35/06/19
تحمیل
الموضوع:
الصوم :المفطرات : الاكل والشرب :الاستدلال على مفطرية اكل وشرب القليل.
تقدم الكلام في المقام الاول حيث كان في مفطرية القليل من الطعام من فرض عدم الاستهلاك وتبين مما تقدم بعض ما يدل على مفطرية المقدار القليل, وعمدة هذه الروايات هي روايات المضمضة, وهي معتبرة سندا وظاهرة في مفطرية المقدار القليل الذي يدخل في الجوف نتيجة المضمضة ,وهناك ايضا روايات المنع من صب الدهن في الاذن ( قال لابأس به ان لم يدخل في الحلق )وفيها دلالة على انه اذا دخل الى الحلق ففيه بأس , ومع وضوح المقدار القليل الذي يدخل في الحلق عند صب الدهن في الاذن اذا تعقلنا دخول الدهن من الاذن الى الحلق.
وفي المقابل روايات تدل على عدم المفطرية واهم هذه الروايات ما دل على جواز مص لسان الزوجة او الزوج او الصبية وهي روايات معتبرة سندا على ما تقدم وظاهرة في عدم المفطرية .
قد يقال بترجيح الروايات الدالة على عدم المفطرية على الروايات الدالة على المفطرية بأعتبار انها صريحة في الجواز كما صرح في بعضها بدخول ريق الغير في جوف الصائم ومع ذلك قال الامام لا بأس به فصراحة هذه الرواية في الجواز تكون موجبة لترجيحها على تلك الروايات واعني بالخصوص روايات المضمضة حيث غاية ما يقال فيها انه ظاهرة في المفطرية بينما هذه الروايات صريحة في عدم المفطرية بل قد يستظهر من روايات المضمضة ان موردها الماء الكثير وان عدم الجواز فيها من هذه الجهة لا انها تريد ان تقول ان القليل مفطر, بل ان موردها الماء الكثير وذلك بأعتبار ان روايات المضمضة اذا تأملنا فيها نلاحظ انها تفترض دخول الماء الذي تمضمض به الصائم, ومن الواضح ان الماء الذي يتمضمض به الصائم هو ماء كثير , ويكفي في طرح ذلك كأحتمال لكي نقول ليس فيها الا ظهور في مقابل الروايات الصريحة في الجواز , وهذه الروايات من قبيل موثقة سماعة (سماعة - في حديث –( قال : سألته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه ؟ قال : عليه قضاؤه، وإن كان في وضوء فلا بأس به)[1]
فالذي يحتمل ان الماء الذي دخل حلقه هو الماء الذي عبث به وهذا ليس ماءاً قليلا , فيحكم الامام عليه السلام بوجوب القضاء عليه ويحتمل ان يكون وجوب قضاءه ومفطريته وعدم جوازه لإجل ان الماء الداخل المذكور في السؤال هو ماء كثير وليس فيها دلالة على مفطرية الماء القليل , وهكذا في رواية حماد (عن أبي عبد الله عليه السلام في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه، فقال : إن كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شيء، وإن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء)[2]
يمكن افتراض ان دخول الماء هو دخول الماء الذي استعمله للوضوء , وعلى الاقل يمكن ان نقول ان هذه الروايات ليس فيها ظهور في ان الماء القليل كعشر قطرة موجب للمفطرية بحيث تكون معارضة للروايات السابقة الدالة على جواز استعمال الماء القليل وعدم مفطريته, ولا اقل _كما قلنا_ من الاحتمال الموجب لحمل هذه الروايات على الماء الكثير جمعا بينها وبين الروايات الدالة على عدم مفطرية المقدار القليل.
اما روايات صب الدهن في الاذن فقد تقدم ان سندها لا يخلو من خدشة, ومن جهة اخرى انه ذكر بعضهم عدم وجود مسلك من الاذن الى الحلق بحيث يدخل الدهن من الاذن الى الحلق ولهذا حُملت هذه الرواية على الكراهة بأعتبار وجود اثر الدهن في الحلق, وفي روايات الكحل اشير الى هذا المعنى حيث ان الكحل لا ينزل الى الحلق وانما الطعم يمكن ان يكون في الحلق.
والعمدة في المقام هي روايات المضمضة وروايات مص لسان الزوج اوالزوجة او الصبي حيث انه يقع بينهما هذا التعارض فإذا تمت روايات مص اللسان فيمكن تقديمها على روايات المضمضة وتكون حينئذ مقِيدة لمطلقات المنع من الاكل والشرب اذا تم الاطلاق في تلك الاخبار, واما اذا استشكلنا في الاطلاق كما تقدم فحينئذ لا مطلقات حتى تكون هذه الروايات مقيدة لها, وانما يكون العمل بهذه الروايات الدالة على عدم مفطرية المقادير القليلة التي ذكرها السيد الماتن من قبيل عشر حبة الحنطة , نعم قلنا بأنه قد يمنع من دلالة روايات مص لسان الزوج او الزوجة على الجواز في محل الكلام (المقام الاول) بأن يقال ان هذه الروايات يصح الاستدلال بها في فرض الريق الغير مستهلك واما مع الاستهلاك فلا يصح الاستدلال بها على عدم المفطرية مع عدم الاستهلاك الذي هو محل الكلام .
لكن هذا الاستهلاك_ بقطع النظر عن الاشكال الذي سيأتي في المقام الثاني في امكان تصور الاستهلاك مع اتحاد الجنس_ ليس واضحا لأن المقدار من ريق الغير ليس اقل من ريقه الموجود في فمه او حتى وان فرضنا قلته لكن ليس بالمقدار الذي يتحقق الاستهلاك فيه , فهو ان لم يكن مساو له فهو اقل منه بدرجة لا تحقق الاستهلاك , والى هنا يبدو ان هذا الاشكال ليس واردا على هذه الروايات, ومن جهة اخرى يبدو ان هذا الجواز على القول به فهو ليس مختص بالزوجين وقد وردت بعض الروايات في مص لسان الصبية , ويبدو من الروايات ان هذا المقدار الذي يدخل بهذه العملية ليس من المفطرات.
هذا بالنسبة الى المقام الاول ولعلنا نرجع اليه لإستكمال النتيجة بعد المقام الثاني.
المقام الثاني : مفطرية القليل مع الاستهلاك
قال الماتن (حتى أنه لو بل الخياط الخيط بريقه أو غيره ثم رده إلى الفم وابتلع ما عليه من الرطوبة بطل صومه إلا إذا استهلك ما كان عليه من الرطوبة بريقه على وجه لا يصدق عليه الرطوبة الخارجية )
ذكر السيد الحكيم اعتراضين على هذا الكلام في المستمسك
الاول :(يمكن دعوى عدم كفاية هذا المقدار، بل يكفي في المنع عنه : صدق ريقه وريق غيره على نحو الامتزاج عليه، ولا يعتبر صدق غير ريقه عليه، ليكفي في الجواز عدم صدقه . ولذا قيده في الجواهر بقوله : يجب يعد ابتلاع ريقه لا غير " . لكن في تحقق الاستهلاك كذلك – مع الاتحاد في الجنس - إشكال فتأمل)[3] ويظهر الاثر العملي_ بين رأي الماتن والسيد الحكيم _ فيما لو امتزج من رطوبة خارجية ورطوبة داخلية على نحو لا يصدق عليه كل من الرطوبتين على حده لأنه على رأي الماتن يكفي في الجواز عدم صدق الرطوبة الخارجية فهنا لا تصدق الرطوبة الخارجية فيكفي, فيكون جائزا, وعلى رأي السيد الحكيم لابد في الجواز من صدق الرطوبة الداخلية وبما ان الرطوبة الداخلية في هذه الممتزج لا تصدق فلا يجوز ادخاله في الجوف .
الثاني: وهو الذي اصبح موضع اهتمام وذكروه في كلماتهم وهو مسألة ان الاستهلاك لا يخلو تصوره في المقام من اشكال والمقصود بالمقام هو المثال الذي مثل به السيد الماتن (اتحاد جنس الممتزجين الماء والريق) ولم يذكر السيد الحكيم(قد) جهة الاشكال ووضحها السيد الخوئي (قد) (وقد يستشكل في ذلك بمنع تحقق الاستهلاك بعد فرض الاتحاد في الجنس، فإنه إنما يتصور في غير المتجانسين على ما ذكروه في الشركة، كامتزاج التراب في الماء، أو وقوع قطرة من البول في كر من الماء مثلا الموجب لزوال الموضوع وانعدامه . وأما المزج الحاصل في المتجانسين – كما في المقام - فهو موجب لزيادة الكمية والإضافة على مقدارها فكان الريق أو الماء عشرة مثاقيل مثلا فصارف أحد عشر مثقالا، وإلا فالمزيج باق على ما كان لا أنه زال وانعدم . فلا يتصور في مثله الاستهلاك. ويندفع بأن هذا إنما يتم بالنظر إلى ذات المزيج فلا يعقل الاستهلاك بملاحظة نفس الممتزجين المتحدين في الجنس وذاتهما، فإنها طبيعة واحدة قد زيدت كميتها كما أفيد.
وأما بالنظر إلى الوصف العنواني الذي بملاحظته جعل موضوعا لحكم من الأحكام بأن كان الأثر مترتبا على صنف خاص من الطبيعة فلا مناص من الالتزام بالاستهلاك من هذه الجهة.
فلو فرضنا أن ماء البئر لا يجوز التوضؤ به، فمزجنا مقدارا منه بماء النهر، فالاستهلاك بالنظر إلى ذات الماء غير متصور، إذ لا معنى لاستهلاك الماء في الماء كما ذكر، وأما بالنظر إلى الخصوصية أعني الإضافة إلى البئر فالاستهلاك ضروري، بمعنى أن هذه الإضافة غير باقية بعد الامتزاج فيما إذا كان المزيج قليلا، ولا موضوع لتلك الحصة الخاصة فلا يطلق على الممتزج أن هذا ماء البئر، أو أن فيه ماء البئر، فالماء بما هو ماء وإن لم يكن مستهلكا، ولكن بما هو ماء البئر مستهلك بطبيعة الحال. ومن هذا القبيل ما لو أخذنا مقدارا من الماء المغصوب وألقيناه في الماء المباح بحيث كان الأول يسيرا جدا في قبال الثاني، كما لو ألقينا مقدار كر من الماء المغصوب في البحر، أو مقدار قطرة منه في الكر، أفهل يمكن التفوه بعدم جواز الاستعمال من البحر أو من الكر، بدعوى حصول الامتزاج، وامتناع الاستهلاك في المتجانسين. فإن هذه الدعوى صحيحة بالنظر إلى ذات الماء، وأما بالنظر إلى صفة الغصبية والإضافة إلى ملك الغير فغير قابلة للتصديق إذ لا موضوع بعدئذ لمال الغير كي يحرم استعماله، فالاستهلاك بهذا المعنى ضروري التحقق لعدم بقاء القطرة - مثلا - على حالها. وملخص الكلام أنه قد يلاحظ الاستهلاك بالنسبة إلى ذات الشيء، وأخرى بالنظر إلى صنف خاص وصفة مخصوصة، والأول ليس متصورا في المتجانسين، وأما الثاني أعني الإضافة الخاصة التي هي الموضوع للأثر فهي مستهلكة لا محالة، إذ لا موضوع لها بقاء.
ومقامنا من هذا القبيل، فإن الريق ما دام كونه في الفم يجوز ابتلاعه، وإذا خرج لا يجوز، فهناك صنفان محكومان بحكمين، فإذا امتزج الصنفان على نحو تحقق معه الاستهلاك - لا بما هو ريق، بل بما هو ريق خارجي - جاز ابتلاعه، فالبلة الموجودة على الخيط المستهلكة في ريق الفم على وجه لا يصدق عليها الرطوبة الخارجية يجوز ابتلاعها كما ذكره في المتن
لانقطاع الإضافة وانعدام الموضوع حسبما عرفت.)[4]
وهذا الجواب تام بشكل عام ولعل السيد الحكيم يشير اليه في الاشكال الاول بقوله فتأمل.
لكن الاشكال ليس من هذه الجهة وانما الاشكال حتى في هذا المعنى الذي ذكره السيد الخوئي يحتاج الى ان يكون المقدار المستَهلك مقدارا قليلا جدا بالقياس الى المستِهلك ليقال ان هذا الريق الذي هو رطوبة خارجية وموضوع للأثر اُستهلكت في ريق الصائم , وهذا الذي اشرنا اليه في مسألة مص لسان الزوج والزوجة حيث ذكرنا عدم وضوح الاستهلاك في هذا المورد, وفي مثال الخيط يمكن ان يقال ان النسبة قليلة جدا ويمكن ان يتحقق الاستهلاك لكن في روايات مص لسان الزوج والزوجة يبدو ان الامر ليس هكذا .
هذا بالنسبة الى الاشكال الثاني اما الاشكال الاول فهل يكفي في الجواز عدم صدق الرطوبة الخارجية على ما ذكره السيد الماتن او نشترط فيه صدق الرطوبة الداخلية كما يقول السيد الحكيم , فأن تحديد ذلك يرجع الى الادلة الدالة على الجواز والمنع ليتبين ما هو موضوع المنع فتارة نستفيد جواز ابتلاع الصائم الرطوبة الداخلية (ريقه) دون غيره وحينئذ يكون ما يقوله السيد الحكيم هو الصحيح, واما اذا دلت الادلة على منع ادخال الرطوبة الخارجية الجوفَ فحينئذ يكون ما قاله السيد الماتن هو المتعين , ولا يبعد ان المستفاد من الادلة هو ما قاله الماتن حيث انها تمنع من ادخال الامور الخارجية فما صدق عليه انه ليس رطوبة خارجية يكفي في اثبات الجواز .
تقدم الكلام في المقام الاول حيث كان في مفطرية القليل من الطعام من فرض عدم الاستهلاك وتبين مما تقدم بعض ما يدل على مفطرية المقدار القليل, وعمدة هذه الروايات هي روايات المضمضة, وهي معتبرة سندا وظاهرة في مفطرية المقدار القليل الذي يدخل في الجوف نتيجة المضمضة ,وهناك ايضا روايات المنع من صب الدهن في الاذن ( قال لابأس به ان لم يدخل في الحلق )وفيها دلالة على انه اذا دخل الى الحلق ففيه بأس , ومع وضوح المقدار القليل الذي يدخل في الحلق عند صب الدهن في الاذن اذا تعقلنا دخول الدهن من الاذن الى الحلق.
وفي المقابل روايات تدل على عدم المفطرية واهم هذه الروايات ما دل على جواز مص لسان الزوجة او الزوج او الصبية وهي روايات معتبرة سندا على ما تقدم وظاهرة في عدم المفطرية .
قد يقال بترجيح الروايات الدالة على عدم المفطرية على الروايات الدالة على المفطرية بأعتبار انها صريحة في الجواز كما صرح في بعضها بدخول ريق الغير في جوف الصائم ومع ذلك قال الامام لا بأس به فصراحة هذه الرواية في الجواز تكون موجبة لترجيحها على تلك الروايات واعني بالخصوص روايات المضمضة حيث غاية ما يقال فيها انه ظاهرة في المفطرية بينما هذه الروايات صريحة في عدم المفطرية بل قد يستظهر من روايات المضمضة ان موردها الماء الكثير وان عدم الجواز فيها من هذه الجهة لا انها تريد ان تقول ان القليل مفطر, بل ان موردها الماء الكثير وذلك بأعتبار ان روايات المضمضة اذا تأملنا فيها نلاحظ انها تفترض دخول الماء الذي تمضمض به الصائم, ومن الواضح ان الماء الذي يتمضمض به الصائم هو ماء كثير , ويكفي في طرح ذلك كأحتمال لكي نقول ليس فيها الا ظهور في مقابل الروايات الصريحة في الجواز , وهذه الروايات من قبيل موثقة سماعة (سماعة - في حديث –( قال : سألته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه ؟ قال : عليه قضاؤه، وإن كان في وضوء فلا بأس به)[1]
فالذي يحتمل ان الماء الذي دخل حلقه هو الماء الذي عبث به وهذا ليس ماءاً قليلا , فيحكم الامام عليه السلام بوجوب القضاء عليه ويحتمل ان يكون وجوب قضاءه ومفطريته وعدم جوازه لإجل ان الماء الداخل المذكور في السؤال هو ماء كثير وليس فيها دلالة على مفطرية الماء القليل , وهكذا في رواية حماد (عن أبي عبد الله عليه السلام في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه، فقال : إن كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شيء، وإن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء)[2]
يمكن افتراض ان دخول الماء هو دخول الماء الذي استعمله للوضوء , وعلى الاقل يمكن ان نقول ان هذه الروايات ليس فيها ظهور في ان الماء القليل كعشر قطرة موجب للمفطرية بحيث تكون معارضة للروايات السابقة الدالة على جواز استعمال الماء القليل وعدم مفطريته, ولا اقل _كما قلنا_ من الاحتمال الموجب لحمل هذه الروايات على الماء الكثير جمعا بينها وبين الروايات الدالة على عدم مفطرية المقدار القليل.
اما روايات صب الدهن في الاذن فقد تقدم ان سندها لا يخلو من خدشة, ومن جهة اخرى انه ذكر بعضهم عدم وجود مسلك من الاذن الى الحلق بحيث يدخل الدهن من الاذن الى الحلق ولهذا حُملت هذه الرواية على الكراهة بأعتبار وجود اثر الدهن في الحلق, وفي روايات الكحل اشير الى هذا المعنى حيث ان الكحل لا ينزل الى الحلق وانما الطعم يمكن ان يكون في الحلق.
والعمدة في المقام هي روايات المضمضة وروايات مص لسان الزوج اوالزوجة او الصبي حيث انه يقع بينهما هذا التعارض فإذا تمت روايات مص اللسان فيمكن تقديمها على روايات المضمضة وتكون حينئذ مقِيدة لمطلقات المنع من الاكل والشرب اذا تم الاطلاق في تلك الاخبار, واما اذا استشكلنا في الاطلاق كما تقدم فحينئذ لا مطلقات حتى تكون هذه الروايات مقيدة لها, وانما يكون العمل بهذه الروايات الدالة على عدم مفطرية المقادير القليلة التي ذكرها السيد الماتن من قبيل عشر حبة الحنطة , نعم قلنا بأنه قد يمنع من دلالة روايات مص لسان الزوج او الزوجة على الجواز في محل الكلام (المقام الاول) بأن يقال ان هذه الروايات يصح الاستدلال بها في فرض الريق الغير مستهلك واما مع الاستهلاك فلا يصح الاستدلال بها على عدم المفطرية مع عدم الاستهلاك الذي هو محل الكلام .
لكن هذا الاستهلاك_ بقطع النظر عن الاشكال الذي سيأتي في المقام الثاني في امكان تصور الاستهلاك مع اتحاد الجنس_ ليس واضحا لأن المقدار من ريق الغير ليس اقل من ريقه الموجود في فمه او حتى وان فرضنا قلته لكن ليس بالمقدار الذي يتحقق الاستهلاك فيه , فهو ان لم يكن مساو له فهو اقل منه بدرجة لا تحقق الاستهلاك , والى هنا يبدو ان هذا الاشكال ليس واردا على هذه الروايات, ومن جهة اخرى يبدو ان هذا الجواز على القول به فهو ليس مختص بالزوجين وقد وردت بعض الروايات في مص لسان الصبية , ويبدو من الروايات ان هذا المقدار الذي يدخل بهذه العملية ليس من المفطرات.
هذا بالنسبة الى المقام الاول ولعلنا نرجع اليه لإستكمال النتيجة بعد المقام الثاني.
المقام الثاني : مفطرية القليل مع الاستهلاك
قال الماتن (حتى أنه لو بل الخياط الخيط بريقه أو غيره ثم رده إلى الفم وابتلع ما عليه من الرطوبة بطل صومه إلا إذا استهلك ما كان عليه من الرطوبة بريقه على وجه لا يصدق عليه الرطوبة الخارجية )
ذكر السيد الحكيم اعتراضين على هذا الكلام في المستمسك
الاول :(يمكن دعوى عدم كفاية هذا المقدار، بل يكفي في المنع عنه : صدق ريقه وريق غيره على نحو الامتزاج عليه، ولا يعتبر صدق غير ريقه عليه، ليكفي في الجواز عدم صدقه . ولذا قيده في الجواهر بقوله : يجب يعد ابتلاع ريقه لا غير " . لكن في تحقق الاستهلاك كذلك – مع الاتحاد في الجنس - إشكال فتأمل)[3] ويظهر الاثر العملي_ بين رأي الماتن والسيد الحكيم _ فيما لو امتزج من رطوبة خارجية ورطوبة داخلية على نحو لا يصدق عليه كل من الرطوبتين على حده لأنه على رأي الماتن يكفي في الجواز عدم صدق الرطوبة الخارجية فهنا لا تصدق الرطوبة الخارجية فيكفي, فيكون جائزا, وعلى رأي السيد الحكيم لابد في الجواز من صدق الرطوبة الداخلية وبما ان الرطوبة الداخلية في هذه الممتزج لا تصدق فلا يجوز ادخاله في الجوف .
الثاني: وهو الذي اصبح موضع اهتمام وذكروه في كلماتهم وهو مسألة ان الاستهلاك لا يخلو تصوره في المقام من اشكال والمقصود بالمقام هو المثال الذي مثل به السيد الماتن (اتحاد جنس الممتزجين الماء والريق) ولم يذكر السيد الحكيم(قد) جهة الاشكال ووضحها السيد الخوئي (قد) (وقد يستشكل في ذلك بمنع تحقق الاستهلاك بعد فرض الاتحاد في الجنس، فإنه إنما يتصور في غير المتجانسين على ما ذكروه في الشركة، كامتزاج التراب في الماء، أو وقوع قطرة من البول في كر من الماء مثلا الموجب لزوال الموضوع وانعدامه . وأما المزج الحاصل في المتجانسين – كما في المقام - فهو موجب لزيادة الكمية والإضافة على مقدارها فكان الريق أو الماء عشرة مثاقيل مثلا فصارف أحد عشر مثقالا، وإلا فالمزيج باق على ما كان لا أنه زال وانعدم . فلا يتصور في مثله الاستهلاك. ويندفع بأن هذا إنما يتم بالنظر إلى ذات المزيج فلا يعقل الاستهلاك بملاحظة نفس الممتزجين المتحدين في الجنس وذاتهما، فإنها طبيعة واحدة قد زيدت كميتها كما أفيد.
وأما بالنظر إلى الوصف العنواني الذي بملاحظته جعل موضوعا لحكم من الأحكام بأن كان الأثر مترتبا على صنف خاص من الطبيعة فلا مناص من الالتزام بالاستهلاك من هذه الجهة.
فلو فرضنا أن ماء البئر لا يجوز التوضؤ به، فمزجنا مقدارا منه بماء النهر، فالاستهلاك بالنظر إلى ذات الماء غير متصور، إذ لا معنى لاستهلاك الماء في الماء كما ذكر، وأما بالنظر إلى الخصوصية أعني الإضافة إلى البئر فالاستهلاك ضروري، بمعنى أن هذه الإضافة غير باقية بعد الامتزاج فيما إذا كان المزيج قليلا، ولا موضوع لتلك الحصة الخاصة فلا يطلق على الممتزج أن هذا ماء البئر، أو أن فيه ماء البئر، فالماء بما هو ماء وإن لم يكن مستهلكا، ولكن بما هو ماء البئر مستهلك بطبيعة الحال. ومن هذا القبيل ما لو أخذنا مقدارا من الماء المغصوب وألقيناه في الماء المباح بحيث كان الأول يسيرا جدا في قبال الثاني، كما لو ألقينا مقدار كر من الماء المغصوب في البحر، أو مقدار قطرة منه في الكر، أفهل يمكن التفوه بعدم جواز الاستعمال من البحر أو من الكر، بدعوى حصول الامتزاج، وامتناع الاستهلاك في المتجانسين. فإن هذه الدعوى صحيحة بالنظر إلى ذات الماء، وأما بالنظر إلى صفة الغصبية والإضافة إلى ملك الغير فغير قابلة للتصديق إذ لا موضوع بعدئذ لمال الغير كي يحرم استعماله، فالاستهلاك بهذا المعنى ضروري التحقق لعدم بقاء القطرة - مثلا - على حالها. وملخص الكلام أنه قد يلاحظ الاستهلاك بالنسبة إلى ذات الشيء، وأخرى بالنظر إلى صنف خاص وصفة مخصوصة، والأول ليس متصورا في المتجانسين، وأما الثاني أعني الإضافة الخاصة التي هي الموضوع للأثر فهي مستهلكة لا محالة، إذ لا موضوع لها بقاء.
ومقامنا من هذا القبيل، فإن الريق ما دام كونه في الفم يجوز ابتلاعه، وإذا خرج لا يجوز، فهناك صنفان محكومان بحكمين، فإذا امتزج الصنفان على نحو تحقق معه الاستهلاك - لا بما هو ريق، بل بما هو ريق خارجي - جاز ابتلاعه، فالبلة الموجودة على الخيط المستهلكة في ريق الفم على وجه لا يصدق عليها الرطوبة الخارجية يجوز ابتلاعها كما ذكره في المتن
لانقطاع الإضافة وانعدام الموضوع حسبما عرفت.)[4]
وهذا الجواب تام بشكل عام ولعل السيد الحكيم يشير اليه في الاشكال الاول بقوله فتأمل.
لكن الاشكال ليس من هذه الجهة وانما الاشكال حتى في هذا المعنى الذي ذكره السيد الخوئي يحتاج الى ان يكون المقدار المستَهلك مقدارا قليلا جدا بالقياس الى المستِهلك ليقال ان هذا الريق الذي هو رطوبة خارجية وموضوع للأثر اُستهلكت في ريق الصائم , وهذا الذي اشرنا اليه في مسألة مص لسان الزوج والزوجة حيث ذكرنا عدم وضوح الاستهلاك في هذا المورد, وفي مثال الخيط يمكن ان يقال ان النسبة قليلة جدا ويمكن ان يتحقق الاستهلاك لكن في روايات مص لسان الزوج والزوجة يبدو ان الامر ليس هكذا .
هذا بالنسبة الى الاشكال الثاني اما الاشكال الاول فهل يكفي في الجواز عدم صدق الرطوبة الخارجية على ما ذكره السيد الماتن او نشترط فيه صدق الرطوبة الداخلية كما يقول السيد الحكيم , فأن تحديد ذلك يرجع الى الادلة الدالة على الجواز والمنع ليتبين ما هو موضوع المنع فتارة نستفيد جواز ابتلاع الصائم الرطوبة الداخلية (ريقه) دون غيره وحينئذ يكون ما يقوله السيد الحكيم هو الصحيح, واما اذا دلت الادلة على منع ادخال الرطوبة الخارجية الجوفَ فحينئذ يكون ما قاله السيد الماتن هو المتعين , ولا يبعد ان المستفاد من الادلة هو ما قاله الماتن حيث انها تمنع من ادخال الامور الخارجية فما صدق عليه انه ليس رطوبة خارجية يكفي في اثبات الجواز .