34/11/01
تحمیل
الموضوع : في جريان الاستصحاب في العدم الازلي
ومحل الكلام في هذه المسالة انما هو في الوجه الذي يكون وجوده ملازم لوجود موصوفه في الخارج ولا يعقل ان يكون وجوده متأخر عن وجود موصفه كالقرشية والهاشمية والعربية وما شاكل من الاوصاف الذاتية فان وجودها ملازم لوجود الموصوف في الخارج.
واما الوجه الذي يكون وجوده متأخر عن وجود موصوفه ومسبوق بالعدم فلا شبهه في جريان الاستصحاب فيه وهذا خارج عن محل الكلام وليس من الاستصحاب بالعدم الازلي كعنوان الفسق وعنوان العدالة وما شاكل ذلك من الاوصاف الخارجية فان عنوان الفسق متأخر عن وجود الفاسق في الخارج وكذلك عنوان العادل.
فاذا شككنا في وجود الفسق فلا مانع من استصحاب عدمه لأنه مسبوق بالعدم وهذا ليس من الاستصحاب بالعدم الازلي.
فمحل الكلام في الاستصحاب في العدم الازلي انما هو في الاوصاف التي يكون وجودها ملازم لوجود موصوفها في الخارج كالقرشية فأنها صفة للمرأة ولا يمكن انفكاك وجودها عن وجود المرأة في الخارج او الهاشمية او ما شاكل ذلك من الاوصاف الذاتية.
هذا هو محل الكلام في جريان استصحاب عدم القرشية بعد وجود المرأة في الخارج فهل يجري هذا الاستصحاب وهو من الاستصحاب بالعدم الازلي او لا يجري هذا الاستصحاب هذا هو محل الكلام ، ثم بعد ذلك يقع الكلام في مقامين :
المقام الاول : ان التخصيص هل يوجب تقيد موضوع العام بعدم عنوان المخصص او لا يوجب تقيد موضوع العام بعدم عنوانه.
المقام الثاني : اذا كان التخصيص بالدليل المخصص موجب لتقيد موضوع العام بعدم عنوان المخصص هل هذا العدم عدم نعتي او انه عدم محمولي فيقع الكلام في هذين المقامين.
المقام الاول:
اما الكلام في المقام الاول فقد ذهب المحقق العراقي قدس سره الى ان التخصيص بدليل مخصص للعام لا يوجب تقيد موضوع العام بعدم عنوان مخصص بل يبقى الموضوع العام على عمومه.
وقد افاد في وجه ذلك ان التخصيص كالموت التكميلي كما ان الموت احد افراد العام لا يوجب تقيد موضوعه لعدم عنوانه وكذا التخصيص فانه لا يوجب تقيد موضوع العام بعدم عنوان المخصص لان التخصيص موت تشريعي كالموت التكويني فلا فرق بينهما فكما ان موت الفرد تكوينا لا يوجب تقيد موضوع العام بعدم عنوانه فكذلك التخصيص لا يوجب تخصيص العام بعدم عنوان المخصص.
وعلى هذا القول لا تتصور الشبهة المصداقية فان الشبهة المصداقية انما تتصور في ما اذا كان التخصيص موجب لتقيد موضوع العام بعدم عنوان المخصص كما اذا ورد من المولى اكرم كل عالم ثم ورد منه لا تكرم الفساق منهم فاذا فرضنا ان التخصيص بدليل مخصص يوجب تقيد موضوع العام بعدم عنوان المخصص فاذا موضوع وجوب الاكرام العالم الذي لا يكون فاسق وعلى هذا فتتصور الشبهة المصداقية فاذا شككنا في عالم في الخارج انه عادل او فاسق فهو من الشبهة الموضوعية والشبهة المصداقية فأذن يقع البحث هل يمكن التمسك بعموم العام بالشبهة المصداقية اولا.
واما اذا فرضنا ان التخصيص لا يوجب تقيد موضوع العام لعدم عنوان المخصص بأن يبقى موضوع العام على عمومه فلا تتصور الشبهة المصداقية فان موضوع العام هو العالم وهو محرز سواء كان عادل او فاسق فالشبهة المصداقية غير متصورة على هذا المبنى وهو ما اختاره المحقق العراقي قدس سره وهذا ملخص ما ذكره.
وهذا غريب جدا من مثله قدس سره وذلك لأمرين :
الاول ان التخصيص يوجب تقيد موضوع العام في مرحلة الجعل فان التخصيص بملاك انه قرينة عرفا ويحدد موضوع العام وهو المراد الجدي. ان تحديد المراد من العام فلا محال يكشف عن ان الحكم المجعول في الشريعة المقدسة حكم خاص وهو وجوب الاكرام للعالم الذي لا يكون فاسق يكشف عن ان هذا الحكم الخاص مجعول في الشريعة المقدسة من الاول فاذا صدر من المولى اكرم كل عالم ثم صدر منه لا تكرم الفاسق منهم فدليل المخصص بملاك كونه قرينة عرفا ويحدد موضوع العام والمراد الجدي انه مهما يكشف عن ان وجوب الاكرام مجعول في الشريعة المقدسة من الاول خاص لموضوع خاص وهو العالم الذي لا يكون فاسق يكشف عن ذلك فاذا الموضوع في مرحلة الجعل مقيد بقيد عدمي وهو عدم عنوان المخصص والا لكان التخصيص لغوا وجزافا فان دليل المخصص لولم يكشف عن ان الحكم المجعول في الشريعة المقدسة خاص ومجعول لموضوع خاص وهو العالم الذي لا يكون فاسق لكان دليل المخصص لغوا فان العالم لو كان باقي على عمومه موضوعا وحكما في مرحلة الجعل لكان دليل الجعل لغوا وجزافا وهذا مما لا يمكن اذ يستحيل صدور من المولى الحكيم بل من المولى العرفي فضلا عن الحكيم فاذا لا محال يكون التخصيص كاشف عن ذلك ويكشف عن تقيد موضوع العام فكيف يعقل ان لا يوجب تقيد موضوع العالم كما ذكره المحقق العراقي قدس سره وهذا بخلاف الموت التكويني فان الموت التكويني يوجب تضيق دائرة انطباق موضوع العام في الخارج في مرحلة الفعلية ولا اثر له غير ذلك ولا يوجب تقيد موضوع العام في مرحلة الجعل وانما يوجب تضيق دائرة انطباق موضوع العام على افراده في الخارج في مرحلة الفعلية ولا تأثير له في مرحلة الجعل فان الحكم في مرحلة الجعل مجعول للموضوع المقدر وجوده في الخارج سواء كان الموضوع عام او كان الموضوع خاص فان الحكم مجعول بنحو القضية الحقيقية للموضوع المقدر وجوده في الخارج سواء كان موجود في الخارج او لم يوجد فعدم وجود الموضوع في الخارج لا يكون مأثر في شيء فان الحكم مجعول للموضوع المفروض الوجود في الخارج سواء كان موجود فيه اولا ، فاذا فرضنا انه لا يكون موجود في الخارج اصلا ولا يوجد فردا منه ومع ذلك فلا تأثير له في الموضوع فالموضوع هو العالم المفروض الوجود او العالم الذي لا يكون فاسق هو الموضوع بنحو مفروض الوجود وان لم يوجد في الخارج جود الخارج لا تأثير له في الموضوع اصلا لا نفيا ولا اثباتا
الامر الثاني : ان التخصيص يوجب اخراج الخاص من العام حكما لا موضوعا وان دليل المخصص بملاك كونه قرينة على التصرف في العام وتحديد موضوعه والمراد النهائي والجدي فلا محال يوجب تقيد موضوع العام بعدم عنوان خاص كالفاسق فاذا الموضوع هو العالم الذي لا يكون فاسقا هذا هو الموضوع اذ لو بقي العام على عمومه وبقي حكمه ايضا على عمومه فعند اذ يكون الدليل المخصص لغوا وهذا لا يمكن الالتزام به اما اذا بقي موضوع العام على عمومه مع انتفاء حكم العام عنه وحكم الخاص ينتفي منه وهذا ايضا لا يمكن فان نسبة الحكم الى الموضوع كنسبة المعلول الى العلة ويتبع الموضوع في السعة والضيق وفي العموم والخصوص فلا يعقل ان يكون الموضوع عام والحكم خاص فمن اجل ذلك ما ذكره المحقق العراقي لا يرجع الى معنى محصل وان التخصيص لا يوجب تقيد موضوع العام بعدم عنوان المخصص وهذا بخلاف الموت التكويني فانه يوجب انتفاء الحكم بانتفاء حقيقة وتكوينا فاذا لا يقاس الموت التكويني بالتخصيص ولا يمكن جعل التخصيص كالموت الطبيعي فالنتيجة انما ذكره المحقق العراقي لا يرجع الى معنى معقول وصدوره من مثله غريب
المقام الثاني : يقع في موردين :
الاول ان دليل المخصص يوجب تقيد موضوع العالم بعنوان وجودي كما اذا ورد من المولى اكرم كل عالم ثم ورد اكرم العلماء العدول فبناء على حمل المطلق على المقيد في هذا المورد فعند اذا يكون موضوع وجوب الاكرام خاص لكنه مقيد بقيد وجودي وهو وجود العدالة
الثاني : ما اذا كان التخصيص موجب لتقيد الموضوع بقيد عدمي كما اذا صدر من المولى اكرم كل عالم ثم صدر لا تكرم الفاسق منهم فانه يوجب تقيد موضوع العام بعدم الفاسق الموضوع هو العالم الذي لا يكون فاسق هذا هو موضوع الاكرام ، اما المورد الاول خارج عن محل الكلام مضاف الى ما سوف يأتي في محله انه ليس من موارد حمل المطلق على المقيد بل من موارد حمل المقيد على افضل الافراد كما سوف يأتي الكلام فيه
ثالثا : هل هذا العدم الذي هو قيد للموضوع هل هو عدم نعتي او انه عدم محمولي؟
القول الاول: فقد اختار المحقق النائيني قدس سره انه عدم نعتي ومن هنا انكر جريان الاستصحاب في الاعدام الازليه
[1]
وان الاستصحاب لا يجري فيها لان التخصيص يوجب تقيد موضوع العام بعدم عنوان المخصص بنحو العدم النعتي لا بنحو العدم المحمولي فاذا في المسألة اقوال الاول ما ذكره المحقق النائيني قدس سره من عدم جريان الاستصحاب في الاعدام الازليه مطلقا.
القول الثاني: جريان الاستصحاب في الاعدام الازلي مطلقا وقد اختار هذا القول جماعة من المتأخرين منهم السيد الاستاذ قدس سره.
القول الثالث: التفصيل بين لوازم الماهية ولوازم الوجود فلا يجري الاستصحاب في الاعدام الازلية الاولى ويجري في الثانية.
ويقع الكلام في هذه الاقوال :
اما القول الاول الذي اختاره المحقق النائيني قدس سره فقد بنى ذلك أي ان هذا العدم عدم نعتي وليس عدم محمولي فقد بنى ذلك على مجموعة من المقدمات ..
[1] فوائد الأصول، محمد حسین النائیني، ج2، ص533.