32/02/24
تحمیل
الموضوع: المسالة 249
كان الكلام في المحرم الثالث عشر من المحرمات على المحرم وهو الفسوق ومستند تحريمه الاية الكريمة فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولاجدال في الحج
ولكن بعد الاتفاق على تحريم الفسوق يقع الكلام ما المقصود منه وذكرنا ثلاث روايات والمهم روايتان واحد صحيحة معاوية بن عمار والاخرى صحيحة على بن جعفر
فواحدة تفسر الفسوق بالكذب والمفاخرة والاخرى تفسره بالكذب والسباب، وهذا ما تقدم سابقا
وبعد انضاح هذا نقول
هل المقصود بالفسوق المحرم هو مطلق المعاصي فجميع المعاصي هي مشمولة لعنوان الفسوق كالغيبة والنميمة والظلم وماشابهها
او ان المقصود من الفسوق المحرم هو خصوص الكذب لاجميع المعاصي ولامع اضافة السباب والمفاخرة، ولكن اما ان يكون المحرك هو طبيعي الكذب او ان المحرم حصة خاصة منه وهو خصوص الكذب على الله ورسوله
او ان المقصود من الفسوق المحرم هو الكذب لاجميع المعاصي ولكن باضافة المفاخرة والسباب
او ان المقصود من الفسوق المحرم هو الكذب باضافة السباب فقط من دون اضافة المفاخرة
قال في المدارك ج7 ص 340 اختلف كلام الاصحاب في تفسير الفسوق فقال الشيخ وابنا بابوية (قدس سرهما) والمصنف وجماعة انه الكذب وخصه ابن البراج بالكذب على الله تعالى ورسوله والائمة (عليهم السلام) وقال المرتضى وابن الجنيد وجمع من الاصحاب انه الكذب والسباب
وقال في الجواهر في ج18 ص 357 نقلا عن الشيخ في تبيانه الاولى حمله على جميع المعاصي التي نهي المحرم عنها
وكان المناسب ان يقول التي نهي المكلف عنها
ان هذه احتمالات اربعة بل اقوال اربعة
القول الاول: وهو تفسير الفسوق لمطلق المعاصي من دون اختصاص بالكذب او باضافة السباب والمفاخرة
فقد نسب ذالك الى الشيخ الطوسي في تبيانه
ويظهر من السيد الروحاني في المرتقى ج 2 ص 66 الميل الى ذالك
ويمكن تقريبه بان الفسوق لغة هو عبارة عن الخروج عن الطاعة فالخارج عن الطاعة هو فسق بمعنى انه خرج عن الطاعة ومنه سميت الفأرة الفويسقة لانها تخرج عن المقرر لها، وعليه فالاية الكريمة عندما قالت فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولاجدال في الحج تحمل كلمة الفسوق على الخروج عن مطلق الطاعة
واما الرواية التي فسرت الفسوق بالكذب باضافة المفاخرة او باضافة السباب فنحملها على المصداق الغالب والفرد البارز فان الفسوق في الاية الكريمة ظاهر في الاعم، والرواية لاتصلح لرفع اليد عن الظهور بعد احتمال كون المقصود منها بيان الفرد البارز
هكذا يمكن ان يوجه القول المذكور وهو شيئ فنّي وصناعي
ولكنه مرهون بتحقيق ان الروايتين هل هما بصدد بيان الامثلة والفرد البارز او بصدد بيان التحديد
ولايبعد ان ظاهرهما التحديد الشرعي فان الامام الصادق (عليه السلام) يريد ان يحدد المقصود من الفسوق شرعا فقال في صحيحة علي بن جعفر والفسوق الكذب والمفاخرة ولم يقل كالكذب والمفاخرة اي لم يات بكاف التشبيه وهكذا في صحيحة معاوية بن عمار قال والفسوق الكذب والسباب ان الظاهر من ذالك هو التحديد الشرعي للمقصود من الفسوق لابيان المثال
وربما يقوّي ويؤكد ذالك تفسير الجدال بقول لا والله وبلى والله انه يقتصر في تحديد الجدال على الفقرتين المذكورتين ولايتعدى الى مطلق الجدال بالمعنى اللغوي فاذا قبلنا ان المقصود في تفسير الجدال هو التحديد الشرعي فالنقبل في كلمة الفسوق ايضا
وبالجملة ماذكر في التوجيه المذكور وان كان شيئا صناعيا وفنيا الاّ انه يخالف ظهور الروايتين بكونهما بصدد التحديد الشرعي
وتبقى القضية من هذه الناحية مرهونة باستظهار الفقيه
هذا كله بالنسبة للقول الاول
القول الثاني: واما القول الثاني اعني تفسير الفسوق بخصوص الكذب فقد نسب الى الشيخ الطوسي في كتبه الاخرى والى ابني بابويه والمحقق الحلي وغيرهم ومنم جملة من صار الى ذالك صاحب المدارك والحدائق
ويمكن توجيه ذالك بالبيانين التاليين
الاول: ما اعتمد عليه صاحب المدارك في ج 7 ص 341 حيث ذكر ماحاصله ان الصحيحتين متفقتان على تفسير الفسوق بالكذب وليس بينهما معارضة من هذه الناحية واما بالنسبة الى السباب والمفاخرة فكل واحدة تنفي الاخرى فيتساقطان وناخذ بالمتفق عليه بينهما وهو التفسير بالكذب
ونص العبارة ان الجمع بين صحيحة معاوية وصحيحة علي بن جعفر يقتضي المصير الى ان الفسوق هو الكذب خاصة لاقتضاء الاولى نفي المفاخرة والثانية نفي السباب
وصاحب الحدائق في ج 15 ص 459 ذكر مايقرب من ذالك مع فارق في التعبير لا المضمون حيث ذكر انه بلحاظ الكذب لامعارضة واما بلحاظ السباب فتوجد معارضة فيتساقطان
ونص العبارة والخبران المذكوران قد تعارضا فيما عدا الكذب وتساقطا ودفع كل واحد منهما الاخر فياخذ بالمتفق عليه منهما ويطرح المختلف فيه من كل من الجانبين
هذا ماذكره العلمان في توجيه القول المذكور
وفيه ان الصحيحتين بعدما كانتا في مقام التحديد فسوف ينعقد لهما مفهوم ينفى بسببه الفرد الاخر فالتي قالت ان الفسوق هو الكذب والسباب تنفي بالمفهوم المفاخرة والاخرى التي فسرته بالكذب والمفاخرة تنفي بالمفهوم السباب والمقصود ان كل واحدة تنفي باطلاق المفهوم الفرد الاخر وما دام النفي هو من خلال اطلاق المفهوم فيمكن الجمع بتخصيص اطلاق المفوم من خلال منطوق الاخرى فمنطوق كل واحدة يخصص اطلاق مفهوم الاخرى فالصحيحة التي ذكرت بمنطوقها السباب تقييد اطلاق مفهوم الثانية الذي يقضي بنفي السباب فيقيد اطلاق المفهوم بالاخرى بمنطوق الاولى
وان شئت قلت ان المورد من موارد التخصيص والتقييد غايته ان منطوق كل واحدة يقيد اطلاق مفهوم الاخرى وليس المورد من الموارد التي تابى عن التقييد كما لو فرض ان كلمة انما كانت ثابتة او فرض ان الصحيحة عبرت ان المحرم من الفسوق اثنان فانه اذا عبر بذالك لايصلح المفهوم للتقييد عرفا ولكن هي لم تذكر احد هذه التعابير فيقيد
وبعبارة اخرى ان الصحيحتين اما ان نرفض ورودهما مورد التحديد او نقبل ذالك
وعلى الاول يلزم ان يكون المنطوق قابلا بنفيه للتقييد وبالاحرى لايكون لها دلالة على الحصر فيمكن تقييد كل واحدة باضافة الفرد الاخر
وعلى الثاني ينعقد مفهوم آنذاك ويكون له اطلاق ونقيد اطلاق المفهوم بمنطوق الاخرى
ويمكنك ان تصوغ هذا الجمع العرفي بصياغة اخرى بان تقول ان المورد من النص والظاهر فان كل واحدة ظاهرة في نفي الاخر ونص فيما ذكرته فيؤخذ بالنصين ويطرح الظهوران
وعليه فما افادة العلمان اعني صاحب المدارك والحدائق شيئ مرفوض لما اشرنا اليه
وقد نبه عليه فيمن نبه صاحب الجواهر في ج18 ص 357 فقال ومن الغريب ما في المدارك من ان الجمع بين الصحيحتين يقتضي المصير الى ان الفسوق هو الكذب خاصة باقتضاء الاولى نفي المفاخرة والثانية نفي السباب ضرورة عدم كون ذالك جمعا اذ هو طرح لكل منهما والجمع ماذكرناه من تحكيم منطوق كل منهما على مفهوم الاخرى فيكون الفسوق عبارة عن الفسق والسباب والمفاخرة
وقال النراقي في مستند الشيعة ج 11 ص 383 يمكن رد المعارضة بان غايتها بالعموم والخصوص المطلقين الواجب فيهما حمل العام على الخاص...
هذا التوجيه الاول للقول الثاني مع مناقشته