37/11/19
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
37/11/19
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- خــتــام.
لا شبهة في ان العلم الاجمالي منجز لاطرافه او طرفيه ما اذا كانت شروط التنجيز متوفرة فيه ، إما من جهة ان أدلة الاصول المؤمنة لا تشمل اطراف العلم الاجمالي ومنصرفة عنها كما قوينا ذلك ، او ان أدلة الاصول المؤمنة بإطلاقها تشمل اطراف العلم الاجمالي ولكن تسقط من جهة المعارضة فمن اجل ذلك يكون العلم الاجمالي منجزا ، هذا بالنسبة الى الاثر المشترك بين اطراف العلم الاجمالي.
أما اذا كان لبعض اطرافه أثراً زائداً على الاثر المشترك فهو ليس موردا للعلم الاجمالي وحينئذ لا مانع من الرجوع الى الاصول المؤمنة فيه كاستصحاب عدم تحققه او اصالة البراءة او اصالة الطهارة لان الشك فيه شك بدوي وليس شكاً مقرونا بالعلم الاجمالي.
ولكن هل ينطبق ذلك على المقام او لا ينطبق؟ كما اذا فرضنا ان المالك عاميّ وليس بهاشمي وهو يعلم اجمالا باشتغال ذمته إما بالخمس او بالزكاة فان كان بالزكاة فهو خمسين دينارا وان كان بالخمس فهو اربعين دينارا فلا شبهة ان هذا العلم الاجمالي منجز بالنسبة الى الاقل وهو الاثر المشترك بينمها ، انما الكلام بالنسبة الى الزائد ، فبالنسبة الى الزائد هل يكون العلم الاجمالي منجزا او لا يكون منجزا؟
الجواب:- بمقتضى القاعدة بلحاظ ما في الذمة الزائد ليس موردا للعلم الاجمالي فلا علم باشتغال ذمته بالزائد فلا يكون العلم الاجمالي منجزا ، فان اشتغال الذمة بالزائد مشكوك فيه فلا مانع من استصحاب عدم اشتغال الذمة به.
ولكن الظاهر ان الامر ليس كذلك ، فانه بالنسبة الى الذمة فليس هنا علم اجمالي بل علم تفصيلي بالاقل وشك بدوي في الاكثر فليس هنا علم اجمالي من البداية بل علم تفصيلي باشتغال الذمة بالاقل والتردد انما هو في انه خمس او زكاة ، فالعلم باشتغال الذمة بالجامع معلوم بالوجدان والشك انما هو في الزائد وهو شك بدوي ، واما بالنسبة الى المالك فان الخمس ملك لجهة والزكاة ملك لجهة اخرى فالخمس ملك للإمام (عليه السلام) مع فقراء السادة والزكاة ملك للفقراء العوم ، فالمالك للزكاة غير المالك للخمس وهو يعلم اجمالا باشتغال ذمته اما بمال الامام (عليه السلام) مع فقراء السادة او بمال الفقراء العوام ، وهذ العلم الاجمالي بين المتباينين وهو غير قابل للانحلال ، فان الزائد احد طرفي العلم ، كما نرى نظير ذلك ما اذا علم اجمالا بانه مديون اما مديون بدينار لزيد او مديون بدينارين لعمر وهذا العلم الاجمالي بين امرين متباينين وليس بين الاقل والاكثر فان الدينار ملك لشخص والدينارين ملك لشخص اخر.
نعم يدور الامر بين الاقل والاكثر وينحل العلم الاجمالي بالعلم بالاقل والشك البدوي في الاكثر كما اذا علم اجمالا بانه مديون لزيد ولكن لا يعلم انه مديون لزيد بدينار واحد او بدينارين ففي مثل ذلك يدور الامر بين الاقل والاكثر ، فالأقل معلوم تفصيلا والاكثر مشكوك بدواً فان اشتغال ذمته بدينار لزيد معلوم بالوجدان وأما اشتغال ذمته بالزائد فهو مشكوك بدواً ففي مثل ذلك ينحل العلم الاجمالي الى علم تفصيلي بالاقل وشك بدوي في الاكثر.
واما مقامنا وهو ما اذا كان العلم الاجمالي بين مالين لشخصين او مالين لجهتين احداهما جهة الامام (عليه السلام) وجهة الفقراء ففي مثل ذلك يكون العلم الاجمالي بين امرين متباينين ولا يكون قابلا للحل ، اذن لا يمكن تطبيق الكبرى المتقدمة على المقام فانه اذا نظر الى ما في الذمة فقط فليس هنا علم اجمالي لأنه يعلم تفصيلا بان ذمته مشغولة بالاقل ويشك بدوا في اشتغال ذمته بالزائد واما بالنسبة الى المالكين فالعلم الاجمالي يدور بين امرين متباينين فهو غير قابل للانحلال ، هذا اذا كان المالك غير هاشمي.
واما اذا كان المالك هاشميا فلا اثر لهذا العلم الاجمالي لان المالك اذا كان هاشميا وهو يعلم ان ذمته اما مشغولة بالخمس او مشغولة بالزكاة وحيث يجوز له ان يعطي الزكاة والخمس معا الى الفقير الهاشمي فلا اثر لهذا العلم الاجمالي في مقام التطبيق وفي مقام العمل سواء أكان العلم الاجمالي بين المتساويين او بين الاقل والاكثر فعلى كلا التقديرين يجوز للمالك اعطاء ما في ذمته الى الفقير الهاشمي سواء أكان ما في ذمته خمسا او كان ما في ذمته زكاة ، وسواء أكان الخمس اقل من الزكاة او كانت الزكاة اقل من الخمس.
اذن لابد من التفصيل بين ان يكون المالك هاشميا وان يكون غير هاشمي.
ومن هنا يظهر انه لا فرق فيما اذا علم اشتغال ذمته بين ان يكون من جنس واحد او من جنسين ، لأنه تارة يعلم اجمالا بان ذمته مشغولة بالدينار ولكن اذا كان زكاة فهو خمسين دينار واذا كان خمسا فهو اربعين دينار ، وذكرنا انه بالنسبة الى المالك العلم الاجمالي لا ينحل لان العلم الاجمالي يدور بين امرين متباينين ، واخرى يكون بين جنسين مختلفين كما اذا علم اجمالا ان ذمته اما مشغولة بخمسين دينار من الخمس او ذمته مشغولة بشاة او تبيع او تبيعة من الزكاة فأيضا الامر كذلك فالعلم الاجمالي منجز في المقام ، اذن لا فرق بين ان يكون ما في ذمته من جنس واحد او من جنسين مختلفين فالعلم الاجمالي منجز بالنسبة الى المالكين ولابد من الاحتياط.
هذا كله بناء على ما ذكرنا من انه لا يجوز تبديل الزكاة بجنس آخر وكذا تبديل الخمس بجنس آخر الا بإذن الحاكم الشرعي إلا في زكاة الغلاة فانه يجوز تبديلها بالقيمة النقدية ، واما بجنس آخر فلا يجوز تبديل زكاة الغلاة حتى بحنطة اخرى لا يجوز تبديلها الا بالقيمة النقدية لأنه منصوص.
وكذا في زكاة الذهب والفضة فيجوز تبديل زكاة الذهب بالفضة وزكاة الفضة بالذهب اما في غير اصناف الزكاة فلا يجوز التبديل مطلقا حتى بالقيمة النقدية فاذا كان من اربعين شاة فلا يجوز تبديلها بان يعطي عوضها نقدا الا بإذن الحاكم الشرعي وعليه ان يدفع نفس الشاة الى الفقراء.
واما على المشهور فانه يجوز التبديل مطلقا بكل جنس فيجوز تبديل الحنطة من الزكاة بحنطة اخرى او بشعير او بجنس اخر او بنقد وكذا الحال في سائر اصناف الزكاة فحينئذ يكون المكلف يعلم اجمالا بان ذمته مشغولة بالجامع بين الحنطة وغيرها او بين الذهب وغيره فحينئذ يكون الحكم مختلفا ، وسياتي الكلام فيه ان شاء الله تعالى.