38/04/04
تحمیل
آیةالله الشيخ بشير النجفي
بحث الأصول
38/04/04
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : اجتماع الامر والنهي- التنبيه الثالث _
الأمر الثالث : الظاهر لحوق تعدَّد الإِضافات ، بتعدد العنوانات والجهات ، في إنّه لو كان تعدَّد الجهة والعنوان كافياً مع وحدة المعنون وجوداً ، في جواز الاجتماع ، كان تعدَّد الإِضافات مجدياً .. .
كان الكلام في ما أفاد في الكفاية من انه كما يجري بحث الاجتماع في ماهيتين مختلفتين كالصلاة والغصب كذلك يجري في ما اذا كان ماهية واحدة لكن بإضافتين مستقلتين وذكر لها مثال العالم ومثال الفاسق وعبر عنهما عن نسبة الاكرام الى الفاسق والى العالم بالإضافة المتعددة وقلنا في الجلسة السابقة ان هذا خلط بين النسبة والاضافة فاختلاف النسبة لا يقتضي اختلاف في الحقيقة بخلاف اختلاف الاضافة فانه يقتضي دخول شيء في مقولة وخروجه من مقولة اخرى فالتعبير عن اكرام العالم واكرام الفاسق انهما مختلفان من حيث الاضافة غير واضح علينا , هذا ما تقدم .
ونضيف الى ذلك انه الاكرام فعل من افعال المكلفين وهذا الفعل لاتختلف حقيقته باختلاف النسب المحيطة بالفعل فالنسبة الى الفاعل نسبته الى الاعلى والى الزمان والى المكان وكذلك الى المفعول به او المفعول لأجله مثلا فهذه النسب مهما تغيرت وتبدلت لاتقتضي تبدل وتغير ماهية الفعل فالإكرام هو الاكرام سواء صدر من هذا الفاعل او من ذاك الفاعل سواء صدر في زمان معين او زمان آخر بحالة معينة او بحالة اخرى , نعم باختلاف النسب قد يختلف الحكم فحينئذ يكون اختلاف اكرام الفاسق عن اكرام العلماء يكون اختلاف في النسب وتغير النسبة لاتوجب تغير في الحقيقة فحقيقة الاكرام وماهية الاكرام الواحدة مصب للوجوب ومصب للحرمة ولكن بلحاظ نسبة مأمور به هذا الفعل وبلحاظ نسبة اخرى يكون منهي عنه فعلى هذا الساس لامعنى لدعوى بين اكرم العلماء ولاتكرم الفساق بينهما تعارض كل ماهية متقيدة بنسبة وغير النسبة التي قيدت بها الماهية الاخرى فالماهية منسوبة الى كذا مأمور بها وماهية منسوبة او متقيدة بنسبة متعلق بحكم تكون منهيا عنها فلا تعارض بين اكرم العلماء ولاتكرم الفساق في نفسه .
وكما انهما ليس حقيقتين مختلفتين فلا يدخل في مسالة اجتماع الامر والنهي فإذن دعوى دخول هذا المثال في التزاحم لايجري وكذلك في باب التعارض , والتحقيق اما في باب التزاحم هو ان يكون عجز من المكلف عن امتثال التكليفين وفي المثال ان المكلف متمكن من اكرام العلماء ومتمكن من ترك اكرام الفساق فاذا كان متمكنا فليس من باب التزاحم , كما انه في نفس الدليلين اكرم العلماء ولاتكرم الفساق لاتعارض بينهما اذ كل من التكلفين منصب على فعل مقيد بالنسبة فلا تعارض بينهما ولكن اذا فرض وجود انسان عالم وفاسق ففي هذه الحالة نعلم انه كل من الحكمين غير ثابت لان معنى التعارض هو ان كل من الدليلين يثبت مدلوله وينفي مدلول الآخر سواء كان ذاك النفي بمقتضى دليل خارجي كما في تجب صلاة الجمعة او تجب صلاة الظهر في زمان الغيبة فبما ان هناك اجماع يقتضي انه لاتجب اكثر من خمس صلوات فنعلم ان احد الدليلن الذين دلا على وجوب صلاة الظهر او وجوب صلاة الجمعة ليس بيانا للحكم الواقعي فيكون التعارض بمقتضى دليل ثالث , وقد يكون التعارض بمقتضى نفس الدليلين بلحاظ المورد فيقع التعارض كما في المثال فاذا اجتمع العلم والفسق في زيد مثلا فبما ان وجوب الاكرام لايجتمع مع ترك الاكرام فحينئذ احد الحكمين موجود والآخر غير موجود فالتعارض يقع في خصوص هذا المورد وهذا من باب صدف الايام لا انه الطبيعتان مجتمعتان في فرد لايمكن الجمع بينهما حتى يكون من مسالة اجتماع الامر والنهي .
بقي شيء : قلنا في كلماتنا ان السيد الاعظم اشكل على صاحب الكفاية حينما قال ( انه لايكون من باب اجتماع الامر والنهي الا اذا احرز ملاك الوجوب والحرمة في متعلقيهما في جميع المصاديق حتى في مورد الاجتماع ) فاشكل عليه السيد الاعظم كيف يمكن ان يحرز الفقيه ان الملاك موجود في جميع هذه الافراد او غير موجود فان معرفة ملاكات الاحكام خارج عن قدرة ممكن الوجود ذاك مختص بالله سبحانه او من علمه الله سبحانه من الانبياء والائمة .
ولكن التأمل في كلمات صاحب الكفاية يعطينا معنى يبعد كلامه عن مصب اشكال السيد الاعظم وهو ان كلام صاحب الكفاية مبني على القول بتبعية الاحكام للمصالح في متعلقاتها فاذا كان الامر كذلك فثبوت الوجوب في الاكرام او ثبوت الوجوب في الصلاة وان الحكم يقتضي وجود مصلحة في الصلاة والا يكون الحكم اعتباطيا وبما انه المفروض ان الوجوب ثابت لطبيعة الصلاة بما انها طبيعة السارية في جميع المصاديق فنحرز ان مصلحة وجوب الصلاة الموجودة في الطبيعة سارية ومنبثة في جميع الافراد هذا يعني رض لايعني ان الحِكَم والمصالح المخفية ان تلك المصلحة ماهي ومن اي نوع فلم يدعي صاحب الكفاية ذلك انما حصل الاشتباه في مانسب الى السيد الاعظم من صاحب الكفاية يقول ان الفقيه يدرك ملاكات الاحكام .
هذا تمام الكلام في اجتماع الامر والنهي ويأتي الكلام في بحث ان النهي هل يقتضي الفساد او لا , والحمد لله رب العالمين .