37/08/20
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض بحث الأصول 37/08/20 بسم الله الرحمن الرحيم الموضوع: أدلة حجية خبر الواحد ــ آية النبأ ذكرنا أن المجعول في الأخبار مع الواسطة إذا كان حجية واحدة فلا يمكن شمول دليل الحجية لها لاستلزامه محذور أتحاد الحكم مع الموضوع من جانب وتقدم الحكم على الموضوع من جانب آخر وكلاهما مستحيل. ثم أن المحقق النائيني(قده) قد أورد[1] إشكالا آخر على هذا وهو أنه يلزم من شمول دليل الحجية للأخبار مع الواسطة أتحاد الحاكم مع المحكوم فإن حجية خبر الكليني حاكمة وحجية خبر الصفار محكومة لأن حجية خبر الكليني منقحة لموضوعها فهي حاكمة وحجية خبر الصفار محكومة والمفروض ان حجية خبر الصفار عين حجية خبر الكليني وليس هنا حجتان فيلزم اتحاد الحاكم مع المحكوم وهو مستحيل لأن دليل الحاكم لا بد أن يكون مباينا لدليل المحكوم ولا يعقل اتحاد الحاكم مع المحكوم. وما ذكره المحقق النائيني نفس إشكال اتحاد الحكم مع الموضوع غاية الأمر قد جاء بهذا الإشكال بصيغة جديدة وهي اتحاد الحاكم مع المحكوم فإن اتحاد الحاكم مع المحكوم عين اتحاد الحكم مع الموضوع لأن حجية خبر الصفار قد أخذت في موضوع حجية خبر الكليني والمفروض أن حجية خبر الصفار هي نفس حجية خبر الكليني فيلزم اتحاد الحكم مع الموضوع وهو مستحيل. فالنتيجة أن ما جاء به المحقق النائيني مجرد تغير في اللفظ وهو نفس الإشكال بصيغة جديدة. إلى هنا قد تبين أن المجعول في الأخبار مع الواسطة إذا كانت حجية واحدة فلا يمكن شمول دليل الحجية لها من جهة لزوم اتحاد الحكم مع الموضوع وتقدم الحكم على الموضوع، ولكن هذا المسلك لا أساس له ولا شبهة في أن المجعول في الأخبار مع الواسطة جعول متعددة بعدد الأخبار وحجية متعددة بعدد الأخبار، فلخبر الكليني حجية ولخبر الصفار حجية أخرى وهكذا فإن كل واحد من هذه الأخبار خبر ثقة فهو مشمول لدليل حجية اخبار الثقة. فهذا القول وهو ان المجعول في الأخبار مع الواسطة حجية واحدة لا يرجع الى معنى معقول. إلى هنا قد تبين أن الآية المباركة وهي آية النبأ لا تدل على حجية خبر العادل لا بمفهوم الشرط ولا بمفهوم الوصف على تفصيل تقدم. هذا تمام كلامنا في آية النبأ. وبعد ذلك يقع الكلام في آية النفر وهي قوله تعالى:﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ﴾[2] والاستدلال بهذه الآية الكريمة يتوقف على تمامية مجموعة من النقاط: النقطة الأولى: أن الآية المباركة تدل على وجوب الحذر ودلالة الآية على وجوب الحذر تتوقف على تمامية أحد امور على سبيل مانعة الخلو: الأمر الأول: أن كلمة لعل في الآية المباركة لم تستعمل في معناها الحقيقي وهو الترجي الذي هو صفة نفسانية، فإن هذا المعنى ثبوته في ذاته تعالى مستحيل. بل المراد منها معنى آخر وهو انها تدل على محبوبية مدخولها لله تعالى وهو الحذر فالحذر محبوب لله تعالى فإذا كان محبوبا فهو واجب وإلا لم يكن محبوبا. الأمر الثاني: ان الحذر غاية للواجب وهو النفر حيث ان النفر لا شبهة في أنه واجب والحذر غاية له ومن الواضح أن غاية الواجب واجبة بل هي أولى بالوجوب من أجل ذلك يكون الحذر في الآية المباركة واجب. الأمر الثالث: أن الحذر لو لم يكن واجبا لكان الأمر بدون الانذار لغوا أي لكان وجوب الانذار على النافرين وعلى المتفقهين لغوا فمن أجل ذلك لا يمكن ان لا يكون الحذر واجبا فالحذر واجب في الآية المباركة. هذه هي النقطة الأولى، وهي والحذر في الآية الكريمة. النقطة الثانية: أن ظاهر الآية المباركة أن وجوب الحذر مترتب على انذار المنذر بعنوانه الأولي بدون أي تحيّث بحيثية وتقيّده بجهة. وتدل على ذلك أمور: الأمر الأول: ان مقتضى إطلاق الآية الكريمة أن وجوب الحذر مترتب على انذار المنذر مطلقا سواء أفاد العلم بالواقع أم لم يفد وسواء أفاد الاطمئنان بالواقع او لم يفد فمقتضى إطلاق الآية المباركة أن وجوب الحذر مترتب على انذار المنذر مطلقا. وتقييد إطلاق انذار المنذر بما إذا أفاد العلم أو الاطمئنان بحاجة الى عناية زائدة ثبوتا وإثباتا وبحاجة إلى قرينة في مقام الإثبات ولا قرينة على هذا التقييد أي تقييد انذار المنذر بما إذا أفاد العلم او الاطمئنان بالواقع لا في نفس الآية المباركة ولا من الخارج فلا دليل على هذا التقييد، فيكون إطلاق الآية المباركة هو المحكم ومقتضى هذا الإطلاق أن انذار المنذر حجة مطلقا سواء أفاد العلم او لم يفد وسواء أفاد الاطمئنان او لم يفد. الأمر الثاني: ان مقابلة الجمع بالجمع تدل على التوزيع بمعنى أن كل منذر وكل نافر بعد تفقهه وتعلمه يرجع الى بلده ويرجع الى قومه، وأما رجوع جميع المتفقهين الى بلد واحد فهو بحاجة الى دليل. الأمر الثالث: أن الطريقة المألوفة بين الناس والمرتكزة في الأذهان من زمن النبي الأكرم(ص) إلى زماننا هذا هي أن كل نافر بعد التفقه وبعد تعلم الحكام الشرعية يرجع الى قومه وبلد. وعلى هذا فالآية المباركة تدل على ان انذار المنذر حجة سواء أفاد العلم او لا وسواء أكان مفيدا للاطمئنان اولا، ولو لم يكن انذار المنذر حجة لمنع الناس عن العمل به مع انه لم يرد في شيء من الأدلة ذلك ولا عين له ولا أثر في الروايات، فعدم المنع قرينة على ان انذار المنذر حجة مطلقا وهذا معنى ان الآية المباركة تدل على حجية خبر الواحد. النقطة الثالثة: ان المراد من الحذر في الآية المباركة هو الحذر من العقوبة على ترك الواجب وارتكاب الحرام وليس المراد منه الحذر عن الوقوع في مفسدة غير منجزة او الحذر عن تفويت مصلحة غير منجزة لأن الحذر عن الوقوع في مفسدة غير منجزة غير واجب وكذلك لا يحرم تفويت مصلحة غير منجزة. فالمراد من الحذر هو الحذر من العقوبة. وتدل على ذلك أمور: الأمر الأول: ان ظاهر الآية المباركة بمناسبة الحكم والموضوع هو أن المراد من الحذر هو الحذر من الإدانة والعقوبة بقرينة أن انذار المنذر إنما هو عن الواجبات والمحرمات فإن المنذر والنافر بعد التفقه في الدين وتعلم الأحكام الشرعية يكون انذاره الناس إنما هو بالواجبات والاجتناب عن المحرمات ومن الواضح ان المكلف يستحق العقوبة على ترك الواجب وعلى فعل الحرام فهذا قرينة عل ان المراد من الحذر هو الحذر من الإدانة والعقوبة لا الحذر من الوقوع في مفسدة غير منجزة او تفويت مصلحة كذلك. الأمر الثاني: أن الحذر واجب كما تقدم فإنه غاية للواجب وهو النفر وغاية الواجب أولى بالوجوب فالحذر يكون واجبا وهذا قرينة على ان المراد منه الحذر عن العقوبة وأما الحذر عن مفسدة غير منجزة فهو غير واجب وكذا الحذر عن تفويت مصلحة غير منجزة فوجوب الحذر قرينة على ان المراد من الحذر هو الحذر عن الإدانة والعقوبة. الأمر الثالث: أن كلمة الحذر في نفسها ظاهرة في التحذر العملي في الخارج وأما إرادة التحذر النفسي فهي بحاجة الى قرينة. النقطة الرابعة: أن وجوب الحذر وجوب إرشادي إلى أن انذار المنذر حجة سواء أفاد العلم أم لم يفده فوجوب الحذر ليس وجوبا مولويا تكليفيا بل وجوب الحذر وجوب إرشادي الى حجية انذار المنذر فالنتيجة أنه إذا تمت هذه المقدمات تم الاستدلال بهذه الآية المباركة. لكن الكلام في تمامية هذه النقاط. |
|
|
|