38/04/01
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول
38/04/01
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الأصول العمليّة / شرائط جريان الأصول العملية/ قاعدة لا ضرر
الكلام في الصورة الثالثة من صور تعارض الضررين، وهي الصورة التي وقع الكلام فيها بينهم أكثر من باقي الصور، وهي صورة ما إذا دار الأمر بين تضرر شخصٍ، وبين الإضرار بالغير من جهة التصرّف في ملكه، والأمر يدور بين أن يتضرر هو ويُمنع من هذا التصرّف، وبين أن يُباح له هذا التصرّف، فيُلحق الضرر بالآخرين . شخصٌ اصبح حفر بالوعة في داره ضرورياً بالنسبة له بحيث يتضرر من عدم حفر هذه البالوعة في داره، لكنّ الجار يتضرر من حفر البالوعة، فعدم حفر البالوعة يكون ضرراً على نفس المالك، كما أنّ حفرها يكون ضرراً على الجار . في هذه الحالة، جواز حفر البالوعة للمالك هو حكم ضرري بالنسبة إلى الجار، كما أنّ حرمة حفر البالوعة على المالك أيضاً حكم ضرري بالنسبة إلى نفس المالك، فمن جهة هذا الحكم الشرعي يقع الدوران بين الضررين، جواز الحفر ضرري، وحرمة الحفر أيضاً ضررية، كلٌ منهما يكون حكماً ضررياً، لكن لشخصين مختلفين.
ذكروا أنّ الكلام في هذه المسألة يقع في خصوص ما إذا كان في ترك التصرّف ضرر على المالك، أو لا أقل كما يُلحق بهذه الحالة ما إذا كان في ترك التصرّف عدم منفعة بالنسبة إلى المالك . تارةً منع المالك من التصرّف في ملكه يُلحق ضرراً به، وأخرى لا يُلحق ضرراً به، وإنما هو مجرّد فوات منفعة . قالوا: أنّ الكلام يقع في هاتين الحالتين، والعمدة هي الحالة الأولى، وأمّا إذا فرضنا أنّ منع المالك من التصرّف في ماله لا يلزم منه إيقاع ضرر به ولا فوات منفعة، وإنّما هو يتصرّف في ملكه تشهّياً من دون أن تكون هناك ضرورة تدعو إلى هذا التصرّف . قالوا: الكلام ليس في هذه الحالة، خصوصاً إذا فرضنا أنه قصد من هذا التصرّف الإضرار بالغير، قالوا: هذه الحالة خارجة عن محل الكلام؛ إذ لا إشكال في حرمة التصرّف على المالك حينئذٍ؛ لأنّه لا يوجد ما ينفي حرمة تصرّف المالك في هذه الحالة من جهة كونها إضراراً بالغير، فهو يتصرّف في ملكه تصرّفاً غير ضروري، عبثي، وهذا إضرار بالغير، فيكون هذا التصرّف حراماً. حرمة التصرّف في هذه الحالة من جهة كونها إضراراً بالغير لا نافي لها؛ لأنّ قاعدة لا ضرر لا تجري حينئذٍ بالنسبة إلى المالك؛ لأنّ المفروض أنّ حرمة التصرّف عليه ليست ضررية بالنسبة إليه ـــــــ بحسب الفرض ـــــــ بل لا تفوته منفعة أصلاً ، فهنا قالوا: في هذه الحالة لا إشكال في الالتزام بحرمة التصرّف بالنسبة إلى المالك من جهة كونه إضراراً بالغير .
إذن: الصورة الرئيسية التي يقع الكلام فيها هي حالة ما إذا كان يلزم من منع المالك من التصرّف الإضرار به، بأن يكون هناك ضرورة وحاجة تدعو إلى ذلك التصرّف، وحرمة التصرّف عليه باعتبارها إضراراً بالغير ضررية بالنسبة إليه؛ وحينئذٍ تشملها قاعدة لا ضرر وترفع هذه الحرمة عنه. كما أنّ جواز هذا التصرّف بالنسبة إلى المالك أيضاً ضرري، لكن بالنسبة إلى الجار، فيكون جواز التصرّف ضررياً كما أنّ حرمة التصرّف أيضاً ضررية . ويُلحق بهذه الحالة ما إذا فرضنا أنّه كان لا يلزم من منع المالك من التصرّف في ماله الضرر، وإنما يلزم منه فوات منفعة، هذا يُلحق به عادةً، وإن كانا يختلفان بلحاظ بعض الأدلة الآتية .
في محل الكلام، أي في حالة ما إذا كان منع المالك من التصرّف في ملكه موجباً للإضرار به، أو موجباً لفوات منفعة، نُسب إلى المشهور أنه حكم في هذه الحالة بجواز التصرّف للمالك وإن استلزم الاضرار بالغير، فيجوز له أن يحفر هذه البالوعة وإن أضرت بالجار، والتزموا بعدم الضمان.
الكلام في هذه المسألة تارةً يقع في ما هو حكم المسألة بلحاظ القواعد الأخرى غير قاعدة لا ضرر ؟ وأخرى نتكلّم في حكم المسألة ونأخذ بنظر الاعتبار قاعدة لا ضرر التي هي محل الكلام .
المقام الأول: في حكم المسألة بلحاظ القواعد الأخرى غير قاعدة لا ضرر، والكلام في هذا المقام يتركّز على ما يُسمّى بـــ(قاعدة السلطنة) القاعدة التي يُرجع إليها في مثل هذه الحالة إذا قطعنا النظر عن قاعدة لا ضرر هي قاعدة السلطنة (الناس مسلّطون على أموالهم)، فقد يُدّعى أنّ هذه القاعدة لها من الإطلاق ما يثبت جواز جميع التصرّفات في الملك بحيث أنّ المالك يجوز له أن يتصرّف جميع التصرّفات في ملكه؛ لأنّ الناس مسلّطون على أموالهم حتى إذا فرضنا أنه لزم من هذا التصرّف الإضرار بالجار، وقد صرّح جماعة من الفقهاء بأنّ قاعدة السلطنة لها هذا الإطلاق، ومقتضى التمسك بقاعدة السلطنة هو إثبات جواز التصرّف، وإن أضرّ بالجار، وكلامنا هو بقطع النظر عن قاعدة لا ضرر .
ناقش المتأخرون في هذا الكلام:
أولاً: المناقشة من حيث ثبوت هذه القاعدة، لا يوجد مدرك معتبر ودليل لفظي معتبر لهذه القاعدة حتى يُدّعى بأنّ مقتضى إطلاق هذا الدليل اللفظي جواز جميع التصرّفات حتى إذا كانت مضرّة بالغير، العبارة المشهورة(الناس مسلطون على أموالهم) لم ترِد في حديثٍ معتبر، ولم ترِد أصلاً في مجاميعنا الحديثية، وإنّما ذُكرت في بعض المجاميع التي يكون الغرض منها هو جمع كل ما هو وارد، أمّا في كتبنا الحديثية الرئيسية المعتبرة، فلم ترِد هذه القاعدة. نعم، وردت في الكتب الاستدلالية، فقد يُذكر هذا الحديث في مقام الاستدلال، وإلا ليس لهذا الحديث اعتبار سندي واضح، في كلمات الفقهاء يُعبّر عن هذه القاعدة بهذا اللفظ، أو بمضمون يساوق مضمونها، يُشار إليها بقاعدة السلطنة، ويُشار إليها بأنّ الناس مسلطون على أموالهم، وقد يقال: لا يبعُد أنّ هذه القاعدة متصيّدة من موارد مختلفة تمّ إثبات هذا المضمون فيها، فتكون القاعدة متصيّدة من هذه الموارد المختلفة، وإلا لم ترِد بهذا اللفظ في دليلٍ معتبرٍ؛ فحينئذٍ يكون التمسّك بالإطلاق بلا وجهٍ، حتى إذا قلنا أنّ هذه القاعدة تثبت بمدارك أخرى وليس بمدركٍ لفظي، قد يقال أنّها قاعدة عقلائية، أنّها قاعدة جرت عليها سيرة العقلاء أنّ الناس مسلّطون على أموالهم، وقد يُدّعى أنّ هذه السيرة ممضاة شرعاً، فتكون السيرة هي مدرك هذه القاعدة، وقد يُدّعى الإجماع على ذلك، وحتى على تقدير أن يكون المدرك لهذه القاعدة هو السيرة، أو الإجماع، فمن الواضح أنّ هذه مدارك وأدلّة لبّيّة ينبغي الاقتصار فيها على القدر المتيقّن، والقدر المتيقّن هو ما إذا لم يكن في التمسّك بالقاعدة وإعمالها إضراراً بالآخرين؛ حينئذٍ نعمل بهذه القاعدة الارتكازية أو المجمع عليها، وهذا القدر المتيقّن منها، أمّا أنه هل نعمل بهذه القاعدة حتى إذا لزم من العمل بها الإضرار بالآخرين ؟ هل نتمسّك بها لإثبات جواز التصرّف للمالك، وإن لزم منه الإضرار بالجار ؟ هذا خارج عن القدر المتيقّن من القاعدة باعتبار أنّ مداركها مدارك لبّيّة، فعلى كلا التقديرين، يعني سواء كان مدركها هو هذه العبارة المشهورة(الناس مسلطون على أموالهم) الغير ثابتة بطريقٍ معتبرٍ، أو كان مدركها هو السيرة أو الإجماع، فعلى كلا حال التمسّك بالإطلاق لإثبات الجواز حتى وإن أضرّ بالجار يكون مشكلاً . هذه مناقشة تامّة في محلّها .
ثانياً: مع التنزّل وافتراض أنّ هذه القاعدة لها مدرك لفظي ووردت في دليل لفظي له إطلاق في حدّ نفسه، لكن بالرغم من هذا لا يمكن التمسّك بإطلاقه لإثبات جواز جميع التصرّفات حتى إذا استلزم الإضرار بالغير؛ وذلك لأحدى نكتتين استظهاريتين من نفس القاعدة بناءً على ثبوتها:
النكتة الأولى: أن يُدّعى بأنّ هذه القاعدة ــــــــ على تقدير ثبوتها ــــــــ هي في مقام إثبات السلطنة في مقابل الحجر، هي تريد أن تثبت السلطنة بمعنى أنّ الناس مسلطون على أموالهم، يعني غير محجورين من التصرّف في أموالهم، ليس حالهم حال السفيه وحال الصغير يكون محجوراً وممنوعاً من التصرّف في أمواله إلا بالإذن من وليه، القاعدة تريد أن تقول أنّ الناس غير محجورين من التصرّف في أموالهم بحيث أنّهم يحتاجون إلى أخذ الإذن من الغير، هم ليسوا هكذا، الرواية ليست في مقام بيان جواز جميع التصرّفات حتى يُتمَسك بإطلاقها لإثبات جواز جميع التصرّفات حتى إذا أضرّت بالغير، هي ليست في مقام البيان من هذه الناحية، وإنّما هي في مقام بيان جواز التصرّف في مقابل منع المالك من التصرّف باعتباره محجوراً عليه، ومن هنا لا يمكن التمسك بهذا الإطلاق، حتى لو فرضنا أنه دليل لفظي، والدليل اللفظي مطلق في حدّ نفسه، ولكن إنما يصح التمسّك بالإطلاق من الجهة التي يكون المتكلّم في مقام بيانها، فإذا فهمنا من العبارة هذا المعنى، بمعنى أنّ القاعدة هي في مقام نفي الحجر الذي يحتاج إلى إذن كما قلنا، وليست في مقام بيان جواز التصرّفات للمالك حتى يُتمسَك بإطلاق ذلك لإثبات جواز حتى التصرّف الموجب للإضرار بالغير .
النكتة الثانية: أيضاً قد تستظهر من الحديث، وهي أن يقال: لو تنزّلنا وسلمنا أنّ دليل القاعدة هو دليل لفظي، وسّلمنا أنّ له إطلاق، وأنّ المتكلّم في هذا الدليل في مقام بيان جواز التصرّفات وليس في مقام نفي الحجر كما في النكتة السابقة، مع ذلك يمكن أن يقال: أنّ المستفاد من الحديث هو أنّ غرض الحديث هو إثبات جواز التصرّف للمالك بما هو تصرّف في ماله وبما هو إتلاف لماله، فالرواية تكون دالة على جواز تصرّف الإنسان بماله، لكن من حيث كونه تصرفاً في ماله، ومن حيث كونه إتلاف لماله، وأمّا جواز التصرّف في ماله من حيث كونه إضراراً بمال الغير وإتلافاً لمال الغير، فالرواية لا يُفهم منها ذلك، هي لا تريد أن تبيّن جواز التصرّف من حيث كونه إضراراً بالغير، وهذا لا يُفهم منها، وإنّما يُفهم منها جواز التصرّف في ماله من حيث كونه تصرّفاً في ماله .
إمّا لهذه النكتة، أو للنكتة السابقة، أو لكلتا النكتتين هذه مناقشة أخرى في دلالة الرواية على ما يُراد إثباته في المقام وهو إثبات جواز جميع التصرّفات للمالك حتى إذا لزم الإضرار بالغير .
المحقق العراقي(قدّس سرّه) ذكر وجهاً آخر لإثبات عدم إمكان التمسّك بالقاعدة في محل الكلام، [1] وحاصل ما ذكره هو أنه يدّعي أنّ المعارضة تقع في محل الكلام بلحاظ قاعدة السلطنة؛ وحينئذٍ يتعارضان ويتساقطان، فلا يمكن التمسّك بقاعدة السلطنة لإثبات جواز التصرّف، والتعارض يقع باعتبار أنّ إطلاق القاعدة لإثبات سلطنة المالك على حفر البالوعة أو البئر، هذا الإطلاق يكون معارضاً بإطلاق نفس القاعدة بالنسبة لسلطنة الجار على المحافظة على ملكه، وعلى جداره أو على بئره إذا كان الأول عندما يحفر البئر يضر بجدار الجار أو بئره، إطلاق القاعدة لسلطنة المالك على حفر البئر معارض بإطلاق القاعدة لسلطنة الجار على أن يحافظ على بئره؛ فحينئذٍ يقع التعارض بين هاتين السلطنتين ولا يمكن الأخذ بكلٍ منهما لما فيهما من التنافي؛ لأنّ الأخذ بسلطنة المالك يستلزم سلب سلطنة الجار، والعكس بالعكس، فإذن: لا يمكن العمل بهما، ولا يمكن ترجيح أحدهما على الآخر، فيتساقطان . فإذن: القاعدة لا تشمل محل الكلام، وبذلك نصل إلى نفس النتيجة، وهي عدم إمكان التمسّك بالقاعدة لإثبات جواز تصرّف المالك في ملكه، وإن لزِم الإضرار بالغير، لكن ليس عن طريق ما تقدّم من المناقشة في السند، أو في المضمون، وإنما عن طريق دعوى أنّ القاعدة تبتلي بالتعارض الداخلي، أي أنّ شمولها وإطلاقها لسلطنة المالك معارض لشمولها وإطلاقها لسلطنة الجار ، غاية الأمر أنّ شمولها للمالك باعتبار سلطنة المالك على حفر البئر، بينما شمولها للجار باعتبار سلطنة الجار على المحافظة على ملكه.
لكن ما ذكره موقوف على افتراض أنّ المحافظة على الملك أيضاً يُعدّ تصرفاً من التصرفات، القاعدة تدل على جواز التصرّف في الملك، وهي تشمل المالك وتشمل الجار أيضاً، لكنّها تشمل الجار بلحاظ تصرّفه في ماله، فنقول: بأنّ مقتضى إطلاق القاعدة بالنسبة إلى الجار أنّ الجار يجوز له أن يتصرّف في ملكه، في بئره أو في جداره، أمّا أنها تشمل الجار بلحاظ المحافظة على جداره، فهذا يحتاج إلى مؤنة افتراض أنّ المحافظة على المال هي تصرّف في المال؛ لأنّ المفروض أننا فرضنا أنّ الدليل لفظي، وأنه يدل على جواز جميع التصرّفات، وإن أضرت بالغير، وله إطلاق، وأنه في مقام البيان من هذه الناحية، المفروض أننا سلّمنا كل هذا تنزلاً، لكن هي بالتالي إنما تدل على جواز التصرّف في الملك بجميع التصرّفات، لكن هي تشمل ما يصدق عليه التصرّف، والمحافظة على الملك ليست تصرّفاً ولا تُعدّ تصرّفاً حتى نقول أنّ قاعدة السلطنة تشمل هذا التصرّف للمالك وتشمل هذا التصرّف للجار، ونفترض أنّ تصرّف الجار هو عبارة عن المحافظة على ملكه، والجار لا يتصرّف في شيء حتى تشمله القاعدة، وإنّما هو يحافظ على ملكه، شمول القاعدة له بهذا الاعتبار ليس واضحاً في محل الكلام.
بناءً على هذا؛ حينئذٍ يظهر عدم إمكان الرجوع إلى القاعدة لإثبات جواز جميع التصرّفات للمالك في ملكه، وإن لزم الإضرار بالغير، بالنتيجة إذا لم يمكننا الرجوع إلى هذه القاعدة؛ فما هو المرجع حينئذٍ في حالةٍ مكن هذا القبيل ؟ ما هو مقتضى القاعدة ؟ هل نمنعه من التصرّف، أو نجوّز له التصرّف ؟
هنا يختلف الحال باختلاف المباني، تارةً نقول أنّ القاعدة أصلاً غير ثابتة، لا بدليلٍ لفظي ولا بإجماع ولا بسيرة عقلائية، فننكر كل هذا، أصلاً لا يوجد دليل على القاعدة إطلاقاً؛ حينئذٍ يتعيّن الرجوع إلى الأصول العملية ــــــــ وأكرر مرة أخرى أنّ محل الكلام بقطع النظر عن قاعدة لا ضرر ــــــــ التي هي أصول عملية عادة، وتنفي حرمة التصرّف في ملكه، حيث نشك أنّه هل يحرم عليه التصرّف في ملكه، أو لا ؟ الأصل يقتضي عدم حرمة التصرّف على المالك، وإن كان مضرّاً بالغير . هذا قد يقال في المقام .
لكن في المقابل إذا قلنا بأنّ القاعدة ثابتة بالسيرة العقلائية، وإن لم تثبت بدليل لفظي، أو ثابتة بإجماعٍ؛ حينئذٍ لا تصل النوبة إلى الأصل العملي، وإنّما يُعمل بهذه القاعدة على أساس أنّ مدركها هو السيرة العقلائية، وقلنا أنّ السيرة العقلائية دليل لبّي ينبغي الاقتصار فيه على القدر المتيقّن، ومن هنا يقال: بأنّ هذا التصرّف إذا كان موجباً للإضرار بالغير، وكان الإضرار بالغير معتدّاً به وليس طفيفاً جدّاً بحيث لا يُعتنى به، في هذه الحالة يُمنع من هذا التصرّف؛ بدعوى أنّ السيرة العقلائية هي تفصّل مثل هذا التفصيل، السيرة العقلائية تفرّق بين ما إذا كان تصرّف الإنسان في ملكه موجباً للإضرار المعتد به على الجار، وبين ما إذا لم يكن كذلك، فتجوّز للإنسان التصرّف في ماله إذا لم يلزم من ذلك الإضرار المعتد به بالنسبة للآخرين. أمّا إذا لزِم من ذلك الإضرار المعتد به بالنسبة إلى الغير، في هذه الحالة نفس السيرة تمنع من ذلك .