1439/10/16
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
39/10/16
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- أصالة اللزوم - مسألة ( 52 ) – المكاسب المحرمة.
وفي الجواب نقول:- إنه لو أردنا أن نقول في استصحاب الكلي من القسم الثاني بعدم الجريان فالمانع من جريانه إشكالان والاشكالان يتمّان في الكلي من القسم الثاني ولكن في الملكية لا يتمّان ، فلنستعرض أولاً الاشكالين في استصحاب الكلّي من القسم الثاني ثم بعد ذلك نلاحظ أنه لماذا لو تم هذان الاشكالان في استصحاب الكلّي لا يتمّان في الملكية:-
أما الاشكالان فهما:-فالإشكال الأوّل:- نقول إنَّ استصحاب القسم الثاني لا يجري لأنَّ متعلق الشك غير متعلق اليقين وشرط جريان الاستصحاب وحدة المتعلقين ، أما لماذا المتعلّق في استصحاب الكلّي من القسم الثاني مختلف ؟ يقال: لأنَّ يقيننا في مثال البق والفيل مثلاً هو أننا نعلم بوجود حيوان إما الفيل أو البق ومتعلّق الشك هو أنني أشك وأحتمل البقاء في ضمن الفرد الطويل وهو الفيل ، فسبب شكي احتمال حدوث الفرد الطويل وهو الفيل ، فلو كان هو فهو باقٍ وإذا كان البق فهو ليس بباقٍ ، فيقيني بحدوث إما البق وإما الفيل هذا جزماً وأشك في البقاء واحتمل البقاء من ناحية أني أحتمل أنَّ الحادث هو الفيل فهو باقٍ إذن ، فمتعلّق الشك مغاير لمتعلق اليقين.
ونحن لا نريد أن نقول إنَّ هذا الاشكال الأوّل في استصحاب الكلي له حلّ أو لا ، فلا تقل أنا استطيع الاجابة عنه ، بل افترض أنَّ هذا تام الآن ، فإن فرضنا أنه تام فالإشكال الأول هو أنَّ متعلّق اليقين غير متعلّق الشك ، فإن متعلق اليقين هو الفرد المردد إما الفيل وإما البق ، أما متعلّق الشك فهو الفرد الطويل - احتمال حدوث وبقاء الفرد الطويل -.
الاشكال الثاني:- إنَّ منشأ شكنا في بقاء الكلّي كما قلنا هو احتمال حدوث الفرد الطويل والأصل عدم حدوثه ، ومعه لا يجري استصحاب بقاء كلّي الحيوان المردد بين الفيل والبق ، لوجود الأصل الحاكم عليه ، ولا تقل هذه الحكومة باطلة لأنَّ الملازمة ليست شرعية ، كلا وإنما نحن نفترض أنَّ الاشكالين تامان ، فليس من المناسب الآن أن تدفع هذين الاشكالين.
إذن عرفنا الاشكالين ، الاشكال الأوّل هو إنَّ متعلق اليقين غير متعلق الشك ، والاشكال الثاني هو إنَّ منشأ الشك في بقاء الكلّي هو احتمال حدوث الفرد الطويل ومادمنا نشك في حدوثه نستصحب عدم حدوثه وهو حاكم ومقدّم على استصحاب بقاء الكلي المردد بين الفيل والبق ومع وجود الأصل الحاكم لا تصل النوبة إلى المحكوم.
إنَّ هذين الاشكالان لو تمّا هناك فإنهما لا يتمان في باب الملكية لوجود اضافة ، هذه الاضافة الموجودة في مقامنا - في مثال الملكية - هي التي تمنع من جريان هذين الاشكالين في مقامنا.
وتعال إلى الاشكال الأوّل:- فنحن نقول: إنَّ هذا الاشكال لا يأتي في مقامنا - الذي نشك فيه في بقاء الملكية - فإنَّ متعلّق الشك مردد كمتعلّق اليقين ، فلا إشكال.
وتوضيح ذلك:- هو أننا نتيقن بحدوث ملكية إما ملكية شخصية أو كلّية مرددة ، يعني عندنا ملكيتان ملكية جائزة وملكية لازمة ، فيوجد عندنا يقين بحدوث ملكية إما الشخصية وإما الكلية الجامعة بين اللازمة والجائزة ، فإذن متعلّق اليقين مردد بين الملكيتين الشخصية والكلية الجامعة ، وأما متعلّق الشك ما هو ، فلماذا تشك في البقاء ؟ إنه في الكلّي من القسم الثاني كنّا نشك في البقاء لاحتمال أنَّ الحادث هو الفرد الطويل ، أما هنا فلماذا تشك في البقاء ؟ إنه إما لكون الملكية شخصية لأنها لو كانت شخصية فهي قابلة للبقاء ، أو ذات الفرد الطويل من الكلّي يعني الملكية اللازمة ، لأنه إذا كان عندنا ملكيتان فالكلّي يصير جامعاً بين الملكية القصيرة يعني الجائزة والملكية الطويلة يعني اللازمة ، فأنا لأجل أنني مردد بين حدوث الملكية الشخصية وبين حدوث الملكية الطويلة من الكلّي فإذن صار متعلّق الشك مردد أيضاً كمتعلّق اليقين ، فارتفع الاشكال ، والذي رفع الاشكال هو هذه الاضافة الموجدة هنا وهي الملكية الشخصية ، لأنه هنا يوجد احتمال الملكية الشخصية ، فعلى تقدير الملكية الشخصية أيضاً البقاء موجود ، فإذن سوف يصير متعلّق اليقين مردد متعلّق الشك مردد أيضاً.
وفي مقام الجواب عن الاشكال الثاني نقول:- ما هو منشأ الشك في البقاء في موردنا ما هو - أي في الملكية - لنرى هل الأصل يجري لنفيه أو لا ؟ إنه إما حدوث الملكية اللازمة من الكلي لأنَّ الملكية له ملكيتان جائزة ولازمة ، فلاحتمال كون الفرد الكلي هو الملكية اللازمة فبالتالي نحتمل بقاء الكلّي ، فلو كان منشأ الشك هذا فقط فأيضاً نقول الأصل عدم حدوث هذه الملكية الطويلة اللازمة ، ولكن يوجد منشأ ثانٍ للشك لا يستطيع الأصل أن يجري لنفيه ، وهو أننا نحتمل كون الملكية الثابتة سابقاً هي الملكية الشخصية لا الكلّية ، والشخصية لها قابلية البقاء.
إذن الأصل لا ينحصر فقط وفقط بأصالة عدم حدوث الفرد الطويل من الكلّي - يعني الملكية اللازمة - ، بل هناك منشأ ثانٍ لاحتمال بقاء الكلّي في موردنا وهو احتمال كون الملكية السابقة هي الملكية الشخصية ، فإذن يوجد منشئان لا أنه يوجد منشأ واحد وهو احتمال حدوث الفرد الطويل حتى ننفيه بالأصل ، بل يوجد احتمال حدوث الملكية الشخصية.
إن قلت:- صحيح هنا يوجد منشأ ثانٍ للشك - وهو احتمال كون الحادث هو الملكية الشخصية - ولكن ننفي الملكية الشخصية بالأصل أيضاً ، فإنه كما نفينا الملكية اللازمة الطويلة من الكلّي بالأصل كذلك هذه الملكية الشخصية نشك أيضاً في حدوثها فننفيها بالأصل ، وحينئذٍ يصير الحادث هو الملكية الكلية ذات الفرد القصير - أعني الجائزة - ، فإذن لنجري الأصل في الملكية الشخصية وننفيها كما ننفي الفرد الطويل من الكلّي بالأصل ، فصحيح أنه يوجد منشأ ثانٍ للشك ولكن هذا ننفيه أيضاً.
قلت:- إنَّ هذا لا يمكن نفيه بالأصل ، فإن شكّنا ليس في حدوث الملكية الشخصية حتى نقول الأصل عدم حدوثها ، وإنما شكنا هو أنَّ واقع الحال هل الملكية واحدة ونعبّر عنها بالشخصية أو أنه توجد ملكيتان واحدة طويلة والأخرى قصيرة ، فالشك إذن ليس في حدوث هذه الملكية الشخصية حتى يكون الأصل عدم الحدوث ، وإنما الشك في واقع الحال فإنَّ واقع الحال أنَّ الملكية هل هي ملكيتان واحدة لازمة والأخرى جائزة أو أن الموجود هو ملكية واحدة لا أكثر والتي نعبّر عنها بالملكية الشخصية ، والشك هنا ليس في حدوثها وإنما في واقع الأمر ، والأصل إنما يجري فيما إذا كان الشك في الحدوث لا ما إذا كان الشك في أنَّ واقع الحال ما هو ، وهو أنه في الواقع هل الملكية ملكيتان أو دائماً هي ملكية واحدة وليست متعددة ، فالتفتوا إلى ذلك فإنَّ هذه نكتة ظريفة.
إذن الاشكالان اللذان يردان في استصحاب الكلّي من القسم الثاني لا يردان هنا ، لأنه توجد هنا اضافة وهي أضافة الملكية الشخصية فهذا صار سبباً لرفع الاشكالين.