كتاب الوقف

البريد الإلكتروني طباعة

مسألة 1444 : إذا أوصى إلى شخص ثم أوصى إلى آخر و لم يخبر الوصي الأول بالعدول عنه إلى غيره فمات فعمل الوصي الأول بالوصية ثم علم كانت الغرامة على الميت فتخرج من أصل التركة ثم يخرج الثلث


( 440 )

للوصي الثاني . هذا إذا لم يكن العدول عن الأول لسبب ظاهر لا يخفى على مثله عادة أما إذا كان لسبب كذلك كما إذا هاجر الوصي الأول إلى بلاد بعيدة أو حدثت بينه و بين الموصي عداوة و مقاطعة فعدل عنه كان ما صرفه الوصي الأول من مال نفسه . مسألة 1445 : يتحقق الرجوع عن الوصية بالقول مثل أن يقول : ( رجعت عن وصيتي إلى زيد ) و بالفعل مثل أن يوصي بصرف ثلثه ثم يوصي بوقفه و مثل أن يوصي بوقف عين أو بصرفها ثم يبيعها أو يهبها مثلاً و كذا إذا أوكل غيره في بيعها مثلاً مع التفاته إلى وصيته . مسألة 1446 : لا يعتبر في وجوب العمل بالوصية عدم مرور مدة طويلة عليها فإذا أوصى ثم مات و لو بعد مرور سنين وجب العمل بوصيته ، نعم يعتبر عدم الرجوع عنها ، و إذا شك في الرجوع بنى على عدمه ، هذا فيما إذا كانت الوصية مطلقة بأن كان مقصود الموصي وقوع مضمون الوصية و العمل بها بعد موته في أي زمان توفاه الله ، فلو كانت مقيدة بموته في سفر كذا أو عن مرض كذا مثلاً و لم يتفق موته في ذلك السفر أو عن ذلك المرض بطلت تلك الوصية و احتاج إلى وصية جديدة . مسألة 1447 : إذا كان الداعي له على إنشاء الوصية خوف الموت في السفر الذي عزم عليه وجب العمل بوصيته و إن لم يمت في ذلك السفر ، و لأجل ذلك يجب العمل بوصايا الحجاج عند العزم على الحج و مثلهم زوار الإمام الرضا عليه السلام و المسافرون أسفاراً بعيدة ، فإن الظاهر أن هؤلاء و أمثالهم لم يقيدوا الوصية بالموت في ذلك السفر و إنما كان الداعي على الوصية خوف الموت في ذلك السفر فيجب العمل بوصاياهم ما لم يتحقق الرجوع عنها . مسألة 1448 : يجوز للوصي أن يأخذ أجرة مثل عمله إذا كانت له


( 441 )

أجرة إلا إذا كان أوصى إليه بأن يعمل مجاناً كما لو صرح الموصي بذلك أو كانت قرينة عليه فلا يجوز له أخذ الأجرة حينئذٍ و يجب عليه العمل بالوصية إن كان قد قبل ، أما إذا لم يقبل ففي الوجوب إشكال و الأقرب العدم . هذا بالنسبة إلى العمل الذي أوصى إليه به كالبيع و الشراء و أداء الديون و نحو ذلك من الأعمال التي هي موضوع ولايته . أما لو أوصى إليه بأعمال أخرى مثل أن يحج عنه أو يصلي عنه أو نحو ذلك لم يجب عليه القبول حتى لو لم يعلم بذلك في حياة الموصي ، و إن كان أوصى إليه بالعمل مجاناً كالحج مثلاً فقبل في حياته لم يبعد جواز الرد بعد وفاته . مسألة 1449 : إذا أوصى إلى زيد أن يحج عنه و جعل له أجرة معينة بأن قال له : ( حج عني بمأة دينار ) كان إجارة فإن قبل في حياته وجب العمل بها و يستحق الأجرة ، و إلا لم يجب . و لو كان بأجرة غير معينة عندهما بأن قال له : ( حج عني بأجرة المثل ) و لم تكن الأجرة معلومة عندهما فقبل في حياته لم يبعد أيضاً عدم وجوب العمل و جريان حكم الإجارة الفاسدة . و لو كان بطريق الجعالة لم يجب العمل ، لكنه يستحق الأجرة على تقدير العمل لصدق الوصية حينئذٍ . مسألة 1450 : تثبت الوصية التمليكية بشهادة مسلمين عادلين و بشهادة مسلم عادل مع يمين الموصى له و بشهادة مسلم عادل مع مسلمتين عادلتين كغيرها من الدعاوي المالية . مسألة 1451 : تختص الوصية التمليكية بأنها تثبت بشهادة النساء منفردات فيثبت ربعها بشهادة مسلمة عادلة و نصفها بشهادة مسلمتين عادلتين و ثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات و تمامها بشهادة أربع مسلمات


( 442 )

عادلات بلا حاجة إلى اليمين في شهادتهن . مسألة 1452 : الوصية العهدية ـ و هي الوصاية بالولاية ـ تثبت بشهادة عدلين من الرجال و لا تقبل فيها شهادة النساء منفردات و لا منضمات إلى الرجال . مسألة 1453 : تثبت الوصية التمليكية و كذا العهدية على الأقرب بشهادة ذميين عدلين في دينهما عند عدم عدول المسلمين و لا تثبت بشهادة غيرهما من الكفار . مسألة 1454 : تثبت الوصية التمليكية بإقرار الورثة جميعهم إذا كانوا عقلاء بالغين و إن لم يكونوا عدولاً . و إذا أقر بعضهم دون بعض تثبت بالنسبة إلى حصة المقر دون المنكر ، نعم إذا أقر منهم اثنان و كانا عدلين تثبت الوصية بتمامها ، و إذا كان عدلاً واحداً تثبت أيضاً مع يمين الموصى له . مسألة 1455 : تثبت الوصية العهدية بإقرار الورثة جميعهم ، و إذا أقر بعضهم ثبت بعض الموصى به على نسبة حصة المقر و ينقص من حقه ، نعم إذا أقر اثنان عدلان منهم ثبتت الوصية بتمامها . مسألة 1456 : إذا أقر الوارث بأصل الوصية كان كالأجنبي ، فليس له إنكار وصاية من يدعي الوصاية ، و لا يسمع منه هذا الإنكار كغيره ، نعم لو كانت الوصية متعلقة بالقصر أو العناوين العامة كالفقراء أو وجوه القرب كالمساجد و المشاهد أو الميت نفسه كاستئجار العبادات و الزيارات له و نحو ذلك كان لكل من يعلم بكذب من يدعي الوصاية خصوصاً إذا رأى منه الخيانة الإنكار عليه و الترافع معه عند الحاكم من باب الحسبة ، لكن الوارث و الأجنبي في ذلك سيان ، نعم فيما إذا تعلقت بأمور الميت لا يبعد أولوية الوارث من غيره و اختصاص حق الدعوى به مقدماً على غيره .


( 443 )

مسألة 1457 : إذا تصرف الإنسان في مرض موته ، فإن كان معلقاً على موته ـ كما إذا قال : أعطوا فلاناً بعد موتي كذا ، أو هذا المال المعين أو ثلث مالي أو ربعه أو نصفه مثلا لفلان بعد موتي و نحو ذلك ـ فهو وصية و قد تقدم أنها نافذة مع اجتماع الشرائط مالم تزد على الثلث ، و في الزائد موقوف على إجازة الورثة كالواقعة في مرض آخر غير مرض الموت أو في حالة الصحة ، و إن كان منجزاً ـ بمعنى كونه غير معلق على الموت و إن كان معلقاً على أمر آخر ـ فإن لم يكن مشتملاً على المجانية و المحاباة كبيع شيء بثمن المثل و إجارة عين بأجرة المثل فهو نافذ بلا إشكال ، و إن كان مشتملاً على المحاباة بأن لم يصل ما يساوي ماله إليه سواء كان مجاناً محضاً كالوقف و العتق و الإبراء و الهبة غير المعوضة أم لا كالبيع بأقل من ثمن المثل و الإجارة بأقل من أجرة المثل و الهبة المعوضة بما دون القيمة و غير ذلك ـ ففي نفوذه مطلقاً أو كونه مثل الوصية في توقف ما زاد على الثلث على إمضاء الورثة ؟ قولان أقواهما الثاني كما تقدم في كتاب الحجر . مسألة 1458 : إذا وهب المالك في مرض موته بعض أمواله و أوصى ببعض آخر ثم مات نفذا جميعاً إذا وفى الثلث بهما و كذا إذا لم يف بهما و لكن أمضاهما الورثة ، و إن لم يمضوهما أخرجا معاً من الثلث ـ كما مر ـ و يبدأ أولاً بالمنجزة فإن بقي شيء صرف فيما أوصى به . مسألة 1459 : إذا قال : ( هذا وقف بعد وفاتي ) أو نحو ذلك مما يتضمن تعليق الإيقاع على الوفاة فهو باطل لا يصح و إن أجاز الورثة ، فالإنشاء المعلق على الوفاة إنما يصح في مقامين : أحدهما : إنشاء الملك ـ و هي الوصية التمليكية ـ و إنشاء الولاية كما في موارد الوصية العهدية ، ثانيهما : إنشاء العتق و هو التدبير ، و لا يصح في غيرهما من أنواع الإنشاء ، فإذا قال بعت أو آجرت أو صالحت أو وقفت بعد وفاتي بطل ، و لا يجري عليه حكم الوصية


( 444 )

بالبيع أو الوقف مثلاً، بحيث يجب على الورثة ان يبيعوا أو يوقفوا بعد وفاته الا اذا فهم من كلامه أنه يريد الوصية بالبيع او الوقف فحينئذٍ كانت وصيته صحيحة ووجب العمل بها مع تحقق شرائطها. مسألة 1460 : اذا قال للمدين: (أبرأت ذمتك بعد وفاتي) واجازه الوارث بعد موته برئت ذمة المدين، فان اجازة الابراء بنفسها تنازل من قبل الورثة عن حقهم وابراء لذمة المدين.

كتاب الوقف


( 446 )


( 447 )

وهو تحبيس الأصل و تسبيل المنفعة . مسألة 1461 : الوقف على قسمين فإنه أما يتقوم بأمرين هما الواقف و العين الموقوفة ، و أما يتقوم بثلاثة أمور ثالثها الموقوف عليه ، و يختص الأول بوقف المساجد و يكون الثاني في غيرها من الأوقاف ، و حقيقة الوقف في القسم الأول هو التحرير و فك الملك ، و أما في القسم الثاني فحقيقته ـ على الأظهر ـ تمليك العين الموقوفة للموقوف عليه ملكاً غير طلق . مسألة 1462 : إذا وقف مكاناً على المسلمين لينتفعوا منه ببعض ما ينتفعون به في المساجد أو بجميعها من الصلاة و الذكر و الدعاء و التدريس و غير ذلك لم يصر مسجداً و لم تجر عليه أحكام المساجد من حرمة التنجيس و نحوها ، و إنما يصير وقفاً على الصلاة و غيرها مما لاحظه الواقف من المنافع و يكون من القسم الثاني المتقدم الذي مر أنه يتقوم بأمر ثالث غير الواقف و العين الموقوفة و هو الموقوف عليه . مسألة 1463 : ينقسم الوقف باعتبار الموقوف عليه إلى أقسام : الأول : ما يكون وقفاً على عين أو أعيان خاصة ، سواء أ كانت إنساناً أم غيره كوقف الدار أو البستان على الكعبة المشرفة أو على مسجد أو مشهد معين أو على زيد و ذريته و نحو ذلك . الثاني : ما يكون وقفاً على عنوان عام قابل للانطباق على عين أو أعيان خاصة سواء لم يكن له إلا مصاديق طولية كأوقاف الشيعة على الأئمة عليهم السلام في زمان الحضور أو على المرجع الأعلى في زمن الغيبة ، أو كان له مصاديق طولية و عرضية كالوقف على الفقراء أو علماء البلد أو الطلبة أو الأيتام


( 448 )

و نحو ذلك . الثالث : ما يكون وقفاً على عنوان غير منطبق على الأعيان و يعبر عنه بالجهة ، سواء أكانت جهة خاصة أو عامة كوقف البستان ليصرف وارده على عزاء الحسين عليه السلام في الدار الفلانية أو على إطعام ذرية فلان أو على معالجة المرضى أو تعليم القرآن أو تبليغ المذهب أو تعبيد الطرق أو على سبل الخير عامة أو نحو ذلك . مسألة 1464 : كما أن العين الموقوفة في القسم الأول المتقدم تكون ملكاً للموقوف عليه كذلك منافعها تكون ملكاً له ، فالبستان الموقوف على المسجد أو المشهد المعين أو زيد و ذريته يكون بنفسه و نماآته ملكاً للموقوف عليه ، نعم قد يشترط الواقف مباشرة الموقوف عليه في الانتفاع بالعين الموقوفة ، كما لو وقف الدار على زيد و أولاده ليسكنوا فيها بأنفسهم ، أو وقف البستان عليهم ليأكلوا من ثماره ، و يصطلح على هذا بوقف الانتفاع ، و حينئذ فلا يكون للموقوف عليه إيجار الدار و الانتفاع بأجرتها ، و لا بيع ثمار البستان و الاستفادة من ثمنه و إن جاز لهم إجارة البستان للتنزه فيه و نحوه . نعم إذا لم يمكنهم السكنى في الدار الموقوفة أو الأكل من ثمار البستان لهجرتهم عن المكان أو للضرر أو الحرج أو لغير ذلك فإن كان قيد المباشرة ملحوظاً على نحو تعدد المطلوب كما هو الغالب جاز لهم الاستفادة من منافعها بوجه آخر و إلا بطل الوقف و رجع إلى الواقف أو إلى ورثته . مسألة 1465 : إذا كان الموقوف عليه عنواناً عاماً كما في القسم الثاني المتقدم فالعين الموقوفة تكون ملكاً للموقوف عليه ، و أما منافعها فتكون لها إحدى الحالات الثلاث التالية : أ ـ إن تكون ملكاً للعنوان و لا تدخل في ملك الأفراد أصلاً كما في


( 449 )

وقف المدارس على الطلاب و وقف الخانات على المسافرين و الغرباء و وقف كتب العلم و الزيارة على أهل العلم و الزوار . ب ـ أن تكون ملكاً للعنوان و تدخل في ملك الأفراد بتمليكها لهم من قبل المتولي و قبضهم إياها كما في وقف البستان على الفقراء . ج ـ أن تكون ملكاً للأفراد الموجودين في كل زمان على سبيل الإشاعة من دون أن تتوقف ملكيتهم لها على أعمال الولاية من قبل المتولي كما في وقف البستان على علماء البلد على إن يكون نماؤه ملكاً للموجودين منهم من أول ظهوره . مسألة 1466 : إذا كان الموقوف عليه من الجهات العامة أو الخاصة ـ كما في القسم الثالث المتقدم ـ تكون العين و المنافع ملكاً للجهة ، و لو اشترط الواقف صرف المنافع بأعيانها على الجهة الموقوف عليها لم يجز تبديلها و المعاوضة عليها . مسألة 1467 : الظاهر أن غصب الوقف بجميع أقسامه ـ عدا ما يكون من قبيل التحرير ـ يستتبع الضمان عيناً و منفعة ، فلو غصب مدرسة أو رباطاً أو داراً موقوفة على الفقراء أو بناية موقوفة ليصرف واردها في علاج المرضى أو نحو ذلك فتلفت تحت يده كان ضامناً لعينها ، و لو استولى عليها مدة ثم ردها كان عليه أجرة مثلها كما هو الحال في غصب الأعيان غير الموقوفة . مسألة 1468 : إذا كانت العين الموقوفة من الأعيان الزكوية كالغنم و البقر و الإبل لم تجب الزكاة فيها و إن اجتمعت فيها شرائط ثبوتها ، و أما إذا كان نماؤها زكوياً كما إذا وقف بستاناً مشتملاً على أشجار النخيل و العنب فإن صار النماء ملكاً شخصياً للمكلف قبل وقت تعلق الزكاة بحيث تعلقت في ملكه وجبت عليه الزكاة إذا كان بالغاً حد النصاب و إلا لم تجب ، و قد تقدم توضيح ذلك في المسألة 1086 من كتاب الزكاة .


( 450 )

مسألة 1469 : لا يتحقق الوقف بمجرد النية ، بل لابد من إنشائه بلفظ كـ ( وقفت ) و ( حبست ) و نحوهما من الألفاظ الدالة عليه و لو بمعونة القرائن ، أو فعل سواء أ كان معاطاة مثل أن يعطي آلات الإسراج أو الفرش إلى قيم المسجد أو المشهد ، أو لم يكن كذلك مثل أن يعمر الجدار أو الاسطوانة الخربة من المسجد أو يبني بناءً على طراز ما تبنى به المساجد بقصد كونه مسجداً و نحو ذلك فإنه يكون وقفاً بذلك . مسألة 1470 : الظاهر عدم اعتبار القبول في الوقف بجميع أنواعه و إن كان الاعتبار أحوط و لا سيما في الوقف الخاص كالوقف على الذرية فيقبله الموقوف عليهم و إن كانوا صغاراً قام به وليهم ، و يكفي قبول الموجودين و لا يحتاج إلى قبول من سيوجد منهم بعد وجوده . مسألة 1471 : الأظهر عدم اعتبار القربة في صحة الوقف و لا سيما في الوقف الخاص مثل الوقف على الذرية . مسألة 1472 : يعتبر في صحة الوقف الخاص قبض الموقوف عليه أو قبض وكيله أو قبض وليه فإذا مات قبل القبض بطل و كان ميراثاً ، نعم يكفي قبض الطبقة الموجودة عن الطبقات اللاحقة بل يكفي قبض الموجود من الطبقة الأولى عمن يوجد منها بعد ذلك ، و لو كان الموجودون جماعة فقبض بعضهم دون بعض صح بالنسبة إلى من قبض و بطل بالنسبة إلى من لم يقبض . مسألة 1473 : المشهور إنه يشترط أن يكون القبض بإذن الواقف ، فلو قبض الموقوف عليه بدون الإذن لم يكف و لكنه لا يخلو عن إشكال . مسألة 1474 : إذا وقف على أولاده الصغار و أولاد أولاده و كانت العين في يده كفى ذلك في تحقق القبض و لم يحتج إلى قبض آخر ، و إذا كانت العين في يد غيره فلابد من أخذها منه ليتحقق قبض وليهم . مسألة 1475 : إذا كانت العين بيد الموقوف عليه كفى ذلك في قبضها


( 451 )

و لم يحتج إلى قبض جديد ، نعم لابد أن يكون بقاؤها في يده بعنوان الوقفية بإذن الواقف بناء على اشتراط كون القبض بإذنه كما تقدم . مسألة 1476 : يتحقق القبض في المنقول و غير المنقول باستيلاء الموقوف عليه على العين الموقوفة و صيرورتها تحت يده و سلطانه ، و الظاهر اختلاف صدق ذلك بحسب اختلاف الموارد . مسألة 1477 : لا يعتبر في القبض الفورية فلو وقف عيناً في زمان ثم أقبضها في زمان متأخر كفى و تم الوقف من حينه . مسألة 1478 : الظاهر عدم اعتبار القبض في صحة الوقف على العناوين و الجهات العامة و لا سيما إذا كان من نية الواقف أن تبقى في يده و يعمل بها على حسب ما وقف ، و على تقدير اعتباره فالظاهر عدم الحاجة إلى قبض الحاكم ، فإذا وقف مقبرة كفى في تحقق القبض الدفن فيها ، و إذا وقف مكاناً للصلاة تكفي الصلاة فيه ، و إذا وقف حسينية تكفي إقامة العزاء فيها ، و كذا الحكم في مثل وقف الخان على المسافرين و الدار على سكنى العلماء و الفقراء فإنه يكفي في قبضها السكنى فيها . مسألة 1479 : إذا وقف حصيراً للمسجد كفى في قبضه ـ على تقدير اعتباره ـ وضعه في المسجد بقصد استعماله ، و كذا الحال في مثل آلات المشاهد و الحسينيات و المساجد و نحوها . مسألة 1480 : إذا خرب جانب من جدار المسجد أو المشهد أو نحوهما فعمره عامر فالظاهر كفاية ذلك في تمامية الوقف و إن لم يقبضه قابض ، و إذا مات لم يرجع ميراثاً لوارثه . مسألة 1481 : يجوز التوكيل في إيقاع الوقف ، و في جريان الفضولية فيه إشكال و إن كان هو الأقرب . مسألة 1482 : الوقوف التي تتعارف عند الأعراب بأن يقفوا شاة على


( 452 )

أن يكون الذكر المتولد منها ( ذبيحة ) أي يذبح و يؤكل و الأنثى ( منيحة ) أي تبقى و ينتفع بصوفها و لبنها ، و إذا ولدت ذكرا كان ( ذبيحة ) و إذا ولدت أنثى كانت ( منيحة ) و هكذا ، فإذا كان وقفهم معلقاً على شفاء مريض أو ورود مسافر أو سلامة غنمهم من الغزو أو المرض أو نحو ذلك فهي باطلة . و أما إذا كانت منجزة غير معلقة فالظاهر صحتها إذا أريد بها وقف الشاة على أن تذبح الذكور من نتاجها و نتاج نتاجها و تصرف على الجهة الموقوفة عليها ، و تبقى الأناث للإنتاج مع استثناء صوفها و لبنها للواقف و من يتولى شؤون الشاة و النتاج من بعده . مسألة 1483 : لا يجوز في الوقف توقيته بمدة ، فإذا قال : داري وقف على أولادي سنة أو عشر سنين بطل وقفاً ، و هل يصح حبساً إذا قصد كونه كذلك أم لا ؟ الظاهر هو الصحة . مسألة 1484 : إذا وقف على من ينقرض كما إذا وقف على أولاده و أولاد أولاده صح وقفاً و يسمى : ( الوقف المنقطع الآخر ) فإذا انقرضوا رجع إلى الواقف أو ورثته حين الموت لا حين الانقراض ، فإذا مات الواقف عن ولدين و مات أحدهما قبل الانقراض و ترك ولداً ثم انقرض الموقوف عليهم كانت العين الموقوفة مشتركة بين العم و ابن أخيه . مسألة 1485 : لا فرق فيما ذكرناه من صحة الوقف و رجوعه إلى الواقف أو إلى ورثته بين كون الموقوف عليه مما ينقرض غالباً و بين كونه مما لا ينقرض غالباً فاتفق انقراضه . هذا إذا لم يفهم من القرائن أن خصوصية الموقوف عليه ملحوظة بنحو تعدد المطلوب ، و أما إذا فهم منها ذلك ـ كما لعله الغالب في الوقف على من لا ينقرض غالباً ـ بأن كان الواقف قد أنشأ التصدق بالعين و أنشأ أيضاً كونه على نحو خاص بحيث إذا بطلت الخصوصية بقي أصل التصدق فلا إشكال


( 453 )

في أنه إذا انقرض الموقوف عليه لم ترجع العين إلى الواقف أو ورثته بل تبقى وقفاً و تصرف منافعها في جهة أخرى الأقرب فالأقرب إلى نظر الواقف . مسألة 1486 : من الوقف المنقطع الآخر ما إذا كان الوقف مبنياً على الدوام لكن كان وقفاً على من يصح الوقف عليه في أوله دون آخره كما إذا وقف على زيد و أولاده و بعد انقراضهم على الكنائس و البيع مثلاً فيصح وقفاً بالنسبة إلى من يصح الوقف عليه و يبطل بالنسبة إلى ما لا يصح . مسألة 1487 : الوقف المنقطع الأول باطل سواء أ كان بجعل الواقف كما إذا أوقفه من أول الشهر القادم أو بحكم الشرع بأن وقف أولاً على ما لا يصح الوقف عليه ثم على غيره ، و إن كان الأحوط في الثاني تجديد الوقف عند انقراض الأول . مسألة 1488 : إذا وقف عيناً على غيره و شرط عودها إليه عند الحاجة ففي صحته قولان و الأظهر البطلان . مسألة 1489 : يشترط في صحة الوقف التنجيز ، فلو علقه على أمر مستقبلي معلوم الحصول أو متوقع الحصول أو أمر حالي محتمل الحصول مع عدم كونه مما تتوقف عليه صحة العقد بطل ، فإذا قال : وقفت داري إذا جاء رأس الشهر أو إذا ولد لي ذكر أو إن كان هذا اليوم يوم الجمعة بطل ، و إذا علقه على أمر حالي معلوم الحصول أو علقه على أمر مجهول الحصول و لكنه كان تتوقف عليه صحة العقد كما إذا قال زيد : وقفت داري إن كنت زيداً أو وقفت داري إن كانت لي صح . مسألة 1490 : إذا قال هذا وقف بعد وفاتي بطل إلا أن يفهم منه عرفاً أنه أراد الوصية بالوقف فيجب العمل بها عند تحقق شرائطها فيوقف بعده . مسألة 1491 : يشترط في صحة الوقف إخراج الواقف نفسه عن الوقف فإذا وقف على نفسه بطل ، و إذا قال : ( داري وقف عليّ و على أخي ) مثلاً


( 454 )

على نحو التشريك بطل الوقف في نصف الدار ، و إذا كان على نحو الترتيب بأن قصد التلف على نفسه ثم على غيره كان الوقف من المنقطع الأول فيبطل مطلقاً ، و إن قصد الوقف على غيره ثم على نفسه بطل بالنسبة إلى نفسه فقط و كان من الوقف المنقطع الآخر ، و إن قال : ( هي وقف على أخي ، ثم على نفسي ، ثم على زيد ) بطل الوقف بالنسبة إلى نفسه و زيد ، و كان من الوقف المنقطع الوسط . مسألة 1492 : إذا استثنى في ضمن إجراء الوقف بعض منافع العين الموقوفة لنفسه فالظاهر صحته لأنه يعد خارجاً عن الوقف لا من الوقف على نفسه ليبطل ، فيصح أن يوقف البستان و يستثني السعف و غصون الأشجار و أوراقها عند اليبس ، أو يستثني مقدار أداء ديونه سواء أ كان بنحو التوزيع على السنين كل سنة كذا أو بنحو تقديم أداء الديون على الصرف من مصارف الوقف . مسألة 1493 : إذا وقف بستاناً على من يتبرع من أولاده ـ مثلاً ـ بأداء ديونه العرفية أو الشرعية صح ، و كذا إذا أوقفها على من يقوم من جيرانه مثلاً بالتبرع بأكل ضيوفه أو مؤنة أهله و أولاده حتى في مقدار النفقة الواجبة عليه لهم فإنه يصح الوقف في مثل ذلك . مسألة 1494 : إذا وقف عيناً على وفاء ديونه الشرعية أو العرفية بعد الموت لم يصح و كذا لو وقفها على أداء العبادات عنه بعد الوفاة . مسألة 1495 : يمكن التخلص من إشكال الوقف على النفس بطرق أخرى غير استثناء مقدار من منافع العين الموقوفة لنفسه . منها : أن يملك العين لغيره ثم يقفها الغير على النهج الذي يريد من إدرار مؤنته و وفاء ديونه و نحو ذلك ، و يجوز له أن يشترط ذلك عليه في ضمن عقد التمليك .


( 455 )

و منها : أن يؤجرها مدة و يجعل لنفسه خيار الفسخ و بعد الوقف يفسخ الإجارة فترجع المنفعة إليه لا إلى الموقوف عليهم . مسألة 1496 : يجوز انتفاع الواقف بالعين الموقوفة في مثل وقف المساجد و الوقف على الجهات العامة ، و كذا الوقف على العناوين الكلية إذا كان الواقف داخلاً في العنوان أو صار داخلاً فيه فيما بعد و كان الوقف عليه من قبيل القسم الأول من الأقسام الثلاثة المذكورة في المسألة ( 1465 ) حيث لا تدخل المنافع في ملك الموقوف عليهم أصلاً ، و أما إذا كان من قبيل القسم الثالث حيث تكون المنافع ملكاً للموقوف عليهم على سبيل الإشاعة فلا إشكال في عدم جواز أخذه حصة منها ، بل يلزم أن يقصد من العنوان المذكور حين العقد من عدا نفسه و يقصد خروجه عنه ، و أما في القسم الثاني حيث تدخل المنافع في ملك الموقوف عليهم بتمليك المتولي و إقباضهم إياها ففي جواز دخول الواقف في العنوان و أخذه حصة من المنافع إشكال ، لاسيما إذا كان مقتضى الوقف توزيع المنافع على الموقوف عليهم على نحو الاستيعاب . مسألة 1497 : إذا تم الوقف كان لازماً لا يجوز للواقف الرجوع فيه ، و إن وقع في مرض الموت لم يجز للورثة رده إلا فيما زاد على الثلث كما تقدم في كتاب الحجر .


( 456 )

فصل في شرائط الواقف

مسألة 1498 : يعتبر في الواقف : البلوغ و العقل و الاختيار و القصد و عدم الحجر عن التصرف في الموقوف لسفه أو فلس ، فلا يصح وقف الصبي و إن بلغ عشراً أو أذن فيه الولي ، و لا وقف المجنون و لا المكره و لا الغافل و الساهي و لا المحجور عليه ، نعم إذا أوصى الصبي بأن يوقف ملكه بعد وفاته على وجوه الخير أو المبرة لأرحامه و أقربائه و كان قد بلغ عشراً و عقل نفذت وصيته كما تقدم . مسألة 1499 : لا يشترط في الواقف الإسلام ، فيصح وقف الكافر إذا كان واجداً لسائر الشرائط على الأقوى .


( 457 )

فصل فيما يتعلق بالمتولي و الناظر

مسألة 1500 : يجوز للواقف في وقف غير المسجد أن يجعل تولية الوقف و نظارته لنفسه ما دام الحياة أو إلى مدة مستقلاً أو مشتركاً مع غيره ، و كذا يجوز جعلها للغير كذلك ، بل يجوز أن يجعل أمر التولية لنفسه أو لشخص آخر ، بأن يكون المتولي كل من يعينه نفسه أو ذلك الشخص ، بل يجوز أن يجعل التولية لشخص و يجعل أمر تعيين المتولي بعده بيده ، و هكذا كل متول يعين المتولي بعده .