1440/08/08
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول
40/08/08
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: خاتمة / المقام الثاني : في النسبة بين الأصول العملية
كان الكلام في الاشكال الاثباتي الذي ذكره الشيخ الأعظم (قده) ومنع على أساسه من جريان الاستصحاب في اطراف العلم الإجمالي، وقلنا بان هذا الاشكال اجيب عنه بوجوه
الوجه الأول : ما ذكره المحقق الخراساني (قده) من ان الاجمال في الدليل المشتمل على الذيل لا يوجب الاجمال في الدليل غير المشتمل عليه فالروايات التي لا تشتمل الا على النهي عن نقض اليقين بالشك لا اشكال من شمولها للمقام
الوجه الثاني : ما ذكره السيد الخوئي (قده) من المنع عن كون اليقين الناقض في دليل الاستصحاب هو الاعم من اليقين التفصيلي والاجمالي بل المراد به هو خصوص اليقين التفصيلي ، واستدل على ذلك بان الظاهر من الروايات ان اليقين الناقض يتعلق بنفس ما تعلق به اليقين المنقوض والا لا يكون ناقضا لليقين السابق ، فاليقين بنجاسة الثوب يكون ناقضا لليقين بطهارته واما اليقين بنجاسة احد الثوبين فلا يكون ناقضا له ،
فالرواية لا تشمل مورد العلم الإجمالي فمفاد الرواية هو انه لا تنقض اليقين بنجاسة الاناء بالشك بل انقضه باليقين بطهارته واما اليقين بطهارة احد الانائين فهذا غير مشمول لدليل الاستصحاباما الوجه الأول فقد يقال في مقام دفعه بان الروايات وان لم يكن جميعها مشتمل على الذيل لكن الظاهر ان اجمال الروايات المشتملة على الذيل يسري الى باقي الروايات ويمنع من الاستدلال بها في المقام بمعنى ان الظاهر هو كون هذه الروايات كلها تشير الى قاعدة واحدة تسمى بالاستصحاب ومفادها هو النهي عن نقض اليقين بالشك ومرجعه الى لزوم البناء على الحالة السابقة فاذا دل بعض هذه الروايات على امر إضافي حاصله ان اليقين بالخلاف يكون ناقضا لليقين السابق والمفروض ان اليقين بالخلاف اعم من اليقين التفصيلي واليقين الإجمالي فاليقين بالخلاف يكون ناقضا لليقين السابق بمعنى انه لا يجوز معه البناء على الحالة السابقة ، ويفهم من مجموع الأدلة ان هذا المطلب معتبر بالنسبة الى نفس القاعدة فلابد من اخذه بنظر الاعتبار وهذا يعني ان الاستصحاب انما يجري عندما لا يكون هناك يقين بالخلاف سواء كان تفصيليا او اجماليا ، بل المستفاد من النصوص ان الاستصحاب هذا شانه ، ومن هنا ينشا التهافت الذي ذكره الشيخ الانصاري (قده) بين الصدر والعجز
واما الوجه الثاني فالظاهر انه تام للدليل الذي ذكره من ان اليقين الناقض لابد ان يتعلق بعين ما تعلق به اليقين المنقوض ، خصوصا وان قوله (عليه السلام) : (( انقضه بيقين اخر )) اشارة الى امر تكويني وهو ان اليقين لا ينتقض الا بيقين اخر ومن الواضح في الامر التكويني ان اليقين لا يكون ناقضا الا اذا تعلق بعين ما تعلق به اليقين الأول ، والمفروض ان اليقين السابق تعلق بنجاسة هذا الاناء تفصيلا فاذا كان اليقين الثاني متعلق بطهارة أحد الانائين فلا يكون ناقضا لليقين السابق ، وبهذا يندفع الاشكال الذي ذكره الشيخ الانصاري (قده) فان ذيل الرواية ليس شاملا لمحل الكلام بل الشامل له صدر الرواية فقط وهو يقتضي جريان الاستصحاب في كلا الطرفين
هذا ، وقد ذكرنا بان المحقق النائيني (قده) اقتفى اثر الشيخ الانصاري (قده) في المنع من جريان الاستصحاب في محل الكلام الا انه يرى وجود محذور ثبوتي يمنع من ذلك بمعنى انه يرى عدم امكان التعبد بالاستصحاب في الطرفين مع العلم الإجمالي بمخالفة احدهما للواقع فان من يعلم بطهارة احد الثوبين لا يمكن ان يعبده الاستصحاب بنجاستهما معا لانه يعلم بمخالفة احد الاستصحابين للواقع ومع العلم بالمخالفة يسقط الاستصحاب عن الحجية ولا تشمله ادلة الاستصحاب لانه انما يجري مع الشك ،
واوضحه ببيان ان الأصل الذي نريد اجراءه في الأطراف لو كان من الأصول غير المحرزة كأصالة الاحتياط التي مفادها بيان الوظيفة العملية ولا نظر فيها الى الواقع فلا مانع من جريانها ثبوتا واثباتا فلا محذور في منع الانسان من جميع الأطراف لاجل اجتناب النجس منها ولا يعارضه علم الانسان بطهارة احد الأطراف لكن الكلام في ما اذا كان الأصل الذي يراد اجراءه من الأصول العملية المحرزة التي لها نظر الى الواقع كالاستصحاب فان اجراءه في الطرفين مع العلم بمخالفة احدهما للواقع غير معقول ، اذ كيف يعقل ان يتعبد الشارع من يعلم وجدانا بطهارة احد الانائين بانه عالم بنجاستهما ، وهذا نظير ما اذا قامت البينة على طهارة احد الانائين واردنا اجراء استصحاب النجاسة في كل منهما فان معنى هذا اعتبار المكلف عالما بالنجاسة والطهارة في ان واحد وهما امران لا يجتمعان