38/04/04
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
38/04/04
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- خــتــام.
ذكرنا ان السيد الماتن (قدس الله نفسه) ذكر ان المشتغل بتحصيل العلم الراجح المستحب اذا لم يكن قاصدا للقربى فلا مانع من اعطاء الزكاة له ، وكلام الماتن (قدس الله نفسه) مطلق يشمل اعطاء الزكاة له من سهم سبيل الله ويشمل اعطاء الزكاة له من سهم الفقراء ، والكلام تارة يكون على مبنى الماتن (قدس سره) واخرى على مبنى السيد الاستاذ (قدس سره) وثالثة بناء على ما ذكرنا.
اما بناء على مسلك الماتن (قدس الله نفسه) فان الظاهر انه يجوز اعطاء الزكاة له من كلا السهمين باعتبار ان الماتن ذكر انه اذا اشتغل بتحصيل العلم المستحب يجوز اعطاء الزكاة له من سهم الفقراء فاذا كان المحصل للعلم المستحب الراجح فقيرا فيجوز اعطاء الزكاة له من سهم الفقراء كما يجوز اعطاء الزكاة له من سهم سبيل الله باعتبار ان تحصيل العلم المستحب مصداق من مصاديق سبيل الله.
وأما على مسلك السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) فلا يجوز له اعطائه من سهم الفقراء لأنه غني بالقوة وله ان يترك تحصيل العلم ويقوم بالكسب لمؤونته ومؤونة عائلته فهو متمكن وهو غني بالقوة فلا يجوز له اخذ الزكاة من سهم الفقراء ، اما من سهم سبيل الله فلا مانع منه باعتبار ان تحصيل العلم اذا كان راجحا فهو مصداق من مصاديق سبيل الله ولا يعتبر في سبيل الله قصد القربى.
واما بناء على ما ذكرنا فان كانت مصلحة تحصيل العلم المستحب أهم من مصلحة التكسب لمؤونته ومؤونة عائلته فحينئذ يجوز اعطاء سهم الفقراء له فان مصلحة الاهم في مقام المزاحمة تتقدم على مصلحة المهم ومصلحة تحصيل العلم المستحب اهم من مصلحة التكسب فحينئذ يجوز له تقديم مصلحة تحصيل العلم ويجوز له اخذ الزكاة من سهم الفقراء ويجوز اعطاء الزكاة من هذا السهم ، وايضا يجوز له اخذ الزكاة من سهم سبيل الله.
واما اذا لم تكن مصلحة تحصيل العلم الراجح اهم من مصلحة التكسب بان كانت مساوية او اقل منها فحينئذ لا يجوز له اخذ الزكاة من سهم الفقراء ولكن يجوز ان يأخذ الزكاة من سهم سبيل الله.
اذن ما ذكره الماتن (قدس الله سره) يختلف باختلاف الآراء.
ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (وأما إذا كان قاصدا للرياء أو للرئاسة المحرمة ففي جواز إعطائه إشكال من حيث كونه إعانة على الحرام)[1] .
ذكر انه اذا كان قاصدا للرياء او للرئاسة ففي جواز الاعطاء اشكال وعلل ذلك بانه من باب الاعانة على الحرام.
والظاهر ان مراده اعطاء الزكاة من سهم سبيل الله مشكل ولان العلم اذا كان محرما لا يكون مصداقا لسبيل الله والمفروض انه يقوم بتحصيل العلم قاصدا الرياء او الرئاسة المحرمة والاعانة على الاثم محرمة فحينئذ تحصيل العلم محرما فاذا كان محرما فلا يمكن ان يكون مصادقا لسبيل الله.
واما سهم الفقراء فالظاهر انه لا مانع منه اذا علم انه لم يصرف الزكاة في الحرام وانه يصرفها في مؤونته ومؤونة عائلة لان العدالة غير معتبرة في الفقير فيجوز له اعطاء الزكاة الى الفقير وان كان فاسقا هذا اذا كانت الاعانة على الحرام حراما.
ولكن ذكرنا انه لا دليل على ذلك وان الاعانة على الحرام مقدمة للحرام ومقدمة الحرام ليس بحرام ، وان قلنا بان مقدمة الواجب واجبة واما مقدمة الحرام فليست بحرام كما اذا فرضنا ان الدخول في دار مقدمة لشرب الخمر او للعب بالقمار اذا دخل في الدار فمع ذلك هو مختار في ان يشرب الخمر او لا يشرب الخمر فاذا شرب الخمر فقد شرب باختياره وان المقدمة لا توجب اضطراره الى شرب الخمر وبعد الاتيان بالمقدمة فالمكلف مختار ان يرتكب الحرام او لا يرتكب ، فمن اجل ذلك مقدمة الحرام ليست بحرام بل الحرام هو التعاون على الاثم والتعاون على الحرام كما اذا فرضنا ان احدا لا يقدر ان يشرب الخمر كما اذا فرضنا ان يداه مشلولتان ولا يتمكن من اخذ الاناء وشرب الخمر ولكن شخص اخر يعاونه في شرب الخمر ويساعده في شربه فهذا حرام او شخص لا يقدر على قتل شخص ولكن شخص اخر يساعده في قتله كما لو مسكه وهو يقتل هذا الشخص فهذا حرام ، اذن التعاون على الاثم محرم واما الاعانة على الاثم فلا دليل على حرمته.
ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): الأربعون: حكي عن جماعة عدم صحة دفع الزكاة في المكان المغصوب نظرا إلى أنه من العبادات فلا يجتمع مع الحرام ولعل نظرهم إلى غير صورة الاحتساب على الفقير من دين له عليه، إذ فيه لا يكون تصرفا في ملك الغير، بل إلى صورة الإعطاء والأخذ حيث إنهما فعلان خارجيان، ولكنه أيضا مشكل من حيث إن الإعطاء الخارجي مقدمة للواجب وهو الإيصال الذي هو أمر انتزاعي معنوي فلا يبعد الإجزاء)[2] .
الظاهر ان الامر ليس كذلك لان اعطاء الزكاة ودفعها لا يكون متحدا مع الحرام فان الحرام هو الكون في الارض المغصوبة باي شكل كان فان الانسان بمقدار حجمه يتصرف في الارض المغصوبة سواء أكان ساكنا او متحركا قائما او قاعدا فلا فرق فانه اذا تحرك ليس حجمه أكثر منه اذا كان ساكنا ، فما ذكره بعض الفقهاء من ان الشخص اذا دخل في الدار المغصوبة لا بد ان يبقى ساكنا ولا يتحرك من مكانه فان الظاهر ان الامر ليس كذلك فانه يتصرف في الفضاء المغصوب وفي الارض المغصوبة بمقدار حجمه وهندامه سواء أكان متحركا ام ساكنا فاذا تحرك ليس حجمه اوسع من حجمه اذا كان ساكنا ، واما اعطاء الزكاة ودفع الزكاة فانه لا يستلزم التصرف في الارض المغصوبة وليس مصداقا للكون المغصوب فان المحرم هو الكون في المكان المغصوب فان الاعطاء والدفع وايصال الزكاة الى الفقير ليس مصداقا للكون بل هو مقارن له وملازم له كالصلاة فان الصلاة في الارض المغصوبة ليست متحدة مع الكون فيها لان الصلاة مركبة من مقولات متعددة مقولة الكيف النفسانية كالنية ومقولة الكيف المسموع كالقراءة والتكبيرة ومقولة الوضع كالركوع والسجود والقيام ، هذه المقولات لا تتحد مع مقولة الاين فان الغصب هو من مقولة الاين ، اذن المقولات متباينات ولا يمكن اتحاد مقولة مع مقولة اخر ، نعم هما متلازمتان فان الصلاة في الارض المغصوبة ملازمة للتصرف فيها لا انها متحدة معها.
نعم السجود على الارض المغصوبة متحد مع الغصب فان المعتبر في السجود الاتكاء على الارض المغصوبة والاتكاء محرم ، اذن الحرام متحد مع الواجب فمن هذه الناحية تكون الصلاة في الارض المغصوبة باطلة وبقطع النظر عن السجد كما ذا فرضنا انه لم يكن مأمورا بالسجود على الارض لعدم تمكنه من ذلك ومأمورا بالإيماء والاشارة بدل الركوع والسجود فلا تكون صلاته في الارض المغصوبة باطلة بل صلاته صحيحة وان ارتكب محرما وهو التصرف في الارض المغصوبة ، والمقام ايضا كذلك فان دفع الزكاة واعطائها الى الفقير وايصاله الى الفقير لا يكون متحدا مع الغصب فان الغصب من مقولة الاين وهذا من مقولة الفعل فلا يكون متحدا مع الغصب بل هو مقارن وملازم له فلا مانع من هذا الاعطاء وان استلزم محرما بل لا مانع من اسقاطه وان قلنا ان الاعطاء للفقير وايصال الزكاة محرم ومصداق للحرام ومتحد معه ومع ذلك يكون مجزيا وذلك لما تقدم من ان قصد القربى معتبر في اخراج الزكاة وتعيينها وافرازها وعزلها للجهة المالكة ، واما في ايصالها واعطائها للفقير فلا يعتبر فيه قصد القربى فانه يجوز ايصالها باي طريق كان وباي عنوان كان سواء كان العنوان محلل او محرم كما اذا كان ايصالها بعنوان الرياء فهو محرم مع ذلك يكون مجزيا لأنه وجوبه وجوب توصلي فلا مانع وهو يسقط حتى فيما اذا كان الايصال محرما ، بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.