11-07-1435
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
35/07/11
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضـوع:-مسألة
( 428 )
/ الواجب الثاني عشر من واجبات حج التمتع ( المبيت بمنى ).
ثم إنه ذكرنا أنَّ التمسّك بالإطلاق في أيّ موردٍ متى ما استلزم مؤونةً ثبوتيةً فلا يمكن التمسّك به.
والسؤال:- هل المؤونة الثبوتية تنحصر بما أشرنا إليه - أعني تقييد إطلاق دليلٍ آخر - وهل مصداقها ينحصر بهذا – يعني أن يدور الأمر بين تقييد إطلاقين - أو أنّض لها مصاديق أخرى ؟
والجواب:- إنّه بالتتبع الفقهي علَّه نعثر على مصاديق أخرى ولا نتمكن من حصر المصداق بما أشرنا إليه، ولعلّ من جملة مصاديق ذلك المورد التالي:-
وتوضيحه:- إنّه في مسألة الشكّ في الجزئية كما إذا شككنا أنَّ أجزاء الصلاة تسعة أو عشرة فهذا شكٌّ في جزئية الجزء العاشر، وهنا وقع الكلام في أن القاعدة ماذا تقتضي فهل تقتضي البراءة أو الاشتغال - بعد الالتفات إلى أنّ المورد من الأقل والأكثر الارتباطيين دون الاستقلاليين فإنه في الاستقلاليين لا اشكال في جريان البراءة عن الزائد وإنما كلامنا في الارتباطيين - ؟
ذهب صاحب الكفاية(قده) إلى الاشتغال عقلاً من باب أنَّ الغرض من وجوب الصلاة لا نحرز تحقّقه إلّا بالإتيان بالمشكوك - وهذا لا يهمنا -، ولكنّه قال[1]:- إنه يمكن أن نقول بالبراءة من حيث الشرع[2]، ومادام الشرع يحكم بالبراءة فعلى هذا الأساس نرفع اليد عن الحكم العقلي لأن حكم العقل بالاشتغال تعليقيٌّ معلّقٌ على عدم حكم الشارع بالبراءة، أمّا إذا حكم الشرع بذلك فالعقل يرفع يده.
ثم قال بعد ذلك:- كيف نطبّق حديث البراءة – أي ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون ) - فهل نطبقه على نفس الأمر الاستقلالي يعني نفس الأمر بالصلاة الذي هو واحدٌ جزماً فنقول لا نعلم بتعلّقه بالعشرة ؟ إنّه لا يجوز ذلك لمعارضته بالبراءة عن تعلّقه بالتسعة لأنه وجوبٌ وأمرٌ واحدٌ إمّا هو متعلّقٌ بالعشرة أو هو متعلّقٌ بالتسعة والبراءة عن تعلّقه بهذا معارَضٌ بتعلّقه بذاك بعد عدم وجود قدرٍ متيقّنٍ في البين فالتفت جيداً، ولا يقولن أحد أنّ التسعة نعلم بوجوبها جزماً، كّلا بل هذا ذهابٌ إلى مسالة الوجوب النفسي الضمني، كلّا إنه(قده) ليس ناظرا ًإلى هذا وإنما هو ناظرٌ إلى أصل الوجوب الاستقلالي، فذلك الأمر الواحد الذي صدر من الله عزّ وجلّ إمّا هو متعلّق بالتسعة أو متعلّق بالعشرة والبراءة عن تعلّقه بهذا معارَضٌ بتعلّقه بذاك فالبراءة لا يمكن التمسّك بها فماذا نفعل ؟
قال(قده):- نذهب إلى جزئية الجزء المشكوك الذي هو حكمٌ وضعيٌّ ونرفع بحديث البراءة نفس الجزئية، فجزئيّة تسعة أجزاء ثابتة جزماً فهذه لا يمكن رفعها ولكن جزئية الجزء العاشر لا نعلمها فنطبّق حديث ( رفع عن أمتي ما لا يعلون ) على الجزئية المشكوكة.
ثم أشكل على نفسه وقال:- إنّ الجزئية لا يمكن رفعا أو وضعها فإنّها أمرٌ انتزاعيٌّ عقليٌّ - إن صحّ التعبير - والذي يمكن رفعه ووضعه هو الوجوب للجزء العاشر أو للعشرة إمّا الجزئية فهي تُنتَزَع من تعلّق الوجوب بالعشرة فننتزع ونقول هذا العاشر هو جزءٌ، فالجزئية أمرٌ انتزاعي فكيف تُرفَع ؟ والشارع لا يرفع إلّا ما يكون تحت يده والذي تحت يده هو الوجوب التكليفي دون هذا الأمر الانتزاعي القهري العقلي، فهو ليس قابلاً للوضع أو الرفع من الشارع فكيف نطبّق الحديث ؟ هذه مشكلة واجهها صاحب الكفاية(قده).
وأجاب عن ذلك فقال:- يمكن رفع الجزئية المشكوكة برفع منشأ انتزاعها، ومنشأ انتزاعها هو الأمر بالعشرة، فبالتالي رفع الجزئية المشكوكة صار ممكناً للشارع ولكن بالواسطة لا بنفسه.
وههنا يأتي المورد الذي نريد أن نبيّنه فنعلّق ونقول:- هنا لا يجوز التمسّك بإطلاق حديث الرفع فإن تطبيقه على المورد - أيّ رفع الجزئية المشكوكة - فرع فرض مؤونة ثبوتيّة في مرحلةٍ سابقةٍ، وما هي تلك المؤونة في المرحلة السابقة ؟ هي رفع منشأ الانتزاع - أعني الأمر بالعشرة -، فلا بد وأن نفترض ذلك حتّى يمكن تطبيق حديث الرفع على الجزئية المشكوكة، إنّه في سائر الموارد لا يأتي هذا المحذور، فلو شككنا في أنّ الدعاء عند رؤية الهلال واجبٌ أو لا ؟ فإنّا نرفع وجوبه بلا حاجة إلى أن نفترض شيئاً آخر في مرحلةٍ مسبقةٍ، فالحديث ينطبق عليه بالمباشرة بلا حاجة إلى فرضٍ مسبق، وإذا شككنا في حرمة التدخين نرفع حرمته ابتداءً بلا حاجة إلى وجود فرضٍ مسبقٍ، أمّا الجزئية المشكوكة فلا يمكن تطبيق إطلاق ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون ) عليها إلّا أن نفترض رفع منشأ الانتزاع - أعني الأمر بالعشرة - فإنه آنذاك يمكن تطبيق حديث الرفع على الجزئية المشكوكة.
إذن تطبيق إطلاق حديث الرفع على الجزئية المشكوكة لا يمكن إلّا أن نفترض رفع منشأ الانتزاع، وهذه مؤونة ثبوتية والإطلاق لا يتكفلها، فإذن يكون تطبيق الإطلاق وجيهاً في موردٍ لا تلزم هذه المؤونة الثبوتيّة كرفع وجوب الدعاء عند ثبوت الهلال أو رفع حرمة التدخين، أمّا مثل رفع الجزئية فهو يستدعي المؤونة الثبوتية وهي افتراض رفع منشأ الانتزاع في مرحلة مسبقة.
وبهذا اتضح ما أردناه فإنّا أردنا أن نذكر شاهداً على أن المؤونة الثبوتية لا يلزم أن تكون من قبيل تقييد إطلاقٍ آخر، بل قد تكون شيئاً آخر مثل ما أشرت إليه وهي افتراض رفع منشأ الانتزاع فهنا أيضا لا يمكن التمسّك بالاطلاق.
وعلى أيّ حال سوف نخرج بهذه القاعدة وهي من القواعد المهمّة جدّاً، ومع الأسف لم يُشَر إليها في باب الإطلاق فينبغي الالتفات إليها.
هذا كلّه في الدليل الأوّل على إثبات أنَّ الطبيب لا يجب عليه المبيت بمنى فلا يمكن التمسّك بحديث لا حرج وأنَّ التمسّك به قد اتضح أنه باطل.
ثم إنه ذكرنا أنَّ التمسّك بالإطلاق في أيّ موردٍ متى ما استلزم مؤونةً ثبوتيةً فلا يمكن التمسّك به.
والسؤال:- هل المؤونة الثبوتية تنحصر بما أشرنا إليه - أعني تقييد إطلاق دليلٍ آخر - وهل مصداقها ينحصر بهذا – يعني أن يدور الأمر بين تقييد إطلاقين - أو أنّض لها مصاديق أخرى ؟
والجواب:- إنّه بالتتبع الفقهي علَّه نعثر على مصاديق أخرى ولا نتمكن من حصر المصداق بما أشرنا إليه، ولعلّ من جملة مصاديق ذلك المورد التالي:-
وتوضيحه:- إنّه في مسألة الشكّ في الجزئية كما إذا شككنا أنَّ أجزاء الصلاة تسعة أو عشرة فهذا شكٌّ في جزئية الجزء العاشر، وهنا وقع الكلام في أن القاعدة ماذا تقتضي فهل تقتضي البراءة أو الاشتغال - بعد الالتفات إلى أنّ المورد من الأقل والأكثر الارتباطيين دون الاستقلاليين فإنه في الاستقلاليين لا اشكال في جريان البراءة عن الزائد وإنما كلامنا في الارتباطيين - ؟
ذهب صاحب الكفاية(قده) إلى الاشتغال عقلاً من باب أنَّ الغرض من وجوب الصلاة لا نحرز تحقّقه إلّا بالإتيان بالمشكوك - وهذا لا يهمنا -، ولكنّه قال[1]:- إنه يمكن أن نقول بالبراءة من حيث الشرع[2]، ومادام الشرع يحكم بالبراءة فعلى هذا الأساس نرفع اليد عن الحكم العقلي لأن حكم العقل بالاشتغال تعليقيٌّ معلّقٌ على عدم حكم الشارع بالبراءة، أمّا إذا حكم الشرع بذلك فالعقل يرفع يده.
ثم قال بعد ذلك:- كيف نطبّق حديث البراءة – أي ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون ) - فهل نطبقه على نفس الأمر الاستقلالي يعني نفس الأمر بالصلاة الذي هو واحدٌ جزماً فنقول لا نعلم بتعلّقه بالعشرة ؟ إنّه لا يجوز ذلك لمعارضته بالبراءة عن تعلّقه بالتسعة لأنه وجوبٌ وأمرٌ واحدٌ إمّا هو متعلّقٌ بالعشرة أو هو متعلّقٌ بالتسعة والبراءة عن تعلّقه بهذا معارَضٌ بتعلّقه بذاك بعد عدم وجود قدرٍ متيقّنٍ في البين فالتفت جيداً، ولا يقولن أحد أنّ التسعة نعلم بوجوبها جزماً، كّلا بل هذا ذهابٌ إلى مسالة الوجوب النفسي الضمني، كلّا إنه(قده) ليس ناظرا ًإلى هذا وإنما هو ناظرٌ إلى أصل الوجوب الاستقلالي، فذلك الأمر الواحد الذي صدر من الله عزّ وجلّ إمّا هو متعلّق بالتسعة أو متعلّق بالعشرة والبراءة عن تعلّقه بهذا معارَضٌ بتعلّقه بذاك فالبراءة لا يمكن التمسّك بها فماذا نفعل ؟
قال(قده):- نذهب إلى جزئية الجزء المشكوك الذي هو حكمٌ وضعيٌّ ونرفع بحديث البراءة نفس الجزئية، فجزئيّة تسعة أجزاء ثابتة جزماً فهذه لا يمكن رفعها ولكن جزئية الجزء العاشر لا نعلمها فنطبّق حديث ( رفع عن أمتي ما لا يعلون ) على الجزئية المشكوكة.
ثم أشكل على نفسه وقال:- إنّ الجزئية لا يمكن رفعا أو وضعها فإنّها أمرٌ انتزاعيٌّ عقليٌّ - إن صحّ التعبير - والذي يمكن رفعه ووضعه هو الوجوب للجزء العاشر أو للعشرة إمّا الجزئية فهي تُنتَزَع من تعلّق الوجوب بالعشرة فننتزع ونقول هذا العاشر هو جزءٌ، فالجزئية أمرٌ انتزاعي فكيف تُرفَع ؟ والشارع لا يرفع إلّا ما يكون تحت يده والذي تحت يده هو الوجوب التكليفي دون هذا الأمر الانتزاعي القهري العقلي، فهو ليس قابلاً للوضع أو الرفع من الشارع فكيف نطبّق الحديث ؟ هذه مشكلة واجهها صاحب الكفاية(قده).
وأجاب عن ذلك فقال:- يمكن رفع الجزئية المشكوكة برفع منشأ انتزاعها، ومنشأ انتزاعها هو الأمر بالعشرة، فبالتالي رفع الجزئية المشكوكة صار ممكناً للشارع ولكن بالواسطة لا بنفسه.
وههنا يأتي المورد الذي نريد أن نبيّنه فنعلّق ونقول:- هنا لا يجوز التمسّك بإطلاق حديث الرفع فإن تطبيقه على المورد - أيّ رفع الجزئية المشكوكة - فرع فرض مؤونة ثبوتيّة في مرحلةٍ سابقةٍ، وما هي تلك المؤونة في المرحلة السابقة ؟ هي رفع منشأ الانتزاع - أعني الأمر بالعشرة -، فلا بد وأن نفترض ذلك حتّى يمكن تطبيق حديث الرفع على الجزئية المشكوكة، إنّه في سائر الموارد لا يأتي هذا المحذور، فلو شككنا في أنّ الدعاء عند رؤية الهلال واجبٌ أو لا ؟ فإنّا نرفع وجوبه بلا حاجة إلى أن نفترض شيئاً آخر في مرحلةٍ مسبقةٍ، فالحديث ينطبق عليه بالمباشرة بلا حاجة إلى فرضٍ مسبق، وإذا شككنا في حرمة التدخين نرفع حرمته ابتداءً بلا حاجة إلى وجود فرضٍ مسبقٍ، أمّا الجزئية المشكوكة فلا يمكن تطبيق إطلاق ( رفع عن أمتي ما لا يعلمون ) عليها إلّا أن نفترض رفع منشأ الانتزاع - أعني الأمر بالعشرة - فإنه آنذاك يمكن تطبيق حديث الرفع على الجزئية المشكوكة.
إذن تطبيق إطلاق حديث الرفع على الجزئية المشكوكة لا يمكن إلّا أن نفترض رفع منشأ الانتزاع، وهذه مؤونة ثبوتية والإطلاق لا يتكفلها، فإذن يكون تطبيق الإطلاق وجيهاً في موردٍ لا تلزم هذه المؤونة الثبوتيّة كرفع وجوب الدعاء عند ثبوت الهلال أو رفع حرمة التدخين، أمّا مثل رفع الجزئية فهو يستدعي المؤونة الثبوتية وهي افتراض رفع منشأ الانتزاع في مرحلة مسبقة.
وبهذا اتضح ما أردناه فإنّا أردنا أن نذكر شاهداً على أن المؤونة الثبوتية لا يلزم أن تكون من قبيل تقييد إطلاقٍ آخر، بل قد تكون شيئاً آخر مثل ما أشرت إليه وهي افتراض رفع منشأ الانتزاع فهنا أيضا لا يمكن التمسّك بالاطلاق.
وعلى أيّ حال سوف نخرج بهذه القاعدة وهي من القواعد المهمّة جدّاً، ومع الأسف لم يُشَر إليها في باب الإطلاق فينبغي الالتفات إليها.
هذا كلّه في الدليل الأوّل على إثبات أنَّ الطبيب لا يجب عليه المبيت بمنى فلا يمكن التمسّك بحديث لا حرج وأنَّ التمسّك به قد اتضح أنه باطل.