38/07/20
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الفقه
38/07/20
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- زكاة الفطرة.
ذكر السيد الماتن (قدس الله نفسه): فصل في جنسها وقدرها والضابط في الجنس القوت الغالب لغالب الناس وهو الحنطة والشعير والتمر والزبيب والأرز والأقط واللبن والذرة وغيرها، والأحوط الاقتصار على الأربعة الأولى وإن كان الأقوى ما ذكرنا، بل يكفي الدقيق والخبز والماش والعدس ، والأفضل إخراج التمر ثم الزبيب ثم القوت الغالب هذا إذا لم يكن هناك مرجح من كون غيرها أصلح بحال الفقير وأنفع له، لكن الأولى والأحوط حينئذ دفعها بعنوان القيمة) [1] .
ذكرنا ان منشأ اختلاف الفقهاء من المتقدمين والمتاخرين في زكاة الفطرة ـــ كما وكيفا ـــ هو اختلاف الروايات ولهذا لا وجه للبحث عن اقوال العلماء فالعمدة هي الروايات ، وذكرنا ان الروايات مختلفة من حيث الكم ـــ كما هو الحال في كثير من الروايات ـــ ومن حيث الكيف ، فان بعض الروايات يدل على ان الفطرة من القوة المتعارف والقوة الغالب للناس وقد يعبر في الروايات بالقوة وقد يعبر بقوة البلد وقد يعبر بالتغذي والمعنى واحد وهو القوة المتعارف الغالب ، اما الروايات التي تدل على الاختلاف في الكم فهي كثيرة ولا شبهة في انها تبلغ من الكثرة حد التواتر الاجمالي ، فبعض الروايات اقتصرت على واحد فقط وبعضها على اثنين وبعضها على ثلاثة وبعضها على اربعة وجملة منها على خمسة او ستة او سبعة او ثمانية ، وذكرنا ان هذه الاختلافات لا توجب التعارض بين هذه الروايات لان هذه الروايات لا تكون مشتملة على اداة الحصر حتى تدل على مفهوم الحصر حتى يدل على عدم اجزاء غيرها مما ذكر في الرواية وكذا لا تكون مشتملة على اداة الشرط حتى تدل على ذلك بمفهوم الشرط ، فان الروايات التي تدل على ان زكاة الفطرة تكون من القوة المتعارف والغالب فانها وان كانت في مقام البيان فان الامام (عليه السلام) في مقام البيان ولكن سكت عن غير ما هو يكون متعارفا التغذي به وسكوت المولى اذا كان في مقام البيان منشأ للاطلاق وهذا الاطلاق الناشئ من سكوت المولى في مقام البيان يدل على عدم اجزاء غيره أي غير ما هو القوة المتعارف والغالب.
ولكن هذا الاطلاق حيث انه من اضعف الاطلاقات فالإطلاق اللفظي يتقدم على ذلك فالروايات التي تدل على كفاية الاجناس الاخرى بعناوينها الخاصة لا بعنوان قوة المتعارف بل بعناوينها الخاصة كالحنطة والشعير والتمر والزبيب والارز والعدس والسمت واللبن وان لم يكن من القوة المتعارف ولكنه يجزي فهذه الروايات تدل بإطلاقها وهذا الاطلاق اطلاق لفظي ناشئ من مقدمات الحكمة ولا شبهة في تقديم هذا الاطلاق على الاطلاق السكوتي الناشئ من سكوت المولى في مقام البيان ، وكذلك الحال بين الروايات التي تدل على الاختلاف في الكم.
النتيجة ان هذه الروايات لا تعارض بينها فجميع ما ورد في الروايات يجزي عن زكاة الفطرة سواء أكان بعناوينها الاولية كما هو الكثير او بعنوان ثانوي أي بعنوان القوة المتعارف والغالب.
ولكن قد يقال ـــ كما قيل ـــ ان بين الصنفين من الروايات الصنف الذي يدل على ان زكاة الفطرة تكون من القوة المتعارف والقوة الغالب والصنف الذي يدل على كفاية ان تكون زكاة الفطرة من الاجناس بعناوينها الاولية كالأرز والعدس واللبن واللحم وما شاكل ذلك بين هذين الصنفين من الروايات نتافٍ فان الصنف الاول يدل بمقتضى مفهوم الحصر على عدم اجزاء غير ما يكون من القوة المتعارف والقوة الغالب فكل جنس لم يكن من القوة المتعارف لا يجزي عن زكاة الفطرة والصنف الثاني يدل بمقتضى مفهوم الحصر انه لا يكفي اذا كان من القوة المتعارف ولم يكن من احد الاجناس فان الصنف يدل بالمطابقة على ان الفطرة لابد ان تكون من القوة المعارف والغالب وبالالتزام بمقتضى مفهوم الحصر يدل على انه لا يجزي من غير القوة المتعارف والصنف الثاني يدل بالمطابقة على ان الفطرة تكفي ان تكون من هذه الاجناس بعناوينها الاولية وان لم يكن من القوة المتعارف وبمفهوم الحصر يدل على انه لا يجزي اذا كان من القوة المتعارف والغالب ولم يكن من احد هذه الاجناس , اذن يقع التعارض بين منطوق كل منهما ومفهوم الاخر ويجمع بينهما اما برفع اليد عن اطلاق منطوق كل منهما بمفهوم الاخر او برفع اليد عن مفهوم كل منهما والاخذ باطلاقهما.
ولكن ذكرنا ان الامر لا يصل الى التعارض فان التعارض مبني على ان يكون مشتملا على اداة الحصر فكلاً من الصنفين لا يدل على المفهوم لا على مفهوم الحصر ولا على مفهوم الشرط فان كلا منهما لا يكون مشتملا لا على اداة الحصر ولا على اداة الشرط فاذا لم يكن مشتملا فلا يدل كلا منهما على المفهوم , واما بين منطوق كلا منهما فلا تعارض كما مر لا بين منطوق الصنف الاول ومنطوق الصنف الثاني فلا تعارض بينهما.
النتيجة يجوز اعطاء الفطرة من كل ما يصدق عليه عنوان الطعام سواء كان من القوة المتعارف ام لم يكن هذا مقتضى جميع الروايات بدون أي تعارض في البين , بقي هنا شيء نتكلم فيه ان شاء الله تعالى.