1440/04/11
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الأصول
40/04/11
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع:- حجية خبر الواحد.
وفي مقام الجواب نقول:-أولاً:- إنه إذا أريد دعوى تواتر تلك الأصول أو شهرتها أو معروفيتها فإما أن يكون المقصود هو تواتر نفس الأصول وصحة نسبتها إلى أصحابها فهذه مسلّمة ، وإما أن يكون المقصود أنه هناك تواتراً بلحاظ النسخة أيضاً ، فإن كان القصود التواتر بلحاظ أصل النسبة إلى أصحابها وأنه مثلاً أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي له أصل باسم كذا فهذا صحيح ، فإنه يمكن دعوى تواتر هذا ومعروفيته والجزم به ، ولكن هذا لا ينفعنا فإن المهم هو أن تكون هذه النسخة هي نسخة أصل أحمد بن محمد بن عيسى صاحب نوادر الحكمة ، فالمهم اثبات أنَّ هذه النسخة هي صحيحة ومتواترة فإنّ أصل الكتاب لا ينفعنا من دون تواتر النسخة ، وإن كان المقصود تواتر النسخة أيضاً فهذه الدعوى أوهن من بيت العنكبوت ، فكيف تدعي ذلك ؟!! فإنَّ الانسان هنا يكذّبُ وجدانه.
ثانياً:- إنَّ الشيخ الطوسي( قده) بعد أن كتب التهذيب ووصل إلى نهايته قال سوف أذكر لكم طرقي إلى الأصول التي نقلت منها ، وقد ذكرنا أنَّ الشيخ الطوسي(قده) كان في البداية يذكر طريقه التام إلى الامام عليه السلام ولكن بعد ذلك بنى على الاختصار فحذف طرقه إلى صاحب الأصل ثم ذكرها فيما بعد ، وحينما انتهى من التهذيب ذكر في نهايته طرقه إلى أصحاب الأصول وقال ( لتخرج من الرسال إلى الاسناد ) ، وهذه العبارة يمكن أن تكون واضحة في أنه لو لم يذكر هذه الطرق فسوف تكون مرسلة ، يعني بحكم غير المعتبرة.
اللهم إلا أن تدّعي وتقول:- إنَّ مقصوده هو أنها تخرج من الارسال يعني الارسال الصوري الشكلي وإن كانت روحاً طرقها جزمية.
وجوابه واضح:- فإنَّ هذا تحميلٌ على العبارة بخلاف ظاهرها ، قال(قده):- ( والآن فحيث وفق الله تعالى الفراغ من هذا الكتاب نحن نذكر الطرق التي يتوصل بها إلى رواية هذه الأصول والمصنَّفات ونذكرها على غاية ما يمكن من الاختصار لتخرج الأخبار بذلك عن حدّ المراسيل وتلحق بباب المسندات )[1] ، يعني يريد أن يقول أما بقية الطرق فسوف أذكرها في كتاب الفهرست.
ثالثاً:- إذا فرض أنَّ هذه الطرق كانت تبركية وليس الهدف منها إلا التبرك - يعني اتصال السند بأهل العصمة والطهارة عليهم السلام - فهنا يكفيك أن تأخذ إجازة طرق من شخصٍ واحدٍ ولا يحتاج إلى مجموعة طرق وتجعلها كتاباً ، والحال أنَّ الشيخ الطوسي(قده) كتب كتاب الفهرست والمشيخة وهذا لا داعي إليه إذا كان الهدف هو التبرك ، فهذا إن دل فإنما يدل على أنَّ المسألة ليست شكلية صورية تبركية ، بل هناك هدف أسمى ، إذ لولا هذه الطرق ستكون من المراسيل.
رابعاً:- إنَّ النجاشي تحرَّز من الرواية عن الضعفاء ، فهو لم يروِ عن الضعفاء ، وقد ذكر ذلك في كتابه ، فتراه يقول إنَّ فلاناً قد طُعِن فيه وضُعّف فلذلك تحرّزت من الرواية عنه ، ومن هنا يقال إنَّ من أحد طرق اثبات الوثاقة هي رواية النجاشي عن شخص ، فإذا روى عن أحمد بن عبد الواحد بن عبدون مثلاً فهو ثقة رغم أنه لم يوجد في حقه توثيق لأنَّ النجاشي يتحرّز عن الضعفاء والمجاهيل ، فلو كانت الهدف هو التبرّك فلا يحتاج إلى أن يكون الشيخ حتماً محرز الوثاقة فإنَّ الطريق إلى أهل العصمة والطهارة قد تحقق بهذا المقدار ، قال(قده)في ترجمة محمد بن عبيد الله بن الحسن الجوهري ما نصّه:- ( رأيت هذا الشيخ وكان صديقاً لي ولوالدي وسمعت منه شيئاً كثيراً ورأيت شيوخنا يضعّفونه فلم أروِ عنه شيئاً وتجنبته )[2] ، فإذاً هو لا يروي إلا عن محرز الوثاقة ، وقال في ترجمة محمد بن عبد الله بن محمد بن عبيد الله بن البهلول:- ( وكان في أوّل أمره ثبتاً ثم خلط ورأيت جلّ أصحابنا يغمزونه ويضعفونه ...... رأيت هذا الشيخ وسمعت منه كثيراً ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه )[3] ، فمن هاتين العبارتين يستشفُّ أنَّ النجاشي لا يروي إلا عن ثقة ، فيقال لو كانت هذه الطرق إلى مصنَّفات الأصحاب تبركية فلا حاجة إلى أن يثبت وثاقتهم.