39/01/23
تحمیل
الأستاذ السید عبدالمنعم الحکیم
بحث الفقه
39/01/23
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: بقية النصوص المستدل بها على اختصاص الاكل المفطر بالمعتاد
ومنها خبر مسعدة بن صدقة عن ابي عبد الله عن ابائه (ع): "أَنَّ عَلِيّاً ع سُئِلَ عَنِ الذُّبَابِ يَدْخُلُ حَلْقَ الصَّائِمِ- قَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ"[1] .
بتقريب: تعليل الامام (ع) لعدم مفطرية الذباب بان الذباب ليس بطعام.
وفيه: بعد ما ثبت ان الإفطار انما يحصل بتعمد استعمال المفطر. لا يمكن ان يكون السبب في عدم مفطرية الذباب عدم كونه طعاما، وذلك لان الأثر معلول للسبب المباشر له في عدم مفطرية الذباب له والعلة هنا عدم تعمد ادخال الذباب الى الحلق ولذا لا يحكم بإفطاره حتى لو كان الذباب طعاما أو دخل غير الذباب من أنواع الطعام المعتاد من دون تعمد. وغير خفي ان تعمد ادخال الذباب الى الحلق يعني اكلا له فإما ان يحمل الطعام في الرواية على الاكل او تكون الرواية مجملة لكون الطعام ليس هو العلة جزما، وبالتالي لا تصلح الرواية لتقييد مطلقات الاكل.
ومنها: خبر محمد بن مسلم الاخر عن ابي جعفر (ع): "في الصائم يكتحل قال: لا بأس به ليس بطعام ولا شراب"[2] .
بتقريب: التعليل فيها بعدم مفطرية الكحل بانه ليس بطعام ولا شراب فيدل على ان ما لم يكن طعاما ولا شرابا لا يفطر.
وفيه: لو كانت علة التسويغ وعدم الإفطار بالاكتحال هو كون الكحل ليس طعاما للزم ان يكون الكحل مفطرا لو كان طعاما كما لو اكتحل بالطعام كالدقيق والعسل ونحوهما. ولا ريب في عدم مفطرية الاكتحال حتى لو كان الاكتحال بالطعام. بل العلة في التسويغ هو عدم كون الاكتحال اكلا، كما وضحته روايات عديدة تضمنت ان الاكتحال غير مفطر مالم تجد طعمه في الحلق او يدخل الحلق او يدخل الراس فيكشف هذا عن ان المقصود بعدم كون الكحل طعاما او شرابا في روايتنا، هو عدم اكله وشربه.
وكذا معتبرة ابن ابي يعفور: "سالت أبا عبدا لله (ع) عن الكحل للصائم فقال لا باس به انه ليس بطعام يؤكل"[3] .
فإنها بملاحظة ما تقدم يراد بقوله: "انه ليس بطعام يؤكل" ليس بطعام مأكول أي لم يحصل الاكل له ونحو ذلك، فلا مجال لتقييد اطلاقات الاكل به.
هذا كله مضافا الى ما عرفت من الاجماع على مفطرية الاكل والشرب مطلقا. المطابق للمرتكزات المتشرعية، ـ كما افاد السيد الأستاذ ـ "حيث لا مجال للخطأ فيهما في مثل هذا الحكم العملي الذي يشيع الابتلاء به، لكثرة الأمور التي يمكن التغذي بها، ويرتفع بها جهد الجوع والعطش، من دون أن يتعارف أكلها وشربها، فلو لم يكن أكلها وشربها مبطلا للصوم لظهر ذلك وشاع، ولم يخفَ على الأصحاب والمتشرعة، ولكثرَ السؤال عن الفروع المناسبة لذلك، لأن تعارف الأكل والشرب ذو مراتب، فقد يخفى تحديد المرتبة التي عليها مدار المنع، كما قد يخفى حال بعض الصغريات، بنحو يحتاج معه للسؤال. كما لعله ظاهر".
ثم ان السيد الأستاذ استدرك فاستثنى بعض الأمور حيث قال: "نعم حيث كان المقوم للصوم عرفاً وشرعاً هو ترك الأكل والشرب، فلابد في المفطّرية من صدق أحدهما، ولا يكفي مجرد الابتلاع من دون ذلك. ومن ثم يشكل الإفطار بمثل ابتلاع المعادن الصلبة والحصى والخرز الكبيرة غير القابلة للتحلل، بل يكون الجوف ظرفاً لها لا غير، من دون أن يصدق الأكل بابتلاعها عرفاً. ولعل ذلك هو مراد السيد المرتضى(ره) حيث نسب له في السرائر عدم مفطرية بلع ما لا يؤكل، كالحصى وغيره"[4] .
أقول: لا اشكال في لزوم صدق الاكل والشرب لأخذ عنوانهما في المفطرات الا ان الاشكال فيما ذكره من عدم صدقهما على ما ذكره من مثل الحصى والمعادن ونحوهما مع التنصيص على الحصى مثلا في معقد الاجماع في كلماتهم مضافا الى النصوص العديدة الواردة في اكل الطين ومن الظاهر عدم الفرق بين الطين والحصى فيما ذكره من عدم التحلل او تغذية البدن ونحوهما.
فالإنصاف عموم الاكل لكل ذلك.