36/06/15
تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات,
فصل (المفطرات المذكورة ما عدا البقاء على الجنابة الذي مر الكلام فيه تفصيلا إنما
توجب بطلان الصوم.....) مسألة 5
ذكرنا سابقاً أن مقتضى القاعد فساد الصوم عند تناول المفطر عن اختيار وعن عمد, لكن في المقابل يمكن أن يقال بأن الروايتين المتقدمتين تصلحان للخروج عن مقتضى القاعدة بناءً على انهما يفهم منهما الحكم بالصحة, فإذا تم هذا الفهم نرفع اليد عن مقتضى القاعدة في خصوص محل الكلام.
ويدّعى هذا على اساس أن ظاهر الروايتين هو الحكم بالصحة لأنهما تجوزان تناول مقدار يسير من الماء ترتفع به الضرورة, ويفهم منه عدم جواز تناول ما زاد على ذلك, بل يفهم منه أنه لا يجوز له تناول سائر المفطرات الاخرى, أي أن الشارع يريد أن يكتفي بهذا العمل الذي صدر منه وانه باقٍ على صومه ولذا يجب عليه الامساك عن سائر المفطرات وعن شرب الماء الزائد على الضرورة.
وحينئذ تكون هذه الروايات مناسبة جداً في انها في مقام التخفيف عن هذا المكلف الذي اصابه العطش, في مقابل أن يقال له تحمّل العطش والضرر ولا يجوز لك أن تشرب حتى ذلك المقدار.
نعم هناك احتمال آخر في الرواية _ لكنه يحتاج إلى قرينة لأنه خلاف الظاهر_ وهو أن يقال أن الذي فُهم من الرواية من وجوب اجتناب المفطرات والامساك عنها ليس من باب الامساك في باب الصوم, وإنما هي من باب الامساك التأدبي وهو لا ينافي فساد الصوم, فيمكن الحكم بفساد صومه ولزوم الامساك تأدباً, وقد تقدم نظير ذلك.
لكن هذا الاحتمال خلاف ظهور الروايتين, فأن ظهورهما الاولي هو أنه باقٍ على صومه, وان وجوب الامساك على القاعدة.
نعم اذا دل دليل على ذلك لابد من الالتزام بوجوب الامساك بالرغم من فساد الصوم من باب الامساك التأدبي.
هذا ما يفهم من هاتين الروايتين وقد ذكر الشهيد الثاني _ وهو ممن يُعتنى بكلامه عادةً_ تعليقاً على موثقة عمار (وفيها دلالة على بقاء الصوم وعدم وجوب القضاء كما اختاره الفاضل)[1] اي أن العلامة اختار القول بصحة الصوم في هذه الحالة, وعلى كل حال يحتاج الوصولُ إلى نتيجة مراجعة كلمات الفقهاء لمعرفة هل أن هناك شهرة بين القدماء على فساد الصوم؟ أو لا؟
فعلى فرض وجود الشهرة بذلك[2] فأنه قد يوقف الفقيه من الالتزام بصحة الصوم, لأن ذلك يعني احد امرين إما الاعراض عن هذه الروايات مع فرض أن ظهورها بالصحة واضح عندهم, واعراضهم حينئذ عن الرواية يوجب وهنها وسقوطها عن الاعتبار, وإما انهم اعرضوا عنها لأنهم لم يفهموا منها الصحة, كما فهمنا بل فهموا منها الفساد _كما فهم ذلك المتأخرون_ وذلك يوقف الفقيه عن الفتوى بالصحة ايضاً, بأعتبار أن مشهور القدماء هم الاقرب إلى عصر النص والأقرب إلى فهم الروايات ومداليلها والقرائن المحيطة بها, إذن على كلا التقديرين يتوقف الفقيه من الوصول إلى نتيجة الفتوى بالصحة.
وعلى فرض القول بالصحة فالظاهر أنه لابد من الاختصار على مورد الروايتين, لأن الحكم بالاجزاء مع تناول المفطر على خلاف القاعدة, ولا يمكن التعدي إلى غير مورد الدليل, فإذا فرضنا أن ترك شرب الماء فيه حرج أو ضرر ليس بليغاً, فأنه يجوز له شرب الماء لدفع الضرر أو الحرج لكنه يحكم بفساد صومه ووجوب القضاء, لأن القاعدة في ذلك تقتضي البطلان ولا دليل على صحة صومه والروايتان تختصان بحالات الخوف من هلاك النفس وعدم القدرة على الصيام من شدة العطش, فمورد الرواية الاولى هو الخوف على النفس, فيجوز له شرب الماء بمقدار ويصح صومه, ومورد الرواية الثانية هو عدم القدرة على الصيام لشدة العطش فيُلتزم بأنه يجوز له تناول ذلك المقدار ويصح منه الصوم ولا يجب قضاءه.
الفرع الثالث: قال السيد الماتن ويجب عليه الامساك بقية النهار, وهذه المسألة واضحة بناءً على القول بالصحة, لوجوب الامساك على كل صائم, لكنه بناءً على القول بالفساد _كما هو مختار السيد الماتن_ اذا دل عليه الدليل يكون ثابتاً لا بعنوان الصوم, لعدم امكان الجمع بين فساد الصوم ووجوب الامساك بعنوان الصوم, فإذا دل دليل على وجوب الامساك بناءً على القول بالفساد يتعين تفسير وجوب الامساك في هذا الدليل بأنه من باب الإمساك التأدبي, ومن الواضح بأن الامساك التأدبي يحتاج إلى دليل, فإذا قطعنا النظر عن الروايتين, وجوزنا في مسألة شرب الصائم المضطر بمقدار الضرورة وحكمنا بفساد صومه على القاعدة, لا يمكن الحكم بوجوب الامساك عليه تأدباً بغير دليل.
فالسؤال في المقام ما هو الدليل على وجوب الامساك تأدباً بناءً على القول بالفساد؟؟
وقد يستدل على ذلك بما ورد في موارد تقدم الكلام عنها, كما ورد في من تعمد البقاء على الجنابة حتى اصبح, أنه يتم صيامه وعليه قضاءه, وقد تقدم أنه لو كان صيامه صحيحاً لما وجب قضاءه _بعد استبعاد كون القضاء من باب العقوبة_ فلا يمكن الجمع بين وجوب القضاء وبين اتمام صومه, ومن هنا فهموا من وجوب الاتمام مع وجوب القضاء أن وجوب الامساك هو من باب وجوب الامساك التأدبي, وهكذا في من نام مجنباً حتى اصبح لا عن عمد, فأن فيه روايات[3] تدل على وجوب اتمام صومه ووجوب القضاء, وقد يقال بأننا نستفيد منها وجوب الامساك التأدبي في محل الكلام, لكن هذا الدليل واضح الضعف لأن تلك الروايات وردت في موارد خاصة فأنها وردت في شخص يجب عليه الصيام لكنه افطر(عصياناً أو غير عصيانٍ), أما في محل كلامنا فأنه غير مكلف بالصيام.
وقد يستدل على وجوب الامساك التأدبي في محل الكلام بنفس الروايتين السابقتين (موثقة عمار ومعتبرة المفضل بن عمر) وذلك بأعتبار انهما ظاهرتان في عدم جواز شرب ما زاد من الماء وعدم جواز ارتكاب سائر المفطرات, فهي تدل على وجوب الامساك ومع ضم الحكم بالفساد إلى ذلك, يقال بأنه لا وجه للحكم بالإمساك الا ما باب التأدب.
وهذا الوجه وجيه بناءً على القول بالفساد, وقد اشرنا إلى أن هذا احد القرائن على صحة ما نقوله _ من أن الروايتين لهما ظهور بالصحة_ لأنه كأن الروايتين تفترضان أن وجوب الامساك عن المفطرات على القاعدة وهذا لا ينسجم الا مع القول بالصحة, لأنه على القول بالفساد لابد من الدليل على وجوب الامساك, وقد اشارت كل من الروايتين إلى ذلك بطرف خفي فقالت يجوز له أن يشرب بمقدار الضرورة, وهذا ما نرفع اليد عنه أما الباقي من الاحكام فأنه يبقى على حاله, وهذا ظاهر فيما نقوله من أن الصائم يبقى على صومه ويصح منه الصوم.
وقد تبين من هذا الفرع (الثالث) وجوب الامساك على القول بالصحة وهو الاقرب وهو على القاعدة, وأما على القول الاخر فوجوب الامساك الذي تدل عليه الروايتان لابد أن يكون من باب التأدب.
ثم يقول السيد الماتن (إذا كان في شهر رمضان)
وهذا الكلام يرتبط بالفرع الثاني ايضاً فعلى القول بالفساد فأن وجوب الامساك يكون على خلاف القاعدة, وحينئذ يكون الدليل الدال على وجوب الامساك اذا لم يكن فيه اطلاق من ناحية اقسام الصوم لابد من الاختصار فيه القدر المتيقن, لأن وجوب الامساك على خلاف القاعدة, والقدر المتيقن للدليل _الروايتين_ الدال على وجوب الامساك هو عبارة عن صوم شهر رمضان, وذلك لأن الموثقة لم يذكر فيها لفظ الصوم اصلاً, وإنما استفدنا ذلك من سياق الرواية, والقدر المتيقن منها هو صوم شهر رمضان وليس فيها اطلاق واضح لكي نجعل الحكم شاملاً لجميع اقسام الصوم.
ذكرنا سابقاً أن مقتضى القاعد فساد الصوم عند تناول المفطر عن اختيار وعن عمد, لكن في المقابل يمكن أن يقال بأن الروايتين المتقدمتين تصلحان للخروج عن مقتضى القاعدة بناءً على انهما يفهم منهما الحكم بالصحة, فإذا تم هذا الفهم نرفع اليد عن مقتضى القاعدة في خصوص محل الكلام.
ويدّعى هذا على اساس أن ظاهر الروايتين هو الحكم بالصحة لأنهما تجوزان تناول مقدار يسير من الماء ترتفع به الضرورة, ويفهم منه عدم جواز تناول ما زاد على ذلك, بل يفهم منه أنه لا يجوز له تناول سائر المفطرات الاخرى, أي أن الشارع يريد أن يكتفي بهذا العمل الذي صدر منه وانه باقٍ على صومه ولذا يجب عليه الامساك عن سائر المفطرات وعن شرب الماء الزائد على الضرورة.
وحينئذ تكون هذه الروايات مناسبة جداً في انها في مقام التخفيف عن هذا المكلف الذي اصابه العطش, في مقابل أن يقال له تحمّل العطش والضرر ولا يجوز لك أن تشرب حتى ذلك المقدار.
نعم هناك احتمال آخر في الرواية _ لكنه يحتاج إلى قرينة لأنه خلاف الظاهر_ وهو أن يقال أن الذي فُهم من الرواية من وجوب اجتناب المفطرات والامساك عنها ليس من باب الامساك في باب الصوم, وإنما هي من باب الامساك التأدبي وهو لا ينافي فساد الصوم, فيمكن الحكم بفساد صومه ولزوم الامساك تأدباً, وقد تقدم نظير ذلك.
لكن هذا الاحتمال خلاف ظهور الروايتين, فأن ظهورهما الاولي هو أنه باقٍ على صومه, وان وجوب الامساك على القاعدة.
نعم اذا دل دليل على ذلك لابد من الالتزام بوجوب الامساك بالرغم من فساد الصوم من باب الامساك التأدبي.
هذا ما يفهم من هاتين الروايتين وقد ذكر الشهيد الثاني _ وهو ممن يُعتنى بكلامه عادةً_ تعليقاً على موثقة عمار (وفيها دلالة على بقاء الصوم وعدم وجوب القضاء كما اختاره الفاضل)[1] اي أن العلامة اختار القول بصحة الصوم في هذه الحالة, وعلى كل حال يحتاج الوصولُ إلى نتيجة مراجعة كلمات الفقهاء لمعرفة هل أن هناك شهرة بين القدماء على فساد الصوم؟ أو لا؟
فعلى فرض وجود الشهرة بذلك[2] فأنه قد يوقف الفقيه من الالتزام بصحة الصوم, لأن ذلك يعني احد امرين إما الاعراض عن هذه الروايات مع فرض أن ظهورها بالصحة واضح عندهم, واعراضهم حينئذ عن الرواية يوجب وهنها وسقوطها عن الاعتبار, وإما انهم اعرضوا عنها لأنهم لم يفهموا منها الصحة, كما فهمنا بل فهموا منها الفساد _كما فهم ذلك المتأخرون_ وذلك يوقف الفقيه عن الفتوى بالصحة ايضاً, بأعتبار أن مشهور القدماء هم الاقرب إلى عصر النص والأقرب إلى فهم الروايات ومداليلها والقرائن المحيطة بها, إذن على كلا التقديرين يتوقف الفقيه من الوصول إلى نتيجة الفتوى بالصحة.
وعلى فرض القول بالصحة فالظاهر أنه لابد من الاختصار على مورد الروايتين, لأن الحكم بالاجزاء مع تناول المفطر على خلاف القاعدة, ولا يمكن التعدي إلى غير مورد الدليل, فإذا فرضنا أن ترك شرب الماء فيه حرج أو ضرر ليس بليغاً, فأنه يجوز له شرب الماء لدفع الضرر أو الحرج لكنه يحكم بفساد صومه ووجوب القضاء, لأن القاعدة في ذلك تقتضي البطلان ولا دليل على صحة صومه والروايتان تختصان بحالات الخوف من هلاك النفس وعدم القدرة على الصيام من شدة العطش, فمورد الرواية الاولى هو الخوف على النفس, فيجوز له شرب الماء بمقدار ويصح صومه, ومورد الرواية الثانية هو عدم القدرة على الصيام لشدة العطش فيُلتزم بأنه يجوز له تناول ذلك المقدار ويصح منه الصوم ولا يجب قضاءه.
الفرع الثالث: قال السيد الماتن ويجب عليه الامساك بقية النهار, وهذه المسألة واضحة بناءً على القول بالصحة, لوجوب الامساك على كل صائم, لكنه بناءً على القول بالفساد _كما هو مختار السيد الماتن_ اذا دل عليه الدليل يكون ثابتاً لا بعنوان الصوم, لعدم امكان الجمع بين فساد الصوم ووجوب الامساك بعنوان الصوم, فإذا دل دليل على وجوب الامساك بناءً على القول بالفساد يتعين تفسير وجوب الامساك في هذا الدليل بأنه من باب الإمساك التأدبي, ومن الواضح بأن الامساك التأدبي يحتاج إلى دليل, فإذا قطعنا النظر عن الروايتين, وجوزنا في مسألة شرب الصائم المضطر بمقدار الضرورة وحكمنا بفساد صومه على القاعدة, لا يمكن الحكم بوجوب الامساك عليه تأدباً بغير دليل.
فالسؤال في المقام ما هو الدليل على وجوب الامساك تأدباً بناءً على القول بالفساد؟؟
وقد يستدل على ذلك بما ورد في موارد تقدم الكلام عنها, كما ورد في من تعمد البقاء على الجنابة حتى اصبح, أنه يتم صيامه وعليه قضاءه, وقد تقدم أنه لو كان صيامه صحيحاً لما وجب قضاءه _بعد استبعاد كون القضاء من باب العقوبة_ فلا يمكن الجمع بين وجوب القضاء وبين اتمام صومه, ومن هنا فهموا من وجوب الاتمام مع وجوب القضاء أن وجوب الامساك هو من باب وجوب الامساك التأدبي, وهكذا في من نام مجنباً حتى اصبح لا عن عمد, فأن فيه روايات[3] تدل على وجوب اتمام صومه ووجوب القضاء, وقد يقال بأننا نستفيد منها وجوب الامساك التأدبي في محل الكلام, لكن هذا الدليل واضح الضعف لأن تلك الروايات وردت في موارد خاصة فأنها وردت في شخص يجب عليه الصيام لكنه افطر(عصياناً أو غير عصيانٍ), أما في محل كلامنا فأنه غير مكلف بالصيام.
وقد يستدل على وجوب الامساك التأدبي في محل الكلام بنفس الروايتين السابقتين (موثقة عمار ومعتبرة المفضل بن عمر) وذلك بأعتبار انهما ظاهرتان في عدم جواز شرب ما زاد من الماء وعدم جواز ارتكاب سائر المفطرات, فهي تدل على وجوب الامساك ومع ضم الحكم بالفساد إلى ذلك, يقال بأنه لا وجه للحكم بالإمساك الا ما باب التأدب.
وهذا الوجه وجيه بناءً على القول بالفساد, وقد اشرنا إلى أن هذا احد القرائن على صحة ما نقوله _ من أن الروايتين لهما ظهور بالصحة_ لأنه كأن الروايتين تفترضان أن وجوب الامساك عن المفطرات على القاعدة وهذا لا ينسجم الا مع القول بالصحة, لأنه على القول بالفساد لابد من الدليل على وجوب الامساك, وقد اشارت كل من الروايتين إلى ذلك بطرف خفي فقالت يجوز له أن يشرب بمقدار الضرورة, وهذا ما نرفع اليد عنه أما الباقي من الاحكام فأنه يبقى على حاله, وهذا ظاهر فيما نقوله من أن الصائم يبقى على صومه ويصح منه الصوم.
وقد تبين من هذا الفرع (الثالث) وجوب الامساك على القول بالصحة وهو الاقرب وهو على القاعدة, وأما على القول الاخر فوجوب الامساك الذي تدل عليه الروايتان لابد أن يكون من باب التأدب.
ثم يقول السيد الماتن (إذا كان في شهر رمضان)
وهذا الكلام يرتبط بالفرع الثاني ايضاً فعلى القول بالفساد فأن وجوب الامساك يكون على خلاف القاعدة, وحينئذ يكون الدليل الدال على وجوب الامساك اذا لم يكن فيه اطلاق من ناحية اقسام الصوم لابد من الاختصار فيه القدر المتيقن, لأن وجوب الامساك على خلاف القاعدة, والقدر المتيقن للدليل _الروايتين_ الدال على وجوب الامساك هو عبارة عن صوم شهر رمضان, وذلك لأن الموثقة لم يذكر فيها لفظ الصوم اصلاً, وإنما استفدنا ذلك من سياق الرواية, والقدر المتيقن منها هو صوم شهر رمضان وليس فيها اطلاق واضح لكي نجعل الحكم شاملاً لجميع اقسام الصوم.