم يكن مما انتقل إليه بعوض و إلا وجب الخمس فيه ، مثلاً إذا ورث من أبيه بستاناً قيمته مائة دينار و لم يعده للتجارة فزادت قيمته ، فوصلت إلى مائتي دينار لم يجب الخمس في المائة الزائدة و إن باعه بالمائتين و كذا إذا كان قد اشتراه بمائة دينار ، و لم يعده للتجارة فزادت قيمته ، و بلغت مائتي دينار لم يجب الخمس في زيادة القيمة ، نعم إذا باعه بالمائتين وجب الخمس في المائة الزائدة ، و تكون من أرباح سنة البيع .
فأقسام ما زادت قيمته ثلاثة :
الأول : ما يجب فيه الخمس في الزيادة ، و إن لم يبعه ، و هو ما أعده للتجارة .
الثاني : ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة ، و إن باعه بالزيادة و هو ما ملكه بالإرث و نحوه ، مما لم يتعلق به الخمس و لم يعده للتجارة . و من قبيل ذلك ما ملكه بالهبة أو الحيازة مما كان متعلقاً للخمس و لكن قد أداه من نفس المال و أما إذا أداه من مال آخر فلا يجب الخمس في زيادة القيمة بالنسبة إلى أربعة أخماس ذلك المال و يجري على خمسه الذي ملكه بأداء قيمته من مال آخر حكم المال الذي ملكه بالمعاوضة .
الثالث : ما لا يجب فيه الخمس في الزيادة ، إلا إذا باعه ، و هو ما ملكه بالمعاوضة كالشراء و نحوه ، بقصد الاقتناء لا التجارة .
مسألة 1214 : الذين يملكون الغنم يجب عليهم ـ في آخر السنة ـ

( 396 )

إخراج خمس الباقي بعد مؤونتهم من نماء الغنم من الصوف ، و السمن ، و اللبن ، و السخال المتولدة منها ، و إذا بيع شئ من ذلك في أثناء السنة و بقي شئ من ثمنه أو عوض ثمنه وجب إخراج خمسه أيضاً ، و كذلك الحكم في سائر الحيوانات ، فإنه يجب تخميس ما يتولد منها ، إذا كان باقياً في آخر السنة بنفسه أو ثمنه .
مسألة 1215 : إذا عمر بستاناً وغرس فيه نخلاً و شجراً للاتجار بثمره لم يجب إخراج خمسه ، إذا صرف عليه مالاً لم يتعلق به الخمس كالموروث ، أو مالاً قد أخرج خمسه كأرباح السنة السابقة ، أو مالاً فيه الخمس ـ كأرباح السنة السابقة ـ و لم يخرج خمسه ، كأن اشترى ما غرسه فيه في الذمة و وفى ثمنه مما يجب فيه الخمس ، نعم يجب عليه حينئذ إخراج خمس المال نفسه ، و أما إذا صرف عليه من ربح السنة ـ قبل تمام السنة ـ وجب إخراج خمس نفس ما غرسه و أحدثه بعد استثناء مؤونة السنة ، و على أي تقدير يجب الخمس في نمائه المنفصل ، أو ما بحكمه من الثمر ، و السعف ، و الأغصان اليابسة المعدة للقطع ، بل في نمائه المتصل أيضاً إذا عد مصداقاً لزيادة المال على ما عرفت ، و كذا يجب تخميس الشجر الذي يغرسه جديداً في السنة الثانية ، و إن كان أصله من الشجر المخمس ثمنه مثل : ( التال ) الذي ينبت فيقلعه و يغرسه ، و كذا إذا نبت جديداً لا بفعله ، كالفسيل و غيره ، إذا كان له مالية ، و بالجملة كل ما يحدث جديداً من الأموال التي تدخل في ملكه يجب إخراج خمسه في آخر سنته ، بعد استثناء مؤونة سنته ، و لا يجب الخمس في ارتفاع قيمة البستان في هذه الصورة ، نعم إذا باعه بأكثر مما صرفه عليه من ثمن الفسيل ، و أجرة الفلاح و غير ذلك وجب الخمس في الزائد ، و يكون الزائد من أرباح سنة البيع ، و أما إذا كان تعميره بقصد التجارة بنفس البستان وجب الخمس في ارتفاع القيمة الحاصل في

( 397 )

آخر السنة و إن لم يبعه كما عرفت .
مسألة 1216 : إذا اشترى عيناً للتكسب بها فزادت قيمتها في أثناء السنة ، و لم يبعها غفلة ، أو طلباً للزيادة ، أو لغرض آخر ثم رجعت قيمتها في رأس السنة إلى رأس مالها فليس عليه خمس تلك الزيادة نعم إذا بقيت الزيادة إلى آخر السنة ، و أمكنه بيعها و أخذ قيمتها فلم يفعل و بعدها نقصت قيمتها ضمن خمس النقص على الأحوط .
مسألة 1217 : المؤونة المستثناة من الأرباح ، و التي لا يجب فيها الخمس أمران : مؤونة تحصيل الربح ، و مؤونة سنته ، و المراد من مؤونة التحصيل كل مال يصرفه الإنسان في سبيل الحصول على الربح ، كأجرة الحمال ، و الدلال ، و الكاتب ، و الحارس ، و الدكان ، و ضرائب السلطان ، و غير ذلك فإن جميع هذه الأمور تخرج من الربح ، ثم يخمس الباقي ، و من هذا القبيل ما ينقص من ماله في سبيل الحصول على الربح كالمصانع ، و السيارات ، و آلات الصناعة ، و الخياطة ، و الزراعة ، و غير ذلك فإن ما يرد على هذه من النقص باستعمالها أثناء السنة يتدارك من الربح ، مثلاً إذا اشترى سيارة بألفي دينار و آجرها سنة بأربعمائة دينار ، و كانت قيمة السيارة نهاية السنة من جهة الاستعمال ألفا و ثمانمائة دينار لم يجب الخمس إلا في المائتين ، و المائتان الباقيتان من المؤونة . و المراد من مؤونة السنة التي يجب الخمس في الزائد عليها كل ما يصرفه في سنته في معاش نفسه و عياله على النحو اللائق بحاله ، أم في صدقاته و زياراته ، و هداياه و جوائزه المناسبة له ، أم في ضيافة أضيافه ، أم وفاءً بالحقوق اللازمة له بنذر أو كفارة، أو أداء دين أو أرش جناية أو غرامة ما أتلفه عمداً أو خطأ ، أو فيما يحتاج إليه من سيارة و خادم و كتب و أثاث ، أو في تزويج أولاده و ختانهم و غير ذلك، فالمؤونة كل مصرف متعارف له سواء أ كان الصرف فيه على نحو الوجوب ، أم الاستحباب ، أم الإباحة ،

( 398 )

أم الكراهة ، نعم لابد في المؤونة المستثناة من الصرف فعلاً فإذا قتر على نفسه لم يحسب له ، كما أنه إذا تبرع متبرع له بنفقته أو بعضها لا يستثنى له مقدار التبرع من أرباحه بل يحسب ذلك من الربح الذي لم يصرف في المؤونة ، و أيضاً لابد أن يكون الصرف على النحو المتعارف فإن زاد عليه وجب خمس التفاوت ، و إذا كان المصرف سفهاً و تبذيراً لا يستثنى المقدار المصروف ، بل يجب فيه الخمس ، بل إذا كان المصرف راجحاً شرعاً و لكنه كان غير متعارف من مثل المالك كما إذا صرف جميع أرباح سنته في عمارة المساجد ، و الإنفاق على الفقراء و نحو ذلك ففي استثناء ذلك من وجوب الخمس إشكال .
مسألة 1218 : رأس سنة المؤونة فيمن لا مهنة له يتعاطاها في معاشه و حصلت له فائدة اتفاقاً أول زمان حصولها فمتى حصلت جاز له صرفها في المؤن اللاحقة إلى عام كامل ، و أما من له مهنة يتعاطاها في معاشه فرأس سنته حين الشروع في الاكتساب ، فيجوز له احتساب المؤن المصروفة بعده من الربح اللاحق ، و إذا كان للشخص أنواع مختلفة من الاكتساب كالتجارة و الإجارة و الزراعة جاز له أن يجعل لنفسه رأس سنة واحدة فيحسب مجموع وارداته في آخر السنة و يخمس ما زاد على مؤونته ، كما يجوز له أن يجعل لكل نوع بخصوصه رأس سنة ، فيخمس ما زاد عن مؤونته في آخر تلك السنة .
مسألة 1219 : الظاهر أن رأس مال التجارة ليس من المؤونة المستثناة فيجب إخراج خمسه إذا اتخذه من أرباحه و إن كان مساوياً لمؤونة سنته نعم إذا كان بحيث لا يفي الباقي بعد إخراج الخمس بمؤونته اللائقة بحاله فلا يبعد حينئذ عدم ثبوت الخمس فيه ، و في حكم رأس المال ما يحتاجه الصانع من آلات الصناعة و الزارع من آلات الزراعة و هكذا .

( 399 )

مسألة 1220 : كل ما يصرفه الإنسان في سبيل حصول الربح يستثنى من الأرباح كما مر ، و لا يفرق في ذلك بين حصول الربح في سنة الصرف و حصوله فيما بعد ، فكما لو صرف مالاً في سبيل إخراج معدن استثنى ذلك من المخرج و لو كان الإخراج بعد مضي سنة أو أكثر فكذلك لو صرف مالاً في سبيل حصول الربح ، و من ذلك النقص الوارد على المصانع ، و السيارات ، و آلات الصنائع و غير ذلك مما يستعمل في سبيل تحصيل الربح .
مسألة 1221 : لا فرق في مؤونة السنة بين ما يصرف عينه ، مثل المأكول و المشروب ، و ما ينتفع به ـ مع بقاء عينه ـ مثل الدار و الفرش و الأواني و نحوها من الآلات المحتاج إليها في تعيشه فيجوز استثناؤها إذا اشتراها من الربح ، و إن بقيت للسنين الآتية ، نعم إذا كان عنده شئ منها قبل الاكتساب ، لا يجوز استثناء قيمته ، بل حاله حال من لم يكن محتاجاً إليها .
مسألة 1222 : يجوز إخراج المؤونة من الربح ، و إن كان له مال لا خمس فيه بأن لم يتعلق به أو تعلق و أخرجه فلا يجب إخراجها من ذلك المال ، و لا التوزيع عليهما .
مسألة 1223 : إذا زاد ما اشتراه للمؤونة من الحنطة ، و الشعير ، و السمن ، و السكر ، و غيرها وجب عليه إخراج خمسه ، أما المؤن التي يحتاج إليها ـ مع بقاء عينها ـ إذا استغنى عنها فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها ، إذا كان الاستغناء عنها بعد السنة ، كما في حلي النساء الذي يستغنى عنه في عصر الشيب ، أما إذا كان الاستغناء عنها في أثناء السنة ، فإن كانت مما يتعارف إعدادها للسنين الآتية ، كالثياب الصيفية و الشتائية عند انتهاء الصيف أو الشتاء في أثناء السنة ، فالظاهر عدم وجوب الخمس فيها أيضاً و إلا وجب أداء خمسها على الأحوط .
مسألة 1224 : إذا كانت الأعيان المصروفة في مؤونة السنة قد اشتراها

( 400 )

من ماله المخمس فزادت قيمتها ـ حين الاستهلاك في أثناء السنة ـ لم يجز له استثناء قيمة زمان الاستهلاك على الأحوط ، بل يستثنى قيمة الشراء .
مسألة 1225 : ما يدخره من المؤن ، كالحنطة و الدهن و نحو ذلك إذا بقي منه شئ إلى السنة الثانية ـ و كان أصله مخمساً ـ لا يجب فيه الخمس لو زادت قيمته ، كما أنه لو نقصت قيمته لا يجبر النقص من الربح .
مسألة 1226 : إذا اشترى بعين الربح شيئاً ، فتبين الاستغناء عنه وجب إخراج خمسه ، و الأحوط ـ استحباباً ـ مع نزول قيمته عن رأس المال مراعاة رأس المال ، و كذا إذا اشتراه عالماً بعدم الاحتياج إليه كبعض الفرش الزائدة ، و الجواهر المدخرة لوقت الحاجة في السنين اللاحقة ، و البساتين و الدور التي يقصد الاستفادة بنمائهما ، فإنه لا يراعي في الخمس رأس مالها ، بل قيمتها و إن كانت أقل منه ، و كذا إذا اشترى الأعيان المذكورة بالذمة ، ثم وفى من الربح لم يلزمه إلا خمس قيمة العين آخر السنة ، و إن كان الأحوط ـ استحباباً ـ في الجميع ملاحظة الثمن .
مسألة 1227 : من جملة المؤن مصارف الحج واجباً كان أو مستحباً و إذا استطاع في أثناء السنة من الربح و لم يحج ـ و لو عصياناً ـ وجب خمس ذلك المقدار من الربح و لم يستثن له ، و إذا حصلت الاستطاعة من أرباح سنين متعددة وجب خمس الربح الحاصل في السنين الماضية ، فإن بقيت الاستطاعة بعد إخراج الخمس وجب الحج و إلا فلا ، أما الربح المتمم للاستطاعة في سنة الحج فلا خمس فيه ، نعم إذا لم يحج ـ و لو عصيانا ـ وجب إخراج خمسه .
مسألة 1228 : إذا حصل لديه أرباح تدريجية فاشترى في السنة الأولى عرصة لبناء دار ، و في الثانية خشباً و حديداً ، و في الثالثة آجراً مثلاً ، و هكذا لا يكون ما اشتراه من المؤن المستثناة لتلك السنة ، لأنه مؤونة للسنين

( 401 )

الآتية التي يحصل فيها السكنى ، فعليه خمس تلك الأعيان ، نعم إذا كان المتعارف لمثله تحصيل الدار تدريجاً على النحو المتقدم بحيث يعد تحصيل ما اشتراه في كل سنة من مؤنته فيها لكون تركه منافياً لما يقتضيه شأنه فيها فالظاهر عدم ثبوت الخمس .
مسألة 1229 : إذا آجر نفسه سنين كانت الأجرة الواقعة بإزاء عمله في سنة الإجارة من أرباحها ، و ما يقع بإزاء العمل في السنين الآتية من أرباح تلك السنين ، و أما إذا باع ثمرة بستانه سنين كان الثمن بتمامه من أرباح سنة البيع ، و وجب فيه الخمس بعد المؤونة ، و بعد استثناء ما يجبر به النقص الوارد على البستان ، من جهة كونه مسلوب المنفعة في المدة الباقية بعد انتهاء السنة ، مثلاً : إذا كان له بستان يسوي ألف دينار ، فباع ثمرته عشر سنين بأربعمائة دينار ، و صرف منها في مؤونته مائة دينار فكان الباقي له عند انتهاء السنة ثلاثمائة دينار لم يجب الخمس في تمامه ، بل لابد من استثناء مقدار يجبر به النقص الوارد على البستان ، من جهة كونه مسلوب المنفعة تسع سنين ، فإذا فرضنا أنه لا يسوي كذلك بأزيد من ثمانمائة دينار لم يجب الخمس إلا في مائة دينار فقط ، و بذلك يظهر الحال فيما إذا آجر داره ـ مثلاً ـ سنين متعددة .
مسألة 1230 : إذا دفع من السهمين أو أحدهما ، ثم بعد تمام الحول حسب موجوداته ليخرج خمسها ، فإن كان ما دفعه من أرباح هذه السنة استثنى منها اربعة اضعاف ما دفعه في اثناء الحول وخمس الباقي وان كان ما دفعه من مال مخمس او مما لم يتعلق به الخمس استنثى من ارباحها خمسة اضعاف ما دفعه اثناء الحول واخرج خمس الباقي.
مسألة 1231 : أداء الدين من المؤونة سواء أ كان حدوثه في سنة الربح أم فيما قبلها ، تمكن من أدائه قبل ذلك أم لا ـ إلا فيما سيأتي ـ نعم إذا لم

( 402 )

يؤد دينه إلى أن انقضت السنة وجب الخمس ، من دون استثناء مقدار وفاء الدين إلا أن يكون الدين لمؤونة السنة فإن استثناء مقداره من ربحه لا يخلو من وجه ، و لا يحسب ـ حينئذ ـ أداؤه في العام اللاحق من مؤونة ذلك العام ، و لا فرق فيما ذكرنا بين كون سبب الدين أمراً اختيارياً كالاقتراض و الشراء بثمن في الذمة أو قهرياً كأروش الجنايات و قيم المتلفات و نفقة الزوجة الدائمة ، كما لا فرق فيه بين كونه من قبيل حقوق الناس ـ كالأمثلة المتقدمة ـ أو من الحقوق الشرعية كما إذا انتقل الخمس أو الزكاة إلى ذمته ، و تلحق بالدين فيما تقدم الواجبات المالية كالنذور و الكفارات ، ففي جميع ذلك إن أداه من الربح في سنة الربح لم يجب الخمس فيه و إن كان حدوثه في السنة السابقة و إلا وجب الخمس ـ على التفصيل المتقدم ـ و إن كان عاصياً بعدم أدائه .
مسألة 1232 : إذا اشترى ما ليس من المؤونة بالذمة ، أو استدان شيئاً لإضافته إلى رأس ماله و نحو ذلك ، مما يكون بدل دينه موجوداً ، و لم يكن من المؤونة جاز له أداء دينه من أرباح السنة اللاحقة ، نعم يعد البدل حينئذ من أرباح هذه السنة فيجب تخميسه بعد انقضائها إذا كان زائداً على مؤونتها ، و لو فرض اعداده للتجارة في السنة السابقة وارتفاع قيمته في السنة السابقة بحيث زادت على قيمة الدين كان الزائد من أرباح تلك السنة لا هذه .
مسألة 1233 : إذا اتجر برأس ماله ـ مراراً متعددة في السنة ـ فخسر في بعض تلك المعاملات في وقت ، و ربح في آخر ، يجبر الخسران بالربح ، و إن كان الربح بعد الخسران على الأقوى ، فإن تساوى الخسران و الربح فلا خمس ، و إن زاد الربح وجب الخمس في الزيادة ، و إن زاد الخسران على الربح فلا خمس عليه و صار رأس ماله في السنة اللاحقة أقل مما كان في السنة السابقة . و كذا الحكم فيما إذا تلف بعض رأس المال ، أو صرفه في

( 403 )

نفقاته ، كما هو الغالب في أهل مخازن التجارة فإنهم يصرفون من الدخل قبل أن يظهر الربح ، و ربما يظهر الربح في أواخر السنة فيجبر التلف بالربح أيضاً بل إذا أنفق من ماله غير مال التجارة قبل حصول الربح كما يتفق كثيراً لأهل الزراعة فإنهم ينفقون لمؤونتهم من أموالهم قبل حصول النتاج جاز له أن يجبر ذلك من نتائج الزرع عند حصوله ، و ليس عليه خمس ما يساوي المؤن التي صرفها ، و إنما عليه خمس الزائد لا غير ، و كذلك حال أهل المواشي ، فإنه إذا خمس موجوداته في آخر السنة و في السنة الثانية باع بعضها لمؤونته ، أو مات بعضها أو سرق فإنه يجبر جميع ذلك بالنتاج الحاصل له في السنة الثانية ، ففي آخر السنة يجبر النقص الوارد على الأمهات بقيمة السخال المتولدة ، فإنه يضم السخال إلى أرباحه في تلك السنة ، من الصوف و السمن و اللبن و غير ذلك ، فيجبر النقص ، و يخمس ما زاد على الجبر ، فإذا لم يحصل الجبر إلا بقيمة جميع السخال ـ مع أرباحه الأخرى ـ لم يكن عليه خمس في تلك السنة .
مسألة 1234 : إذا وزع رأس ماله على تجارات متعددة كما إذا اشترى ببعضه حنطة و ببعضه سكراً فخسر في أحدهما و ربح في الآخر جاز جبر الخسارة بالربح على الأظهر ، نعم إذا تمايزت التجارات فيما يرتبط بشؤون التجارة من رأس المال و الحسابات و الأرباح و الخسائر و نحوها ففي جواز الجبر إشكال ، و الأحوط لزوماً عدم الجبر ، و كذا الحال فيما إذا كان له نوعان من التكسب كالتجارة و الزراعة فربح في أحدهما و خسر في الآخر ، فإنه لا تجبر الخسارة بالربح على الأحوط .
مسألة 1235 : إذا تلف بعض أمواله مما ليس من مال التكسب ، و لا من مؤونته ففي الجبر ـ حينئذ ـ إشكال ، و الأظهر عدم الجبر .
مسألة 1236 : إذا انهدمت دار سكناه ، أو تلف بعض أمواله ـ مما هو

( 404 )

مؤونته ـ كأثاث بيته أو لباسه أو سيارته التي يحتاج إليها و نحو ذلك ، ففي الجبر من الربح إشكال ، و الأظهر عدم الجبر ، نعم يجوز له تعمير داره و شراء مثل ما تلف من المؤن أثناء سنة الربح ، إذا احتاج إليه فيما بقي منها ، و يكون ذلك من الصرف في المؤونة المستثناة من الخمس .
مسألة 1237 : لو اشترى ما فيه ربح ببيع الخيار فصار البيع لازماً ، فاستقاله البائع فأقاله ، لم يسقط الخمس إلا إذا كان من شأنه أن يقيله ـ كما في غالب موارد بيع شرط الخيار إذا رد مثل الثمن ـ و حصلت الإقالة قبل انقضاء السنة .
مسألة 1238 : إذا أتلف المالك أو غيره المال ضمن المتلف الخمس و رجع عليه الحاكم ، و كذا الحكم إذا دفعه المالك إلى غيره وفاءً لدين أو هبة ، أو عوضاً لمعاملة ، فإنه ضامن للخمس ، و يرجع الحاكم عليه ، و لا يجوز الرجوع على من انتقل إليه المال إذا كان مؤمناً ، و إذا كان ربحه حباً فبذره فصار زرعاً وجب خمس الزرع لا خمس الحب ، و إذا كان بيضاً فصار دجاجاً وجب عليه خمس الدجاج لا خمس البيض ، و إذا كان ربحه أغصاناً فغرسها فصارت شجراً وجب عليه خمس الشجر ، لا خمس الغصن و هكذا .
مسألة 1239 : إذا حسب ربحه فدفع خمسه ثم انكشف أن ما دفعه كان أكثر مما وجب عليه لم يجز له احتساب الزائد مما يجب عليه في السنة التالية ، نعم يجوز له أن يرجع به على الفقير ، مع بقاء عينه ، و كذا مع تلفها إذا كان عالماً بالحال .
مسألة 1240 : إذا جاء رأس الحول ، و كان ناتج بعض الزرع حاصلاً دون بعض فما حصلت نتيجته يكون من ربح سنته ، و يخمس بعد إخراج المؤن ، و ما لم تحصل نتيجته يكون من أرباح السنة اللاحقة . نعم إذا كان له قيمة حسب بما له من القيمة الفعلية من أرباح هذه السنة و بالنسبة إلى ما

( 405 )

سواه من أرباح السنة اللاحقة ، مثلاً في رأس السنة كان بعض الزرع له سنبل ، و بعضه قصيل لا سنبل له وجب إخراج خمس الجميع ، و إذا ظهر السنبل في السنة الثانية كان من أرباحها ، لا من أرباح السنة السابقة .
مسألة 1241 : إذا كان الغوص و إخراج المعدن مكسباً كفاه إخراج خمسهما ، و لا يجب عليه إخراج خمس آخر من باب أرباح المكاسب بعد إخراج مؤونة سنته إلا إذا ربح فيهما فيجب الخمس في الربح .
مسألة 1242 : المرأة التي تكتسب يجب عليها الخمس في جميع أرباحها إذا عال بها الزوج فلم تصرف شيئاً منها في مؤونتها و كذا يجب عليها الخمس إذا لم يعل بها الزوج و زادت فوائدها على مؤونتها ، بل و كذا الحكم إذا لم تكتسب ، و كانت لها فوائد من زوجها أو غيره ، فإنه يجب عليها في آخر السنة إخراج خمس الزائد كغيرها من الرجال ؛ و بالجملة يجب على كل مكلف أن يلاحظ ما زاد عنده في آخر السنة من أرباح مكاسبه و غيرها ، قليلاً كان أم كثيراً ، و يخرج خمسه ، كاسباً كان أم غير كاسب .
مسألة 1243 : الظاهر عدم اشتراط البلوغ و العقل في ثبوت الخمس في جميع ما يتعلق به الخمس من أرباح المكاسب و الكنز ، و الغوص ، و المعدن ، و الحلال المختلط بالحرام فيجب على الولي إخراجه من مال الصبي و المجنون ، و إن لم يخرج فيجب عليهما الإخراج بعد البلوغ و الإفاقة .
مسألة 1244 : إذا اشترى من أرباح سنته ما لم يكن من المؤونة ، فارتفعت قيمته كان اللازم إخراج خمسه عيناً أو قيمة فإن المال حينئذ بنفسه من الأرباح ، و أما إذا اشترى شيئاً بعد انتهاء سنته و وجوب الخمس في ثمنه ، فإن كانت المعاملة شخصية وجب تخميس ذلك المال أيضاً عيناً أو قيمة بعد تصحيحها بإجازة الحاكم الشرعي إذا لم يكن المنتقل إليه مؤمناً ، و أما إذا كان الشراء في الذمة ، كما هو الغالب ، و كان الوفاء به من الربح غير المخمس

( 406 )

فلا يجب عليه إلا دفع خمس الثمن الذي اشتراه به ، و لا يجب الخمس في ارتفاع قيمته إذا لم يكن معداً للتجارة ما لم يبعه ، و إذا علم أنه ادى الثمن من ربح لم يخمسه ، و لكنه شك في أنه كان أثناء السنة ليجب خمس نفسه المرتفع قيمته على الفرض أو كان بعد انتهائها لئلا يجب الخمس إلا في مقدار الثمن الذي اشتراه به فقط ، فالأحوط لزوماً المصالحة مع الحاكم الشرعي .
مسألة 1245 : إذا كان الشخص لا يحاسب نفسه مدة من السنين و قد ربح فيها و استفاد أموالاً ، و اشترى منها أعياناً و أثاثاً ، و عمر دياراً ثم التفت إلى ما يجب عليه من إخراج الخمس من هذه الفوائد فالواجب عليه إخراج الخمس من كل ما اشتراه أو عمره أو غرسه ، مما لم يكن معدوداً من المؤونة ، مثل الدار التي لم يتخذها دار سكنى و الأثاث الذي لا يحتاج إليه أمثاله ، و كذا الحيوان و الغرس و غيرها على تفصيل مر في المسألة السابقة ، أما ما يكون معدوداً من المؤونة مثل دار السكنى و الفراش و الأواني اللازمة له و نحوها ، فإن كان قد اشتراه من ربح السنة التي قد استعمله فيها لم يجب إخراج الخمس منه ، و إن كان قد اشتراه من ربح السنة السابقة ، بأن كان لم يربح في سنة الاستعمال أو كان ربحه لا يزيد على مصارفه اليومية وجب عليه إخراج خمسه ، على التفصيل المتقدم ، و إن كان ربحه يزيد على مصارفه اليومية ، لكن الزيادة أقل من الثمن الذي اشتراه به وجب عليه إخراج خمس مقدار التفاوت ، مثلاً إذا عمر دار سكناه بألف دينار و كان ربحه في سنة التعمير يزيد على مصارفه اليومية بمقدار مائتي دينار وجب إخراج خمس ثمانمائة دينار ، و كذا إذا اشترى أثاثاً بمائة دينار و استعمله في مؤونته ، و كان قد ربح زائداً على مصارفه اليومية عشرة دنانير في تلك السنة ، وجب تخميس تسعين ديناراً ، و إذا لم يعلم أن الأعيان التي اشتراها ، و استعملها في مؤونته

( 407 )

يساوي ثمنها ربحه في سنة الاستعمال أو أقل منه ، أو أنه لم يربح في تلك السنة زائداً على مصارفه اليومية فالأحوط لزوماً المصالحة مع الحاكم الشرعي ، و إذا علم أنه لم يربح في بعض السنين بمقدار مصارفه ، و أنه كان يصرف من أرباح سنته السابقة وجب إخراج خمس مصارفه التي صرفها من أرباح السنة السابقة .
مسألة 1246 : قد عرفت أن رأس السنة في الفوائد غير المكتسبة أول حصول الفائدة و في الفوائد المكتسبة حين الشروع في الاكتساب لكن إذا أراد المكلف تغيير رأس سنته أمكنه ذلك بدفع خمس ما ربحه أثناء السنة و اتخاذ رأس سنته الشروع في الاكتساب بعده أو حصول الفائدة الجديدة ، و يجوز جعل السنة هلالية و شمسية .
مسألة 1247 : يجب على كل مكلف ـ في آخر السنة ـ أن يخرج خمس ما زاد من أرباحه عن مؤونته مما ادخره في بيته لذلك ، من الأرز ، و الدقيق ، و الحنطة ، و الشعير و السكر ، و الشاي ، و النفط ، و الحطب ، و الفحم ، و السمن ، و الحلوى ، و غير ذلك من أمتعة البيت ، مما أعد للمؤونة فيخرج خمس ما زاد من ذلك . نعم إذا كان عليه دين استدانه لمؤونة السنة و كان مساوياً للزائد لم يجب الخمس في الزائد ، و كذا إذا كان أكثر ، أما إذا كان الدين أقل أخرج خمس مقدار التفاوت لا غير ، و إذا بقيت الأعيان المذكورة إلى السنة الآتية ، فوفى الدين في أثنائها صارت معدودة من أرباح السنة الثانية ، فلا يجب الخمس إلا على ما يزيد منها على مؤونة تلك السنة و كذا الحكم إذا اشترى أعياناً لغير المؤونة ـ كبستان ـ و كان عليه دين للمؤونة يساويها لم يجب إخراج خمسها ، فإذا وفى الدين في السنة الثانية كانت معدودة من أرباحها ، و وجب إخراج خمسها آخر السنة ، و إذا اشترى بستاناً ـ مثلاً ـ بثمن في الذمة مؤجلاً فجاء رأس السنة لم يجب إخراج خمس

( 408 )

البستان ، فإذا وفى تمام الثمن في السنة الثانية كانت البستان من أرباح السنة الثانية و وجب إخراج خمسها ، و إذا وفى نصف الثمن في السنة الثانية كان نصف البستان من أرباح تلك السنة ، و وجب إخراج خمس النصف ، و إذا وفى ربع الثمن في السنة الثانية كان ربعها من أرباح تلك السنة ، و هكذا كلما وفى جزءاً من الثمن كان ما يقابله من البستان من أرباح تلك السنة . هذا إذا كان ذاك الشئ موجوداً ، أما إذا تلف فلا خمس فيما يؤديه لوفاء الدين ، و كذا إذا ربح في سنة مائة دينار ـ مثلاً ـ فلم يدفع خمسها العشرين ديناراً حتى جاءت السنة الثانية ، فدفع من أرباحها عشرين ديناراً وجب عليه خمس العشرين ديناراً التي هي الخمس ، مع بقائها ، لا مع تلفها ، و إذا فرض أنه اشترى داراً للسكنى فسكنها ، ثم وفى في السنة الثانية ثمنها لم يجب عليه خمس الدار ، و كذا إذا وفى في السنة الثانية بعض أجزاء الثمن لم يجب الخمس في الحصة من الدار ، و يجري هذا الحكم في كل ما اشترى من المؤن بالدين .
مسألة 1248 : إذا نذر أن يصرف نصف أرباحه السنوية ـ مثلاً ـ في وجه من وجوه البر وجب عليه الوفاء بنذره فإن صرف المنذور في الجهة المنذور لها قبل انتهاء السنة لم يجب عليه تخميس ما صرفه ، و إن لم يصرفه حتى انتهت السنة وجب عليه إخراج خمسه كما يجب عليه إخراج خمس النصف الآخر من أرباحه ، بعد إكمال مؤونته .
مسألة 1249 : إذا كان رأس ماله مائة دينار مثلاً فاستأجر دكاناً بعشرة دنانير ، و اشترى آلات للدكان بعشرة ، و في آخر السنة وجد ماله بلغ مائة كان عليه خمس الآلات فقط ، و لا يجب إخراج خمس أجرة الدكان ، لأنها من مؤونة التجارة ، و كذا أجرة الحارس ، و الحمال ، و الضرائب التي يدفعها إلى السلطان ، و السرقفلية التي يدفعها للحصول على الدكان ، فإن هذه المؤن مستثناة من الربح ، و الخمس إنما يجب فيما زاد عليها ، كما عرفت ، نعم إذا

( 409 )

كانت السرقفلية التي دفعها إلى المالك أو غيره أوجبت له حقاً في أخذها من غيره وجب تقويم ذلك الحق في آخر السنة ، و إخراج خمسه ، فربما تزيد قيمته على مقدار ما دفعه من السرقفلية ، و ربما تنقص ، و ربما تساوي .
مسألة 1250 : إذا حل رأس الحول فلم يدفع خمس الربح ثم دفعه و لو تدريجاً من ربح السنة الثانية لم يحسب ما يدفعه من المؤن ، إلا مع تلف الربح السابق عيناً و بدلاً ، و كذا لو صالحه الحاكم على مبلغ في الذمة لم يكن وفاء مال المصالحة من أرباح السنة الثانية من المؤن إلا إذا كان عوضاً عن خمس عين تالفة ، و لو كان عوضاً عن خمس عين موجودة فوفاه من ربح السنة الثانية قبل تخميسه صار خمس العين المزبورة من أرباح هذه السنة فيجب تخميسه عند انقضائها إذا لم يصرف في المؤونة .
مسألة 1251 : إذا حل رأس السنة فوجد بعض أرباحه أو كلها ديناً في ذمة الناس ، فإن أمكن استيفاؤه وجب دفع خمسه ، و إن لم يمكن تخير بين أن ينتظر استيفاءه في السنة اللاحقة ، فإذا استوفاه أخرج خمسه و كان من أرباح السنة السابقة ، لا من أرباح سنة الاستيفاء ، و بين أن يقدر مالية الديون فعلاً فيدفع خمسها ، فإذا استوفاها في السنة الآتية كان الزائد على ما قدر من أرباح سنة الاستيفاء .
مسألة 1252 : يتعلق الخمس بالربح بمجرد حصوله و إن جاز تأخير الدفع إلى آخر السنة ـ احتياطاً ـ للمؤونة ، فإذا أتلفه ضمن الخمس ، و كذا إذا أسرف في صرفه ، أو وهبه ، أو اشترى أو باع على نحو المحاباة ، إذا كانت الهبة ، أو الشراء، أو البيع غير لائقة بشأنه ، و إذا علم أنه ليس عليه مؤونة في باقي السنة ، فالأحوط ـ وجوباً ـ أن يبادر إلى دفع الخمس ، و لا يؤخره إلى نهاية السنة .
مسألة 1253 : إذا مات المكتسب ـ أثناء السنة بعد حصول الربح ـ

( 410 )

فالمستثنى هو المؤونة إلى حين الموت ، لإتمام السنة .
مسألة 1254 : إذا علم الوارث أن مورثه لم يؤد خمس ما تركه وجب عليه أداؤه ، و إذا علم أنه أتلف مالاً له قد تعلق به الخمس وجب إخراج خمسه من تركته ، كغيره من الديون ، نعم إذا كان المورث ممن لا يعتقد الخمس أو ممن لا يعطيه فلا يبعد تحليله للوارث المؤمن في كلتا الصورتين .
مسألة 1255 : إذا اعتقد أنه ربح ، فدفع الخمس فتبين عدمه ، انكشف أنه لم يكن خمس في ماله ، فيرجع به على المعطى له مع بقاء عينه ، و كذا مع تلفها إذا كان عالماً بالحال ، و أما إذا ربح في أول السنة ، فدفع الخمس باعتقاد عدم حصول مؤونة زائدة ، فتبين عدم كفاية الربح لتجدد مؤونة لم تكن محتسبة ، لم يجز له الرجوع إلى المعطى له ، حتى مع بقاء عينه فضلاً عما إذا تلفت .
مسألة 1256 : الخمس بجميع أقسامه و إن كان يتعلق بالعين ، إلا أن المالك يتخير بين دفع العين و دفع قيمتها ، و لا يجوز له التصرف في العين بعد انتهاء السنة قبل أدائه بل لا يجوز له التصرف في بعضها أيضاً و إن كان مقدار الخمس باقياً في البقية على الأظهر ، و إذا ضمنه في ذمته بالمداورة مع الحاكم الشرعي صح ، و يسقط الحق من العين ، فيجوز التصرف فيها .
مسألة 1257 : لا بأس بالشركة مع من لا يخمس ، إما لاعتقاده ـ لتقصير أو قصور ـ بعدم وجوبه ، أو لعصيانه و عدم مبالاته بأمر الدين ، و لا يلحقه وزر من قبل شريكه . و يجزيه أن يخرج خمسه من حصته في الربح .
مسألة 1258 : لا يجوز التصرف في العين بعد انتهاء السنة قبل دفع الخمس ، و لو تصرف فيها بالاتجار فإن كان الاتجار بما في الذمة و كان الوفاء بالعين غير المخمسة صحت المعاملة و لكن يلزمه دفع خمس تلك العين و لو من مال آخر ، و إن كان الاتجار بعين ما فيه الخمس فالظاهر صحة المعاملة

( 411 )

أيضاً إذا كان طرفها مؤمناً من غير حاجة إلى إجازة الحاكم الشرعي و لكن ينتقل الخمس حينئذ إلى البدل كما أنه إذا وهبها لمؤمن صحت الهبة ، و ينتقل الخمس إلى ذمة الواهب ، و على الجملة كل ما ينتقل إلى المؤمن ممن لا يخمس أمواله لأحد الوجوه المتقدمة بمعاملة أو مجاناً يملكه فيجوز له التصرف فيه ، و قد أحل الأئمة ـ سلام الله عليهم ـ ذلك لشيعتهم تفضلاً منهم عليهم ، و كذلك يجوز التصرف للمؤمن في أموال هؤلاء ، فيما إذا أباحوها لهم ، من دون تمليك ، ففي جميع ذلك يكون المهنأ للمؤمن و الوزر على مانع الخمس ، إذا كان مقصراً .

( 412 )


المبحث الثاني

مستحق الخمس و مصرفه


مسألة 1259 : يقسم الخمس في زماننا ـ زمان الغيبة ـ نصفين ، نصف لإمام العصر الحجة المنتظر ـ عجل الله تعالى فرجه و جعل أرواحنا فداه ـ و نصف لبني هاشم : أيتامهم ، و مساكينهم ، و أبناء سبيلهم ، و يشترط في هذه الأصناف جميعاً الإيمان ، كما يعتبر الفقر في الأيتام ، و يكفي في ابن السبيل الفقر في بلد التسليم ، و لو كان غنياً في بلده إذا لم يتمكن من السفر بقرض و نحوه على ما عرفت في الزكاة . و الأحوط وجوباً اعتبار أن لا يكون سفره معصية و لا يعطى أكثر من قدر ما يوصله إلى بلده ، و الأظهر عدم اعتبار العدالة في جميعهم .
مسألة 1260 : الأحوط ـ إن لم يكن أقوى ـ أن لا يعطى الفقير أكثر من مؤونة سنته ، و يجوز البسط و الاقتصار على إعطاء صنف واحد ، بل يجوز الاقتصار على إعطاء واحد من صنف .
مسألة 1261 : المراد من بني هاشم من انتسب إليه بالأب ، أما إذا كان بالأم فلا يحل له الخمس و تحل له الزكاة ، و لا فرق في الهاشمي بين العلوي و العقيلي و العباسي و غيرهم و إن كان الأولى تقديم العلوي بل الفاطمي .
مسألة 1262 : لا يصدق من ادعى النسب إلا بالبينة ، و يكفي في الثبوت الشياع و الاشتهار في بلده الأصلي أو ما بحكمه كما يكفي كل ما

( 413 )

يوجب الوثوق و الاطمئنان به .
مسألة 1263 : لا يجوز إعطاء الخمس لمن تجب نفقته على المعطي على الأحوط لزوماً ، نعم إذا كانت عليه نفقة غير لازمة للمعطي جاز ذلك ، كما لا يجوز إعطاؤه لمن يصرفه في الحرام بل الأحوط اعتبار أن لا يكون في الدفع إليه إعانة على الإثم و إغراء بالقبيح و إن لم يكن يصرفه في الحرام كما أن الأحوط عدم إعطائه لتارك الصلاة أو شارب الخمر أو المتجاهر بالفسق .
مسألة 1264 : يجوز للمالك دفع النصف المذكور إلى مستحقيه مع استجماع الشرائط المتقدمة و إن كان الأحوط استحباباً الدفع إلى الحاكم الشرعي .
مسألة 1265 : النصف الراجع للإمام عليه و على آبائه أفضل الصلاة و السلام يرجع فيه في زمان الغيبة إلى نائبه و هو الفقيه المأمون العارف بمصارفه إما بالدفع إليه أو الاستئذان منه ، و مصرفه ما يوثق برضاه عليه السلام بصرفه فيه ، كدفع ضرورات المؤمنين من السادات زادهم الله تعالى شرفاً و غيرهم ، و الأحوط استحباباً نية التصدق به عنه عليه السلام ، و اللازم مراعاة الأهم فالأهم ، و من أهم مصارفه في هذا الزمان الذي قل فيه المرشدون و المسترشدون إقامة دعائم الدين و رفع أعلامه ، و ترويج الشرع المقدس ، و نشر قواعده و أحكامه و مؤونة أهل العلم الذين يصرفون أوقاتهم في تحصيل العلوم الدينية الباذلين أنفسهم في تعليم الجاهلين ، و إرشاد الضالين ، و نصح المؤمنين و وعظهم ، و إصلاح ذات بينهم ، و نحو ذلك مما يرجع إلى إصلاح دينهم و تكميل نفوسهم ، و علو درجاتهم عند ربهم تعالى شأنه و تقدست أسماؤه ، و الأحوط لزوماً مراجعة المرجع الأعلم المطلع على الجهات العامة .
مسألة 1266 : يجوز نقل الخمس من بلده إلى غيره مع عدم وجود

( 414 )

المستحق ، بل مع وجوده إذا لم يكن النقل تساهلاً و تسامحاً في أداء الخمس و يجوز دفعه في البلد إلى وكيل الفقير و إن كان هو في البلد الآخر كما يجوز دفعه إلى وكيل الحاكم الشرعي ، و كذا إذا وكل الحاكم الشرعي المالك فيقبضه بالوكالة عنه ثم ينقله إليه .
مسألة 1267 : إذا كان المال الذي فيه الخمس في غير بلد المالك و لم يكن متمكناً من إعطائه من نفس العين إلا مع التأخير و لكن كان متمكناً من إعطاء قيمته فوراً لم يجب عليه ذلك بل يجوز له التأخير إلى أن يتيسر الدفع من العين و لكن اللازم عدم التساهل و التسامح في ذلك .
مسألة 1268 : في صحة عزل الخمس بحيث يتعين في مال مخصوص إشكال بل منع ، و عليه فإذا نقله إلى بلد لعدم وجود المستحق فتلف بلا تفريط لا تفرغ ذمة المالك ، نعم إذا قبضه وكالة عن المستحق أو عن الحاكم فرغت ذمته ، و لو نقله بإذن موكله فتلف من غير تفريط لم يضمن .
مسألة 1269 : إذا كان له دين في ذمة المستحق ففي جواز احتسابه عليه من الخمس بلا مراجعة الحاكم الشرعي إشكال ، فإن أراد الدائن ذلك فالأحوط أن يتوكل عن الفقير الهاشمي في قبض الخمس و في إيفائه دينه ، أو أنه يوكل الفقير في استيفائه دينه و أخذه لنفسه خمساً .