39/07/06
تحمیل
آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض
بحث الأصول
39/07/06
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : دوران الامر بين المحذورين
إلى هنا قد تبين ان في مسالة دوران الامر بين المحذورين في واقعة
واحدة، إذا كان احتمال الوجوب مساويا لاحتمال الحرمة، فلا يمكن افتراض
كون احدهما تعبديا أو كلاهما، إذ كل من الفعل والترك لا يصلح في هذا
الفرض ان يكون عبادة، لان عباديته متقومة برجحانه على الاخر ولو بادنى
مرتبته، وأما مع تساوي المحبوبية فيه مع المبغوضية، فلا يمكن ان يكون
عبادة.
ومن هنا يظهر ان ما في كلمات الاصحاب من ان الاحتمالين في المقام
لا يخلوان من ان يكون كلاهما توصلياً أو كلاهما تعبدياً أو احدهما تعبدياً
والاخر توصلياً، لا يتم في فرض تساوي الاحتمالين بدون ان تكون
لاحدهما مزية على الاخر.
وأما الكلام في الامر الثاني:وهو ما إذا كانت لاحدهما مزيه على
الاخر احتمالا أو محتملاً، فلا مانع من ان يكون ذو المزية تعبدياً، كما إذا
فرضنا ان احتمال الوجوب اقوى من احتمال الحرمة، فحينئذ لا مانع من ان
يكون الوجوب المحتمل وجوبا قربيا، على اساس ان متعلقه ارجح من متعلق الحرمة، وهذا الرجحان يكفي في الاتيان به بقصد القربة هذا من
ناحية.
ومن ناحية أخرى، ان الاضطرار في المقام في هذا الفرض حيث انه إلى
بعض غير المعين، فلا يوجب سقوط العلم الاجمالي عن التنجيز، فإذا ظل
العلم الاجمالي باقيا بحاله، كان منجزا لحرمة المخالفة القطعية العملية دون
الموافقة القطعية العملية، لعدم تمكن المكلف منها في المقام.
ومن ناحية ثالثة، ان الترخيص الثابت للمكلف في مخالفة بعض اطراف
العلم الاجمالي من جهة الاضطرار، هل هو ترخيص تخييري أو تعييني، فعلى
الأول انه مخير بين اقتحام الطرف الاهم واقتحام الطرف المهم، وعلى الثاني
يتعين عليه اقتحام الطرف الاهم فقط، فإذن يدور الامر بين التعيين والتخيير.
توضيح ذلك ان دوران الامر بين التعيين والتخيير يكون في مرحلتين:
المرحلة الأولى: في مقام الجعل، بمعنى ان الحكم المجعول في الشريعة
المقدسة هل هو مجعول للجامع بنحو التخيير أو انه مجعول للفرد بنحو
التعيين؟
المرحلة الثانية: في مقام الامتثال، فيدور الامر في هذه المرحلة بين
تعيين الامتثال في فرد معين وبين التخيير فيه بينه وبين فرد اخر.
أما الكلام في المرحلة الأولى: فتارة يدور الامر فيها بين التعيين
والتخيير في مقام الجعل في الاحكام الواقعية، كما إذا شك في ان صلاة الجمعة
في يوم الجمعة في عصر الغيبة هل هي واجبة على المكلف تعيينا أو تخييرا
بينها وبين صلاة الظهر، واخرى في الاحكام الظاهرية، كما إذا شك في ان حجية فتوى الاعلم على العامي هل هي تعيينية أو تخييرية، بمعني ان العامي
مخير بين العمل والعمل بفتوى غير الاعلم أو يتعين عليه العمل بفتوى
الاعلم.