38/07/12
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
38/07/12
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- زكاة الفطرة.
ذكرنا ان في موارد الشك اذا شككنا انه عيال لصاحب البيت او انه ليس بعيال؟ لا شبهة في ان المرجع هو اطلاقات الادلة الاولية الادلة التي تدل على وجوب زكاة الفطرة على كل فرد وعلى كل راس ولكن هذه الاطلاقات قد قيدت بروايات العيلولة فان هذه الروايات تدل على ان زكاة المعال على المعيل وزكاة العيال على المعيل لا على نفسه ، واما في موارد الشك فالمرجع هو اطلاقات الادلة فان الشك انما هو في التخصيص الزائد واذا كان الشك في التخصيص الزائد فالمرجع هو عموم العام واطلاق المطلق.
ومع الاغماض عن ذلك قد يستدل على ذلك بحديث الرفع باعتبار ان الوارد في هذا الحديث جملة (ما استكرهوا وما اضطروا اليه) وصاحب البيت مضطر من أجل الانفاق عليه لأنه نزل عليه قهرا نازل وضيف من دون رضاه ولكن صاحب البيت مكره بإنفاقه ومضطر على الانفاق عليه فاذا شككنا ان فطرته عليه او لا؟ قد يستدل بحديث الرفع فان حديث الرفع يدل على ان الحكم المترتب على الاكراه والفعل الصادر بالاكراه هو مرفوع وبما ان هذا الانفاق صدر عن صاحب البيت مكرها وهو مضطر في ذلك فحينئذ وجوب فطرة من انفق عليه مرفوع لأنه اثر الانفاق وبما ان انفاقه كان مضطرا فبطبيعة الحال يكون اثره مرفوعا.
ولكن الظاهر ان الاستدلال بالحديث لا اصل له اصلا فان الحديث اجنبي عن المقام بالكلية فان مفاد الحديث نفي الاثار المترتبة على افعال المكلفين المعنونة بعناوين ثانوية كما اذا صدر عن المكلف فعل خطأ او فعل نسيانا او اضطرا او اكراها فحديث الرفع يدل على ارتفاق اثر هذا الفعل وانه لا اثر لهذا الفعل فاذا صدر عنه شرب المسكر خطا فحديث الرفع يدل على ارتفاع حرمته وانها مرفوعة ، وأما وجوب الفطرة فهو مترتب على صدق عنوان العيلولة لا على فعل المكلف المعنون بعنوان الخطأ او النسيان بل هو مترتب على عنوان العيلولة فاذا تحقق هذا العنوان فوجوب الفطرة مترتب عليه سواء أكان مضطرا في الانفاق او لم يكن مضطرا وسواء أكان صاحب البيت مكرها في الانفاق عليه او لم يكن فاذا صدق عليه عنوان العيلولة وجبت فطرته عليه فان وجوب الفطرة موضوعه عنوان العيلولة ، اذن الحديث اجنبي عن المقام ولا يمكن الاستدلال بالحديث اصلا.
وقد يقال في ان الحديث لا يشمل المقام بان حديث الرفع مورده الامتنان فان ورد الامتنان على العباد والامتنان انما برفع الاحكام الالزامية التحميلية الثقيلة كالعقوبة الأخروية والدنيوية والكفارة لا مطلق الاثار من الوجوب والحرمة وقد مثل لذلك بما اذا وجب على من افطر في نهار شهر رمضان بالمقاربة مع زوجته فانه يجب غسل الجنابة فاذا صدرت هذه المقاربة نسيانا او خطا او اضطرار فالمرفوع هو العقوبة الاخروية والكفارة اما وجوب الغسل فهو غير مرفوع.
ولكن من الواضح ان هذا المثال اجنبي عن المقام فان وجوب الغسل اثر وضعي للجنابة وحديث الرفع مختص بالأثر التكليفي ولا يكون رافعا للأثر الوضعي ، اذن هذا المثال في غير محله.
وكيفما كان فحديث الرفع لا شبهة في انه حديث امتناني ولا شبهة في ان في رفع الوجوب امتنان وفي رفع الحرمة امتنان كما ان في رفع الكفارة امتنان وفي رفع المؤاخذة والعقوبة امتنان ولا وجه للتفصيل.
ثم ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): (مسألة 18): إذا مات قبل الغروب من ليلة الفطر لم يجب في تركته شئ، وإن مات بعده وجب الإخراج من تركته عنه وعن عياله، وإن كان عليه دين وضاقت التركة قسمت عليهما بالنسبة)[1] .
الواجب في الشريعة المقدسة على ثلاث اصناف.
الصنف الاول:- الواجب التكليفي المتعلق بفعل المكلف كالصلاة والصيام وما شاكل ذلك
الصنف الثاني:- الواجب التكليفي المتعلق بالمال كالكفارات فان وجوب الكفارة ـــ على ما هو الصحيح ـــ وجوب تكليفي لكن متعلقه المال.
الصنف الثالث:- الوجوب الوضعي كأداء الدين سواء أكان دينا عرفيا ام دينا شرعيا كما اذا كانت ذمته مشغولة بالزكاة او بالخمس فان دين يخرج من اصل التركة قبل الارث وبعد اخراج الديون اذا بقي يقسم بين الورثة.
الكلام في المقام انما هو في ان الفطرة هل هي واجب مالي من القسم الثاني او انه من القسم الثالث وظاهر الماتن (قدس الله نفسه) انه من القسم الثالث بل لعل هذا هو المشهور بين الاصحاب وهو ان زكاة الفطرة كزكاة المال فانه كما ان وجوب زكاة المال وضعي ووجوب الخمس وجوب وضعي كذلك زكاة الفطرة وعلى هذا فزكاة الفطرة تخرج من اصل التركة قبل الارث حالها حال الديون وحال زكاة المال ولا فرق بين زكاة الفرطة وزكاة المال.
ولكن تقدم سابقا انه لا دليل على ان وجوب زكاة الفطرة وجوب وضعي بل الظاهر ان وجوب زكاة الفطرة وجوب تكليفي وان كان متعلقه المال ، ونتكلم فيه ان شاء الله تعالى.