25-04-1435
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
35/04/25
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضـوع:- مسألة ( 413 )، مسألة ( 414 )،
مسألة ( 415 ) / الحلق والتقصير / حج التمتع /
مناسك الحجّ للسيد الخوئي(قد).
الأمر السادس:- إنه إذا جوزنا تقديم طواف الحج إما وحده فقط أو مع السعي وطواف النساء إما مطلقا أو في حقّ ذوي الأعذار - كما هو القدر المتيقن -، فهل تترتب آنذاك آثار الطواف ؟ فإن من آثار طواف الحجّ حلّيّة الطيب ومن آثار طواف النساء حلّيّة النساء، فهل بتقديم هذين الطوافين تترتب هذه الآثار أو لا ؟
والجواب:- كلّا لا تترتب هذه الآثار، فإنها إنما تترتب فيما لو حصلت في مكانها المقرّر لها - أعني بعد أعمال منى -، أما لماذا ؟ هذا ما نرجئه إلى ما بعد مسألتين حيث يأتي التعرّض من قبل السيد الماتن إلى ذلك ونحن سوف نتعرض إليه، وإنما أردنا الآن أن نلفت النظر إلى ذلك فقط.
مسألة ( 413 ):- يجوز للخائف على نفسه من دخول مكة أن يقدّم الطواف وصلاته والسعي على الوقوفين بل لا بأس بتقديمه طواف النساء أيضاً فيمضي بعد أعمال منى إلى حيث أراد.
إنه(قده) يفصّل بين الخائف من دخول مكة لعدوّ مثلاً وبين غيره من ذوي الأعذار، فالخائف بالخصوص جوّز له تقديم الطوافين مع السعي وأما بقيّة ذوي الأعذار فجوّز له تقديم خصوص طواف الحجّ، ومنشأ هذه التفرقة - كما تقدّم الإشارة إليها - هو أن صحيحة عليّ بن يقطين التي تمسّكنا بها سابقاً لإثبات جواز تقديم الطوافين مع السعي في حقّ ذوي الأعذار، هو(قده) فهم منها الاختصاص بخصوص الخائف، ونحن فيما سبق قلنا أن لفظ ( الخائف ) الوارد في الرواية هو بالمعنى الأعم أي كلّ من لا يتهيأ له دخول مكة المكرمة من قبيل ما إذا فرض أن الحملة تريد أن ترجع بسرعة فلا يتهيأ للحاج آنذاك دخول مكة، إنّا قد فهمنا هذا المعنى الوسيع . وعلى أي حال لا يوجد في هذه المسألة شيء جديد غير ما تقدّمت الإشارة إليه، وكان من المناسب له(قده) عدم عقد مسألتين أحدهما للخائف والأخرى لذوي الأعذار غير الخائف بل يعقد للمجموع مسألة واحدة حتى يكون المراجِع على التفاتٍ بملاحظته للمسألة الواحدة فيكون محيطاً بكلّ الموضوع، فكان المناسب أن يقول هكذا:- ( صاحب العذر على نحوين، فتارةً يكون عذره غير الخوف وأخرى يكون هو الخوف، فإذا كان عذره غير الخوف فحكمه جواز تقديم طواف الحج فقط، وإذا كان عذره هو الخوف ..... ).
مسألة ( 414 ):- من طرأ عليه العذر فلم يتمكن من الطواف كالمرأة التي رأت الحيض أو النفاس ولم يتيسّر لها المكث في مكة لتطوف بعد طهرها لزمته الاستنابة للطواف ثم السعي بنفسه بعد طواف النائب.
..........................................................................................................
محصّل السألة واضحٌ، يعني لو فرض أن صاحب العذر لم يقدّم الطواف - حيث أن تقديم الطواف شيء جائز وليس بلازم فلم يقدّمه -، أو فرض أنه لم يتخيّل أنه صاحب عذر أي كان يتصوّر أنه يتمكّن من الطواف، فالمرأة مثلاً كانت مطمئنةً بأنه لا يأتيها الحيض أو الرجل كان مطمئناً أنه يتمكن أن يطوف ولكن حينما صار الموعد المقرّر للطواف - يعني في اليوم العاشر أو الحادي عشر مثلاً - رأى أن الوضع لا يساعد على الطواف، فإمّا أن المرأة فاجئها الحيض ولا تتمكن من الانتظار أو الانسان الذي كان يعتقد أنه يتمكّن رأى أن الزحام بشكلٍ يمنعه من الطواف أو أنه مَرِضَ - فبالتالي الجامع هو أن الشخص لم يتمكّن من أن يأتي بالطواف بعد أعمال منى - فما هو حكمه ؟
والجواب:- من الواضح أن الحكم هو النيابة فيما إذا فرض أنه لا يمكن الإطافة به كالحائض أو كالمريض الذي في المستشفى والطبيب قد منعه من الحركة، أما إذا كان يتمكّن من ذلك بأن يُحمَل فيجب حينئذٍ الإطافة به قبل أن تصل النوبة إلى النيابة .
والخلاصة:- إنه إذا أمكن الإطافة به كغير الحائض فبها، وإلّا فالنيابة، وهذا مطلب واضح، وليس هناك شيء جديد يغاير ما تقدّم في عمرة التمتع، فكان من المناسب أن يحيل ويشير إلى عمرة المتمتّع فيقول:- ( لو فرض أن العذر طرأ في الموعد المقرّر للطواف أو كان العذر مستمراً ولم يتمكن من أن يطاف به كالحائض وغيرها فحكمه النيابة كما تقدّم في عمرة التمتع ).
وبعد أن يأتي النائب بالطواف فحينئذٍ يأتي الحاج بنفسه بالسعي إن أمكنه أن يسعى، كما في المرأة الحائض فإن المرأة الحائض لا تتمكّن من الطواف بنفسها أو الإطافة بها حيث تشترط الطهارة في الطواف، أما بعد أن يأتي النائب بذلك فهي تأتي إذن بالسعي بنفسها بلا محذور لأنه لا يشترط فيه الطهارة، وإذا فرض أنه لا يمكنه ذلك فيُسعى به كما تقدّم ذلك في عمرة التمتع.
مسألة ( 415 ):- إذا طاف المتمتّع وصلّى وسعى حلّ له الطيب وبقي عليه من المحرّمات النساء بل الصيد أيضاً على الأحوط، والظاهر جواز العقد له بعد طوافه وسعيه ولكن لا يجوز له شيء من الاستمتاعات المتقدّمة على الأحوط وإن كان الأظهر اختصاص التحريم بالجماع.
..........................................................................................................
هذه السألة ترتبط بمسالة ( 407 ) المتقدّمة فإن تلك المسألة كانت ناظرة إلى مواطن التحلّل من الإحرام وذكرت الموطن الأول وهو الحلق أو التقصير فإنه تحلّ به جميع المحرّمات عدى ثلاثة أو اثنين على كلام، وهناك محلّل ثاني وهو طواف الحجّ ومحلّل ثالث وهو طواف النساء، ونحن قلنا هناك إن من المناسب جمع كلّ هذه في مورد واحد بعنوان مواطن التحلّل، وعلى الأقل أن تُجمَع ويُشار إليها بشكلٍ موجزٍ ثمّ التفصيل في الموقع المناسب.
وعلى أيّ حال ذكرنا فيما سبق أنه إذا حلق أو قصّر حلّت للمحرم جميع المحرّمات ما عدى ثلاثة أو اثنين - وكانت نقطة الخلاف هي في الصيد الاحرامي وأنه هل يحلّ منه أو لا ؟ حيث كانت فيه بعض الروايات الدالّة على الجواز ونحن ذهبنا فيما سبق الى أنه يحصل الاحلال منه أيضاً فبالتالي يبقى من المحرّمات الطيب والنساء فقط - ؟
والآن نريد أن نعرف أنه بِمَ يحصل التحلّل من الطيب ؟ ونعرف أيضاً أنه بِمَ يحصل التحلّل من النساء ؟ إذن لنا عنوانان للبحث:-
الأوّل:- ما يحصل به التحلّل من الطيب.
لا إشكال بين الفقهاء في أن التحلّل من الطيب يحصل بطواف الحجّ، وقد قال صاحب الجواهر:- ( بل لا أجد فيه خلافاً )[1] . والبحث لا يقع في هذا فإن هذا ممّا لا كلام فيه، وإنما الكلام يقع في أمور جانبيّة سوف نشير إليها، من قبيل أن التحلّل هل يحصل بالطواف فقط ولو من دون الصلاةٍ أو بشرط الصلاة، ومن قبيل هل أن الطواف هو الذي يحلّل أو بشرط ضمّ السعي إليه .... وهكذا، إن هناك قضايا جانبيّة هي التي تستحقّ البحث وإلا فأصل كون التحلّل يحصل في الجملة بطواف الحجّ فهذه قضيّة مسلّمة بين الفقهاء، وقد دلّت عليها بعض الروايات فلنقرأها لنستفيد منها في نقاط الخلاف والبحث:-
الرواية الأولى:- صحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( إذا ذبح الرجل وحلق فقد أحلَّ من كلّ شيء أحرم منه إلا النساء والطيب، فإذا زار البيت وطاف وسعى بين الصفا والمروة فقد أحلَّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلا النساء، وإذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلّا الصيد )[2]، وقلنا إن المقصود من الصيد هنا هو الصيد الحرمي.
الرواية الثانية:- صحيحة معاوية بن عمّار الأخرى عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث:- ( فإذا أتيت البيت يوم النحر ........ ثم طف بالبيت سبعة أشواط كما وصفت لك يوم قدمت مكة[3]ثم صلّ عند مقام إبراهيم ركعتين ... ثم اخرج إلى الصفا فاصعد عليه واصنع كما صنعت يوم دخلت مكة ثم ائت المروة فاصعد عليها وطف بينهما سبعة أشواط ...... فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كلّ شيءٍ أحرمت منه إلا النساء ... )[4]، وميزة هذه الرواية أنه ذكرت فيها الصلاة.
الرواية الثالثة:- ما رواه الشيخ الطوسي عن موسى بن القاسم البجلي عن محمد بن سيف بن عميرة عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( إذا كنت متمتّعاً فلا تقربنَّ شيئاً فيه صفرة حتى تطوف بالبيت )[5]، والمقصود من قوله ( لا تقربن شيئاً فيه صفرة ) يعني فيه طيب، فهذا إشارة إلى الزعفران والورس ولا أقل الزعفران فإن فيه صفرة.
نعم تبقى مشكلة من حيث السند فإن طريق الشيخ إلى موسى بن القاسم معتبرٌ، وموسى بن القاسم من أجلَّة أصحابنا، إلّا أن المشكلة في محمد بن سيف بن عميرة فإنه لم تثبت توثيقه، وفي المصدر ذكر هكذا:- ( عن محمد عن سيف بن عميرة )، وسيف بن عميرة ثقة، وإنما الكلام هو في محمد بن سيف . وعلى أي حال الرواية قد تكون قابلة للمناقشة من هذه الناحية.
هذا هو مهمّ روايات المسألة، وهناك روايات أخرى.
والكلام يقع في ابحاث ثلاثة:-
البحث الأوّل:- هل أن حليّة الطيب تتوقّف على الطواف والسعي أو على خصوص الطواف وإن لم ينضمّ إليه السعي؟
الأمر السادس:- إنه إذا جوزنا تقديم طواف الحج إما وحده فقط أو مع السعي وطواف النساء إما مطلقا أو في حقّ ذوي الأعذار - كما هو القدر المتيقن -، فهل تترتب آنذاك آثار الطواف ؟ فإن من آثار طواف الحجّ حلّيّة الطيب ومن آثار طواف النساء حلّيّة النساء، فهل بتقديم هذين الطوافين تترتب هذه الآثار أو لا ؟
والجواب:- كلّا لا تترتب هذه الآثار، فإنها إنما تترتب فيما لو حصلت في مكانها المقرّر لها - أعني بعد أعمال منى -، أما لماذا ؟ هذا ما نرجئه إلى ما بعد مسألتين حيث يأتي التعرّض من قبل السيد الماتن إلى ذلك ونحن سوف نتعرض إليه، وإنما أردنا الآن أن نلفت النظر إلى ذلك فقط.
مسألة ( 413 ):- يجوز للخائف على نفسه من دخول مكة أن يقدّم الطواف وصلاته والسعي على الوقوفين بل لا بأس بتقديمه طواف النساء أيضاً فيمضي بعد أعمال منى إلى حيث أراد.
إنه(قده) يفصّل بين الخائف من دخول مكة لعدوّ مثلاً وبين غيره من ذوي الأعذار، فالخائف بالخصوص جوّز له تقديم الطوافين مع السعي وأما بقيّة ذوي الأعذار فجوّز له تقديم خصوص طواف الحجّ، ومنشأ هذه التفرقة - كما تقدّم الإشارة إليها - هو أن صحيحة عليّ بن يقطين التي تمسّكنا بها سابقاً لإثبات جواز تقديم الطوافين مع السعي في حقّ ذوي الأعذار، هو(قده) فهم منها الاختصاص بخصوص الخائف، ونحن فيما سبق قلنا أن لفظ ( الخائف ) الوارد في الرواية هو بالمعنى الأعم أي كلّ من لا يتهيأ له دخول مكة المكرمة من قبيل ما إذا فرض أن الحملة تريد أن ترجع بسرعة فلا يتهيأ للحاج آنذاك دخول مكة، إنّا قد فهمنا هذا المعنى الوسيع . وعلى أي حال لا يوجد في هذه المسألة شيء جديد غير ما تقدّمت الإشارة إليه، وكان من المناسب له(قده) عدم عقد مسألتين أحدهما للخائف والأخرى لذوي الأعذار غير الخائف بل يعقد للمجموع مسألة واحدة حتى يكون المراجِع على التفاتٍ بملاحظته للمسألة الواحدة فيكون محيطاً بكلّ الموضوع، فكان المناسب أن يقول هكذا:- ( صاحب العذر على نحوين، فتارةً يكون عذره غير الخوف وأخرى يكون هو الخوف، فإذا كان عذره غير الخوف فحكمه جواز تقديم طواف الحج فقط، وإذا كان عذره هو الخوف ..... ).
مسألة ( 414 ):- من طرأ عليه العذر فلم يتمكن من الطواف كالمرأة التي رأت الحيض أو النفاس ولم يتيسّر لها المكث في مكة لتطوف بعد طهرها لزمته الاستنابة للطواف ثم السعي بنفسه بعد طواف النائب.
..........................................................................................................
محصّل السألة واضحٌ، يعني لو فرض أن صاحب العذر لم يقدّم الطواف - حيث أن تقديم الطواف شيء جائز وليس بلازم فلم يقدّمه -، أو فرض أنه لم يتخيّل أنه صاحب عذر أي كان يتصوّر أنه يتمكّن من الطواف، فالمرأة مثلاً كانت مطمئنةً بأنه لا يأتيها الحيض أو الرجل كان مطمئناً أنه يتمكن أن يطوف ولكن حينما صار الموعد المقرّر للطواف - يعني في اليوم العاشر أو الحادي عشر مثلاً - رأى أن الوضع لا يساعد على الطواف، فإمّا أن المرأة فاجئها الحيض ولا تتمكن من الانتظار أو الانسان الذي كان يعتقد أنه يتمكّن رأى أن الزحام بشكلٍ يمنعه من الطواف أو أنه مَرِضَ - فبالتالي الجامع هو أن الشخص لم يتمكّن من أن يأتي بالطواف بعد أعمال منى - فما هو حكمه ؟
والجواب:- من الواضح أن الحكم هو النيابة فيما إذا فرض أنه لا يمكن الإطافة به كالحائض أو كالمريض الذي في المستشفى والطبيب قد منعه من الحركة، أما إذا كان يتمكّن من ذلك بأن يُحمَل فيجب حينئذٍ الإطافة به قبل أن تصل النوبة إلى النيابة .
والخلاصة:- إنه إذا أمكن الإطافة به كغير الحائض فبها، وإلّا فالنيابة، وهذا مطلب واضح، وليس هناك شيء جديد يغاير ما تقدّم في عمرة التمتع، فكان من المناسب أن يحيل ويشير إلى عمرة المتمتّع فيقول:- ( لو فرض أن العذر طرأ في الموعد المقرّر للطواف أو كان العذر مستمراً ولم يتمكن من أن يطاف به كالحائض وغيرها فحكمه النيابة كما تقدّم في عمرة التمتع ).
وبعد أن يأتي النائب بالطواف فحينئذٍ يأتي الحاج بنفسه بالسعي إن أمكنه أن يسعى، كما في المرأة الحائض فإن المرأة الحائض لا تتمكّن من الطواف بنفسها أو الإطافة بها حيث تشترط الطهارة في الطواف، أما بعد أن يأتي النائب بذلك فهي تأتي إذن بالسعي بنفسها بلا محذور لأنه لا يشترط فيه الطهارة، وإذا فرض أنه لا يمكنه ذلك فيُسعى به كما تقدّم ذلك في عمرة التمتع.
مسألة ( 415 ):- إذا طاف المتمتّع وصلّى وسعى حلّ له الطيب وبقي عليه من المحرّمات النساء بل الصيد أيضاً على الأحوط، والظاهر جواز العقد له بعد طوافه وسعيه ولكن لا يجوز له شيء من الاستمتاعات المتقدّمة على الأحوط وإن كان الأظهر اختصاص التحريم بالجماع.
..........................................................................................................
هذه السألة ترتبط بمسالة ( 407 ) المتقدّمة فإن تلك المسألة كانت ناظرة إلى مواطن التحلّل من الإحرام وذكرت الموطن الأول وهو الحلق أو التقصير فإنه تحلّ به جميع المحرّمات عدى ثلاثة أو اثنين على كلام، وهناك محلّل ثاني وهو طواف الحجّ ومحلّل ثالث وهو طواف النساء، ونحن قلنا هناك إن من المناسب جمع كلّ هذه في مورد واحد بعنوان مواطن التحلّل، وعلى الأقل أن تُجمَع ويُشار إليها بشكلٍ موجزٍ ثمّ التفصيل في الموقع المناسب.
وعلى أيّ حال ذكرنا فيما سبق أنه إذا حلق أو قصّر حلّت للمحرم جميع المحرّمات ما عدى ثلاثة أو اثنين - وكانت نقطة الخلاف هي في الصيد الاحرامي وأنه هل يحلّ منه أو لا ؟ حيث كانت فيه بعض الروايات الدالّة على الجواز ونحن ذهبنا فيما سبق الى أنه يحصل الاحلال منه أيضاً فبالتالي يبقى من المحرّمات الطيب والنساء فقط - ؟
والآن نريد أن نعرف أنه بِمَ يحصل التحلّل من الطيب ؟ ونعرف أيضاً أنه بِمَ يحصل التحلّل من النساء ؟ إذن لنا عنوانان للبحث:-
الأوّل:- ما يحصل به التحلّل من الطيب.
لا إشكال بين الفقهاء في أن التحلّل من الطيب يحصل بطواف الحجّ، وقد قال صاحب الجواهر:- ( بل لا أجد فيه خلافاً )[1] . والبحث لا يقع في هذا فإن هذا ممّا لا كلام فيه، وإنما الكلام يقع في أمور جانبيّة سوف نشير إليها، من قبيل أن التحلّل هل يحصل بالطواف فقط ولو من دون الصلاةٍ أو بشرط الصلاة، ومن قبيل هل أن الطواف هو الذي يحلّل أو بشرط ضمّ السعي إليه .... وهكذا، إن هناك قضايا جانبيّة هي التي تستحقّ البحث وإلا فأصل كون التحلّل يحصل في الجملة بطواف الحجّ فهذه قضيّة مسلّمة بين الفقهاء، وقد دلّت عليها بعض الروايات فلنقرأها لنستفيد منها في نقاط الخلاف والبحث:-
الرواية الأولى:- صحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة عن أبي عبد الله عليه السلام:- ( إذا ذبح الرجل وحلق فقد أحلَّ من كلّ شيء أحرم منه إلا النساء والطيب، فإذا زار البيت وطاف وسعى بين الصفا والمروة فقد أحلَّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلا النساء، وإذا طاف طواف النساء فقد أحلّ من كلّ شيءٍ أحرم منه إلّا الصيد )[2]، وقلنا إن المقصود من الصيد هنا هو الصيد الحرمي.
الرواية الثانية:- صحيحة معاوية بن عمّار الأخرى عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث:- ( فإذا أتيت البيت يوم النحر ........ ثم طف بالبيت سبعة أشواط كما وصفت لك يوم قدمت مكة[3]ثم صلّ عند مقام إبراهيم ركعتين ... ثم اخرج إلى الصفا فاصعد عليه واصنع كما صنعت يوم دخلت مكة ثم ائت المروة فاصعد عليها وطف بينهما سبعة أشواط ...... فإذا فعلت ذلك فقد أحللت من كلّ شيءٍ أحرمت منه إلا النساء ... )[4]، وميزة هذه الرواية أنه ذكرت فيها الصلاة.
الرواية الثالثة:- ما رواه الشيخ الطوسي عن موسى بن القاسم البجلي عن محمد بن سيف بن عميرة عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( إذا كنت متمتّعاً فلا تقربنَّ شيئاً فيه صفرة حتى تطوف بالبيت )[5]، والمقصود من قوله ( لا تقربن شيئاً فيه صفرة ) يعني فيه طيب، فهذا إشارة إلى الزعفران والورس ولا أقل الزعفران فإن فيه صفرة.
نعم تبقى مشكلة من حيث السند فإن طريق الشيخ إلى موسى بن القاسم معتبرٌ، وموسى بن القاسم من أجلَّة أصحابنا، إلّا أن المشكلة في محمد بن سيف بن عميرة فإنه لم تثبت توثيقه، وفي المصدر ذكر هكذا:- ( عن محمد عن سيف بن عميرة )، وسيف بن عميرة ثقة، وإنما الكلام هو في محمد بن سيف . وعلى أي حال الرواية قد تكون قابلة للمناقشة من هذه الناحية.
هذا هو مهمّ روايات المسألة، وهناك روايات أخرى.
والكلام يقع في ابحاث ثلاثة:-
البحث الأوّل:- هل أن حليّة الطيب تتوقّف على الطواف والسعي أو على خصوص الطواف وإن لم ينضمّ إليه السعي؟