39/01/19
تحمیل
الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم
بحث الفقه
39/01/19
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الاستلال بالنصوص على اختصاص الاكل بالمعتاد.
ثانيها الاستدلال ببعض النصوص:
منها: صحيح محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: "لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال: الطعام والشراب، والنساء، والارتماس في الماء"[1] .
بتقريب ان المذكور فيه الطعام والشراب ـ لا الاكل والشرب ـ وهما لا يصدقان على غير المعتاد مما يؤكل ويشرب، فلا عموم فيهما للحصى ونحوه ولعصارة أوراق الشجر.
وحيث اختص هذا الصحيح بالمعتاد من الاكل والشرب تقيّد به اطلاقات الآية الشريفة والنصوص الواردة في الاكل والشرب وان حذف المتعلق، وبالتالي يدل الصحيح الى ان المفطر هو اكل ما اعتيد اكله وشرب ما اعتيد شربه لا مطلق الاكل والشرب.
وقد أجاب السيد الخوئي (ره): "بأن الظاهر من الصحيحة أن الحصر لم يرد بلحاظ ما للطعام و الشراب من الخصوصية ليدل على الاختصاص بالمتعارف وانما لو حظ بالقياس إلى سائر الأفعال الخارجية والأمور الصادرة من الصائم من النوم والمشي ونحو ذلك، وإن تلك الأفعال لا تضره ما دام مجتنباً عن هذه الخصال، وأما ان المراد من الطعام والشراب هل هو مطلق المأكول والمشروب، أم خصوص المعتاد منهما؟ فليست الصحيحة بصدد البيان من هذه الجهة بوجه كي تدل على حصر المفطر في الطعام والشراب العاديين، بل انما ذكرا في قبال سائر الأفعال كما عرفت"[2] .
ويشكل بان هذا الجواب انما يتم لو كان الاستدلال بالرواية يبتني على كون الطعام والشراب شامل لما اعتيد اكله وشربه ولغيرهما.
لكن الاستدلال يبتني على ان الطعام لا يصدق الا على ما اعتيد اكله وعليه تكون الرواية ظاهرة في اختصاص المفطر بما اعتيد اكله دون ما لم يكن اكله معتادا.
وأجاب ثانيا بما حاصله: لم يظهر من الرواية ان المراد بالطعام والشراب هو المطعوم والمشروب جزماً، بل يحتمل إرادة المعنى المصدري لهما وهو الاكل والشرب. وحيث كان الاكل والشرب شاملين للمعتاد ولغيره كانت الرواية محتملة للأمرين معا فلا تصلح لتقييد مطلقات الاكل والشرب فتبقى المطلقات على اطلاقها من غير تقييد.
والانصاف ان هذا الجواب غير بعيد عن الصواب لان الطعام والشراب وان كان الشائع فيهما الاستعمال فيما كان من سنخ المطعوم والمشروب الا ان إرادة المصدر منهما غير بعيد وذلك لعدة أمور:
أ- ما عن لسان العرب والقاموس وغيرهما من ان الاكل أحد معانيهما.
ب- استعمال الطعام في الاكل في الكتاب العزيز كقوله تعالى ولا يحض على طعام المسكين وقوله تعالى ولا تحاضون على طعام المسكين اذ لا معنى للحض على نفس طعام المسكين وانما المراد الحض على اطعامه.
ج- ان الطعام والشراب في هذه الرواية لا يراد بهما خصوص المعتاد حتى لو قلنا بعدم صدقهما على غير المعتاد وذلك لان العمدة في الصوم الاكل والشرب مضافا الى تعليل الامر بالصوم بانه ليذكر الصائم بجوعه وعطشه جوع يوم القيامة وعطشه او جوع الفقراء زائدا على ارتكاز تسبيب الصوم للجوع والعطش. ومن الظاهر ان ذلك يتحقق باجتناب كل غذاء وشراب وهو اعم مما اعتيد اكله وشربه ومن غير ما اعتيد ويناسب هذا المعنى ارادة الاكل واشرب من الطعام والشراب مطلقا لا ارادة خصوص ما اعتيد اكله وشربه فيراد من الطعام والشراب الاكل والشرب.
ولعله لهذا ينصرف ذهن السامع للرواية الى الاكل والشرب وان كان التعبير فيهما بالطعام والشراب من باب ذكر المتعلَّق وإرادة المتعلِّق.
فملاحظة هذه الأمور تبعث على الركون لكون المراد منهما في الرواية الاكل والشرب وان لم يكن استعمال الطعام والشراب فيهما شائعا[3] .
والمتحصل ان هذه الرواية لا تصلح لتقييد مطلقات الاكل والشرب.