1440/01/15
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
40/01/15
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- مسألة ( 56 ) – المكاسب المحرّمة.
القضية الثالثة:- هناك تهافتاً بين كلامه الذي أشرنا إليه في التنقيح وأن المدرك هو الاجماع في عدم جواز التعليق في العقود وأنه ينبغي الاحتياط لأنه محتمل المدرك ، فهناك تهافت بين هذا المطلب وبين مطلب آخر[1] يذكره وهو أن التطابق بين الايجاب والقبول في باب البيع شيء لازم - والمناسب أن يقول باشتراط التطابق ليس في باب البيع فقط وإنما في جميع العقود - وإلا لم يصدق العقد وبم يتحقق التطابق ؟ بالاتفاق في المبيع والثمن فإذا اختلف الثمن أو اختلف المبيع فهذا يقول بعتك الدار والثاني يقول اشتريت السيارة هذا لا يكون عقداً وهكذا إذا حصل الاختلاف في الثمن لأنه لا يصدق العقد فيشترط التطابق بين الايجاب والقبول حتى يصدق العقد والتطابق اللازم بين الايجاب والقبول هو في الثمن وفي المثمن جزماً ، وإنما الكلام هل يلزم التطابق بين الايجاب والقبول من ناحية الشرط ؟ فهل يلزم اتفاق الايجاب والقبول من ناحية الشرط أو أنه لا يلزم ذلك ؟
بادئ ذي بدء أنه يلزم ذلك وإلا لم يصدق العقد ايضاً إذا اختلف الشرط الذي ذكره البائع عن الشرط الذي ذكره المشتري أو البائع يقول ابيع بشرط كذا والمشتري يقول كلا بل من دون شرط ، فهل يلزم الاتفاق في الشرط بين الايجاب والقبول ؟ قال:- كلا لا يشترط ، والوجه في ذلك هو أن الشرط لا يرجع إلى العقد وإلا يلزم التعليق في العقود وهو باطل بالاجماع فيلزم أن نرجع الشرط إلى لا إلى نفس العقد حتى يلزم التعليق بل إلى الالتزام بالعقد فالتزامي بالعقد مقيد بهذا الشرط لا نفس العقد مقيد بهذا الشرط ، ومعنى تعليق الالتزام أنه لي الخيار إذا فرض أنه لم يتحقق الشرط ، إذاً الشرط في الحقيقة يرجع في الحقيقة إلى الالتزام بالشرط يعني إلى جعل الخيار إن لم يتحقق الشرط وليس إلى نفس العقد فإن العقد لا يمكن أن يرجع إليه الشرط وإلا يلزم التعليق في العقود وهو باطل بالاجماع.
والتهافت بين هذا وبين ما نقلناه عنه في الأمر الثاني حيث نقلنا عن التنقيح أن يقول إنَّ الاجماع ليس بثابت فلذلك يصير إلى الاحتياط أما في هنا فهو يقول الشروط لا ترجع إلى العقود لأجل الاجماع وإلا يلزم التعليق فيرجع الشرط إلى الالتزام بالعقد يعني إلى جعل الخيار فإذاً هو يستند هنا إلى الاجماع ويقبل به وان التعليق في العقود شيء باطل بالاجماع بينما في ذلك الموضع السابق يناقش في الاجماع وهذا نحو تهافت بين كلاميه.
أما الأدلة على عدم جواز التعليق في باب العقود:- فقد قلنا لا توجد روايات وإنما توجد أمور جانبية هي الأدلة وهي:-
الدليل الأول:- وهو الدليل المعروف وهو الاجماع.
وجوابه واضح:- حيث يمكن ان يقال إنه لو سلّمنا تحققه وهو أوّل الكلام فمن قال إن الاجماع متحقق لأنَّ الاجماع المهم كما ذكرنا أكثر من مرة يلزم أن يكون بين المتقدمين كالشيخ الصدوق والكليني وغيرهما ، وكيف نحصل على رأي الصدوق فإنه الكتاب الموجود عنده هو ( من لا يحضره الفقيه ) والمفروض أنه لا توجد رواية حتى نقول ذكره للرواية يدل على رأيه فتحصيل رأي المتقدمين شيء ليس بالسهل ولكن لو غضضنا النظر عن هذه الناحية نقول هذا الاجماع محتمل المدرك لأننا سوف نذكر مدارك أخرى ويحتمل أنَّ الفقهاء بعضهم استند إلى هذا المدرك وبعضهم استند على ذاك المدرك فيصير اجماعاً محتمل المدرك ونحن لا نريد أن نجزم بذلك بل يكفينا الاحتمال لسقوط الاجماع عن الاعتبار بالتالي لا نجزم بكاشفيته يداً بيد عن رأي المعصوم عليه السلام.
ولا تأتي المحاولة التي نذكرها أحياناً:- من أنَّ هذا الاجماع إما هو مستند إلى التلقّي يداً بيد من المعصوم وهو المطلوب أو أنه يكون مستنداً إلى المدرك ومن المعلوم أنَّ اتفاق الجميع على المدرك يدل بحساب الاحتمال على حقانية هذا المدرك ، إذ من البعيد أنَّ الجميع يستندون إلى مدرك واحد وذلك المدرك الواحد ليس بصحيح ، فكل فقهائنا إذا اتفقوا على هذا المدرك الواحد يكفي لحصول الاطمئنان بحقانيته ، هذه محاول لتصحيح الاجماعات المدركية.
والجواب:- إنَّ هذه محاول جيد ولكن مع الجزم بوحدة المدرك فيلزم أن يكون الجميع مستند إلى هذا المدرك واحد ولا يحتمل وجود مدرك آخر أما إذا احتمل وجود مدارك متعددة والبعض استند إلى الأوّل والبعض استند إلى الثاني كما في مقامنا ، فهذه الفكرة لا يمكن تطبيقها.
إذاً هذا المدرك الأول لعدم جواز التعليق وهو الاجماع يرد عليه إنه إن تم تحقق الاجماع حقاً ولم نشكك في صغراه فيمكن التشكيك من حيث حجيته من حيث أنه محتمل المدرك وذلك المدرك على تقدير وجوده لا نجزم بأن واحد وإنما نحتمل تعدده والبعض استند إلى هذا والبعض إلى ذاك المدرك ، فلا يمكن التمسّك بها الاجماع.
الدليل الثاني:- أن يقال: إنَّ العقد إذا علّق على شرط فهذا معناه أنَّ إنشاء العقد صار معلقاً على ذلك الشرط ، ومن المعلوم عن الانشاء لا يقبل التعليق ، فإنه عبارة عن الايجاد والايجاد لا يقبل التعليق ، فإنَّ أمر الايجاد يدور بين الوجود والعدم ، فهو إما موجود أو معدوم ، أما أنه موجود بنحوٍ معلّق فهذا غير ممكن وغير متصوّر.
ويردّه:- لماذا نرجع الشرط إلى الانشاء ، يعني أنت قلت إذا كان العقد معلقاً على شرط فلازمه أن الانشاء معلق وهو لا يمكن ، ولكن نحن نقول لما نرجع الشرط إلى الانشاء بل لنرجع الشرط إلى المنشأ وهو نفس العقد لا إنشاء العقد ، يعني إلى النقل والتمليك ، وحيث إنّ النقل والتمليك أمر اعتباري والأمر الاعتباري يقبل التعليق فلا محذور آنذاك في تعليق العقود بعد رجوع القيد إلى المنُشأ لا إلى نفس الانشاء ، والمنُشأ حيث إنه هو النقل والتمليك وهو أمر اعتباري وليس بحقيقي فيقبل التعليق ، فإذاً لا محذور في تعليق العقد بعد رجوع الشرط إلى المنشأ أعني النقل والتمليك وليس إلى نفس الانشاء.
على أنه يمكن أن نناقش بمناقشة اخرى ونقول:- لا محذور في رجوع القيد إلى الانشاء أيضاً فإنَّ الانشاء على نحوين فتارةً يكون إنشاءً تكوينياً بمعنى الايجاد الحقيقي كإيجاد الدار وبنائها فإنَّ هذا إيجاد وإنشاء حقيقي ولا معنى لكون إنشاء الدار وايجادها معلقاً فإنَّ الدار إما أن تكون موجودة أو غير موجودة واحتمال أنه ايجادها معلّق أصلاً لا معنى له ، فإذاً الانشاء الحقيقي لا يمكن فيه التعليق ، واما الانشاء الاعتباري فبما أنه اعتبار أيضاً فيمكن أن يقال إنه يقبل التعليق والاشتراط وإنشاء الملكية النقل والانتقال هو إنشاء اعتباري وإلا ففي الخارج لا يتحقق شيء وإنما الذي يتحقق هو في عالم الاعتبار ، فإذاً لا محذور من هذه الناحية.