1441/05/05
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول
41/05/05
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الاخبار العلاجية
كان الكلام في رواية علي بن مهزيار رواها الشيخ الطوسي باسناده عن احمد بن محمد عن عباس بن معروف عن علي بن مهزيار
فهل المراد باحمد بن محمد هو احمد بن محمد بن عيسى الذي سند الشيخ اليه صحيح او ان المقصود به العطار الذي لم ينص على وثاقته ولكن ذكرنا انه يمكن الاعتماد عليه لقرائن ذكرناها في محله منها الكتاب الذي ارسله ابن نوح الى النجاشي في تعيين الطرق التي يعول عليها الى كتب الحسين بن سعيد الاهوازي بعد ان ساله النجاشي عنها فاجابه ابن نوح بان المعول في هذه الطرق على طريقين ويذكر في احدهما احمد بن محمد بن يحيى العطار، ولذا نحن لا مشكلة لدينا سواء كان هو ابن عيسى او العطار
قال علي بن مهزيار : قرأت في كتاب لعبد الله بن محمّد إلى أبي الحسن (عليه السلام) : ((اختلف أصحابنا في رواياتهم عن أبي عبدالله (عليه السلام) في ركعتي الفجر في السفر ، فروى بعضهم أن صلّهما في المحمل ، وروى بعضهم : لا تصلّهما إلا على الأرض ، فأعلمني ، كيف تصنع أنت لأقتدي بك في ذلك؟ فوقّع (عليه السلام) : موسّع عليك بأيّة عملت))[1] والاستدلال بها يكون بالتمسك بقوله قوله (موسع عليك باية عملت) حيث اضيفت التوسعة الى نفس الحديثين فيكون التخيير في المسالة الاصولية وليست ناظرة الى المسالة الفرعية
وقد اعترض عليه السيد الخوئي (قده) بان الرواية ظاهرة بالتخيير في المسالة الفرعية وبيان حكمها الواقعي فالرواية ليست في مقام علاج حالة التعارض بين الحديثين فالمستفاد من قوله (موسع عليك باية عملت) انه تخيير واقعي ولذا يكون الجواب مطابقا للسؤال والا لكان عليه ان يبين الحكم الواقعي في هذه المسالة لان السؤال كان عنها
ويؤيده قول السائل (فاعلمني كيف تصنع انت لاقتدي بك) فهو ظاهر في ان السؤال عن حكم المسألة لا انه سؤال عن علاج حالة التعارض بين الحديثين
مضافاً الى ان السؤال لو كان عن حالة التعارض بين الحديثين بغض النظر عن مظمونهما لكان جواب الامام ظاهر في علاج حالة التعارض بين الحديثين، والسائل في محل الكلام ذكر حديثين مع ذكر مظمونهما، فكما يمكن حمل السؤال في الرواية على انه سؤال عن حالة التعارض بين الحديثين كذلك يمكن حمله على انه سؤال عن حكم المسالة التي وقع الشك في حكمها من جهة التعارض بين الحديثين، والظاهر من حال السائل انه يسأل عن الحكم الواقعي للمسألة ويهتم بالحكم الشرعي الفرعي
غاية الامر ان تصوير التخيير الواقعي في هذه المسألة لا يخلو من صعوبة، لان الرواية الاولى التي ذكرها السائل (صلهما في المحمل) لا يستفاد منها الوجوب للقطع بجواز صلاتهما على الارض، مضافاً الى انه امر ورد في مورد توهم الحظر فيستفاد منه الاباحة والجواز، والرواية الثانية التي ذكرها (لا تصلهما الا على الارض) يستفاد منها عدم جواز صلاتهما في المحمل، فالامر يدور بين جواز وعدم جواز صلاته في المحمل، والظاهر ان هذا ليس من موارد التخيير، فان التخيير العقلي يكون في مورد الامر بالجامع الذي له افراد فيحكم العقل بالتخيير بين افراده، والتخيير الشرعي يكون عندما يامر الشارع بشيء ويامر باخر مع العطف ب(أو)، والامر في محل الكلام لا يدور بين الامر بهذا تعيينا والامر بهذا تعيينا بل الدوران بين الجواز وعدم الجواز فلا معنى للتخيير بينهما،
ثم ان ظاهر قول الامام (عليه السلام) (موسع عليك باية عملت) انه باي منهما ياخذ ينتهي الى نفس النتيجة مع انه اذا اخذ بالامر الثاني لا ينتهي الى نتيجة التخيير بل الالزام بان يصلي على الارض، فتصوير التخيير الواقعي لا يخلو من صعوبة
اللهم الا ان يقال بان المقصود بقوله (عليه السلام) (موسع عليك باية اخذت) ان الحكم الواقعي هو الترخيص، فيكون المقصود التخيير بهذا المعنى لا التخيير المستفاد من الامر بشيء والامر بشيء اخر مع العطف ب(او)
الا ان قوله ((موسع عليك باية عملت)) ينافي حمل الرواية على الترخيص لان التخيير بمعنى الترخيص ليس عملاً باي واحدة من الروايتين، نعم الاخذ بالرواية الاولى ينتج الترخيص عملاً دون الاخذ بالرواية الثانية
مضافاً الى ما ذكرناه من انه في ذيل الرواية اضاف التوسعة الى نفس الروايتين وهو ظاهر في التخيير في المسألة الاصولية
الاعتراض الثاني: ما ذكره السيد الشهيد (قده) بقوله (لا يمكن أن يستفاد التخيير في حالات التعارض المستقر الّذي هو المقصود في المقام ، لأن موردها التعارض بين ما يأمر بالصلاة على الأرض وما يدل على الترخيص في إيقاعها في المحمل ، وهو مما فيه جمع عرفي بحمل دليل الأمر على الاستحباب. فيكون مدلول الحديث حجية كل من الخبرين في نفسه لعدم التعارض بينهما ، والتوسعة في مقام العمل بالأخذ بمفاد دليل الترخيص أو دليل الأمر ، لكون الأمر استحبابياً لا لزومياً ، فهذا المعنى أيضا صالح عرفاً لأن يكون هو المراد من قوله عليهالسلام ((موسع عليك بأية عملت )))[2]
وما ذكره يتوقف على الالتزام بامرين:
الاول: ان نلتزم بان الامر في الرواية الثانية ظاهر في لزوم صلاتها على الارض بينما في الرواية الاولى نص في جواز صلاتها في المحمل، ويلاحظ عليه بان الرواية الثانية لا تقل عن الاولى في ظهورها وفي نصوصيتها فان لسانها (ان لا يصليها الا على الارض) فهي نص في الوجوب بحيث لا تكون قابلة للحمل على الاستحباب فيكون التعارض بين ظهورين متساويين
الثاني: ما يقال بان الامر في كلتا الروايتين ليست اوامر تكليفية حتى تحمل على الاستحباب بل هي ارشادية لتعلقها بالمركبات فمرجعها الى اعتبار الجزء او الشرط في المركب او اعتبار عدم ذلك الشيء في المركب كما في المانع، وبالتالي يكون الامرين اللذين ذكرهما السائل في محل الكلام (صلهما في المحمل) ارشاد الى عدم المانع و(لا تصلهما الا على الارض) ارشاد الى الشرطية اي انه يعتبر في صلاة النافلة ما يعتبر في صلاة الفجر من الاستقرار والطمانينة، والاوامر الارشادية لا ياتي فيها حديث الحمل على الاستحباب او الكراهة
فلكي يتم ما ذكره السيد الشهيد (قده) لا بد ان نتجاوز هذا الاشكال ونقول بان الحمل على الاستحباب او الكراهة يجري حتى في الاوامر الارشادية وقد قربنا سابقاً عدم المانع من الالتزام به،