1440/04/18
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الفقه
40/04/18
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: أقسام الصوم المحظور/ صوم الوصال، صوم الزوجة
كان الكلام في صوم الوصالابتداءاً نقول أن ما ذكره السيد الماتن بقوله (وأما لو أخر الإفطار إلى السحر أو إلى الليلة الثانية مع عدم قصد جعل تركه جزءاً من الصوم فلا بأس به) مبني على الحرمة تشريعية، والا لو كانت الحرمة ذاتية لم يجز له ترك الإفطار، بل يجب عليه ان يفطر.
ذكرنا ان اصل التحريم -بقطع النظر عن كون الحرمة ذاتية او تشريعية- ثابت بلا اشكال، فهو في الجملة حرام، والقدر المتيقن هو الحرمة التشريعية، وهو ما اشار اليه السيد الماتن في عبارته، وتقدمت الادلة الدالة على التحريم وكانت أهمها صحيحة زرارة، واشرنا الى الاختلاف في تفسير صوم الوصال في الروايات وفي كلمات الاصحاب، فان جماعة من الاصحاب فسروه بترك الافطار الى السحر التي عبرت عنه الرواية ب(ان يجعل عشاءه سحوره)، وجماعة اخرون فسروه بصوم يومين بلا افطار في البين.
بناءاً على الحرمة التشريعية لا ثمرة عملية واضحة لطرح هذين التفسيرين وانه ما هو المقصود من صوم الوصال -الا في باب النذر، فانه قد تظهر هناك ثمرة، كما اذا نذر ان يصوم صوم الوصال الشرعي-، لانه على كلا التقديرين اذا ادخل ترك الافطار في نيته -بان جعل ذلك جزءاً من صومه- سواء كانت المدة الى السحر او كانت الى اليوم الاخر، تكون الحرمة ثابتة.
والروايات الصحيحة قد دلت على التفسير الأول، فينبغي الاعتماد عليها، وقد تقدمت الروايتان الدالتان على التفسير الثاني[1] ، لكن سندهما ليس تاماً.
حكي عن صاحب المدارك[2] ذهابه إلى الإحتياط بترك الإمساك وبالاكل بعد الغروب، وهذا الكلام لو تم يثبت الحرمة الذاتية. واستفاد ذلك من صحيحة الحلبي المتقدمة[3] التي ورد فيها (ان يجعل عشاءه سحوره)، بتقريب انها تدل على الحرمة من دون تقييد بان يكون قد جعل ذلك في نيته بحيث يكون جزءاً من صومه. وبعضهم قال بالامكان الاستدلال على ذلك (الحرمة الذاتية) بالآية الشريفة (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)، ببيان انه بعد الليل لا امساك، فكأنما يستفاد من ذلك حرمة الامساك بعد دخول الليل، وببعض الروايات من قبيل رواية زرارة وفضيل:
عن أبي جعفر (عليه السلام) في رمضان تصلي ثم تفطر إلا أن تكون مع قوم ينتظرون الافطار، فان كنت تفطر معهم فلا تخالف عليهم، فأفطر ثم صل، وإلا فابدأ بالصلاة، قلت: ولم ذلك؟ قال: لأنه قد حضرك فرضان: الافطار والصلاة، فابدء بأفضلهما، وأفضلهما الصلاة ....[4] التي تدل على أن الإفطار فرض، ورواية ابن أبي عمير، عمن ذكره:
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: وقت سقوط القرص ووجوب الافطار من الصيام أن تقوم بحذاء القبلة وتتفقد الحمرة التي ترتفع من المشرق، فإذا جازت قمة الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الافطار وسقط القرص.[5] التي تقول أنه (الإفطار) واجب.
ولكن ما ذكر من الأدلة غير تام:-
أما صحيحة الحلبي فالمحرم فيها هو الوصال في الصيام، أي أن يصل الصيام بصوم آخر، وهذا يقتضي أن يكون المحرم هو إتيان الصوم مع النية ومدّه إلى وقت آخر غيرالوقت المقرر له، لا مجرد الإمساك بسبب أو بدون سبب، فلا يستفاد منها الحرمة الذاتية.
وأما الروايتان الأخريان اللتان عبرتا بوجوب الإفطار و أنه فرض، فالمستفاد من مثل هذه التعابير هو إنتهاء أمد الإمساك وجواز الإفطار بعد أن كان حراماً، لا الوجوب التكليفي، فهي تأمر بالإفطار في مقام توهم وجوب الإمساك بعد المغرب.
وأما الآية الشريفة فعدم تمامية الإستدلال بها أوضح، لأن مفادها أن الصيام ينتهي إلى الليل، ولا دلالة فيها أصلاً على حرمة الإمساك بعد دخول الليل.
لعله لهذه المناقشات ذهب السيد الماتن (قده) إلى الإحتياط الإستحبابي، وهو في محله. فالظاهر أن الحرمة في المقام تشريعية كما ذكره الأعلام.
صوم الزوجة
قال السيد الماتن: (السابع: صوم الزوجة مع المزاحمة لحقّ الزوج، والأحوط تركه بلا إذن منه، بل لا يُترك الاحتياط مع نهيه عنه وإن لم يكن مزاحماً لحقّه)
يرى السيد الماتن أن صوم الزوجة تطوعاً يكون محرماً (على نحو الفتوى) إذا كان مزاحماً لحق الزوج، أما إذا لم يكن مزاحماً لحقه فالأحوط لها تركه إذا لم يأذن لها بالصوم، بل الإحتياط يكون آكدَ مع نهيه عنه.
توجد روايات عديدة لهذه المسألة، وألسنتها مختلفة، بعضها تحرم الصوم عليها، وبعضها الآخر لا يستفاد منها الحرمة وعدم الجواز، وبعضها الثالث تدل على جوازه. فتوجد طوائف ثلاثة من الروايات:-
الطائفة الأولى: ما تدل على عدم الجواز، وفيها عدة روايات:-
الأولى: صحيحة محمد بن مسلم
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ليس للمرأة أن تصوم تطوعاً إلا باذن زوجها.[6]
الثانية: صحيحة محمد بن مسلم الثانية
عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: جاءت امرأة إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت: يا رسول الله، ما حق الزوج على المرأة؟ فقال: أن تطيعه ولا تعصيه، ولا تصدّق من بيته إلا باذنه، ولا تصوم تطوعاً إلا باذنه ......[7]
الثالثة: رواية عمرو بن جبير العزرمي
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاءت امرأة إلى النبي (صلى الله وعليه وآله وسلم) فقالت: يا رسول الله، ما حق الزوج على المرأة؟ فقال: هو أكثر من ذلك، فقالت: أخبرني بشئ من ذلك، فقال: ليس لها أن تصوم إلا باذنه.[8]
هذه الرواية غير تامة سنداً.
الطائفة الثانية: ما لا تكون ظاهرة في التحريم
الأولى: مرسلة القاسم بن عروة، عن بعض أصحابه
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا يصلح للمرأة أن تصوم تطوعاً إلا باذن زوجها.[9]
ويقال أن (لا يصلح) غير ظاهرة في التحريم.
الثانية: رواية هشام بن الحكم
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): من فقه الضيف أن لا يصوم تطوعاً إلا باذن صاحبه، ومن طاعة المرأة لزوجها أن لا تصوم تطوعاً إلا باذنه وأمره ......[10]