1440/08/25


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

40/08/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 65 )– شروط المتعاقدين.

جوابه قد اتضح من خلال ما سبق:- فإننا قلنا إنَّ نزاعنا هو في العقد وأنه هل يكفي الرضا الباطني في صحته أو لابد من وجود مبرز ، وليس نزاعنا في القبض والاقباض فأنهما فعلان خارجيان وليسا عقداً ويمكن الاجتزاء فيهما بالرضا الباطني ، ولكن لا يمكن أن نستنتج من ذلك ونقول إنه يكفي الرضا الباطني في العقد أيضاً فإنَّ هذا قياس ليس في محله.

نعم يبقى بالنسبة إلى العقد فقد تقول:- إذا كان العقد فضولياً فلابد وأن ينبه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك وأنَّ العقد فضولي.

وفي مقام الجواب نقول:- يمكن أن نقول إنَّ هذا العقد خارج عن الفضولية ، لأنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد ذلك قد أمضاه وقال له:- ( بارك الله لك في صفقة يمينك ) ، فإذاً ما هو ومحل النزاع - أعني العقد - يوجد إمضاء وتصريح من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالإمضاء تجاهه ، وأما القبض والاقباض فهما ليسا عقداً ويمكن أن نكتفي فيهما بالرضا.

هذا كله فيما لو غضضنا النظر عن مسألة كونه وكيلاً مفوضاً ، وقد قلنا يحتمل أنَّ عروة كان وكيلاً مفوضاً من قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأمور التجارية النافعة ، ولا تقل لماذا لم تنقل الرواية ذلك ، فإنَّ الجواب هو أنَّ الرواية تنقل قضية شخصية أما نقل الأمور المرتبطة بها والملابسات فلا يجب نقلها.

الجواب السادس:- وهو للشيخ الأعظم(قده) حيث قال:- ليكن المورد من الفضولي ولكن من قال إنَّ كل فصولي يحتاج إلى اجازة ؟!! بل بعض أفراد الفضولي يمكن أن لا نحتاج اجازة وإنما يكفي الرضا الباطني ، كما في مسألة من باع ثم ملك ، فإنَّ أحد الآراء تقول إنه بمجرّد أن يملكه يكفي ذلك ويصح العقد ولا يحتاج إلى الاجازة ، قال(قده):- (لأنه لا دللي على توقفه مطلقاً على الاجازة اللاحقة كما هو أحد الاحتمالات فيمن باع غيره ثم ملكه )[1] ، فهو يريد أن يقول بالعبارة الصريحة أنه مادام الرضا الباطني موجوداً فيوجد مجال في أن نقول إننا لا نحتاج إلى اجازة ، نعم نحتاج إلى الاجازة في مورد عدم وجود الرضا الباطني أما مع وجود الرضا الباطني لنقل لا يحتاج إلى اجازة.

ولكن نقول:- إنَّ ما تقوله هل تقوله بنحو الاحتمال أو تقوله بنحو الجزم ؟ إنه لا يستطيع أن يقول إني أقول إنه بنحو الجزم لا نحتاج إلى اجازة ، وإنما لا بد أن يقول إنَّه يحتمل وجيهاً أنه يكفي الرضا من دون الحاجة إلى الاجازة ، ولكن نقول:- إنَّ الاحتمال لا ينفع إلا إذا كان هناك دليل عليه ، وإنما هو مجرد احتمال فيحتاج إلى مثبت ، والمثبت ليس إلا الاطلاقات أو العمومات مثل ﴿ أوفوا بالعقود ﴾ أو ما شاكل ذلك ، فعدنا إلى الدليل الأول والثاني ولم يعد هذا دليلا جديداً فيرد عليه ما أوردناه سابقاً.

الوجه السابع:- وحاصله: إنَّ المالك مادام يرضى بالعقد قبل أن يصدر إلى أن جرى العقد فهذا الرضا لا أقل أنه استمر إلى بُعَيدَ العقد ولو بثانية واحدة ، فلو استمر هكذا فصدقت آنذاك الاجازة وصدق عنوان الاجازة ، قال(قده):- ( مع أنه يمكن الاكتفاء في الاجازة بالرضا الحاصل بعد البيع المذكور آناً ما بل وقوعه برضاه لا ينفك عن ذلك[2] مع الالتفات[3] )[4] .

ونحن نقول:- إنه إما أن نبني على أنَّ الرضا الكامن غير المبرز بلفظ أو اشارة أو غير ذلك لا يكفي في صحة الاستناد ، أو نقول هو يكفي ، فإن قلنا بأنه يكفي في صحة الاستناد عرفاً فلا نحتاج إلى كل هذا الكلام ولا نحتاج إلى هذه الوجوه السبعة ، بل من البداية نقول الرضا إنَّ الكامن يكفي عرفاً في صحة استناد العقد إلى المالك مادام يوجد عنده رضا كامن وإن لم يكن هناك مبرزاً ، وأما إذا قلنا أنه لابد من وجود مبرزٍ فكما لا يصدق قبل اجراء العقد بأنَّ الرضا مبرز كذلك بعد العقد ، فإنه مادام الرضا كامناً ولم يبرزه بأيّ مبرزٍ فحينئذٍ هذا رضاً كامنٍ ، فإذا لم نقبل به سابقاً لم نقبل به الآن وإذا قبلنا به الآن يلزم أن نقبل به أولاً والتفرقة بين الحالتين لا وجه لها.

والخلاصة من كل ما ذكرنا:- إنَّ الرضا الكامن نشك في كونه مصححاً عرفاً ، وكيفينا هنا الشك في إسناد العقد عرفاً إلى المالك ، ومادمنا نشك فلا يمكننا التمسك بالعمومات لإثبات صحة العقد المذكور.


[2] أي عن تحقق الاجازة بلحظة من ثانية.
[3] يعني إذا كان المالك ملتفتاً إلى جريان العقد.