36/03/05
تحمیل
الموضوع:
الصوم : المفطرات, الثامن , البقاء على الجنابة عمدا , مسألة 49
كان الكلام في مكاتبة علي بن مهزيار الدالة _ كما قيل _على اشتراط صحة صوم المستحاضة بالإتيان بالأغسال النهارية, وقلنا بأن الاستدلال بهذه الرواية اعترض عليه بوجهين :-
الوجه الاول: وهو مسألة اشتمال هذه الرواية على امر فاطمة عليه السلام بأن تفعل ذلك ( أي تقضي الصوم دون الصلاة ) ومن الواضح ان امرها عليها السلام بأن تفعل هذا هو فرع ابتلائها بهذه المسألة (أي انها استحاضت في اول شهر رمضان وتركت الاغسال الى ان انتهى الشهر فأمرها صلى الله عليه واله بأن تقضي الصوم دون الصلاة ) وهذا مما لا يمكن الالتزام به من جهتين :-
الاولى : ان الاخبار الكثيرة ( المتضافرة) دالة على انها لم ترَ حمرة قط .
الثانية : ان هذا يستلزم انها اخلت بما هو الواجب عليها وانها صلت وصامت من دون غسل , وهذا اخلال بالوظيفة ولا يمكن الالتزام به في حقها سلام الله عليها .
وهذا الاعتراض من هذه الجهة اجيب عنه بوجوه :-
الوجه الاول في الاجابة عن الاعتراض :- ان هناك اختلاف في نقل الرواية بين الكافي والتهذيب من جهة وبين العلل والفقيه من جهة اخرى ؛ فالرواية في الكافي والتهذيب توجد فيها العبارة التي يتوجه فيها الامر الى فاطمة عليها السلام , بينما الشيخ الصدوق في العلل والفقيه لم ينقل هذه العبارة .
ورواية الفقيه تبتلي بالتعارض الداخلي لأن النسخ متعددة للفقيه, وهذه الفقرة موجودة في بعض النسخ وهناك احتمال انها غير موجودة في بعض النسخ الاخرى, وهذا يعني ان رواية الصدوق تبتلي بالتعارض الداخلي في الفقيه وتسقط عن الحجية , لكن تبقى رواية العلل وهي مروية بسند اخر غير السند الذي يذكره في الفقيه وهي سالمة من التعارض الداخلي.
فيقع التعارض بين رواية العلل من جهة ورواية الكافي والتهذيب من جهة اخرى .
والجواب الاول يقول بأننا نتمسك بأصالة العدم لأثبات عدم وجود هذه الزيادة لأننا نشك ان هذه الزيادة هل هي موجودة في اصل الرواية وان الامام عليه السلام ذكر هذه الزيادة ؟ او لا ؟ فالأصل هو عدم وجودها.
وهذا الجواب غير تام لأمرين :-
الامر الاول : قد يقال بوجود ما يوجب ترجيح رواية الكافي والتهذيب ( التي توجد فيها الفقرة ) على رواية العلل الخالية من الفقرة ؛ بنكتة ان شهادة الناقل للقيد ( للفقرة) على وجودها اقوى من شهادة التارك لها على عدمها , فأن من يذكر الفقرة في الرواية يشهد بوجودها ومن لم يذكر الفقرة فيها فأنه يشهد بعدم وجودها ,لكن شهادة من يذكر الفقرة في الرواية على وجودها فيها اقوى من شهادة من لم يذكرها على عدمها في تلك الرواية .
وقد يعترض على ذلك بأن يقال ان الناقل _ حسب الفرض _ ثقة مأمون يلتزم بنقل كل ما يسمعه وملتزم بنقل جميع الخصوصيات , فإذا لم ينقل خصوصية ما نستكشف منه ان تلك الخصوصية غير موجودة , وليس شهادته عند عدم ذكر تلك الخصوصية على عدمها اقل ممن ينقلها على وجودها في الرواية ؛ أي ان تلك الاقوائية منتفية .
وهذه الدعوى ( الاعتراض ) غير تامة لأن الناقل وان كان يلتزم بنقل جميع الخصوصيات الا ان ذلك في الخصوصيات الدخيلة في الحكم الشرعي , فإذا لم ينقل الينا خصوصية دخيلة في الحكم الشرعي فأننا نستكشف عدم وجود تلك الخصوصية بلا اشكال .
اما الخصوصيات الغير دخيلة في الحكم الشرعي فليس هناك الزام للناقل بنقلها لكي يكون عدم نقلها شهادة منه بعدم وجودها في الرواية , لأنه ليس مقتضى الامانة في النقل ولا مقتضى الوثاقة ان الراوي ينقل جميع الخصوصيات حتى التي لا دخل لها في الحكم الشرعي , لأنه قد تحدث امور كثيرة في مجلس الخطاب لكن الراوي غير ملزم بنقل كل ما قيل فيه, وانما هو ملزم بذكر الحكم الشرعي والخصوصيات التي تكون دخيلة فيه .
اذن الشهادة السلبية للناقل انما تكون شهادة مساوية للشهادة الايجابية عندما تكون الخصوصية دخيلة في الحكم الشرعي , فيكون عدم نقله لها شهادة قوية منه على عدم وجودها في الرواية .
ولا ينبغي الاشكال في ان الخصوصية التي نبحث عنها هي ليست دخيلة في الحكم الشرعي ؛ حيث ان امرها عليها السلام بالقضاء غير داخل في الحكم الشرعي , لأن هذا الحكم الشرعي ثابت سواء امر فاطمة عليها السلام به او لم يأمرها , وحينئذ يقال بأن هذه الخصوصية يمكن ان يكون الناقل اهملها لعدم كونها خصوصية دخيلة في الحكم الشرعي .
ولذا لا يمكن لهذه الشهادة السلبية ان تقاوم الشهادة الايجابية الموجودة في نقل الكافي والتهذيب على وجود هذه الفقرة .
الامر الثاني: هو ما تكرر من القول بأصالة عدم الزيادة ( أي ا ن هذا الشيء الموجود _ الذي نشك في كونه زائدا _ الاصل فيه انه ليس زائدا ) وهذا يعني ان الزيادة ثابتة ومنه ترجيح رواية الكافي والتهذيب على رواية العلل .
وهذا الاصل يجري عند دوران الامر بين زيادة الفقرة( أي انها زائدة في ما منقول في الكافي والتهذيب ) ونقصها ( أي نقص هذه الفقرة في نقل العلل ) لأن هذه الزيادة ان كانت في الواقع موجودة فأن رواية العلل تكون ناقصة وان كانت في الواقع غير موجودة فأن رواية التهذيب والكافي تكون الفقرة فيها زائدة .
فالأمر يدور بين زيادة الفقرة في رواية الكافي والتهذيب ونقصها في رواية العلل وهنا يذكر في محله ان الاصل هو عدم الزيادة أي ان هذه الفقرة ليس زائدة في نقل الكافي والتهذيب؛ والوجه في تقديم اصالة عدم الزيادة على اصالة عدم النقيصة هو انما نلتزم بأصالة عدم الزيادة بأعتبار ان الزيادة تعني ان الناقل اقحم في الرواية امرا ليس منها ؛ وهذا المعنى ليس له منشأ _بعد استبعاد التعمد بأعتبار ان الراوي ثقة _ الا الغفلة او الاشتباه , وهذا الامر بالنسبة الى الزيادة وان كان ممكنا لكنه نادر وبعيد ؛ اما بالنسبة الى النقيصة , فأنها تعني حذف وترك شيء موجود , والاشتباه والغفلة في ترك شيء موجود ليس نادرا ؛ ومن هنا يكون احتمال ان لا يذكر الناقل بعض ما هو موجود في الرواية غفلة او اشتباها اقوى من احتمال ان يذكر في الرواية امرا ليس موجودا فيها , وهذا يعني ترجيح اصالة عدم الزيادة على اصالة عدم النقيصة ؛ وهذا ما يؤيد اصل المطلب المدعى أي ان الفقرة موجودة ومنه ترجيح ما نُقل في الكافي والتهذيب.
ويضاف الى ذلك في خصوص المقام هو ان هناك احتمال اضافي يرجح عدم الزيادة على عدم النقيصة وهو ان من جملة الاحتمالات في النقيصة الغير موجودة في الزيادة هي احتمال التعمد, لكن هذا يختص بمحل الكلام أي في الخصوصيات التي لا دخل لها بالحكم الشرعي , فمن الممكن ان يكون الناقل ترك نقله هذه الفقرة عمدا , وهذا الاحتمال غير موجود في الزيادة لعدم تصور احتمال ان الناقل اقحم ما ليس في الرواية عمدا , ومنه تكون احتمالات النقيصة اكبر من احتمالات الزيادة , وهو يستلزم استبعاد الزيادة وترجيح رواية الكافي والتهذيب على رواية العلل , فيكون الجواب الاول _ القائل بأننا نتمسك بنفي الزيادة بأصالة العدم _ عن الاعتراض الاول غير تام والظاهر الى هنا ثبوت هذه الفقرة .
الجواب الثاني عن الاعتراض الاول: هو ما ذكره اكثر من واحد من فقهائنا من ان المقصود من امر فاطمة عليها السلام بذلك تعليم المؤمنات , وليس لنفسها ليرد الاشكال المتقدم .
وقالوا بأن هذا ورد في صحيحة زرارة في رواية اخرى زرارة (قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن قضاء الحائض الصلاة، ثم تقضي الصيام ؟ قال : ليس عليها أن تقضي الصلاة، وعليها أن تقضي صوم شهر رمضان، ثم أقبل علي فقال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان يأمر بذلك فاطمة ( عليها السلام )، وكان يأمر بذلك المؤمنات.)[1]
وفي النسخة التي هي محل الاستشهاد ( وكانت تأمر بذلك المؤمنات) ومنه يظهر ان النبي صلى الله عليه واله يأمر فاطمة عليها السلام لأجل تعليم المؤمنات .
وهذا الجواب ليس واضحا بأعتبار انه خلاف ظاهر الرواية فهي ظاهرة في انه صلى الله عليه واله كان يأمر فاطمة بذلك لنفسها وليس لأجل تعليم المؤمنات , وحملها على هذا المعنى يحتاج الى قرينة ؛ خصوصا مع اقتران امر فاطمة بأمر النساء المؤمنات ولا اشكال في ان امره صلى الله عليه واله للنساء المؤمنات من باب عملهن لأنفسهم وبهذه القرينة يكون الامر لفاطمة عليها السلام من هذا القبيل , وافتراض ان امره لفاطمة عليها السلام كان لتعليم النساء بينما امره لنسائه كان لأنفسهن خلاف الظاهر ويحتاج الى قرينة ولا قرينة على ذلك .
واما صحيحة زرارة التي استشهد بها على ذلك فأنه اولا مبني على نسخة دون اخرى , مضافا الى انه ليس فيها دلالة على ان الامر بالمكاتبة كذلك , فأن امر فاطمة عليها السلام في صحيحة زرارة على تعليم النساء لا يمكن ان يكون قرينة على ان المراد في المكاتبة بأمر فاطمة عليها السلام هو تعليم النساء ايضا , فانه وان صح ان يكون مورد استئناس لكنه لا يصح ان يكون قرينة على المدعى .
الجواب الثالث عن الاعتراض الاول: هو ما قيل من ان عدم امكان الاخذ بالتعليل لا يضر بالاستدلال بالرواية على اصل الحكم _وجوب قضاء الصوم _ فيمكن الاخذ بحكم بطلان صوم المستحاضة اذا تركت الاغتسال, وترك التعليل الذي لا يمكن الاخذ به , وهذا هو احسن الاجوبة في المقام عن الاعتراض الاول وان كان هذا الجواب لا يعني ان الرواية سالمة من كل عيب وانما يوجب وجود نقطة ضعف فيها , فإذا اضيفت اليها نقاط ضعف اخرى فأنه قد يوجب عدم امكان الاعتماد عليها .
الاعتراض الثاني : هو ما ذكر من ان الرواية تشتمل على امر لا يقول به الاصحاب وهو ان المستحاضة التي تترك الاغسال لا تقضي صلاتها وهذا لا يقول به احد لأتفاقهم على ان المستحاضة اذا تركت الاغسال عمدا يجب عليها القضاء.
والجواب عنه : ما التزم به جماعة من الاصحاب كصاحب الجواهر وغيره وهو مسألة التبعيض في الحجية حيث يقال بأن الرواية تتضمن حكمين شرعيين احدهما وجوب قضاء الصوم والثاني عدم وجوب قضاء الصلاة ؛ فالثاني لا يمكن الالتزام به لمخالفته الاجماع فيسقط عن الحجية ولا يستلزم ذلك سقوط الامر الاول عن الحجية ,فنلتزم بحجية الفقرة الاولى لأثبات وجوب الصوم عليها وبالتالي يستدل بالرواية لأشتراط الاغسال في صحة صوم المستحاضة .
كان الكلام في مكاتبة علي بن مهزيار الدالة _ كما قيل _على اشتراط صحة صوم المستحاضة بالإتيان بالأغسال النهارية, وقلنا بأن الاستدلال بهذه الرواية اعترض عليه بوجهين :-
الوجه الاول: وهو مسألة اشتمال هذه الرواية على امر فاطمة عليه السلام بأن تفعل ذلك ( أي تقضي الصوم دون الصلاة ) ومن الواضح ان امرها عليها السلام بأن تفعل هذا هو فرع ابتلائها بهذه المسألة (أي انها استحاضت في اول شهر رمضان وتركت الاغسال الى ان انتهى الشهر فأمرها صلى الله عليه واله بأن تقضي الصوم دون الصلاة ) وهذا مما لا يمكن الالتزام به من جهتين :-
الاولى : ان الاخبار الكثيرة ( المتضافرة) دالة على انها لم ترَ حمرة قط .
الثانية : ان هذا يستلزم انها اخلت بما هو الواجب عليها وانها صلت وصامت من دون غسل , وهذا اخلال بالوظيفة ولا يمكن الالتزام به في حقها سلام الله عليها .
وهذا الاعتراض من هذه الجهة اجيب عنه بوجوه :-
الوجه الاول في الاجابة عن الاعتراض :- ان هناك اختلاف في نقل الرواية بين الكافي والتهذيب من جهة وبين العلل والفقيه من جهة اخرى ؛ فالرواية في الكافي والتهذيب توجد فيها العبارة التي يتوجه فيها الامر الى فاطمة عليها السلام , بينما الشيخ الصدوق في العلل والفقيه لم ينقل هذه العبارة .
ورواية الفقيه تبتلي بالتعارض الداخلي لأن النسخ متعددة للفقيه, وهذه الفقرة موجودة في بعض النسخ وهناك احتمال انها غير موجودة في بعض النسخ الاخرى, وهذا يعني ان رواية الصدوق تبتلي بالتعارض الداخلي في الفقيه وتسقط عن الحجية , لكن تبقى رواية العلل وهي مروية بسند اخر غير السند الذي يذكره في الفقيه وهي سالمة من التعارض الداخلي.
فيقع التعارض بين رواية العلل من جهة ورواية الكافي والتهذيب من جهة اخرى .
والجواب الاول يقول بأننا نتمسك بأصالة العدم لأثبات عدم وجود هذه الزيادة لأننا نشك ان هذه الزيادة هل هي موجودة في اصل الرواية وان الامام عليه السلام ذكر هذه الزيادة ؟ او لا ؟ فالأصل هو عدم وجودها.
وهذا الجواب غير تام لأمرين :-
الامر الاول : قد يقال بوجود ما يوجب ترجيح رواية الكافي والتهذيب ( التي توجد فيها الفقرة ) على رواية العلل الخالية من الفقرة ؛ بنكتة ان شهادة الناقل للقيد ( للفقرة) على وجودها اقوى من شهادة التارك لها على عدمها , فأن من يذكر الفقرة في الرواية يشهد بوجودها ومن لم يذكر الفقرة فيها فأنه يشهد بعدم وجودها ,لكن شهادة من يذكر الفقرة في الرواية على وجودها فيها اقوى من شهادة من لم يذكرها على عدمها في تلك الرواية .
وقد يعترض على ذلك بأن يقال ان الناقل _ حسب الفرض _ ثقة مأمون يلتزم بنقل كل ما يسمعه وملتزم بنقل جميع الخصوصيات , فإذا لم ينقل خصوصية ما نستكشف منه ان تلك الخصوصية غير موجودة , وليس شهادته عند عدم ذكر تلك الخصوصية على عدمها اقل ممن ينقلها على وجودها في الرواية ؛ أي ان تلك الاقوائية منتفية .
وهذه الدعوى ( الاعتراض ) غير تامة لأن الناقل وان كان يلتزم بنقل جميع الخصوصيات الا ان ذلك في الخصوصيات الدخيلة في الحكم الشرعي , فإذا لم ينقل الينا خصوصية دخيلة في الحكم الشرعي فأننا نستكشف عدم وجود تلك الخصوصية بلا اشكال .
اما الخصوصيات الغير دخيلة في الحكم الشرعي فليس هناك الزام للناقل بنقلها لكي يكون عدم نقلها شهادة منه بعدم وجودها في الرواية , لأنه ليس مقتضى الامانة في النقل ولا مقتضى الوثاقة ان الراوي ينقل جميع الخصوصيات حتى التي لا دخل لها في الحكم الشرعي , لأنه قد تحدث امور كثيرة في مجلس الخطاب لكن الراوي غير ملزم بنقل كل ما قيل فيه, وانما هو ملزم بذكر الحكم الشرعي والخصوصيات التي تكون دخيلة فيه .
اذن الشهادة السلبية للناقل انما تكون شهادة مساوية للشهادة الايجابية عندما تكون الخصوصية دخيلة في الحكم الشرعي , فيكون عدم نقله لها شهادة قوية منه على عدم وجودها في الرواية .
ولا ينبغي الاشكال في ان الخصوصية التي نبحث عنها هي ليست دخيلة في الحكم الشرعي ؛ حيث ان امرها عليها السلام بالقضاء غير داخل في الحكم الشرعي , لأن هذا الحكم الشرعي ثابت سواء امر فاطمة عليها السلام به او لم يأمرها , وحينئذ يقال بأن هذه الخصوصية يمكن ان يكون الناقل اهملها لعدم كونها خصوصية دخيلة في الحكم الشرعي .
ولذا لا يمكن لهذه الشهادة السلبية ان تقاوم الشهادة الايجابية الموجودة في نقل الكافي والتهذيب على وجود هذه الفقرة .
الامر الثاني: هو ما تكرر من القول بأصالة عدم الزيادة ( أي ا ن هذا الشيء الموجود _ الذي نشك في كونه زائدا _ الاصل فيه انه ليس زائدا ) وهذا يعني ان الزيادة ثابتة ومنه ترجيح رواية الكافي والتهذيب على رواية العلل .
وهذا الاصل يجري عند دوران الامر بين زيادة الفقرة( أي انها زائدة في ما منقول في الكافي والتهذيب ) ونقصها ( أي نقص هذه الفقرة في نقل العلل ) لأن هذه الزيادة ان كانت في الواقع موجودة فأن رواية العلل تكون ناقصة وان كانت في الواقع غير موجودة فأن رواية التهذيب والكافي تكون الفقرة فيها زائدة .
فالأمر يدور بين زيادة الفقرة في رواية الكافي والتهذيب ونقصها في رواية العلل وهنا يذكر في محله ان الاصل هو عدم الزيادة أي ان هذه الفقرة ليس زائدة في نقل الكافي والتهذيب؛ والوجه في تقديم اصالة عدم الزيادة على اصالة عدم النقيصة هو انما نلتزم بأصالة عدم الزيادة بأعتبار ان الزيادة تعني ان الناقل اقحم في الرواية امرا ليس منها ؛ وهذا المعنى ليس له منشأ _بعد استبعاد التعمد بأعتبار ان الراوي ثقة _ الا الغفلة او الاشتباه , وهذا الامر بالنسبة الى الزيادة وان كان ممكنا لكنه نادر وبعيد ؛ اما بالنسبة الى النقيصة , فأنها تعني حذف وترك شيء موجود , والاشتباه والغفلة في ترك شيء موجود ليس نادرا ؛ ومن هنا يكون احتمال ان لا يذكر الناقل بعض ما هو موجود في الرواية غفلة او اشتباها اقوى من احتمال ان يذكر في الرواية امرا ليس موجودا فيها , وهذا يعني ترجيح اصالة عدم الزيادة على اصالة عدم النقيصة ؛ وهذا ما يؤيد اصل المطلب المدعى أي ان الفقرة موجودة ومنه ترجيح ما نُقل في الكافي والتهذيب.
ويضاف الى ذلك في خصوص المقام هو ان هناك احتمال اضافي يرجح عدم الزيادة على عدم النقيصة وهو ان من جملة الاحتمالات في النقيصة الغير موجودة في الزيادة هي احتمال التعمد, لكن هذا يختص بمحل الكلام أي في الخصوصيات التي لا دخل لها بالحكم الشرعي , فمن الممكن ان يكون الناقل ترك نقله هذه الفقرة عمدا , وهذا الاحتمال غير موجود في الزيادة لعدم تصور احتمال ان الناقل اقحم ما ليس في الرواية عمدا , ومنه تكون احتمالات النقيصة اكبر من احتمالات الزيادة , وهو يستلزم استبعاد الزيادة وترجيح رواية الكافي والتهذيب على رواية العلل , فيكون الجواب الاول _ القائل بأننا نتمسك بنفي الزيادة بأصالة العدم _ عن الاعتراض الاول غير تام والظاهر الى هنا ثبوت هذه الفقرة .
الجواب الثاني عن الاعتراض الاول: هو ما ذكره اكثر من واحد من فقهائنا من ان المقصود من امر فاطمة عليها السلام بذلك تعليم المؤمنات , وليس لنفسها ليرد الاشكال المتقدم .
وقالوا بأن هذا ورد في صحيحة زرارة في رواية اخرى زرارة (قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عن قضاء الحائض الصلاة، ثم تقضي الصيام ؟ قال : ليس عليها أن تقضي الصلاة، وعليها أن تقضي صوم شهر رمضان، ثم أقبل علي فقال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كان يأمر بذلك فاطمة ( عليها السلام )، وكان يأمر بذلك المؤمنات.)[1]
وفي النسخة التي هي محل الاستشهاد ( وكانت تأمر بذلك المؤمنات) ومنه يظهر ان النبي صلى الله عليه واله يأمر فاطمة عليها السلام لأجل تعليم المؤمنات .
وهذا الجواب ليس واضحا بأعتبار انه خلاف ظاهر الرواية فهي ظاهرة في انه صلى الله عليه واله كان يأمر فاطمة بذلك لنفسها وليس لأجل تعليم المؤمنات , وحملها على هذا المعنى يحتاج الى قرينة ؛ خصوصا مع اقتران امر فاطمة بأمر النساء المؤمنات ولا اشكال في ان امره صلى الله عليه واله للنساء المؤمنات من باب عملهن لأنفسهم وبهذه القرينة يكون الامر لفاطمة عليها السلام من هذا القبيل , وافتراض ان امره لفاطمة عليها السلام كان لتعليم النساء بينما امره لنسائه كان لأنفسهن خلاف الظاهر ويحتاج الى قرينة ولا قرينة على ذلك .
واما صحيحة زرارة التي استشهد بها على ذلك فأنه اولا مبني على نسخة دون اخرى , مضافا الى انه ليس فيها دلالة على ان الامر بالمكاتبة كذلك , فأن امر فاطمة عليها السلام في صحيحة زرارة على تعليم النساء لا يمكن ان يكون قرينة على ان المراد في المكاتبة بأمر فاطمة عليها السلام هو تعليم النساء ايضا , فانه وان صح ان يكون مورد استئناس لكنه لا يصح ان يكون قرينة على المدعى .
الجواب الثالث عن الاعتراض الاول: هو ما قيل من ان عدم امكان الاخذ بالتعليل لا يضر بالاستدلال بالرواية على اصل الحكم _وجوب قضاء الصوم _ فيمكن الاخذ بحكم بطلان صوم المستحاضة اذا تركت الاغتسال, وترك التعليل الذي لا يمكن الاخذ به , وهذا هو احسن الاجوبة في المقام عن الاعتراض الاول وان كان هذا الجواب لا يعني ان الرواية سالمة من كل عيب وانما يوجب وجود نقطة ضعف فيها , فإذا اضيفت اليها نقاط ضعف اخرى فأنه قد يوجب عدم امكان الاعتماد عليها .
الاعتراض الثاني : هو ما ذكر من ان الرواية تشتمل على امر لا يقول به الاصحاب وهو ان المستحاضة التي تترك الاغسال لا تقضي صلاتها وهذا لا يقول به احد لأتفاقهم على ان المستحاضة اذا تركت الاغسال عمدا يجب عليها القضاء.
والجواب عنه : ما التزم به جماعة من الاصحاب كصاحب الجواهر وغيره وهو مسألة التبعيض في الحجية حيث يقال بأن الرواية تتضمن حكمين شرعيين احدهما وجوب قضاء الصوم والثاني عدم وجوب قضاء الصلاة ؛ فالثاني لا يمكن الالتزام به لمخالفته الاجماع فيسقط عن الحجية ولا يستلزم ذلك سقوط الامر الاول عن الحجية ,فنلتزم بحجية الفقرة الاولى لأثبات وجوب الصوم عليها وبالتالي يستدل بالرواية لأشتراط الاغسال في صحة صوم المستحاضة .