1440/08/21
تحمیل
الأستاذ الشيخ محمد السند
بحث الأصول
40/08/21
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: باب التعارض، البدء بباب التعارض، تبيين حجية الصدور و الدلالة و جهة الصدور في الأخبار
كان الكلام في هذه النقطة، أن الحجية بغض النظر عن المباني و الأقوال في حقيقتها، هي ذات مراتب و مراحل، منها المراحل الإشائية و الفعلية والمنجزية والإمتثال، مثالها علی صعيد المراحل الإنشائية عموم حجية صدور الخبر أو عموم حجية الظهور أو عموم حجية الشهرة أو قول أهل الخبرة أو قول اللغوي، هذه جملة من الحجج علی صعيد التنظير الكلي بنحو القضايا الحقيقية فهذه مراحل إنشائية للحجية، حتی في الإستصحاب أو الأصول العملية كذلك.
هناك مرحلة فعلية، فعلية ناقصة و فعلية تامة بأن ينوجد خبر واحد أو الظهور أو تنجود شهرة أو قول اللغوي أو قول أهل الخبرة فهذه أمارة خارجية و مصداق جزئي بالتالي القضية الحقيقية الكلي و هو كلي الخبر ينوجد له مصداق خارجي فتصبح القضية التنظيرية الكلية الإنشائية قضية جزئية خارجية، طبعا أيضا نستطيع أن نصورها فعلية شأنية يعني نصف الفعلية و أيضا الفعلية التامة يعني بأن تصل إلی المكلف -لا الوصول الفعلي بل الوصول يعني في مرمی اليد و ممكن الوصول حيث لو راجع و فحص عنها لالتفت، الوصول الفعلي أو الفعلي الفعلي يعني إلی شخص المستنبط يستلزم التنجيز مثلا-
إذاً المراتب قابلة للتصوير سواء الأمارة هي العموم أو الخصوص أو الحاكم أو المحكوم أو القرينة أو ذوالقرينة كلها قابل للتصوير فإذاً الحجية كحكم شرعي شأنها شأن بقية الأحكام الشرعية التكليفية أو الوضعية و لها مراتب و لايمكن إنكارها. الآن بعض الأعلام يقولون: لانقبل المراحل للحجية بل لها مرحلة واحدة أو مرحلتين الكلية والمنجزة في بعض كلمات الناييني أو بعض كلمات الإصفهاني لها ثلاث مراحل، ليس بصحيح بل الصحيح أن الحجية شأنها شأن بقية الأحكام الوضعية والتكليفية و هي ذات مراحل.
هذه المطلب في عين سهولته في تصوره و إن لم يرتضه جملة من الأعلام و لم يرتضوا أن المراحل بقدر الحكم الشرعي لكن الصحيح هو هذا، أن لها مراحل، هذا المبحث بغض النظر عن سهولته بهذا المقدار له بالغ التاثير جدا في باب التعارض و غفلة كثيرة من الكبار عنه سبّب لديهم مبانيَ معينا في باب التعارض تخالف مشهور الطبقات المتقدمة من الفقهاء و الأصوليين. إذاً هذه النقطة جدا حساسة وتصورها مهم حتی في بحث الإجزاء و تبدل الإجتهاد و تبدل الفتوی.يكون هناك معركة الآراء الصعبة المعقدة بين الأعلام، بأنه كيف نميز بين الفتوی التخيلية و الفتوی الظاهرية؟ مثلا مجتهد تبدل رأيه إلی رأي آخر، هل تخيل أو تبدل حكم ظاهري إلی حكم ظاهري آخر؟ إذا بني أن تبدل الحكم الظاهري إلی الحكم الظاهري مجزئ علی مبنی المشهور لا مبنی المعاصرين بخلاف الحكم التخيلي الذي هو غير مجزئ. كيف نميز بين الإستنباط التخيلي و الإستنباط الظاهري؟ باب القضاء هل حكم تخيلي أو قضاء ظاهري يمكن أن ينقض بقضاء آخر؟ فهذه البحوث ليست بالسهلة وتحتاج إلی التدبر يعني المفتاح لهذه البحوث المعقدة لهذه الأبواب المعقدة هو هذا المطلب نفسه إذا تدبره الإنسان، مراحل الحجية هي مراحل الحكم الفقهي.
البدء بباب التعارض
هذه النقطة إذا التمأت بمجموع النقاط التمهيدية الحساسة التي مرتب بنا، نبدء بسم الله الرحمن الرحيم مبحث التعارض تعريفا و موضوعاً و حكماً مرة أخری بشكل أعمق. طبعا تكون نقاط تمهيدية أخری أيضا ستأتي في ضمن البحوث لكن بهذا المقدار نكتفي و ندخل داخل البحث.
أولا، ماهو تعريف التعارض؟ و ثانيا، الأقوال في مقتضی القاعدة الأولية في التعارض؟ ربما قريب سبعة أقوال لازم أن نبحث عنها. إذاً بعدان حساسان بعد موضوعي و بعد محمولي و ثالثا بعد ذلك تصل النوبة إلی الأدلة العلاجية و طبعا قبل الأدلة العلاجية كعادتنا في الدورة السابقة سنتعرض إلی الروايات الكثيرة التي تبين العلاج الموضوعي و بعد ذلك ندخل العلاج المحمولي. فهذه مراحل البحث و ثلاثة أبعاد موضوعي في باب التعارض، تعريف التعارض و مقتضی القاعدة في محمول التعارض ماهو؟ و المقام الثالث الروايات العلاجية علی القسمين و ان شاء الله نتعرض اليها جميعا ان شاءالله.
تعريف التعارضالكلام في المقام الأول مع أن المقام الأول إستوفيناه بشكل سطحي و الآن نستوفيه بشكل عمقي غوري و تحليلي و دقي.
مر بنا النزاع في تعريف التعارض بين المرحوم الآخوند و الشيخ الأنصاري، الشيخ يركز علی تنافي المدلولين و المرحوم الآخوند يركز علی تنافي الدلالتين. ما الفرق بينهما؟ المدلولين يعني الحكم الفقهي بينما الدلالتين يعني -بعبارة أخری- الحكم الظاهري الاصولي فالتنافي بين الحكمين الظاهريين أو التنافي بين الحكمين الفقهيين؟ نحن إخترنا الوسط بأنه التنافي بين الحكمين الظاهريين بسبب المدلولين و يلحظ كل من جهته و حيثيته كما تلحظ الدلالة يلحظ المدلول أيضا. لكن لتعميق هذا المبحث الأكثر ينبغي لنا أكثر الغوص و نذكر هنا سرا من أسرار الصناعية الأصولية و واقعا كنز ثمين و هو طبعا هذه نفسها نقطة تمهيدية لكنها بنيوية لمعرفة التعارض.
النقطة البنيوية: طبعا هذه النكتة ستؤثر علی تعريف التعارض و أحكام التعارض و بحث علاج التعارض و أحكام الترجيح و تؤثر خارطة طويلة، النقطة هي أن الشيخ أصر علی المدلول و الآخوند أصر علی الدلالة، من جهة الدلالة إثبات و من جهة المدلول في نفسه ثبوت و من جهة الإثبات مقدم إثباتا و من جهة الثبوت مقدم ثبوتا، فنتردد بين الإثبات و الثبوت فما هي المراتب؟ كثير ممن يخوض في حجية الخبر الواحد لايميزون في جهات حجية الخبر الواحد و مر بنا أن حجية الخبر الواحد علی أقل التقادير فيه سبع حيثيات -هذه من أسرار الصناعة- بالتالي إصرار الآخوند علی الدلالة و إصرار الشيخ علی المدلول هذا النزاع شبيه بالنزاع في نهاية مبحث التعارض، هناك جدل و صراع قوي بين الشيخ الأنصاري و الميرزا حبيب الله رشتي تلميذ الشيخ و بين صاحب الكفاية و المجدّد. ماذا هو الصراع؟ هل يراعی الترتيب في المرجحات أو لايراعی و يكون عشوائيا في عرض واحد؟ الأكثر يختارون الترتيب، الذين يختارون الترتيب أيضا يختلفون في البدء بالصدور و جهة الصدور و الدلالة أو البدء بالدلالة ثم جهة الصدور أو البدء بالمدلول ثم الدلالة ثم الصدور؟ نراعي الثبوت أو نراعي الإثبات؟ تقريبا أسس الإختلاف هنا واحدة. المبحث إذاً حساس لأنه من بدء الأصول إلی نهاية الأصول يبتني علی خارطة يجب تحليلها.
هل هناك مراتب أو عشوائي و حجية مجموع الجهات في عرض واحد؟ أو إذا فيه المراتب ما المقدم فيها رتبتا؟ نفس النكتة و نفس القضية فماهو؟ لذا هنا نسلط الضوء و التركيز علی هذه النقطة المهمة والبنيوية في حجية الخبر الواحد و جدا حساسة و منها سيتبين آثار عظيمة مع بنيان المتقدمين في حجية الخبر الواحد و يتبين أيضا أن بنيان السيد الخويي رحمة الله عليه مع احترامنا العظيم لجهود السيد الخويي بنيانه جدا محل خدشة.
تبيان ذلك:هذا المبحث نظام يؤثر في مراحل مبحث التعارض كلها و يجب أن نلتفت اليه. ماذا يعني كلام الأعلام في حجية الصدور و حجية جهة الصدور و حجية الدلالة و حجية المدلول و المضمون و حجية الكتاب؟ طبعا لاندخل في سبعة جهات لكن بالتعليم الإبتدائي في حجية الخبر الواحد نذكر ثلاث أمور في الخبر الواحد حجية الصدور و حجية جهة الصدور و حجية الدلالة .
ماهي معنی حجية الصدور و حجية جهة الصدور و حجية الدلالة؟ بعض التحقيقات الخفية لرواد علم الأصول سر من هذه الجهة و هكذا قرروا: أن بالدقة حجية الصدور بمثابة الدلالة التصورية وهذا جدا نفيس و خطير وحجية الدلالة بمثابة حجية الظهور الإستعمالي والتفهيمي و حجية جهة الصدور بمثابة حجية الدلالة الجدية. إذاً بالدقة مراتب حجية الصدور و الدلالة و جهة الصدور تعكس محاذاة التصور و الإستعمال و الدلالة التصورية و الدلالة الإستعمالية و الدلالة الجدية.
ما الدليل علی أن حقيقة حجية الصدور هي التصورية؟ منه يظهر أن تشدد السيد الخويي في الطريق و عدم تشدد القدماء في الطريق هذا التشدد في الطريق مسلك الأخباريين في الحقيقة، مع إحترامنا العظيم للسيد الخويي و هو أصولي عظيم، لكن هذه الجهة وافق فيه السيد الخويي بالأخباريين لأن الأخباريين أصروا علی الطريق، قطعية الصدور و كتب الأربعة صادرة و كذا معتبرة و الصدور هو الأول و الآخر. هذا أكبر خطأ واقع فيه الأخباريون و أيضا السيد الخويي رحمه الله بينما مشهور الأصوليين لايعبأون بالصدور كثيرا.
غاية ثمرة الصدور هي التصور و التصور شيء سهل، سواء التصور الظني أو التصور القطعي. و التصور سهل المؤونة و أنت لاتحتاج في التصور إلی كثير من المؤونة. أصل الوصول و التصور بمجيء الفاسق بالنبأ أما بعده فمهم. فتبينوا بعد التصور. الصدور غايةما يثبت لك أصواتا و ألفاظا صدر من المعصوم فقط و تصورا أن هذه الألفاظ صدرت من الباري تعالی و صدرت من المعصوم يعني أصل صدور الألفاظ أما المرحلة الثانية هي مرحلة الدلالة و الدلالة غير الصدور و غير التصور، لذلك الدلالة التصورية قالوا إنها التصديقية -السيد الخويي أنكر الدلالة التصورية أو قال بأن الوضع تصديقي و له مبنی الخواجة نصير الدين طوسي في المقابل مبنی المشهور من الأصوليين و الفقهاء بأن الدلالة التصورية تصور و مافيه تصديق بينما السيد الخويي صور بان الوضع تعهد و الدلالة علی أي حال لاندخل فيه- علی مسلك المشهور أن الصدور مجرد التصور و المهم أن التصور موجود سواء علی الطريق الصحيح أو الطريق الضعيف و بعد ذلك يوجد الدلالة و الدلالة الإستعمالية و أنها استعملت اللفظ في هذا المعنی و أراد أن يستعمل بإرادة إستعمالية هذا اللفظ في هذا المعنی، هذه إرادة استعمالية وسطية و ليست نهائية.
الدلالة التصديقية في وسط الطريق و هذا ليس مرتبطا بحجية الصدور أصلا بل مرتبط بدلالة الألفاظ، ما هو إستعماله؟ هذا مربوط بحجية الظهور و باب الظهور و ليست مربوط بحجية الصدور بل الصدور مرتبط بالإحداث و وصول الألفاظ و تصورها. فقط مرحلة ثانية و هي استعمالية و التفهيمية هي من باب الظهور، نكات و بنيان الظهور و القرائن و الألفاظ و غيرها و بعد ذلك تأتي بمرحلة بعد التفهيمي.
هذا الإستعمالي مطابق للتصوري يعتمد علی القرائن بنيان الظهور، أبدا ليس للصدور شأن في هذه بل شأنها فقط بنيان الظهور بعد هذه بنيان الظهور في الإستعمالي و بنيان الظهور في التفهيمي يأتي أنه هل تطابق موجود بين الإستعمالي و التصوري و بين التفهيمي و الاستعمالي أم لا؟ ثلاث مراحل و بعد هذه المراحل الثلاث تجيء مرحلة خطيرة و هي أن المدلول التصورية يراد جدا أم لا؟ هذه جهة الصدور، هل تقية أو مراد واقعا وحقيقة ؟ تقية أو دواعي أخری . إذاً منطقيا و تكوينا جهة الصدور آخر الجهات و آخر الحجية. أما الظهور الإستعمالي رتبة ثانية و الظهور التفهيمي رتبة ثالثة و الظهور الجدي مرتبة بجهة الصدور، منطقيا هكذا الترتيب اثباتيا. هذه عقدة كبيرة جدا، أن الصدور شأنه ماذا؟ الظهور شانه ماذا؟ لماذا الأصوليون أشكلوا علی الأخباريين والفقهاء أشكلوا علی الأخباريين، أن همكم فقط الصدور و التصور و ليس همكم الظهور الإستعمالي والظهور التفهيمي و ليس همكم الظهور الجدي؟
«لولا نفر» النفر لأجل الإيصال و التصور لكن العمدة دراية الرواية. هنا نظام العرض علی الكتاب و السنة و الأصول الدستورية في الدين سواء جاء الخبر من العادل أو غير العادل. بالنسبة إلی التصور ما لها أي دور. العمدة كل العمدة هي بنيان الظهور التفهيمي و الإستعمالي أما الجدي يعني هذا البنيان التفهيمي و الإستعمالي مطابق لقواعد الدين و الأصول الدستورية كما يعبر المحقق الحلي أم لا؟
لمّا المشهور يقولون: إن التأكيد علی الصدور جهة إخبارية حشوية و قشرية -معذرة هذه كلمات الشيخ المفيد و أنا انقل و أصر أن أنقل كلمات الشيخ المفيد و أصر أن أنقل كلمات الشيخ الطوسي و السيد المرتضی لانهم من زعماء العلم- ويصرون أن باب التصور ليس التفقه و الفقيه همه و غمه بنية إستعمالية و بنية التفهيمية وثم البنية الجدية. أصلا ما صدر شيء، إذا هو يری أن هذه المواد موجودة في نفس الأصول الدستورية، الصدور ماذا دوره؟ لم إختلف الأصوليون و الأخباريون في الحكم العقلي؟ الأخباريون يقولون لابد أن نسمع من فم المعصوم و الأصوليون يقولون: حتی لو لم يصدر من فم المعصوم إذا نفس الحكم موجود و وراثته موجود في الحكم الكلي صحيح. أصل الصدور ما لها دور و الصدور مجرد كاشف أما وراثة الحكم التفصيلي موجود طينته في الحكم الكلي و الأصول الدستورية.
رواية موجود عندنا مبهرة، هشام بن حكم استدل باستدلال مع أن الألفاظ و البنية ما سمع من الإمام الصادق لكن سأل الإمام الصادق عليه السلام منه: من أين علمت هذا الاستدلال؟ قال يا سيدي من الخطوط العامة التي علمت منكم. قال هذا عين ما أوحي للنبي إبراهيم أولی العزم. لاهشام بن حكم سمع من النبي إبراهيم و لاقرء صحف إبراهيم و لاسمعه من الإمام الصادق بل سمع الأصول الدستورية من الإمام الصادق . الإمام الصادق عليه السلام قال: أنت ذكرت عين الوحي. لا أنه يوحی إليك بل هو سمع الأصول الدستورية و ما سمع التفاصيل من الإمام الصادق و لاسمع التفاصيل الوحياني التي أنزل علی إبراهيم. الأخباريون يقولون يا هشام أنت كاذب و الأصوليون يقولون: الصدق و الكذب الخبري ما لها ربط بالصدور أبدا. أصلا ما لها تعلق بالصدق الخبري بالصدور. الأخباريون يصرون بأن الصدق لابد لها من الصدور و الأصوليون يقولون: حتی لو في الواقع لم يكن هناك صدور حقيقة الصدق الخبري يعني نفس المتن موجود في الأصول الدستورية و الناطق الرسمي لها دور لكن ليس لها دور حصري
و التتمة في الجلسة اللاحقة إن شاءالله