1440/05/30
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول
40/05/30
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع : تنبيهات الاستصحاب/ التنبيه العاشر : اشتراط وحدة الموضوع
تلخص مما تقدم ان دليل الاستصحاب ليس فيه دلالة على اكثر من اعتبار احتمال بقاء المتيقن ، وبعبارة أخرى ان يكون المشكوك عين المتيقن على بعض التقادير لا على جميع التقادير ، والسر في ذلك هو ان دليل الاستصحاب عندما ينهى عن نقض اليقين بالشك يستفاد منه اعتبار ان يكون هناك شك في البقاء وهو يتحقق بمجرد احتمال بقاء المتيقن ، فيمكن بناءا على ذلك الالتزام بجريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية من دون فرق بين ان تكون الحيثية التي فرض وجودها سابقا وزوالها بعد ذلك حيثية تقيدية او تعليلية ، لان المعتبر في الاستصحاب هو اليقين بالحدوث والشك في البقاء وفي الحيثية التقيدية حيث اننا دائما نحتمل عدم دخالتها في الحكم اذ ليس المعتبر فيها دخالتها في الحكم فاذا كانت دخيلة يوجب ارتفاعها ارتفاع الحكم واما اذا لم تكن دخيلة فان ارتفاعها لا يوجب ارتفاع الحكم ،
وهذا الشك هو السبب في الشك في بقاء الحكم وارتفاعه، فالشك في بقاء الحكم دائما مسبب في محل الكلام عن الشك في دخالة الحيثية وعدم دخالتها ، واما بناءا على الاحتمال الاخر القائل بانه لابد من احراز بقاء المتيقن فحينئذ لا يجري الاستصحاب في الشبهات الحكمية حتى اذا كانت الحيثية تعليلية لما قلناه من انه ما دمنا نحتمل عدم دخل الحيثية في الحكم فنحتمل ان لا يكون المشكوك عين المتيقن فبالدقة العقلية فان الحكم يزول بزوال حيثيته وان كانت حيثيته تعليلية لان الحكم الثابت بعلة غير الحكم الثابت بعلة أخرى، فاحراز ان يكون المشكوك هو عين المتيقن على كل التقادير غير متوفر في الشبهات الحكمية، نعم اذا احرزنا ان الحيثية تعليلية وقلنا بان المحكم هو النظر العرفي فيمكن اجراء الاستصحاب باعمال هذه المسامحة العرفية فالعرف يرى ان الحكم الثابت بعلة جديدة بعد زوال الحيثية التعليلية امتداد لذلك الحكم الثابت بالحيثية التعليلية ولا يتعدد بتعدد أسبابه وعلله ، كما في مثال الحرارة فبالنظر المسامحي هي نفس الحرارة ولا فرق بين كونها مستمدة من النار او من الكهرباء فالمعلل بالنظر العرفي لا يتعدد بتعدد علله فنحكم هذه المسامحة في محل الكلام ويلتزم بجريان الاستصحاب ، وبناءا على ما ذكرناه من ان الدليل لا يساعد على ازيد من اشتراط احتمال بقاء المتيقن فيمكن ان يقال بان الحيثية التعليلية اذا زالت وشككنا في بقاء الحكم فان هذا لا يمنع من جريان الاستصحاب ما دمنا نحتمل عدم دخل تلك الخصوصية في الحكم اذ لا علم لنا بحسب الفرض بدخلها فعلى تقدير دخالتها في الحكم يكون المشكوك غير المتيقن وعلى تقدير عدم دخلها يكون المشكوك عين المتيقن حتى اذا كانت حيثية تقيدية فان معنى كونها تقيدية هو انها لو كانت دخيلة في الحكم فانها تكون بنحو التقييد لا بنحو التعليل ، وعلى هذا الكلام نستطيع ان نحرز بان المشكوك عين المتيقن على بعض التقادير وهذا يكفي في جريان الاستصحاب،نعم لابد من فرض عدم تعدد الموضوع في الخارج اذ مع فرض تعدد الموضوع في الخارج لا يتحقق شرط احتمال بقاء المتيقن فمع تعدده يكون المشكوك غير المتيقن على كل التقادير كما في مثال الاستحالة، بل هناك قطع بارتفاع المتيقن فلا يوجد احتمال لبقاء المتيقن ، فهذا الشرط لا يتوفر الا مع افتراض ان هذه الحيثيات لا توجب تعدد الموضوع وهذا ما اكد عليه السيد الشهيد (قده) سابقا لان الموضوع بلحاظ عالم المجعول واحد لأننا اذا التفتنا الى عالم المصاديق فالموضوع الخارجي واحد اذ لا فرق بين الماء المتغير والماء الذي زال عنه التغير الا بالزمان، فلا بد من فرض عدم تغير الموضوع حتى يتم هذا الكلام الذي ذكرناهوقد اشكل على ما ذكره السيد الشهيد (قده) من ان الحيثيات التقيدية للجعل تصبح حيثيات تعليلية للمجعول وان النجاسة على تقدير ثبوتها بعد زوال التغير تكون بقاءا للنجاسة السابقة حتى اذا فرضنا بان هذه النجاسة الجديدة مجعولة بجعل اخر لان الحيثيات التعليلية لا توجب تعدد المعلل
بلزوم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية حتى اذا علمنا بان الحيثية التي زالت دخيلة في الحكم واحتملنا ثبوت حكم اخر من سنخ الحكم السابق بعد زوال التغير، مع ان هذا لا يمكن الالتزام بجريان الاستصحاب فيه لانه من قبيل استصحاب الكلي من القسم الثالث لأننا نعلم بثبوت شيء ونعلم بارتفاعه لكننا نحتمل انه حين ارتفاعه حدث فرد اخر بحيث يكون الكلي باقيا، وفي المقام فالحكم الثابت سابقا زال وارتفع لأننا افترضنا ان الحيثية دخيلة في الحكم ولكن يحتمل ان يحدث حكم جديد من سنخ الحكم الأول حين ارتفاع الحكم الأول، وهذا لا اشكال في عدم جريان الاستصحاب فيه،
مع ان الوجه الذي ذكر لتصحيح جريان الاستصحاب في المقام عند احتمال دخالة الحيثية في الحكم يجري بنفسه عندما نعلم بدخالة الحيثية فيه لانه لدينا حكم كان ثابتا سابقا وهذا الحكم العارض على الماء عندما كان التغير موجودا في الحقيقة هو عرض على ذات الماء لان المفروض ان المصاديق الخارجية لا تتبدل ثم ان هذا الموضوع الواحد عرضت عليه نجاسة أخرى بجعل جديد والمفروض ان تعدد الجعل لا يوجب تعدد الحكم ، فالعلم بارتفاع النجاسة الأولى لا ينافي ان يقال بان النجاسة الثانية على تقدير ثبوتها هي نفس النجاسة السابقة فلماذا لا يجري الاستصحاب ؟