38/03/28
تحمیل
الأستاذ السيد علي السبزواري
بحث الفقه
38/03/28
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- شرائط الوضوء.
قال السيد الماتن (رحمه الله): (وإنما الإشكال في أنه هل يكون المأمور به متعددا أيضا، وأن كفاية الوضوء الواحد من باب التداخل أو لا بل يتعدد؟ ذهب بعض العلماء إلى الأول، وقال: إنه حينئذ يجب عليه أن يعين أحدها وإلا بطل، لأن التعيين شرط عند تعدد المأمور به. وذهب بعضهم إلى الثاني، وأن التعدد إنما هو في الأمر أو في جهاته. وبعضهم إلى أنه يتعدد بالنذر ولا يتعدد بغيره، وفي النذر أيضا لا مطلقا، بل في بعض الصور ، مثلا إذا نذر أن يتوضأ لقراءة القرآن ونذر أيضا أن يتوضأ لدخول المسجد، فحينئذ يتعدد ولا يغني أحدهما عن الآخر، فإذا لم ينو شيئا منهما لم يقع امتثال أحدهما، ولا أداؤه، وإن نوى أحدهما المعين حصل امتثاله وأداؤه، ولا يكفي عن الآخر، وعلى أي حال وضوؤه صحيح ، بمعنى أنه موجب لرفع الحدث. وإذا نذر أن يقرأ القرآن متوضئا ونذر أيضا أن يدخل المسجد متوضئا فلا يتعدد حينئذ ويجزي وضوء واحد عنهما وإن لم ينو شيئا منهما ولم يمتثل أحدهما، ولو نوى الوضوء لأحدهما كان امتثالا بالنسبة إليه، وأداء بالنسبة إلى الآخر، وهذا القول قريب)[1] .
قال وانما الاشكال في انه هل يكون المأمور به متعدد ايضا فيما اذا كان هناك تعدد للأمر بناء على تعدد الامر فهل هناك تعدد للمأمور به حينئذ ان قلنا ان كفاية الوضوء الواحد من باب التداخل فذهب بعضهم الى تعدد المأمور به ولكن يصح وضوء واحد لجميع الغايات لأجل التداخل وذكرنا ان هذا لم يذكر في بحث الوضوء نعم في باب الغسل قالوا اذا اجتمع لله عليه حقوق كفى يجزيك غسل واحد اما في باب الوضوء فلا يقولون بذلك فهذا مجرد نسبة.
وقال بعض حينئذ يجب عليه ان يعين احدهما اذا توضا لغايتين من الغايات فلابد ان يعين احدهما اذ ان المأمور به متعدد فاذا كان متعددا فيجب قصد ذلك وتعيينه فاذا لم يعينه فيكون وضوئه باطلا مثل الركعتين بعد طلوع الفجر حيث ان هاتين الركعتين تنطبقان على النافلة وصلاة الصبح فاذا لم يعين احداهما تبطل الصلاة فحينئذ اذا لم يعين احدى الغايتين فان الوضوء يبطل لان التعيين شرط عند تعدد المأمور به وهذا كله بناء على تعدد المأمور به وقد عرفتم انه غير تام.
وذهب بعضهم الى الثاني أي الى التعدد فان التعدد انما هو في الامر او في جهاته هذا الذي ذكرناه ان التعدد تارة في المأمور به وهذا هو الذي نقله عن بعضهم فلابد من قصدهما وقصد احدهما بالتعيين والا فمع عدم القصد فيكون وضوئه باطل الا ان نقول بالتداخل وقلنا ان التداخل لا قائل به.
وذهب بعضهم الى انه لا يحتاج الى قصد التعيين وذلك لان التعدد في الامر وجهاته لا في المأمور به وعرفتم ان هذا التعدد أي التعدد من ناحية الامر او في جهاته تارة يكون التعدد من حيث ذات الامر ونفس هذا الامر وتارة يكون التعدد من جهاته وحيثياته التقييدية وثالثة يكون من حيثياته التعليلية فليس في ذات الامر أي تعدد فلا يمكن تصوير الامر بنفسه متعدد وانما التعدد انما جاء من الجهات والجهات التعليلية لا توجب التعدد فهي اعتبارية عقلية ولا توجب التعدد انما الكلام في الجهات التقييدية فهل ان مس المصحف الكريم فهل ان غاية صلاة ركعتين فهل ان غاية زيارة المشاهد المشرفة هذه قيود حقيقة حيثيات تقييدية فيتعدد الامر بحسب هذه الحيثيات ام لا؟ وقد ذكرنا ان ذلك غير تام فهي ليست حيثيات تقييدية فالامر بحد نفسه لا يمكن ان يكون متعددا ، واما من ناحية الغايات والجهات العارضة فالجهات التعليلية فهي مجرد اعتباريات لا توجب التقييد.
هذا كله اذا لم نقل ان الوضوء مستحب نفسي وانما امر غيري متعلق بهذا الوضوء ، أما اذا قلنا بان الوضوء مستحب نفسي وان عباديته أتت من حيث الاستحباب النفسي فلا حاجة الى هذا الامر بالكلية اذ هذه العبادة أي الوضوء كسائر العبادات النفسية فاذا قصدها لوحدها كفى ان يأتي بكل غاية.
هذا بناء على الاستحباب النفسي ، وكذا اذا قلنا ان المكلف انما يتوضا لتحصيل الطهارة فاذا حصلت هذه الطهارة فيجوز له ان يأتي بكل غاية يشترط فيها الطهارة ، اذن هذا المبحث الطويل العريض الذي ذكرناه بناء الاستحباب النفسي لا يأتي هذا البحث ، واما ان نقول بان الوضوء انما يقصد به لتحقق الطهارة فاذا حصلت الطهارة فكل ما يشترط فيه هذه الطهارة يصح الاتيان به.
ثم اذا قلنا ان الوضوء بنفسه قابل للاشتداد أي الطهارة الحاصلة من الوضوء قابلة للاشتداد والضعف من حيث المراتب الكمالية لما استفدناه من قوله عليه السلام الوضوء نور على نور فأيضا لا اشكال فيه فالوضوء لأجل الصلاة طهارة بمرتبة والوضوء لأجل مس المصحف الشريف طهارته بمرتبة والوضوء لأجل انه محدث بالحدث الاكبر ويريد رفع الكراهة ايضا مرتبة من المراتب وهذا صحيح ولا اشكال فيه.
ثم قال رحمه الله وبعضهم ذهب الى انه يتعدد بالنذر ، وهذا استثناء من كلامه السابق فقال سابقا انه لا يتعدد الامر ولا يتعدد المأمور به ولكنما يتعدد في خصوص النذر فلو نذر وضوءا لأجل غاية معينة ونذر وضوءا لغاية اخرى فلابد من تعيين المنذور له فلابد من تعيين ان هذا الوضوء لأجل هذه الغاية التي نذر اولا وان الوضوء الثاني لأجل الغاية الثانية فلو لم يعينها بطل وضوئه ولا يجوز له ان يأتي بكل واحد من الغايتين التي نذر لهما الوضوء.
والنذر على اقسام وهي تابعة لقصد الناذر فتارة الناذر ينذر ان يأتي بالوضوء لأجل الدخول الى المسجد او ينذر الوضوء لأجل النوم ولكن هذا النذر انما يقصد به تحصيل الطهارة فهذه طرق لتحصيل الطهارة فحينئذ اذا كان قصده من هذا تعدد النذر تحصيل الطهارة صح له ان يأتي بكل غاية من الغايات لان قصده من تعدد النذر تحصيل الطهارة وقد حصلت الطهارة فيجوز ان يأتي بكل غاية من الغايات ، وتارة اخرى انما يقصد به غاية معينة ثم نذر غاية معينة لا لأجل تحصيل الطهارة أي لم يكن طريقا لتحصيل الطهارة بل لهما موضوعية في متعلق النذر كان ينذر انه حينما ينام يتوضا او ينذر حينما يريد قراءة القران يتوضا فحينئذ لا يجوز له ان يأتي بوضوء واحد لهما اذ تعدد المنذور له فلابد ان يتعدد الوضوء ، وتارة ثالثة ينذر الوضوء لأجل الوضوء التجديدي والطهارة التجديدية فمن حيث العمل بهذا الضوء صحيح لا اشكال فيه ولكن يجب عليه ان يتوضا لأجل ذلك ولذلك هذا البحث الذي ذكره السيد الماتن آنفا لو كان هذا امر متعلق به فلابد ان يأتي به قاصدا لاتيان المأمور به ويتحقق به الامتثال لأنه امر ومأمور به فيتحقق به الامتثال واما اذا لم يقصد به فلا يتحقق الامتثال فهل يكون صحيحا اولا يكون صحيحا؟ الكلام الذي سبق هنا يجري ، اذن النذر تابع لقصد الناذر ، وهناك كلام اخر سياتي ان شاء الله تعالى.