36/03/11
تحمیل
الموضوع:
الصوم : المفطرات, الثامن , البقاء على الجنابة عمدا , مسألة 50
قال الماتن
مسألة 50: (الأقوى بطلان صوم شهر رمضان بنسيان غسل الجنابة ليلًا قبل الفجر حتّى مضى عليه يوم أو أيّام)[1]
الاقوال في المسألة :-
القول الاول :- وجوب القضاء مطلقا ونسب الى بعض المتقدمين كالإسكافي والشيخ في النهاية والمبسوط , ونسب الى الشيخ الصدوق ايضا لكن الظاهر انه يوجد تشكيك في النسبة اليه لأنه ذكر رواية ابراهيم بن ميمون ثم ذكر بعض الاخبار ثم قال(وبهذه الاخبار أفتي، ولا أفتي بالخبر الذي أوجب عليه القضاء لأنه رواية سماعة بن مهران وكان واقفيا)[2]
وقد فهم من هذه العبارة انه يختار رواية ابراهيم بن ميمون التي اوجبت الصوم مطلقا عند نسيان غسل الجنابة لأيام ؛ لكن العبارة ليست واضحة في ذلك لأحتمال ان يكون كلامه راجعا الى روايات اخرى ذكرها بعد رواية ابراهيم بن ميمون , فكلامه ليس صريحا في الفتوى بوجوب القضاء فيما نحن فيه , و على كل حال سواء صحة النسبة الى الشيخ الصدوق او لم تصح فأن هذا القول الاول اُستدل له بنصوص وهي :-
صحيحة الحلبي (قال : سئل أبو عبدالله ( عليه السلام ) عن رجل اجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج شهر رمضان ؟ قال : عليه أن يقضي الصلاة والصيام)[3]
فتدل على وجوب قضاء الصيام مطلقا بلا قيد .
رواية إبراهيم بن ميمون (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان ثم ينسى أن يغتسل حتى يمضي لذلك جمعة أو يخرج شهر رمضان ؟ قال : عليه قضاء الصلاة والصوم .)[4] وقد رواها المشايخ الثلاثة والشيخ صاحب الوسائل ينقلها عن الفقيه . وهي واضحة في وجوب القضاء على من نسي الغسل حتى مضت عليه ايام .
مرسلة الشيخ الصدوق : _ بعد ان نقل رواية ابراهيم بن ميمون قال _ وروي في خبر آخر ، أن من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتى خرج شهر رمضان أن عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصومه ) الى هنا تدل الرواية على وجوب القضاء مطلقا ثم تقول بعد ذلك ( إلاّ أن يكون قد اغتسل للجمعة فإنّه يقضي صلاته وصيامه إلى ذلك اليوم ولا يقضي ما بعد ذلك) [5]
القول الثاني :- التفصيل بين وجوب القضاء ان لم يغتسل اصلا فيقضي جميع ايام الجنابة, وبين عدم وجوبه بعد غُسلٍ ولو كان غسل الجمعة ويستدل على ذلك بمرسلة الشيخ الصدوق, وممن اختار هذا القول صاحب المستند .
القول الثالث :- عدم وجوب القضاء مطلقا واختاره المحقق في الشرائع والنافع والحلي في السرائر وقال انه لم يقل احد من اصحابنا بوجوب القضاء ثم ذكر رأي الشيخ الطوسي في المبسوط القائل بوجوب القضاء وعلق عليه حيث يريد ان يقول بأن هذا الرأي انفرد به الشيخ الطوسي ؛ وقد اُستدل لهذا الرأي بأمور منها :
الاول : الاصل أي ان الاصل عند الشك في وجوب القضاء هو عدم القضاء .
الثاني : اُستدل بحديث الرفع لأن من جملة الامور المرفوعة النسيان , فيرفع عنه وجوب القضاء عند نسيان غسل الجنابة .
الثالث: اُستدل بما دل على عدم وجوب القضاء على من نام جنبا حتى اصبح ( كما في النومة الاولى مثلا) .
الرابع : ما دل _ على حصر المفطرية بما عدا مورد الكلام (نسيان غسل الجنابة) كصحيحة زرارة ( لا يضر الصائم ........اذا اجتنب ثلاث ).
الخامس : ان المفطرات انما توجب المفطرية ا ذا صدرت على وجه العمد (كما سيأتي تحقيقه ان شاء الله ) .
تقييم هذه الادلة
اما القول الاول فأن عمدة ما استدل به هو صحيحة الحلبي حيث انها معتبرة سندا وواضحة دلالة, فتكون مما يصح الاستدلال بها بلا اشكال .
واما رواية ابراهيم بن ميمون فهناك توقف فيها من جهة السند لا من جهة الدلالة, بأعتبار ان رجال السند بالطرق الثلاثة التي رواها المشايخ الثلاثة (لأنها رواها المشايخ الثلاثة بطرق مختلفة كما قلنا) وكل هذه الطرق تامة وليس فيها خدشة وانما الكلام في نفس الراوي المباشر (ابراهيم بن ميمون ) , وهو بالرغم من كونه مقلا في نقل الروايات لكن لا بأس بالكلام عنه لترتب الفائدة على تحقيق حاله من حيث الوثاقة وعدمها .
ذكر السيد الخوئي وغيره انه لا دليل على وثاقة ابراهيم بن ميمون, والامر كما يقول حيث لم يُنص على وثاقته في الكتب الرجالية , لكنه بالرغم من ذلك فقد ذهب بعض المحققين الى وثاقته , واُستدل على ذلك بأمور نذكرها بشكل مختصر :-
الاول : قيل بأنه يُستدل على وثاقته برواية صفوان عنه بسند صحيح , وبناء على ان رواية احد المشايخ الثلاثة عن شخص تكفي لوثاقته حينئذ يلتزم بوثاقته استنادا الى ذلك .
والرواية التي رواها صفوان مباشرة عن ابراهيم بن ميمون هي (أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان، عن إبراهيم بن ميمون، عن أبي عبدالله (ع) في الرجل يسلم فيريد أن يحج وقد حضر الحج أيحج أو يختتن؟ قال: لايحج حتى يختتن)[6]
ويمكن الجواب عن هذا الحديث _ كما ذكر السيد الخوئي وغيره_ بأن هذه الرواية رواها الشيخ الصدوق في الفقيه وفيها (صفوان عن عبدالله بن مسكان عن ابراهيم بن ميمون ) , يعني توجد واسطة بين صفوان وابراهيم بن ميمون لا ان صفوان يروي عنه مباشرة كما في الكافي , وهكذا الشيخ الطوسي في التهذيب حيث انه ذكر نفس الرواية وفيها (صفوان عن عبدالله بن مسكان عن ابراهيم بن ميمون), ويؤيد ذلك_ وجود الواسطة_ ان صفوان ليس له رواية عن ابراهيم مباشرة في احد الكتب الاربعة , وهذا يؤيد ان هناك سقط في نقل الكليني وان الصحيح هو نقل صفوان عن عبدالله بن مسكان عن ابراهيم بن ميمون ؛ نعم يمكن الالتزام بالتوثيق على بعض المباني كما في مبنى من يرى توثيق من يروي عنه احد المشايخ الثلاثة وان كان بالواسطة , لكننا لا نلتزم بذلك وانما نلتزم بأن الرواية المباشرة فقط يمكن الاعتماد عليها في الدلالة على الوثاقة .
الثاني : ما ورد في رجال الكشي (و زعم يونس أن ابن مسكان سرح بمسائل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) يسأله عنها و أجابه عليها، من ذلك ما خرج إليه مع إبراهيم بن ميمون. كتب إليه يسأله عن خصي دلس نفسه على امرأة قال يفرق بينهما و يوجع ظهره،)[7]
فمن جملة المسائل التي كان يرسلها عبدالله بن مسكان للإمام الصادق عليه السلام يرسلها مع ابراهيم بن ميمون وانه ارجع الجواب الى عبدالله بن مسكان ثم يذكر نموذجا لهذه المسائل, فيقال في مقام الاستدلال على وثاقة ابراهيم بن ميمون بأن هذا ظاهر في اعتماد بن مسكان عليه بل ظاهر في اعتماد الامام عليه السلام عليه في نقل الجواب حيث ارسله معه .
وهذا الدليل يمكن التأمل فيه حيث ان غاية ما تدل عليه الرواية هو انه يمكن الاعتماد عليه في نقل الرسائل ونقل اجوبتها, وهذا ليس فيه دليل على امكان الاعتماد عليه في نقل الروايات؛ فالاعتماد على شخص في نقل الرسائل غير الاعتماد عليه في نقل الروايات , حيث يمكن ان يكون الشخص امينا في ايصال الامانة الى اصحابها, لكنه قد لا يكون ثقة في نقل الاحكام الشرعية لأن نقل الاحكام الشرعية يعتبر فيها غير ما هو يعتبر في نقل الامانة كالضبط وامثاله , فكيف احراز ذلك من مجرد ان هذا الشخص اعتمد عليه الامام عليه السلام في نقل الجواب وان عبدالله بن مسكان اعتمد عليه في نقل المسائل .
نعم اذا فرضنا ان المسائل كانت شفهية وكذلك الاجوبة فأن ذلك يدل على وثاقة الشخص في نقل الروايات ؛ لكن الظاهر من كلام الكشي ان الرسائل ليست شفهية وانما كانت مكتوبة , وهذا يفهم من عبارة (كتب اليه يسأله).
الثالث: الاعتماد (من قبل البعض ) على توثيق بعض العامة له , فأن ابن حجر العسقلاني في ( تهذيب التهذيب) نقل توثيقه عن النسائي وان ابن حبان وثقه في كتابه (الثقات) وذكر ابن حجر العسقلاني في كتابه (تقريب التهذيب) قال انه صدوق , وعلى هذا يكون ثلاثة من علماء الجرح والتعديل من علماء العامة قد وثقوا ابراهيم بن ميمون .
ووجه الاستدلال بهذا الكلام( وهذا المطلب سيال يمكن الانتفاع به في غير هذا المقام ) هو ان يقال ان الظاهر ان ابراهيم من الامامية حيث انه لم يشر احد من الذين ذكروه كالشيخ الطوسي وغيره انه من العامة او الواقفة, ومنه يظهر انه من الخاصة لأن عادة الجماعة عندما يذكرون شخصا غير امامي يذكرون انه عامي او فطحي او واقفي او غير ذلك , وحيث انه ذُكر ولم يشر الى كونه غير امامي فالظاهر انه من الخاصة , ولعله يؤيد ذلك ما تقدم من الكشي من ان عبدالله بن مسكان كان يرسل معه وان الامام الصادق عليه السلام كان يرسل الاجوبة معه , والظاهر ان هذا من شأن الخاصة .
وبناء على هذا يقال حينئذ ان توثيق العامة له يكون كاشفا على انه مسلَّم الوثاقة بحيث ان وثاقته وصلت الى درجة من الوضوح لا يمكنهم انكارها , والا فلو كان فيه ضعف من جهة ما لطعنوا فيه كما هو عادتهم .
اقول يمكن ان يلاحظ على هذا الدليل ان عدم ذكر العامة كونه اماميا يكشف عن عدم كونه كذلك , وانما قد يكشف عن كونه منهم فأن عادتهم ايضا جرت على ان من يكون من غيرهم ينبهون على انه من الشيعة او الرافضة او غير ذلك ؛ وحينئذ قد يجعل هذا قرينة على التعدد أي أن ابراهيم بن ميمون الذي ترجمه العامة غير ابراهيم بن ميمون الذي نتكلم عنه , وقد لاحظتُ ان عنوان (ابراهيم بن ميمون ) اكثر من واحد عندهم فلعل الذي وثقوه احد هؤلاء وليس المعني في كلامنا .
قال الماتن
مسألة 50: (الأقوى بطلان صوم شهر رمضان بنسيان غسل الجنابة ليلًا قبل الفجر حتّى مضى عليه يوم أو أيّام)[1]
الاقوال في المسألة :-
القول الاول :- وجوب القضاء مطلقا ونسب الى بعض المتقدمين كالإسكافي والشيخ في النهاية والمبسوط , ونسب الى الشيخ الصدوق ايضا لكن الظاهر انه يوجد تشكيك في النسبة اليه لأنه ذكر رواية ابراهيم بن ميمون ثم ذكر بعض الاخبار ثم قال(وبهذه الاخبار أفتي، ولا أفتي بالخبر الذي أوجب عليه القضاء لأنه رواية سماعة بن مهران وكان واقفيا)[2]
وقد فهم من هذه العبارة انه يختار رواية ابراهيم بن ميمون التي اوجبت الصوم مطلقا عند نسيان غسل الجنابة لأيام ؛ لكن العبارة ليست واضحة في ذلك لأحتمال ان يكون كلامه راجعا الى روايات اخرى ذكرها بعد رواية ابراهيم بن ميمون , فكلامه ليس صريحا في الفتوى بوجوب القضاء فيما نحن فيه , و على كل حال سواء صحة النسبة الى الشيخ الصدوق او لم تصح فأن هذا القول الاول اُستدل له بنصوص وهي :-
صحيحة الحلبي (قال : سئل أبو عبدالله ( عليه السلام ) عن رجل اجنب في شهر رمضان فنسي أن يغتسل حتى خرج شهر رمضان ؟ قال : عليه أن يقضي الصلاة والصيام)[3]
فتدل على وجوب قضاء الصيام مطلقا بلا قيد .
رواية إبراهيم بن ميمون (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الرجل يجنب بالليل في شهر رمضان ثم ينسى أن يغتسل حتى يمضي لذلك جمعة أو يخرج شهر رمضان ؟ قال : عليه قضاء الصلاة والصوم .)[4] وقد رواها المشايخ الثلاثة والشيخ صاحب الوسائل ينقلها عن الفقيه . وهي واضحة في وجوب القضاء على من نسي الغسل حتى مضت عليه ايام .
مرسلة الشيخ الصدوق : _ بعد ان نقل رواية ابراهيم بن ميمون قال _ وروي في خبر آخر ، أن من جامع في أول شهر رمضان ثم نسي الغسل حتى خرج شهر رمضان أن عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصومه ) الى هنا تدل الرواية على وجوب القضاء مطلقا ثم تقول بعد ذلك ( إلاّ أن يكون قد اغتسل للجمعة فإنّه يقضي صلاته وصيامه إلى ذلك اليوم ولا يقضي ما بعد ذلك) [5]
القول الثاني :- التفصيل بين وجوب القضاء ان لم يغتسل اصلا فيقضي جميع ايام الجنابة, وبين عدم وجوبه بعد غُسلٍ ولو كان غسل الجمعة ويستدل على ذلك بمرسلة الشيخ الصدوق, وممن اختار هذا القول صاحب المستند .
القول الثالث :- عدم وجوب القضاء مطلقا واختاره المحقق في الشرائع والنافع والحلي في السرائر وقال انه لم يقل احد من اصحابنا بوجوب القضاء ثم ذكر رأي الشيخ الطوسي في المبسوط القائل بوجوب القضاء وعلق عليه حيث يريد ان يقول بأن هذا الرأي انفرد به الشيخ الطوسي ؛ وقد اُستدل لهذا الرأي بأمور منها :
الاول : الاصل أي ان الاصل عند الشك في وجوب القضاء هو عدم القضاء .
الثاني : اُستدل بحديث الرفع لأن من جملة الامور المرفوعة النسيان , فيرفع عنه وجوب القضاء عند نسيان غسل الجنابة .
الثالث: اُستدل بما دل على عدم وجوب القضاء على من نام جنبا حتى اصبح ( كما في النومة الاولى مثلا) .
الرابع : ما دل _ على حصر المفطرية بما عدا مورد الكلام (نسيان غسل الجنابة) كصحيحة زرارة ( لا يضر الصائم ........اذا اجتنب ثلاث ).
الخامس : ان المفطرات انما توجب المفطرية ا ذا صدرت على وجه العمد (كما سيأتي تحقيقه ان شاء الله ) .
تقييم هذه الادلة
اما القول الاول فأن عمدة ما استدل به هو صحيحة الحلبي حيث انها معتبرة سندا وواضحة دلالة, فتكون مما يصح الاستدلال بها بلا اشكال .
واما رواية ابراهيم بن ميمون فهناك توقف فيها من جهة السند لا من جهة الدلالة, بأعتبار ان رجال السند بالطرق الثلاثة التي رواها المشايخ الثلاثة (لأنها رواها المشايخ الثلاثة بطرق مختلفة كما قلنا) وكل هذه الطرق تامة وليس فيها خدشة وانما الكلام في نفس الراوي المباشر (ابراهيم بن ميمون ) , وهو بالرغم من كونه مقلا في نقل الروايات لكن لا بأس بالكلام عنه لترتب الفائدة على تحقيق حاله من حيث الوثاقة وعدمها .
ذكر السيد الخوئي وغيره انه لا دليل على وثاقة ابراهيم بن ميمون, والامر كما يقول حيث لم يُنص على وثاقته في الكتب الرجالية , لكنه بالرغم من ذلك فقد ذهب بعض المحققين الى وثاقته , واُستدل على ذلك بأمور نذكرها بشكل مختصر :-
الاول : قيل بأنه يُستدل على وثاقته برواية صفوان عنه بسند صحيح , وبناء على ان رواية احد المشايخ الثلاثة عن شخص تكفي لوثاقته حينئذ يلتزم بوثاقته استنادا الى ذلك .
والرواية التي رواها صفوان مباشرة عن ابراهيم بن ميمون هي (أبوعلي الاشعري، عن محمد بن عبدالجبار، عن صفوان، عن إبراهيم بن ميمون، عن أبي عبدالله (ع) في الرجل يسلم فيريد أن يحج وقد حضر الحج أيحج أو يختتن؟ قال: لايحج حتى يختتن)[6]
ويمكن الجواب عن هذا الحديث _ كما ذكر السيد الخوئي وغيره_ بأن هذه الرواية رواها الشيخ الصدوق في الفقيه وفيها (صفوان عن عبدالله بن مسكان عن ابراهيم بن ميمون ) , يعني توجد واسطة بين صفوان وابراهيم بن ميمون لا ان صفوان يروي عنه مباشرة كما في الكافي , وهكذا الشيخ الطوسي في التهذيب حيث انه ذكر نفس الرواية وفيها (صفوان عن عبدالله بن مسكان عن ابراهيم بن ميمون), ويؤيد ذلك_ وجود الواسطة_ ان صفوان ليس له رواية عن ابراهيم مباشرة في احد الكتب الاربعة , وهذا يؤيد ان هناك سقط في نقل الكليني وان الصحيح هو نقل صفوان عن عبدالله بن مسكان عن ابراهيم بن ميمون ؛ نعم يمكن الالتزام بالتوثيق على بعض المباني كما في مبنى من يرى توثيق من يروي عنه احد المشايخ الثلاثة وان كان بالواسطة , لكننا لا نلتزم بذلك وانما نلتزم بأن الرواية المباشرة فقط يمكن الاعتماد عليها في الدلالة على الوثاقة .
الثاني : ما ورد في رجال الكشي (و زعم يونس أن ابن مسكان سرح بمسائل إلى أبي عبد الله (عليه السلام) يسأله عنها و أجابه عليها، من ذلك ما خرج إليه مع إبراهيم بن ميمون. كتب إليه يسأله عن خصي دلس نفسه على امرأة قال يفرق بينهما و يوجع ظهره،)[7]
فمن جملة المسائل التي كان يرسلها عبدالله بن مسكان للإمام الصادق عليه السلام يرسلها مع ابراهيم بن ميمون وانه ارجع الجواب الى عبدالله بن مسكان ثم يذكر نموذجا لهذه المسائل, فيقال في مقام الاستدلال على وثاقة ابراهيم بن ميمون بأن هذا ظاهر في اعتماد بن مسكان عليه بل ظاهر في اعتماد الامام عليه السلام عليه في نقل الجواب حيث ارسله معه .
وهذا الدليل يمكن التأمل فيه حيث ان غاية ما تدل عليه الرواية هو انه يمكن الاعتماد عليه في نقل الرسائل ونقل اجوبتها, وهذا ليس فيه دليل على امكان الاعتماد عليه في نقل الروايات؛ فالاعتماد على شخص في نقل الرسائل غير الاعتماد عليه في نقل الروايات , حيث يمكن ان يكون الشخص امينا في ايصال الامانة الى اصحابها, لكنه قد لا يكون ثقة في نقل الاحكام الشرعية لأن نقل الاحكام الشرعية يعتبر فيها غير ما هو يعتبر في نقل الامانة كالضبط وامثاله , فكيف احراز ذلك من مجرد ان هذا الشخص اعتمد عليه الامام عليه السلام في نقل الجواب وان عبدالله بن مسكان اعتمد عليه في نقل المسائل .
نعم اذا فرضنا ان المسائل كانت شفهية وكذلك الاجوبة فأن ذلك يدل على وثاقة الشخص في نقل الروايات ؛ لكن الظاهر من كلام الكشي ان الرسائل ليست شفهية وانما كانت مكتوبة , وهذا يفهم من عبارة (كتب اليه يسأله).
الثالث: الاعتماد (من قبل البعض ) على توثيق بعض العامة له , فأن ابن حجر العسقلاني في ( تهذيب التهذيب) نقل توثيقه عن النسائي وان ابن حبان وثقه في كتابه (الثقات) وذكر ابن حجر العسقلاني في كتابه (تقريب التهذيب) قال انه صدوق , وعلى هذا يكون ثلاثة من علماء الجرح والتعديل من علماء العامة قد وثقوا ابراهيم بن ميمون .
ووجه الاستدلال بهذا الكلام( وهذا المطلب سيال يمكن الانتفاع به في غير هذا المقام ) هو ان يقال ان الظاهر ان ابراهيم من الامامية حيث انه لم يشر احد من الذين ذكروه كالشيخ الطوسي وغيره انه من العامة او الواقفة, ومنه يظهر انه من الخاصة لأن عادة الجماعة عندما يذكرون شخصا غير امامي يذكرون انه عامي او فطحي او واقفي او غير ذلك , وحيث انه ذُكر ولم يشر الى كونه غير امامي فالظاهر انه من الخاصة , ولعله يؤيد ذلك ما تقدم من الكشي من ان عبدالله بن مسكان كان يرسل معه وان الامام الصادق عليه السلام كان يرسل الاجوبة معه , والظاهر ان هذا من شأن الخاصة .
وبناء على هذا يقال حينئذ ان توثيق العامة له يكون كاشفا على انه مسلَّم الوثاقة بحيث ان وثاقته وصلت الى درجة من الوضوح لا يمكنهم انكارها , والا فلو كان فيه ضعف من جهة ما لطعنوا فيه كما هو عادتهم .
اقول يمكن ان يلاحظ على هذا الدليل ان عدم ذكر العامة كونه اماميا يكشف عن عدم كونه كذلك , وانما قد يكشف عن كونه منهم فأن عادتهم ايضا جرت على ان من يكون من غيرهم ينبهون على انه من الشيعة او الرافضة او غير ذلك ؛ وحينئذ قد يجعل هذا قرينة على التعدد أي أن ابراهيم بن ميمون الذي ترجمه العامة غير ابراهيم بن ميمون الذي نتكلم عنه , وقد لاحظتُ ان عنوان (ابراهيم بن ميمون ) اكثر من واحد عندهم فلعل الذي وثقوه احد هؤلاء وليس المعني في كلامنا .