36/05/02
تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, المفطر العاشر : تعمد القيء, مسألة 76
قد يقال لماذا يُحكم ببطلان الصلاة عند التكلم بحرفين فصاعداً, مع أنه مضطر شرعاً للكلام, لإخراج ما دخل في حلقه بحكم الشارع, مع أن قواعد باب الاضطرار تقتضي ان يكون الاضطرار رافعاً مانعية ما يكون مبطلاً للصلاة في حال الاختيار (التكلم), وهذا يعني ان الصلاة تصح من المكلف عند التكلم في حال الاضطرار اليه تكويناً او شرعاً, وهذا من قبيل ما اذا اضطر إلى التكلم في اثناء صلاته لإنقاذ نفس محترمة, حيث لا يوجد فيه اضطرار تكويني وإنما اضطرار شرعي إلى التكلم وهو يرفع المانعية, أو مثال آخر _وأن كان فيه فرق من جهة اخرى_ وهو ما لو تكلم (بآمين) من باب الاضطرار(التقية), فهو وان كان مبطلاً للصلاة لكنه عندما يصدر منه من باب الاضطرار فأن مانعيته ترتفع, وتصح صلاته.
وحينئذ لابد من الحكم بصحة الصوم والصلاة في محل الكلام, أما الحكم بصحة الصوم فلأنه لم يرتكب المفطر, وأما الحكم بصحة الصلاة فلأنه وأن جاء بالمانع الا أن هذا المانع إنما يمنع من صحة الصلاة في حال الاختيار لا في حال الاضطرار, وحينئذ تكون هذه الصلاة صحيحة غاية الامر أنها تكون اضطرارية.
ولعلهم لا يلتزمون بما ذكرناه لأنهم لا يرون الاضطرار رافعاً لمانعية ما يكون مبطلاً في حال الاختيار, فالاضطرار يرفع الحكم التكليفي والعقاب فحسب, لأن الشارع امره بذلك (التكلم) فإذا جاء لا يعاقبه عليه.
أقول أن الخلاف في أن الاضطرار يرفع المانعية ؟ أو لا؟ فعلى القول بأنه يرفع المانعية فالظاهر عدم المانع من الالتزام بصحة الصلاة الاضطرارية في المقام.
الصورة الثانية: ما اذا كان الداخل في الفم مما يحل أكله في حد نفسه كبقايا الطعام في الاسنان, ولم يصل إلى الجوف ومنتهى الحلق وإنما كان في فضاء الفم, وتشترك هذه الصورة مع الصورة الاولى أن الفرض في كل منهما كون الاكل في فضاء الفم, وتفترق عنها بأن الفرض في الاولى الذي دخل الحلق ما يحرم أكله, وفي هذا الصورة نفترض أن الذي دخل هو مما يحل أكله.
وقد فصل السيد الماتن في هذه الصورة بين سعة الوقت للصلاة فيجب الاخراج وقطع الصلاة, وبين ضيق الوقت فيجب الابتلاع, والسبب في ذلك أن صورة سعة الوقت يوجد بدل للصلاة, أما في ضيق الوقت فلا بدل لها, فيقع التزاحم _ كما يقول السيد الماتن_ بين واجبين لا بدل لهما اختياراً, ولا يدخل في الحساب حرمة الاكل في هذه الصورة, لأن المفروض أن الاكل مما يحل في حد نفسه, وحينئذ يدور الامر بين اهمية الصلاة واهمية الصوم, ولا اشكال في كون الصلاة اهم, أو لا أقل من احتمال ذلك, او احتمال التساوي ولكن لا نحتمل ان الصوم اهم.
فالصلاة أما أن تكون محتملة الاهمية او معلومة الاهمية, وكل منهما ميزان كافٍ للترجيح, وحينئذ ترجح الصلاة على الصوم, فيجب عليه ابتلاعه وابطال الصوم.
ويجري في المقام ما ذكرناه سابقاً في حال ضيق الوقت, فيقدم امتثال الصلاة على امتثال الصوم, وهذا التقديم يستلزم الابتلاع وابطال الصوم, وهذا واضح اذا كان الدوران بين اصل الاتيان بالصلاة وبين الصوم, بأن نفترض عند امتثال الصوم يفوت عليه اصل الصلاة لضيق الوقت وعدم البدل, أما على فرض كون الصلاة لها بدل ( هو البدل الاضطراري أي ان يصلي مع التكلم), فأن هذا الاضطرار يكون موجباً لرفع مانعية التكلم, وبذلك تصح منه الصلاة, غاية الامر تكون هذه الصلاة اضطرارية.
أقول أن تطبيق هذا الكلام يتوقف على افتراض تقديم الصوم من حيث الاهمية, فحينئذ يقال بأن الشارع يأمر بالإخراج والتكلم, فيكون الاخراج والتكلم مما يضطر اليه المكلف شرعاً, وهذا الاضطرار وأن كان من جهة الشارع فأنه يرفع مانعية التكلم في الصلاة, وأما على افتراض تقديم الصلاة _ في ضيق الوقت_ فحينئذ لا يكون المكلف مأموراً بالإخراج والتكلم, لكي يقال بأن الاضطرار يرفع المانعية, بل هو مأمور بالابتلاع, لأن الصلاة حسب الفرض اهم من الصوم.
الصورة الثالثة: وهي ما لو كان الشيء مما يحرم أكله لكنه دخل في الحلق (منتهى الحلق), بحيث لا يصدق الاكل الاختياري على ابتلاعه, وفي هذه الصورة حكم السيد الماتن بوجوب إخراجه, وقطع الصلاة.
والكلام هنا هو أن يقال أن الابتلاع تارة يصدق عليه الاكل وأخرى لا يصدق, ففي حال عدم صدق الاكل لا يضر الابتلاع بالصوم, وهذا يعني أن الصوم يخرج عن المزاحمة, فتقع بين وجوب الصلاة وبين حرمة الابتلاع من جهة حرمة هذا الشيء( كالذباب) بنفسه, ولا اشكال بأن الصلاة اهم في المقام, فيتعين الابتلاع ولا يلزم بطلان الصوم, نعم يلزم مخالفة ما لا يجوز له ادخاله في الجوف.
أما على القول بصدق الاكل على ابتلاعه, ففي هذه الحالة يدخل الصوم في باب التزاحم, فيقع التزاحم بين وجوب الصلاة من جهة وبين وجوب الصوم وحرمة ابتلاع هذا الشيء من جهة اخرى, فيكون كالفرض المتقدم في الصورة الاولى.
والذي يحسم الاشكال في المقام هو ان الصحيح عدم صدق الاكل على ابتلاع ما دخل في الجوف, لأن المفروض انه (الذباب) دخل بغير اختيار الى اول الجوف, وحينئذ لا يبطل الصوم لأنه غير اختياري, وانزاله من منتهى الجوف إلى المعدة لا يسمى اكلاً, فلا يدخل الصوم في باب التزاحم, فيقع التزاحم بين الصلاة وبين حرمة ايصال هذ الشيء الى المعدة, ولا اشكال في كون الصلاة اهم فيجب عليه ابتلاعه ويصح صومه وصلاته.
وقد قال السيد الماتن (وجب إخراجه بقطع الصلاة وإبطالها على إشكال)[1] والظاهر ان الاشكال من جهة التوقف في صدق الاكل وعدمه.
قد يقال لماذا يُحكم ببطلان الصلاة عند التكلم بحرفين فصاعداً, مع أنه مضطر شرعاً للكلام, لإخراج ما دخل في حلقه بحكم الشارع, مع أن قواعد باب الاضطرار تقتضي ان يكون الاضطرار رافعاً مانعية ما يكون مبطلاً للصلاة في حال الاختيار (التكلم), وهذا يعني ان الصلاة تصح من المكلف عند التكلم في حال الاضطرار اليه تكويناً او شرعاً, وهذا من قبيل ما اذا اضطر إلى التكلم في اثناء صلاته لإنقاذ نفس محترمة, حيث لا يوجد فيه اضطرار تكويني وإنما اضطرار شرعي إلى التكلم وهو يرفع المانعية, أو مثال آخر _وأن كان فيه فرق من جهة اخرى_ وهو ما لو تكلم (بآمين) من باب الاضطرار(التقية), فهو وان كان مبطلاً للصلاة لكنه عندما يصدر منه من باب الاضطرار فأن مانعيته ترتفع, وتصح صلاته.
وحينئذ لابد من الحكم بصحة الصوم والصلاة في محل الكلام, أما الحكم بصحة الصوم فلأنه لم يرتكب المفطر, وأما الحكم بصحة الصلاة فلأنه وأن جاء بالمانع الا أن هذا المانع إنما يمنع من صحة الصلاة في حال الاختيار لا في حال الاضطرار, وحينئذ تكون هذه الصلاة صحيحة غاية الامر أنها تكون اضطرارية.
ولعلهم لا يلتزمون بما ذكرناه لأنهم لا يرون الاضطرار رافعاً لمانعية ما يكون مبطلاً في حال الاختيار, فالاضطرار يرفع الحكم التكليفي والعقاب فحسب, لأن الشارع امره بذلك (التكلم) فإذا جاء لا يعاقبه عليه.
أقول أن الخلاف في أن الاضطرار يرفع المانعية ؟ أو لا؟ فعلى القول بأنه يرفع المانعية فالظاهر عدم المانع من الالتزام بصحة الصلاة الاضطرارية في المقام.
الصورة الثانية: ما اذا كان الداخل في الفم مما يحل أكله في حد نفسه كبقايا الطعام في الاسنان, ولم يصل إلى الجوف ومنتهى الحلق وإنما كان في فضاء الفم, وتشترك هذه الصورة مع الصورة الاولى أن الفرض في كل منهما كون الاكل في فضاء الفم, وتفترق عنها بأن الفرض في الاولى الذي دخل الحلق ما يحرم أكله, وفي هذا الصورة نفترض أن الذي دخل هو مما يحل أكله.
وقد فصل السيد الماتن في هذه الصورة بين سعة الوقت للصلاة فيجب الاخراج وقطع الصلاة, وبين ضيق الوقت فيجب الابتلاع, والسبب في ذلك أن صورة سعة الوقت يوجد بدل للصلاة, أما في ضيق الوقت فلا بدل لها, فيقع التزاحم _ كما يقول السيد الماتن_ بين واجبين لا بدل لهما اختياراً, ولا يدخل في الحساب حرمة الاكل في هذه الصورة, لأن المفروض أن الاكل مما يحل في حد نفسه, وحينئذ يدور الامر بين اهمية الصلاة واهمية الصوم, ولا اشكال في كون الصلاة اهم, أو لا أقل من احتمال ذلك, او احتمال التساوي ولكن لا نحتمل ان الصوم اهم.
فالصلاة أما أن تكون محتملة الاهمية او معلومة الاهمية, وكل منهما ميزان كافٍ للترجيح, وحينئذ ترجح الصلاة على الصوم, فيجب عليه ابتلاعه وابطال الصوم.
ويجري في المقام ما ذكرناه سابقاً في حال ضيق الوقت, فيقدم امتثال الصلاة على امتثال الصوم, وهذا التقديم يستلزم الابتلاع وابطال الصوم, وهذا واضح اذا كان الدوران بين اصل الاتيان بالصلاة وبين الصوم, بأن نفترض عند امتثال الصوم يفوت عليه اصل الصلاة لضيق الوقت وعدم البدل, أما على فرض كون الصلاة لها بدل ( هو البدل الاضطراري أي ان يصلي مع التكلم), فأن هذا الاضطرار يكون موجباً لرفع مانعية التكلم, وبذلك تصح منه الصلاة, غاية الامر تكون هذه الصلاة اضطرارية.
أقول أن تطبيق هذا الكلام يتوقف على افتراض تقديم الصوم من حيث الاهمية, فحينئذ يقال بأن الشارع يأمر بالإخراج والتكلم, فيكون الاخراج والتكلم مما يضطر اليه المكلف شرعاً, وهذا الاضطرار وأن كان من جهة الشارع فأنه يرفع مانعية التكلم في الصلاة, وأما على افتراض تقديم الصلاة _ في ضيق الوقت_ فحينئذ لا يكون المكلف مأموراً بالإخراج والتكلم, لكي يقال بأن الاضطرار يرفع المانعية, بل هو مأمور بالابتلاع, لأن الصلاة حسب الفرض اهم من الصوم.
الصورة الثالثة: وهي ما لو كان الشيء مما يحرم أكله لكنه دخل في الحلق (منتهى الحلق), بحيث لا يصدق الاكل الاختياري على ابتلاعه, وفي هذه الصورة حكم السيد الماتن بوجوب إخراجه, وقطع الصلاة.
والكلام هنا هو أن يقال أن الابتلاع تارة يصدق عليه الاكل وأخرى لا يصدق, ففي حال عدم صدق الاكل لا يضر الابتلاع بالصوم, وهذا يعني أن الصوم يخرج عن المزاحمة, فتقع بين وجوب الصلاة وبين حرمة الابتلاع من جهة حرمة هذا الشيء( كالذباب) بنفسه, ولا اشكال بأن الصلاة اهم في المقام, فيتعين الابتلاع ولا يلزم بطلان الصوم, نعم يلزم مخالفة ما لا يجوز له ادخاله في الجوف.
أما على القول بصدق الاكل على ابتلاعه, ففي هذه الحالة يدخل الصوم في باب التزاحم, فيقع التزاحم بين وجوب الصلاة من جهة وبين وجوب الصوم وحرمة ابتلاع هذا الشيء من جهة اخرى, فيكون كالفرض المتقدم في الصورة الاولى.
والذي يحسم الاشكال في المقام هو ان الصحيح عدم صدق الاكل على ابتلاع ما دخل في الجوف, لأن المفروض انه (الذباب) دخل بغير اختيار الى اول الجوف, وحينئذ لا يبطل الصوم لأنه غير اختياري, وانزاله من منتهى الجوف إلى المعدة لا يسمى اكلاً, فلا يدخل الصوم في باب التزاحم, فيقع التزاحم بين الصلاة وبين حرمة ايصال هذ الشيء الى المعدة, ولا اشكال في كون الصلاة اهم فيجب عليه ابتلاعه ويصح صومه وصلاته.
وقد قال السيد الماتن (وجب إخراجه بقطع الصلاة وإبطالها على إشكال)[1] والظاهر ان الاشكال من جهة التوقف في صدق الاكل وعدمه.