36/11/24
تحمیل
الموضوع: الصوم, كفارة الافطار, مسألة, 11.
ورد في ذيل الرواية المتقدمة قوله عليه السلام (ولكنه لو كان وهبها قبل ذلك لجاز ولم يكن عليه شيء بمنزلة من خرج ثم أفطر)[1] ويمكن الاستدلال بهذه الفقرة على اصل المطلب (أي أن السفر بعد الافطار لا يسقط الكفارة) حيث يستفاد من هذه الفقرة بأن الفرار من الكفارة يحصل بالإفطار بعد الخروج, كما أن الفرار من الزكاة يحصل بهبة المال قبل حلول الحول, ويفهم من ذلك أن ما عداه لا يحصل به الفرار من الكفارة, أي أن السفر بعد الافطار لا يوجب سقوط الكفارة.
ومن هنا يقال بأننا نستفيد من مجموع هذه الرواية صدراً وذيلاً انها في مقام بيان المناط في السقوط وعدمه في الزكاة والسقوط وعدمه في المشبه به (الكفارة), والمستفاد منها أن المناط في باب الزكاة في السقوط وعدمه هو عبارة عن تأخر الهبة عن حلول الحول وتقدمه عليه, فإذا تقدمت الهبة عليه تسقط الزكاة واذا تأخرت عنها لا تسقط, ويفهم من الرواية ايضاً أن المناط في سقوط الكفارة وعدمه هو اذا تقدم الافطار على السفر لا تسقط الكفارة واذا تأخر الافطار عن السفر تسقط الكفارة, ومن الواضح أن هذا المناط لا دخل لكون السفر آخر النهار به.
نعم ذكر الامام عليه السلام في آخر كلامه في (آخر النهار) لكن لا خصوصية لذلك ولعل الامام ذكر ذلك لأنه في مقام التشبيه والتنظير, والمناسب في ذلك أن يشبه بالفرد الواضح, ولا اشكال في أن عدم سقوط الكفارة في السفر آخر النهار هو الفرد الاوضح من السفر قبل الزوال, لكن المناط واحد وينطبق على كل منهما.
وبناءً على ذلك لا نكون مضطرين للقول بالاشتباه والنقل بالمعنى لعبارة (آخر النهار) الواردة في الرواية, بل نلغي الخصوصية لأخر النهار لا غير, وحينئذ لا يبعد تمامية الاستدلال بهذه الرواية.
تلخيص ما تقدم
تبين مما تقدم امكان الاستدلال على عدم سقوط الكفارة في الجملة لأنه مقتضى القاعدة (أي مقتضى الادلة التي يفهم منها أن موضوع وجوب الكفارة هو الصوم الواجب الاعم من كونه واجباً واقعاً أو ظاهراً) والمفروض أن المكلف في محل الكلام افطر مع وجوب الصوم عليه ظاهراً.
والدليل الثاني صحيحة العيص بن القاسم فهي وان كانت واردة في خصوص الطمث, لكنها تصلح أن تكون دليلاً في عدم سقوط الكفارة, لأنها تقول (قال : تفطر حين تطمث)[2] , وهذا يعني عدم جواز الافطار منها قبل ذلك, وهذا يعني بأن صومها قبل ذلك يكون صحيحاً حتى واقعاً.
والدليل الثالث هو صحيحة محمد بن مسلم وزرارة بالفقرتين اللتين تم الاستدلال بهما على ذلك.
الكلام في بيان الصور التي ذكرها السيد الماتن في هذه المسألة
مسألة 11 ) : إذا أفطر متعمدا ثم سافر بعد الزوال لم تسقط عنه الكفارة بلا إشكال وكذا إذا سافر قبل الزوال للفرار عنها ، بل وكذا لو بدا له السفر لا بقصد الفرار على الأقوى وكذا لو سافر فأفطر قبل الوصول إلى حد الترخص وأما لو أفطر متعمدا ثم عرض له عارض قهري من حيض أو نفاس أو مرض أو جنون أو نحو ذلك من الأعذار ففي السقوط وعدمه وجهان بل قولان أحوطهما الثاني وأقواهما الأول)[3]
الصورة الاولى: ما اذا سافر بعد الزوال وهي خارجة عن محل الكلام ولا اشكال في وجوب الكفارة فيها.
الصورة الثانية: ما اذا افطر ثم سافر قبل الزوال بقصد الفرار عن الكفارة, وقد ذهب (قد) إلى عدم سقوط الكفارة في هذه الصورة, وهو صحيح, والدليل على ذلك صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم حيث أن موردها الفرار عن الكفارة, والظاهر وجود شهرة في عدم سقوط الكفارة في هذه الصورة بل نُقل عن الشيخ دعوى الاجماع في ذلك.
الصورة الثالثة: اذا سافر قبل الزوال لا بقصد الفرار, فالقاعدة الدالة على عدم سقوط الكفارة تشمل هذه الصورة حيث لا تفرق بين السفر بقصد الفرار وبين ما كان لا بقصد الفرار ولا تفرق بين المانع الاختياري والمانع الاضطراري.
وهل يمكن الاستدلال بصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم على عدم سقوط الكفارة في هذه الصورة؟؟
يقال بأن الاستدلال بالصحيحة على عدم السقوط في هذه الصورة مبني على الغاء خصوصية قصد الفرار عن الكفارة المذكور في الرواية (فأراد بسفره ذلك إبطال الكفارة التي وجبت)[4] , كما الغينا خصوصية (آخر النهار) المذكور فيها , والغاء خصوصية آخر النهار اوضح من الغاء خصوصية الفرار, نعم ذكرنا المناط في سقوط الكفارة وعدمه وان الفرار ليس دخيلاً فيه.
قد يقال بأن النكتة السابقة تأتي في المقام أي الامام عليه السلام في مقام ذكر الفرد الاوضح في عدم السقوط وكما أن الفرد الاوضح في عدم السقوط بلحاظ الزمان هو أن يسافر في آخر النهار, كذلك الفرد الاوضح في عدم السقوط هو أن يقصد الفرار عن الكفارة.