38/03/25
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
38/03/25
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: خــتــام.
ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): الرابعة والثلاثون: لا إشكال في وجوب قصد القربة في الزكاة، وظاهر كلمات العلماء أنها شرط في الإجزاء ، فلو لم يقصد القربة لم يكن زكاة ولم يجز، ولولا الإجماع أمكن الخدشة فيه ، ومحل الإشكال غير ما إذا كان قاصدا للقربة في العزل وبعد ذلك نوى الرياء مثلا حين دفع ذلك المعزول إلى الفقير، فإن الظاهر إجزاؤه وإن قلنا باعتبار القربة إذ المفروض تحققها حين الإخراج والعزل)[1] .
تقدم هذا البحث موسعا وذكرنا ان النية مركبة من عناصر ثلاثة.
العنصر الاول:- قصد القربى فان قصد القربة في العبادات هو العنصر الاول في صحتها.
العنصر الثاني:- الاخلاص يعني عدم الرياء فانه ايضا معتبر في صحة العبادة ، والمراد من الرياء هو الاتيان بالعمل لكسب ثناء الناس واعجاب الناس كما اذا صلى في الجماعة لكسب ثناء الناس وانه رجل طيب ومؤمن ومن رواد الجماعة او يصلي صلواته في المسجد لكسب ثناء الناس واعجابهم فالرياء مبطل للصلاة ومبطل للعبادة ومحرم شرعا ايضا.
واما العجب فهو ليس بمبطل للعبادة ولكنه حرام ، والعجب هو تخيل ان له المنة على الله تعالى لا ان لله تعالى منة عليه وهو ينشأ من كثرة العبادة او طول السجود او ما شاكل ذلك فيخطر بباله ان له المنة على الله تعالى وهذا محرم ولكنه لا يوجب بطلان العبادة لانه أتى بالعبادة بتمام شروطها.
العنصر الثالث:- قصد العنوان الخاص فان المكلف اذا اتى بالصلاة فلابد ان يقصد عنوانها الخاص واسمها المخصوص كصلاة الظهر او العصر او المغرب او العشاء او صلاة الفجر فاذا اتى بركعتين ولم ينوي عنوان صلاة الفجر فلم تقع صلاة الفجر ولا نافلة الفجر فان كلاً منهما بحاجة الى قصد العنوان فاذا جاء بركعتين بقصد نافلة الفجر فهي تقع نافلة وان اتى بهما بقصد صلاة الفجر فهي تقع صلاة الفجر ، وكذلك اذا اتى بأربع ركعات ولم ينوي الظهر ولا العصر ولا العشاء فلم تقع عن شيء منها لا صلاة الظهر ولا صلاة العصر ولا صلاة العشاء فان قصد هذا العنوان معتبر ومقوم للعبادة حتى في الصلاة التي لا شريك لها كصلاة المغرب فانه لا شريك لها لا في النافلة ولا في الفريضة ومع ذلك اذا اتى بثلاث ركعات ولم ينوي صلاة المغرب لم تقع مغربا فلابد من قصد هذا العنوان ، فكل من الصلوات وسائر العبادات كالصوم والحج والزكاة والخمس لابد ان يأتي بعنوانه وباسمه الخاص وبعنوانه المخصوص وهذا العنوان عنوان قصدي لابد من الاتيان بالعبادة بهذا العنوان ، اذن قصد العنوان ايضا معتبر في العبادات.
وبناء على هذا فالنية مركبة من هذه العناصر الثلاثة واعتبار هذه العناصر الثلاثة في العبادات فكل عبادة اذا كانت مشتملة عليه فهي صحيحة والا فهي باطلة ولا تكون مجزية.
ولكن هل يعتبر في الزكاة قصد القربى ام لا؟
الجواب:- الظاهر انه لا شبهة في اعتبار قصد القربى في الزكاة لان السيرة المتشرعة القطعية جارية على التعامل معها معاملة العبادة وهذه السيرة متصلة بزمن المعصومين (عليهم السلام) فلو لم يكن قصد القربى معتبرا في الزكاة لشاع ولظهر بين الناس لكثرة الابتلاء بها مع انه لا قائل بعدم اعتبار قصد القربى فيها فانه لا شبهة في جريان هذه السيرة والارتكاز الموجود في اذهان الناس.
مضافا الى ان اعتبار قصد القربى في الزكاة مستفاد من الآيات والروايات فان اطلاق الصدقة على الزكاة يدل على اعتبار قصد القربى فيها فان الصدقة انما هي لله تعالى وتقدس والمراد من قصد القربى هو الاتيان بالعمل لله ومن هنا لابد ان يكون العمل محبوبا لله واما اذا كان العمل مباحا فلا يمكن التقرب به فقصد القربى متوقف على ان يكون العمل محبوبا لله تعالى فاذا اتى بهذا العمل لله فقد اتى بقصد القربى ، والصدقة انما هي لله تعالى وقصد القربى مأخوذ في مفهوم الصدقة ولهذا فرق بين الصدقة والهدية فاما في الهدية فلا يعتبر قصد القربى فانه للأغراض الدنيوية اما لأجل انه صديقه او لأجل ان له شغل فيه او ما شاكل ذلك من العناوين والاغراض الخارجية واما الصدقة فهي لله تعالى وليس فيها اغراض دنيوية ، اذن اطلاق الصدقة على الزكاة يدل على اعتبار قصد القربى فيها.
واما الروايات فهي كثيرة وهي تدل على ان الزكاة من احد الخمسة التي بني الاسلام عليها وهذا يدل على انها من العبادات وقرينة للصلاة والصيام والحج إذ لو لم تكن قرينة للصلاة والصيام والحج فلا معنى لجعلها مما بني عليه الاسلام ، فلو كان وجوب الزكاة وجوبا توصليا ولم يكن وجوباها تعبديا فلا وجه لجعلها قرينة للصلاة والصيام فهذه الروايات بكثرتها تدل بوضوح على ان الزكاة مثل الصلاة الصيام وانها عبادة.
مضافا الى ان في الآيات الكريمة كثيرا ما ذكرت الزكاة قرينا للصلاة وهذا يدل على اهتمام الشارع بالزكاة وانها قرينة للصلاة فكما ان الصلاة عبادة فكذلك الزكاة.
النتيجة ان من مجموع هذه الآيات والروايات والسيرة المتشرعة يستفاد ان الزكاة عبادة ويعتبر فيها قصد القربى.
نعم مما ذكرنا ظهر ان ما ذكره الماتن (قدس الله سره) ـــ من انه لولا الاجماع فلا دليل على اعتبار قصد القربى ـــ غير تام فليس الدليل على اعتبار قصد القربى في الزكاة منحصر في الاجماع فقط.
ثم ان قصد القربى هل يعتبر في ايصال الزكاة الى الفقير او يعتبر في عزل الزكاة واخراجها من النصاب؟
الجواب:- الظاهر هو الثاني أي ان قصد القربى معتبر حين اخراج الزكاة من النصاب وتعيينها ، أما في ايصالها الى الفقير فلا يعتبر فيه قصد القربى باعتبار ان الفقير ليس مالكا للزكاة بل مالك الزكاة هو طبيعي الفقير وعنوان الفقير لا شخص الفقير الموجود في الخارج ، اذن الواجب على المكلف اخراج الزكاة لعنوان الفقير وهو اخراج الزكاة من جهة انها ملك لعنوان الفقير وعزل الزكاة من جهة انها ملك لعنوان الفقير فالصحيح ان قصد القربى معتبر حين العزل وحين اخراج الزكاة ، واما ايصالها الى الفقير والى مستحقيها او سائر مصارفها فلا يعتبر فيه قصد القربى ، بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.