38/05/04
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الأصول
38/05/04
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: حكومة حديث لا ضرر ولا حرج على قاعدة الاحتياط
قلنا إنه لا مانع ثبوتا من جعل وجوب الاحتياط الشرعي في أطراف العلم الإجمالي مع وجود حكم العقل بلزوم الاحتياط لأن حكم الشارع بوجوب الاحتياط يحمل على أنه تأكيد لحكم العقل بذلك وعلى هذا لا يكون الوجوب الشرعي للاحتياط لغويا، كما ان ملاك هذا الحكم هو اهتمام المولى بالحفاظ على الأحكام الواقعية الالزامية حتى في موارد الاشتباه والالتباس المقرونة بالعلم الإجمالي، نعم لا دليل على وجوب الاحتياط شرعا في أطراف العلم الإجمالي في مقام الإثبات فمن أجل ذلك لا يمكن الالتزام به.
وثانيا: مع الإغماض عن ذلك وتسليم وجوب الاحتياط شرعا في أطراف العلم الإجمالي فمع كونه ضرريا أو حرجيا فقد يقال إن المرفوع بحديث لا ضرر ولا حرج هو وجوب الاحتياط الشرعي فقط لا ملاكه وهو اهتمام المولى بالحفاظ عليها حتى في أطراف العلم الإجمالي وموارد الاشتباه والالتباس باعتبار أن هذا الرفع رفع امتناني وهذا الرفع إنما يكون امتناني فيما إذا كان ملاكه باقيا وإلا فانتفاء الحكم بانتفاء ملاكه قهري.
فإذاً تطبيق قاعدة لا ضرر او لا حرج على وجوب الاحتياط الشرعي إذا كان ضرريا أو حرجيا إنما هو للامتنان ومعنى كونه امتنانا هو بقاء ملاكه وهو اهتمام المولى بالحفاظ عليها حتى في موارد العلم الإجمالي وموارد الاشتباه والالتباس فملاك حكم العقل بوجوب الاحتياط باق وهو اهتمام المولى بالحفاظ على الأحكام الالزامية في موارد الاشتباه والالتباس، وعلى هذا يكون المرفوع هو وجوب الاحتياط الشرعي واما وجوب الاحتياط عقلا فهو باق.
ولكن لا معنى لهذا القول لما ذكرناه غير مرة من أن حقيقة الحكم وروحه ملاكه سواء كان حكما واقعيا او كان حكما ظاهريا واما الحكم بما هو اعتبار فلا أثر ولا قيمة له فإن تمام القيمة للحكم ملاكه فلا يمكن ان يكون المرفوع وجوب الاحتياط الشرعي مع كون ملاكه باقيا لأن معناه أن الاحتياط الشرعي لم يرتفع والمرفوع هو نفس الاعتبار بما هو اعتبار وهو لا قيمة له كما قلنا واما ذو الأثر وهو الملاك فهو غير مرفوع.
هذا مضافا إلى أن الحكم الظاهري ليس حكما مولويا نفسيا بل هو حكم طريقي والغرض من جعل الحكم الظاهري هو تنجيز الحكم الواقعي عند الإصابة والتعذير عند الخطأ فلا شان له إلا هذا.
وعلى هذا يكون جعل وجوب الاحتياط في أطراف العلم الإجمالي إنما هو لتنجيزه الأحكام الموجودة في أطراف العلم الإجمالي أو لكونه مؤكدا لتنجيزها.
وعلى هذا يكون الغرض من جعل وجوب الاحتياط في موارد الاشتباه والالتباس المقرونة بالعلم الإجمالي هو تنجيز الأحكام الواقعية الالزامية بما لها من المبادئ والملاكات فلو كان وجوب الاحتياط مرفوعا دون ملاكه وملاكه تنجيز الواقع للزم ارتفاع المؤثر مع بقاء الأثر والتفكيك بين المؤثر والأثر وهو لا يمكن باعتبار أن المؤثر هو وجوب الاحتياط وأثره التنجيز فإذا كان وجوب الاحتياط مرفوعا بحديث لا ضرر ولا حرج ولكن أثره وهو تنجيز الأحكام الالزامية الواقعية باق فهذا معناه التفكيك بين الأثر والمؤثر والمعلول عن العلة وهو مستحيل؛ لأن الأثر يدور مدار المؤثر حدوثا وبقاء فلا يتصور الانفكاك بينهما بأن تكون العلة مرفوعة والمعلول موجودا.
ومن هنا إذا قلنا بارتفاع تنجيز الأحكام الواقعية الذي هو أثر لوجوب الاحتياط فبطبيعة الحال يرتفع وجوب الاحتياط العقلي أيضا لأن منشأه تنجيز الأحكام الواقعية الالزامية في موارد الاشتباه والالتباس أي في اطراف العلم الإجمالي فالعقل إنما يحكم بوجوب الاحتياط من جهة تنجيز الواقع ومع ارتفاع التنجيز لا محالة يرتفع حكم العقل بوجوب الاحتياط أيضا وهذا مما لا يمكن الالتزام به.
وعلى هذا لا يكون لما ذكر معنى.
وثالثاً: أن ملاك حكم العقل بوجوب الاحتياط هو العلم الإجمالي واما ملاك وجوب الاحتياط شرعا فهو اهتمام المولى بالحفاظ على الأحكام الواقعية الالزامية حتى في موارد الاشتباه والالتباس المقرونة بالعلم الإجمالي، وعلى هذا يكون ملاك احد الاحتياطين غير ملاك الآخر، ويترتب على هذا أنه إذا كان وجوب الاحتياط الشرعي ضرريا أو حرجيا فهو مرفوع بحديث لا ضرر او لا حرج بارتفاع ملاكه وهو اهتمام المولى بالحفاظ على الأحكام الواقعية الالزامية حتى في موارد الاشتباه والالتباس واما ملاك حكم العقل بوجوب الاحتياط فهو باق من جهة بقاء ملاكه وهو العلم الإجمالي.
وهذه الدعوى أيضا لا أثر لها ولا معنى لها؛ فإن وجوب الاحتياط إنما هو بملاك تنجيز الأحكام الواقعية في موارد الاشتباه فإنه منجز لتلك الأحكام الواقعية في موارد الاشتباه والالتباس المقرونة بالعلم الإجمالي فإذا ارتفع وجوب الاحتياط شرعا فبطبيعة الحال يرتفع تنجيز هذه الأحكام في موارد الاشتباه والالتباس أيضا ومع ارتفاع التنجيز لا يكون هناك اهتمام من المولى فإن اهتمام المولى بالحفاظ عليها إنما هو من جهة انها منجزة بما لها من الملاكات والمبادئ واما إذا ارتفع تنجيزها فلا اهتمام للمولى بها، وعلى هذا فكيف يبقى حكم العقل بوجوب الاحتياط بعد ارتفاع تنجيزها، باعتبار أن منجزية هذه الأحكام هي السبب والعلة لحكم العقل بوجوب الاحتياط لا نفس العلم الإجمالي بلا تنجيز لأنه بدون كونه منجزا لا أثر له، ومع ارتفاع تنجيز هذه الأحكام في أطراف العلم الإجمالي يرتفع حكم العقل أيضا بارتفاع منشأه وسببه.
إلى هنا قد تبين أن ما ذكر من محاولات لتصحيح ما بنى عليه صاحب الكفاية(قده) من تفسير حديث لا ضرر ولا حرج لا يمكن المساعدة عليه.
واما ما ذكره شيخنا الأنصاري(قده) من أن المرفوع هو منشأ وجوب الاحتياط العقلي باعتبار أن منشأ وجوب الاحتياط العقلي هو تنجز الأحكام الواقعية بما لها من الملاكات والمبادئ في أطراف العلم الإجمالي أي في موارد الاشتباه والالتباس المقرونة بالعلم الإجمالي فالمرفوع هو هذه الأحكام المنجزة لأن سبب وجوب الاحتياط العقلي هو تنجز هذه الأحكام في أطراف العلم الإجمالي فهو وإن كان بحاجة إلى تقدير أن معنى لا ضرر هو أنه لا حكم ضرري او حرجي ولكن بما ان اسناد نفي الضرر إلى الشارع لا يمكن لوجود الضرر والحرج في الخارج فلا يكون قابلا للنفي فلا محالة يكون المنفي مقدر هو الحكم الشرعي.
وهذا هو المتفاهم العرفي بمناسبة الحكم والموضوع الارتكازية.
واما القول الثالث: من ان المنفي نفس الضرر والحرج المسبب من الأحكام الشرعية أي المنفي هو المعلول وبنفي المعلول تنتفي العلة أيضا فهذا وإن كان صحيحا إلا أنه ليس بعرفي باعتبار أن العرف لا يفهم من ذلك هذا المعنى والذي هو عرفي هو نفي المسبب بنفي السبب لا العكس.
فالنتيجة: أن الصحيح هو ما ذهب إليه شيخنا الأنصاري(قده).
هذا تمام كلامنا في الانسداد