37/08/21
تحمیل
الموضوع:- شرائط الوضوء.
الامر السادس:- تقدم انه لابد من تصور الفعل ويفصد ذلك الفعل ويتحقق به الامتثال والا فالنية قبل التصور لا يعد ذلك إمتثالا.
ولا ريب ولا اشكال في ان الفعل الذي يراد اتيانه امتثالا للأمر الذي تعلق به لابد ان يكون له مميزات ومشخصات ولا سيما اذا كان الفعل عبادة اذ العبادات تشترك في اصل القربى الا ان لكل واحد منها مميزات ومشخصات ، وهذه القيود التي يذكرها الشارع في كل عبادة تسمى مشخصات العبادة او بتعبير اخر تسمى مميزات العبادة بعد اشتراك العبادات في كثير من الاحكام فلابد ان تكون هناك مميزات لكل واحد منها عن الاخرى وتسمى هذه في لسان الفقهاء بالمشخصات وفي نظر بعض المحدثين يعتبرونها مميزات العبادة وليست مشخصات ولا مشاحة في الاصطلاح.
ولكن هذه المشخصات على انحاء.
اولاً:- ان يكون التمييز في التعيين أي بمعنى الفرض مثلا هذا فرض الظهر وهذا فرض العصر فيسمى بالتعيين وبالفرض في لسان الفقهاء مثال ذلك الظهر والعصر فانهما تشتركان في عدد الركعات وتشتركان في الوقت ولكن يتميزان بعنوان الظهر وعنوان العصر فحينئذ لابد من تمييز احدهما عن الاخرى بالاسم والعنوان هذا ويسمى هذا بانه ينوي الفرض أي فرض الظهر او فرض العصر.
ثانياً:- ان يكون التمييز بان هذا واجب وهذا مندوب فلا اشكال في ان نافلة الصبح وصلاة الصبح كلتاهما مشتركتان في عدد الركعات الا ان التمييز بينهما في ان احدهما وهي صلاة الصبح هي فرض وواجب والاخر ندب ومستحب ونافلة فلابد من ان يكون هنا نية لهذا العنوان وقصد لهذا العنوان (عنوان الوجوب وعنوان الندب) حتى يتميزان.
ثالثاً:- ان يكون هناك اداء وقضاء فلو كلف احد بصلاة الظهر اداء ثم كانت في ذمته ايضا صلاة الظهر فهما مشتركتان في العدد وفي الاسم الا انهما يتميزان في ان احدهما اداء والاخرى انما تكون قضاء فلابد من ان ينوي العنوان حتى يميز بينهما.
لا ريب ولا اشكال في انه لابد من تصور الفعل ثم قصد ذلك الفعل واتيانه امتثالا لذلك الامر الذي تعلق به فلا يمكن ان يتحقق ذلك الفعل اذا كان مشتركا مع غيره الا بمشخصاته حتى امتثالا للمأمور به ، فهل يجب ان يكون ذلك في النية ام ان الفعل المنوي كاف في ذلك؟ فالإنسان لما يتصور الفعل ويوقع القصد والنية على ذلك الفعل هو كافي؟ ام انه لابد ان تكون هذه المشخصات في النية؟
الجواب:- ذهب جمهور القدماء الى اعتبار ذلك في النية فانه لابد ان ينوي المكلف صلاة الظهر لوجوبها اداء حتى تتحقق العبادة والفعل مميزا عن غيره.
ولكن المشهور بين المتاخرين عدم وجوب ذلك ، والخلاف يرجع الى هذا الامر وهو انه ذكر الشهيد (رحمه الله) في اللمعة انه يجب ذلك والشارح في الروضة يقول لا دليل على ذلك فان النية امر واحد بسيط لا حاجة الى ان نذكر المشخصات في النية وكذلك قال صاحب الرياض فان النية بحد نفسها لا حاجة الى ان تذكر هذه في النية وتعتبر هذه المشخصات في اصل النية بل نفس الفعل المتصور وقصد ذلك الفعل المتصور وايقاعه في الخارج كاف ولا حاجة الى اكثر من ذلك فلا دليل عليه.
ولكن ذهب جمع الى ان النية لابد ان تشتمل على تلك المشخصات والمميزات.
والدليل على ذلك ان الامتثال لا يمكن ان يتحقق الا باتيان الفعل مع النية بهذه المشخصات فالامتثال لا يمكن ان يتحقق واتيان المأمور به على وجهه لا يمكن ان يتحقق الا اذا نوى المكلف بان يأتي الفعل بهذه المشخصات هذا ما ذكروه.
ونذكر بعض عبارات الاعلام في المقام.
الشهيد الاول (رحمه الله) في اللمعة (قال : والنية معينة بالفرض والاداء او القضاء او الوجوب او الندب) [1] وهذا معناه ان النية لابد ان تكون فيها هذه الامور.
ولكن قال الشهيد الثاني (رحمه الله) في تفسير هذه العبارة (وهذه الامور كلها مميزات الفعل المنوي لا اجزاء النية) [2] فانه قبل النية لابد من تصور الفعل المنوي ثم ايقاع القصد على ذلك الفعل المنوي لا انه من اجزاء النية لأنها امر واحد بسيط وهو القصد الى الفعل.
وقال الشهيد الثاني في بحث الصلاة بعد ذكر الوجوه (ان كان في وجوب ما عدا القربة نظر لعدم نهوض دليل عليه) [3] فان القربى في العبادة واجبة كما سياتي بيانها واما غير القربى فانه لا دليل على انه يجب ان تكون في نفس النية.
وقال في الرياض بعد ذكر النية وذكر هذه الوجوه التي تقدمت ( وان كان في وجوب ما عدا القربة نظر لعدم قيام دليل عليه يعتد به وعمدة الدليل ما ذكره صاحب الجواهر بان الامتثال بالمأمور به لا يتحقق الا بالاتيان به على وجهه المطلوب).[4]
ولكن نوقش بانه.
اولا:- لا دليل على ذلك فان هذه الوجوه هي من اجزاء الفعل المنوي وهذا لا ريب فيه لان كل فعل له قيود وشروط وميزات ومشخصات وهذا الفعل لابد من تصوره وقصد ايقاعه في الخارج ليكون ممتثلا للأمر اما كونه من اجزاء النية فلا دليل على ذلك.
ثانيا:- وان نية الوجه الذي ذكروه أليس هو يأتي بعد تعلق الامر به فاذا جاء امر وتعلق به فيجب قصد الوجه اما اذا لم يكن هناك امر قد تعلق به فاثبات ذلك بهذه المقولة مصادرة على المطلوب.
والحق في المقام هو التفصيل.
أولاً:- ان محط كلامهم هل هو النية او الفعل المنوي؟ وذكرنا ان كلامهم انما هو في الفعل المنوي ولكن النية هي قصد ذلك الفعل المنوي ايقاعه في الخارج امتثالا للأمر الذي تعلق به فهذا محور النزاع بينهم.
ثانياً:- قلنا بان القيود المأخوذة في العبادات على اقسام منها مقومة للعبادة ومنها مشخصات للعبادة في الخارج ففي هذين الامرين لا ريب في انه لابد من قصدها وذكرها في النية والا فبقية المميزات والمشخصات لا حاجة لان تذكر في النية.
اذن اذا كان القيود من القيود المقومة للعبادة والمنوعة للعبادة فلابد من ذكرها واما اذا كانت القيود من مشخصاتها الخارجية فلابد من نيتها وفي غير هذين القيدين فلا حاجة الى اعتبارها في النية لعدم الدليل ، وبذلك يرتفع النزاع في البين.