الفصل الحادي عشر

البريد الإلكتروني طباعة

مسألة 257 : من اشتغلت ذمته لآخر بنقد معين من الذهب أو الفضة كأن اقترض منه ألف دينار مثلاً أو أصدق زوجته مهراً كذلك أو جعله ثمناً في البيع مؤجلاً أو حالاً فتغير سعره لزمه النقد المعين و لا اعتبار بالقيمة وقت اشتغال الذمة . مسألة 258 : لا يجوز أن يبيع مثقالاً من فضة خالصة بمثقال من فضة مغشوشة بغش غير متمول بشرط أن يصوغ له خاتماً مثلاً ، و يجوز ذلك في المعاملة النقدية إذا كان الغش متمولاً و قصدا كون الزيادة في طرف الخالص بإزاء الغش و صياغة الخاتم في الطرف الآخر ، كما يجوز أن يقول له صغ لي هذا خاتماً و أبيعك مثقالاً من فضة خالصة بمثقال من فضة مغشوشة بغش غير متمول على أن يكون البيع جعلاً لصياغة الخاتم لا بأن تكون الصياغة شرطاً في البيع ، و يجوز أيضاً أن يشتري منه مثقال فضة مصوغاً خاتماً بمثقال غير مصوغ . مسألة 259 : لو باع عشر روبيات بليرة ذهبية إلا عشرين فلساً صح بشرط أن يعلما مقدار نسبة العشرين فلساً إلى الليرة ـ بحسب سعر الوقت ـ حتى يعلما المقدار المستثنى من الليرة . مسألة 260 : المصوغ من الذهب و الفضة معاً لا يجوز بيعه بأحدهما


( 82 )

بلا زيادة ، بل إما أن يباع نقداً بأحدهما مع الزيادة أو بهما معاً ـ على ما تقدم ـ أو يباع بجنس آخر غيرهما . مسألة 261 : ما يقع في التراب عادة من أجزاء الذهب و الفضة و يجتمع فيه عند الصائغ إذا أحرز عدم مطالبة المالك به و إعراضه عنه ـ و لو بلحاظ جريان العادة على ذلك ـ جاز للصائغ تملكه ، و إلا لزم أن يتصدق به أو بثمنه عن مالكه مع الجهل به و الاستئذان منه مع معرفته ، و يطرد التفصيل المذكور في الخياطين و النجارين و الحدادين و نحوهم فيما يجتمع عندهم من الأجزاء المنفصلة من أجزاء الثياب و الخشب و الحديد فإنه إذا كان المتعارف في عملهم انفصال تلك الأجزاء لم يضمنوا شيئاً بسبب ذلك سواء أ كانت لتلك الأجزاء مالية عند العرف أم لا ، و لكن يجري فيها التفصيل المتقدم .


( 83 )

الفصل الحادي عشر

في السلف

ويقال له السلم أيضاً ، و هو ابتياع كلي مؤجل بثمن حال ، عكس النسيئة ، و يقال للمشتري المسلّم ( بكسر اللام ) و للبائع المسلّم إليه و للثمن المسلّم و للمبيع المسلّم فيه ( بفتح اللام ) في الجميع . مسألة 262 : يصح في السلف صدور الإيجاب من كل واحد من البائع و المشتري و صدور القبول من الآخر ، فالإيجاب من البائع بلفظ البيع و أشباهه بأن يقول مثلاً ( بعتك طناً من الحنطة بصفة كذا إلى أجل كذا بثمن كذا ) فيقول المشتري ( قبلت ) أو ( اشتريت ) ، و أما الإيجاب من المشتري فهو بلفظ ( أسلمت ) أو ( أسلفت ) بأن يقول أسلمت إليك أو أسلفتك مائة دينار مثلاً في طن من الحنطة بصفة كذا إلى أجل كذا فيقول المسلّم إليه ـ و هو البائع ـ ( قبلت ) . مسألة 263 : يجوز في السلف أن يكون المبيع و الثمن من غير الذهب و الفضة ـ على تفصيل يأتي في المسألة التالية ـ كما يجوز أن يكون أحدهما من الذهب أو الفضة و الآخر من غيرهما ثمناً كان أو مثمناً و لا يجوز أن يكون كل من الثمن و المثمن من الذهب أو الفضة أو أحدهما من الذهب و الآخر من الفضة . مسألة 264 : يشترط في السلف أمور : الأول : أن يكون المبيع مضبوط الأوصاف التي تختلف القيمة باختلافها كالجودة و الرداءة و الطعم و الريح و اللون و غيرها ، و لا يلزم التدقيق و الاستقصاء بل يكفي التعيين بنحو يكون المبيع مضبوطاً عرفاً ، فيصح السلف


( 84 )

في الحيوان و الخضر و الفواكه و الحبوب و الجوز و الجوز والبيض و الملابس و الأشربة و الأدوية و آلات السلاح و آلات النجارة و النساجة و الخياطة و غيرها من الأعمال و غير ذلك ، و لا يصح فيما لا يمكن ضبط أوصافه كغالب أنواع الجواهر و اللآلي و البساتين و غيرها مما لا ترتفع الجهالة فيها إلا بالمشاهدة . الثاني : قبض الثمن قبل التفرق ، و لو قبض البعض صح فيه و بطل في الباقي ، و لو كان الثمن ديناً في ذمة البائع فالأقوى الصحة إذا كان الدين حالاً ، أو حل قبل افتراقها و إلا لم يصح . الثالث : تقدير المبيع ذي الكيل أو الوزن أو العد بمقداره ، و المتاع الذي يباع بالمشاهدة يجوز بيعه سلفاً و لكن يلزم أن يكون التفاوت بين أفراده غير معتنى به عند العقلاء كبعض أقسام الجوز و البيض . الرابع : تعيين أجل مضبوط للمسلّم فيه بالأيام أو الشهور أو السنين أو نحوها ، و لو جعل الأجل زمان الحصاد أو الدياس أو الحضيرة بطل البيع ، و يجوز فيه أن يكون قليلاً كيوم و نحوه و أن يكون كثيراً كعشرين سنة . الخامس : تعيين مكان تسليم المسلّم فيه مضبوطاً على الأحوط ، إذا لم يكن له تعين عندهما و لو لانصراف و نحوه كما سيأتي . السادس : إمكان دفع ما تعهد البائع دفعه وقت الحلول و في البلد الذي شرط التسليم فيه إذا كان قد شرط ذلك سواء أكان عام الوجود أم نادره ، فلو لم يمكن ذلك و لو تسبيباً لعجزه عنه و لو لكونه في سجن أو في بيداء لا يمكنه الوصول إلى البلد الذي اشترط التسليم فيه عند الأجل بطل . السابع : أن لا يلزم منه الربا ، فإذا كان المبيع سلفاً من المكيل أو الموزون لم يجز أن يجعل ثمنه من جنسه بل و لا من غير جنسه من المكيل و الموزون على الأحوط ، و إذا كان من المعدود لم يجز على الأحوط جعل ثمنه من جنسه بزيادة عينية .


( 85 )

مسألة 265 : إطلاق العقد يقتضي تسليم المسلّم فيه في بلد العقد إلا أن تقوم قرينة على خلافه ، و حينئذ أن اقتضت تعيين غيره يؤخذ به و إلا فالأحوط لزوماً ـ كما مر ـ تعيين مكان التسليم . مسألة 266 : إذا جعل الأجل شهراً حمل على ما ينصرف إليه إطلاقه في عرف المتبايعين من الشهر الهلالي أو الشهر الشمسي ـ على اختلاف أنواعه ـ فإن وقع البيع في أول الشهر فالمراد تمام ذلك الشهر و إن كان في أثناء الشهر ففي كون المراد به ثلاثين يوماً أو مجموع ما بقي من الشهر الأول مع إضافة مقدار من الشهر الثاني يساوي الماضي من الشهر الأول وجهان ، لا يخلو أولهما عن وجه و إن كان الأحوط هو التعيين من الأول و مع عدمه فالأحوط التصالح بلحاظ أصل البيع . و أن جعل الأجل شهرين أو عدة شهور و وقع البيع في أثناء الشهر جعل الشهر الثاني و ما بعده هلالياً أو شمسياً ـ كما مر ـ و يجري الوجهان المتقدمان في الشهر الأول . مسألة 267 : إذا جعل الأجل جمادى أو ربيعاً حمل على أولهما من تلك السنة و حل بأول جزء من ليلة الهلال ، و إذا جعله الجمعة أو الخميس حمل على الأول من تلك السنة و حل بأول جزء من نهار اليوم المذكور . مسألة 268 : إذا اشترى شيئاً سلفاً جاز بيعه من بائعه قبل حلول الأجل نقداً و كذا بعده نقداً و نسيئة بجنس الثمن ـ بشرط عدم الزيادة على الأحوط ـ أو بجنس آخر ما لم يستلزم الربا على التقديرين ، و لا يجوز بيعه من غير البائع قبل حلول الأجل و يجوز بعده سواء باعه بجنس آخر أو بجنس الثمن مع الزيادة أو النقيصة أو التساوي ما لم يستلزم الربا. هذا في غير المكيل و الموزون و أما فيهما ـ ما عدا الثمار ـ فلا يجوز بيعهما لغير البائع قبل القبض مرابحة مطلقاً كما تقدم في المسألة 200 .


( 86 )

مسألة 269 : إذا دفع البائع المسلّم فيه دون الصفة لم يجب على المشتري القبول ، و لو رضى بذلك صح ، و كذلك إذا دفع أقل من المقدار ، و تبرأ ذمة البائع إذا أبرأه المشتري من الباقي ، و إذا دفعه على الصفة و المقدار وجب عليه القبول ، و إذا دفع فوق الصفة فإن كان شرط الصفة راجعاً إلى استثناء ما دونها فقط وجب القبول أيضاً ، و إن كان راجعاً إلى استثناء ما دونها و ما فوقها لم يجب القبول ، و لو دفع إليه زائداً على المقدار لم يجب القبول . مسألة 270 : إذا حل الأجل و لم يتمكن البائع من دفع المسلّم فيه تخير المشتري بين أن ينتظر إلى أن يتمكن البائع من دفع المبيع إليه في وقت آخر و بين الفسخ و الرجوع بالثمن أو بدله بلا زيادة و لا نقصان ، و لا يجوز له بيعه من البائع بأكثر مما اشتراه على الأحوط ، و لو تمكن من دفع بعضه و عجز عن الباقي كان له الخيار في الباقي بين الفسخ فيه و الانتظار ، و في جواز فسخه في الكل حينئذ إشكال ، و الأظهر الجواز ، نعم لو فسخ في البعض جاز للبائع الفسخ في الكل . مسألة 271 : لو كان المبيع موجوداً في غير البلد الذي عين للتسليم فيه فإن تراضيا بتسليمه في موضع وجوده جاز ، و إلا فإن أمكن و تعارف نقله إلى بلد التسليم وجب على البائع نقله ، و إلا فيجري الحكم المتقدم من الخيار بين الفسخ و الانتظار .


( 87 )

الفصل الثاني عشر

بيع الثمار و الخضر و الزرع

مسألة 272 : لا يجوز بيع ثمرة النخل و الشجر قبل ظهورها عاماً واحداً بلا ضميمة و يجوز بيعها عامين فما زاد و عاماً واحداً مع الضميمة على الأقوى ، و أما بعد ظهورها فإن استبان حالها و أن بها آفة أم لا بحيث أمكن تعين مقدارها بالخرص أو كان البيع في عامين فما زاد أو مع الضميمة أو كان المبيع نفس ما هو خارج منها فعلاً ـ بشرط أن تكون له مالية معتد بها ـ و إن لم يشترط على المشتري أن يقتطفها في الحال جاز بيعها و أما مع انتفاء هذه الأربعة فجواز البيع محل إشكال . مسألة 273 : يعتبر في الضميمة المجوزة لبيع الثمر قبل استبانة حاله أن تكون مما يجوز بيعه منفرداً و يعتبر كونها مملوكة لمالك الثمر، و كون الثمن لها و للمنضم إليه على الإشاعة. و لا يعتبر فيها أن تكون متبوعة على الأقوى فيجوز كونها تابعة. نعم يشترط فيها ـ على الأحوط لزوماً ـ أن تكون بحيث يتحفظ معها على رأس مال المشتري إن لم تخرج الثمرة . مسألة 274 : يكفي في الضميمة في ثمر النخل مثل السعف و الكرب و الشجر اليابس الذي في البستان على الشرط المتقدم . مسألة 275 : لو بيعت الثمرة قبل استبانة حالها مع أصولها جاز بلا إشكال . مسألة 276 : إذا ظهر بعض ثمر البستان و استبان حاله جاز للشرط المتقدم بيع المتجدد في تلك السنة معه و إن لم يظهر ، اتحد الجنس أم


( 88 )

اختلف ، اتحد البستان أم تكثر ، على الأقوى . مسألة 277 : إذا كانت الشجرة تثمر في السنة الواحدة مرتين ففي جريان حكم العامين عليهما إشكال ، أظهره الجريان . مسألة 278 : إذا باع الثمرة سنة أو سنتين أو أكثر ثم باع أصولها على شخص آخر لم يبطل بيع الثمرة بل تنتقل الأصول إلى المشتري مسلوبة المنفعة في المدة المعينة ، و له الخيار في الفسخ مع الجهل . مسألة 279 : لا يبطل بيع الثمرة بموت بائعها بل تنتقل الأصول إلى ورثة البائع بموته مسلوبة المنفعة ، و كذا لا يبطل بيعها بموت المشتري بل تنتقل إلى ورثته . مسألة 280 : إذا اشترى ثمرة فتلفت قبل قبضها انفسخ العقد و كانت الخسارة من مال البائع كما تقدم ذلك في أحكام القبض ، و تقدم أيضاً إلحاق السرقة و نحوها بالتلف و حكم ما لو كان التلف من البائع أو المشتري أو الأجنبي . مسألة 281 : يجوز لبائع الثمرة أن يستثني ثمرة شجرات أو نخلات بعينها و أن يستثنى حصة مشاعة كالربع و الخمس و أن يستثني مقداراً معيناً كمائة كيلو لكن في هاتين الصورتين لو خاست الثمرة وزع النقص على المستثنى و المستثنى منه على النسبة ، ففي صورة استثناء حصة مشاعة يوزع الباقي بتلك النسبة و أما إذا كان المستثنى مقداراً معيناً فطريقة معرفة النقص تخمين الفائت بالثلث أو الربع مثلاً فيسقط من المقدار المستثنى بتلك النسبة ، فإن كان الفائت الثلث يسقط منه الثلث و إن كان الربع يسقط الربع و هكذا . مسألة 282 : يجوز بيع ثمرة النخل و غيره في أصولها بالنقود و بغيرها كالأمتعة و الحيوان و الطعام و بالمنافع و الأعمال و غيرها ، كغيره من أفراد البيع .


( 89 )

مسألة 283 : لا تجوز المزابنة و هي بيع ثمرة النخل ـ تمراً كانت أو رطباً أو بسراً أو غيرها ـ بالتمر دون الرطب و البسر أو غيرهما ، سواء من ثمره أم من ثمر غيره ، في الذمة أم معيناً في الخارج ، و يستثنى من ذلك بيع العرية كما سيأتي . مسألة 284 : لا يجوز بيع ثمر غير النخل بثمره أيضاً ، و أما بيعه بغير ثمره فلا بأس به . مسألة 285 : يجوز أن يبيع ما اشتراه من الثمر في أصله بثمن زائد على ثمنه الذي اشتراه به أو ناقص أو مساو ، سواء أ باعه قبل قبضه أم بعده . مسألة 286 : لا يجوز بيع الزرع بذراً قبل ظهوره على الأحوط وجوباً ، و يجوز بيعه تبعاً للأرض لو باعها معه ، أما بعد ظهوره فيجوز بيعه مع أصله بمعنى بيع المقدار الظاهر مع أصوله الثابتة فإن شاء المشتري قصله و إن شاء أبقاه مع اشتراط الإبقاء ـ أو ما بحكمه من اقتضاء التعارف ذلك ـ أو بإذن من صاحب الأرض ، فإن أبقاه حتى يسنبل كان له السنبل و عليه أجرة الأرض إذا لم يشترط الإبقاء مجاناً ، و إن قصله قبل أن يسنبل فنمت الأصول الثابتة في الأرض حتى سنبلت كان له أيضاً و لا تجب عليه أجرة الأرض إلا إذا كان قد اشترط عليه إزالة الأصول فلم يفعل . مسألة 287 : يجوز بيع الزرع لا مع أصله بل قصيلاً إذا كان قد بلغ أوان قصله أو قبل ذلك على أن يبقى حتى يصير قصيلاً أو قبل ذلك ، فإن قطعه و نمت الأصول حتى صارت سنبلاً كان السنبل للبائع و إن لم يقطعه كان لصاحب الأرض فسخ البيع كما أن له إلزامه بقطعه فإن لم يمكن جاز له قطعه و الأحوط أن يكون بعد الاستئذان من الحاكم الشرعي مع الإمكان ، و له إبقاؤه و المطالبة بالأجرة فلو أبقاه فنما حتى سنبل ففي كون السنبل للمشتري و عليه أجرة الأرض أو مشتركاً بينه و بين البائع وجهان ، و الأحوط التصالح . و كذا


( 90 )

الحال لو اشترى نخلاً بشرط القلع فلم يقلعه حتى أثمر . مسألة 288 : يجوز بيع الزرع محصوداً و لا يشترط معرفة مقداره بالكيل أو الوزن ، بل تكفي فيه المشاهدة . مسألة 289 : لا تجوز المحاقلة و هي بيع سنبل الحنطة بالحنطة و لو من غيره ، كما لا يجوز بيع سنبل غير الحنطة من الحبوب بحب منه و الأحوط استحباباً عدم بيع سنبل الشعير بالشعير من غيره . مسألة 290 : الخضر كالخيار و الباذنجان و البطيخ لا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط وجوباً ، و يجوز بعد ظهورها لقطة واحدة أو لقطات معلومة ، و المرجع في تعيين اللقطة عرف الزراع . مسألة 291 : إنما يجوز بيع الخضر كالخيار و البطيخ مع مشاهدة ما يمكن مشاهدته من خلال الأوراق و لا يضر عدم مشاهدة بعضها المستورة كما لا يضر عدم تنامي عظمها كلاً أو بعضاً . مسألة 292 : لو كانت الخضرة مستورة كالشلغم و الجزر و نحوهما فالظاهر جواز بيعها أيضاً . مسألة 293 : إذا كانت الخضرة مما يجز كالكراث و النعناع و اللفت و نحوها يجوز بيعها بعد ظهورها جزة و جزات و لا يجوز بيعها قبل ظهورها على الأحوط لزوماً ، و المرجع في تعيين الجزة عرف الزراع كما سبق في اللقطة . و كذا الحكم فيما يخرط كورق الحناء و التوت فإنه يجوز بيعه بعد ظهوره خرطة و خرطات . مسألة 294 : إذا كان نخل أو شجر أو زرع مشتركاً بين اثنين جاز أن يتقبل أحدهما حصة صاحبه بعد خرصها بمقدار معين فيتقبلها بذلك المقدار فإذا خرص حصة صاحبه بمائة كيلو غراماً مثلاً جاز أن يتقبلها بتلك المائة زادت عليها في الواقع أو نقصت عنها أو ساوتها .


( 91 )

مسألة 295 : الظاهر أنه لا فرق بين أن يكون الشركاء اثنين أو أكثر و كون المقدار المتقبل به منها و في الذمة ، نعم إذا كان منها فتلفت الثمرة فلا ضمان على المتقبل بخلاف ما لو كان في الذمة فإنه باق على ضمانه ، و الظاهر أن هذه المعاملة خاصة برأسها ، نعم فيما إذا كان المقدار المتقبل في الذمة فالظاهر أن مرجعها إلى الصلح على نقل حصة الشريك ـ بعد تعيينها في كمية خاصة ـ إلى ذمة المتقبل ، و يكفي فيها كل لفظ دال على المقصود بل تجري فيها المعاطاة كما في غيرها من العقود . مسألة 296 : إذا مر الإنسان بشيء من النخل أو الشجر أو الزرع جاز له أن يأكل ـ و لو من غير ضرورة ـ من ثمره بلا إفساد للثمر أو الأغصان أو الشجر أو غيرها . مسألة 297 : الظاهر جواز الأكل للمار و إن كان قاصداً له من أول الأمر ، و لا يجوز له أن يحمل معه شيئاً من الثمر و إذا حمل معه شيئاً حرم ما حمل و لم يحرم ما أكل ، و إذا كان للبستان جدار أو حائط أو ظن كراهة المالك أو كان قاصراً ففي جواز الأكل إشكال و الاجتناب أحوط . مسألة 298 : لا بأس ببيع العرية و هي النخلة الواحدة لشخص في دار غيره يشق دخوله إليها فيبيع منه ثمرتها قبل أن تكون تمراً بخرصها تمراً .


( 92 )

الفصل الثالث عشر

في بيع الحيوان

مسألة 299 : يجوز شراء بعض الحيوان مشاعاً كنصفه و ربعه ، و لا يجوز شراء بعض معين منه كرأسه و جلده إذا لم يكن في معرض الذبح أو نحوه كأن كان المقصود الإبقاء عليه حياً للركوب أو الحمل أو غيرهما . مسألة 300 : لو كان الحيوان في معرض الذبح أو نحوه جاز شراء بعض معين منه فأن ذبح يكون للمشتري ما اشتراه و إن لم يذبح لمانع كما إذا كان مريضاً فبرئ فكان في ذبحه ضرر مالي كان المشتري شريكاً بنسبة الجزء أي بأن ينسب ذلك الجزء على تقدير الذبح إلى قيمة البقية فلهم من الحيوان بتلك النسبة ، و كذا لو باع الحيوان و استثنى الرأس و الجلد مثلاً ، و أما إذا اشترك اثنان أو جماعة و شرط أحدهم أن يعين حصته ـ بعد ذبح الحيوان ـ في الرأس و الجلد مثلاً فلم يذبح ـ لما مر ـ كان شريكاً فيه بنسبة المال لا بنسبة الرأس و الجلد . مسألة 301 : لو قال شخص لآخر : اشتر حيواناً بشركتي صح ، و يثبت البيع لهما على السوية مع الإطلاق و يكون على كل واحد منهما نصف الثمن ، و لو قامت القرينة على كون المراد الاشتراك على التفاضل كان العمل عليها . مسألة 302 : لو دفع المأمور عن الآمر بالشراء شركة ما عليه من جزء الثمن فإن كان الأمر بالشراء على وجه الشركة قرينة على الأمر بالدفع عنه رجع الدافع عليه بما دفعه عنه و إلا كان متبرعاً و ليس له الرجوع عليه به . مسألة 303 : يجوز في البهائم تفرقة الأم عن الولد ، ما لم يؤد إلى إتلاف المال المحترم .


( 93 )

خاتمة في الإقالة

وهي فسخ العقد من أحد المتعاملين بعد طلبه من الآخر ، و الظاهر جريانها في عامة العقود اللازمة ـ غير النكاح ـ حتى الهبة اللازمة ، و في جريانها في الضمان و الصدقة إشكال ، و تقع بكل لفظ يدل على المراد و إن لم يكن عربياً بل تقع بالفعل كما تقع بالقول ، فإذا طلب أحدهما الفسخ من صاحبه فدفعه إليه كان فسخاً و إقالة و وجب على الطالب إرجاع ما في يده إلى صاحبه . مسألة 304 : لا تجوز الإقالة بزيادة على الثمن أو المثمن أو نقصان عنهما فلو أقال كذلك بطلت و بقي كل من العوضين على ملك مالكه . مسألة 305 : إذا جعل له مالاً في الذمة أو في الخارج ليقيله بأن قال له أقلني و لك هذا المال أو أقلني و لك عليّ كذا فالأظهر الصحة . مسألة 306 : لو أقال بشرط مال عين أو عمل كما لو قال للمستقيل أقلتك بشرط أن تعطيني كذا أو تخيط ثوبي فقبل صح . مسألة 307 : لا يجري في الإقالة فسخ أو إقالة . مسألة 308 : في قيام وارث المتعاقدين مقام المورّث في صحة الإقالة إشكال و الظاهر العدم . مسألة 309 : تصح الإقالة في جميع ما وقع عليه العقد و في بعضه و يتقسط الثمن حينئذ على النسبة، و إذا تعدد البائع أو المشتري تصح الإقالة بين أحدهما و الطرف الآخر بالنسبة إلى حصته و لا يشترط رضى الآخر . مسألة 310 : تلف أحد العوضين أو كليهما لا يمنع من صحة الإقالة


( 94 )

فإذا تقايلا رجع كل عوض إلى صاحبه الأول فإن كان موجوداً أخذه و إن كان تالفاً رجع بمثله إن كان مثلياً و بقيمته يوم التلف إن كان قيمياً . مسألة 311 : الخروج عن الملك ببيع أو هبة أو نحوهما بمنزلة التلف و تلف البعض كتلف الكل يستوجب الرجوع بالبدل عن البعض التالف . مسألة 312 : العيب في يد المشتري يستوجب الرجوع عليه بالأرش مع الإقالة . و الحمد لله رب العالمين .

كتاب الشفعة


( 96 )


( 97 )

وفيه فصول: إذا باع أحد الشريكين حصته على ثالث كان لشريكه ـ مع اجتماع الشرائط الآتية ـ حق أن يتملك المبيع بالثمن المجعول له في البيع و يسمى هذا الحق بالشفعة ، و صاحبه بالشفيع .

فصل في ما تثبت فيه الشفعة

مسألة 313 : تثبت الشفعة في بيع ما لا ينقل إذا كان يقبل القسمة كالأرضين و الدور و البساتين بلا إشكال ، و هل تثبت فيما ينقل كالآلات و الثياب و الحيوان و فيما لا ينقل إذا لم يقبل القسمة كالضيقة من الأنهار و الطرق و الآبار ؟ قولان أقواهما الأول حتى في الحيوان و السفينة و النهر و الطريق و الحمام و الرحى ، لكن الأحوط للشريك عدم الأخذ فيها بالشفعة إلا برضا المشتري كما أن الأحوط إجابة الشريك إن أخذ بها . مسألة 314 : لا تثبت الشفعة بالجوار فإذا باع أحد داره فليس لجاره الأخذ بالشفعة . مسألة 315 : إذا كانت داران مختصة كل واحدة منهما بشخص و كانا مشتركين في طريقهما فبيعت إحدى الدارين مع الحصة المشاعة من الطريق تثبت الشفعة لصاحب الدار الأخرى سواء أ كانت الداران قبل ذلك مشتركتين و قسمتا أم لم تكونا كذلك .


( 98 )

مسألة 316 : يجري هذا الحكم في الدور المختصة كل واحدة منها بواحد مع الاشتراك في الطريق ، فإذا بيعت واحدة منها مع الحصة من الطريق ثبتت الشفعة للباقين . مسألة 317 : إذا بيعت إحدى الدارين بلا ضم حصة الطريق إليها لم تثبت الشفعة للشريك في الطريق . مسألة 318 : إذا بيعت الحصة من الطريق وحدها تثبت الشفعة للشريك . مسألة 319 : هل يختص الحكم المذكور بالدار أو يعم غيرها من الأملاك المفروزة المشتركة في الطريق ؟ وجهان ، و لا يترك مراعاة الاحتياط . مسألة 320 : ألحق جماعة بالطريق النهر ، و الساقية ، و البئر ، فإذا كانت الداران المختصة كل منهما بشخص مشتركتين في نهر أو ساقية أو بئر فبيعت إحداهما مع الحصة من النهر أو الساقية أو البئر كان لصاحب الدار الأخرى الشفعة في الدار أيضاً، و فيه إشكال بل منع . مسألة 321 : إذا بيع المقسوم منضماً إلى حصة من المشاع صفقة واحدة كان للشريك في المشاع الأخذ بالشفعة في الحصة المشاعة بما يخصها من الثمن بعد توزيعه و ليس له الأخذ في المقسوم . مسألة 322 : تثبت الشفعة في البيع و يلحق به على الأقرب ما يفيد فائدته ـ كالهبة المعوضة و الصلح بعوض ـ دون غيره كجعل الحصة صداقاً أو فدية للخلع . مسألة 323 : إذا كانت العين بعضها ملكاً و بعضها وقفاً فبيع الملك لم يكن للموقوف عليهم الشفعة على الأقوى و إن كان الموقوف عليه واحداً . مسألة 324 : إذا بيع الوقف في مورد يجوز بيعه ففي ثبوت الشفعة للشريك قولان أقربهما ذلك .


( 99 )

مسألة 325 : يشترط في ثبوت الشفعة أن تكون العين المبيعة مشتركة بين اثنين ، فإذا كانت مشتركة بين ثلاثة فما زاد و باع أحدهم لم تكن لأحدهم شفعة ، و إذا باعوا جميعاً إلا واحداً منهم ففي ثبوت الشفعة له إشكال بل منع . مسألة 326 : إذا كانت العين بين شريكين فباع أحدهما بعض حصته ثبتت الشفعة للآخر ، و كذا لو باع حصته من اثنين ـ مثلاً ـ دفعة أو تدريجاً فصارت العين بين ثلاثة بعد البيع تثبت الشفعة للشريك الآخر ، و حينئذ هل له التبعيض بأن يأخذ الشفعة بالنسبة إلى أحد المشتريين و بترك الآخر أو ليس له ذلك أو يفصّل بين وقوع البيع تدريجاً و وقوعه دفعة فيحق له التبعيض في الأول دون الثاني ؟ وجوه لا يخلو أخيرها من قوة .


( 100 )

فصل في الشفيع

مسألة 327 : يعتبر في الشفيع الإسلام إذا كان المشتري مسلماً فلا شفعة للكافر على المسلم و إن اشترى من كافر ، و تثبت للمسلم على الكافر و للكافر على مثله .