1441/03/27
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الفقه
41/03/27
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الديات
مسألة 204): دية قتل المسلم متعمّداً مائة بعير فحل من مسان الإبل، أو مائتا بقرة أو ألف دينار وكلّ دينار يساوي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي من الذهب المسكوك أو ألف شاة أو عشرة آلاف درهم وكلّ درهم يساوي 2،6 حمّصة من الفضّة المسكوكة فعشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفيّة وربع المثقال أو مائتا حلّة و كلّ حلّة ثوبان[1]
الظاهر ان هناك خلاف كثير في مسالة استفاد التخيير من صحيحة ابن الحجاج ومن نصوص الباب الاخرى فهناك من يقول بالتخيير وهناك من يقول بالتنويع اي ان كل صنف مختص باهله
قالوا (بان المعروف بين الاصحاب بل المجمع عليه بين المتاخرين هو التخيير بل عن صريح الغنية وظاهر السرائر والمفاتيح الإجماع على ذلك ، فليس حينئذ للولي الامتناع من قبول أحدها مع بذله ، وإن لم يكن الباذل من أهل المبذول.
نعم عن ظاهر المقنع والمقنعة والنهاية والخلاف والمبسوط والمراسم والوسيلة والقاضي أنها على التنويع ، بل في كشف اللثام نسبته إلى عبارات كثير من الأصحاب)[2]
والظاهر ان مستند هؤلاء على ما ذكر في بعض الكلمات هو ظواهر الاخبار، ولذا كانت عبارة بعضهم هي نفس عبارة الروايات
وفي المقابل يقال وان كان بعض الروايات لها ظهور بدوي في التخيير لكن ملاحظة مجموع الروايات مع القرائن المتقدمة التي ذكرناها من ان نفس الصحيحة خيرت اهل السواد بين البقر وبين الغنم يفهم منه ان سر التخيير هو توفر هذه الامور بينهم فسر قوله (ولاهل البوادي الابل) هو توفر الابل عندهم فالمسالة لا تعين فيها ولا فرض وانما هي مراعاة للمكلفين، وذكرنا قرينة اخرى وهي ما ادعاه اكثر من واحد ومنهم السيد الخوئي (قده) من ان الروايات ظاهرة في الارفاق والتسهيل وهو يتناسب مع التخيير دون التعيين لام الزام المكلف بالدفع من صنف خاص لا يتناسب مع الارفاق
ويدل عليه التعبير في معظم الروايات ورد (لاهل السواد، لاهل البوادي، لاهل البقر) ولم تعبر (على) وفرق بين التعبيرين
ويدل عليه ايضاً ورود العطف ب(او) في كثير من الروايات من دون ذكر اهل هذه الاصناف وظاهرها التخيير للمكلف
كما في رواية يونس ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ قال : «الدية عشرة آلاف درهم ، أو ألف دينار ، أو مائة من الابل»[3] وهي واضحة في التخيير
ورواية العلاء بن فضيل ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) أنه قال : «في قتل الخطأ مائة من الابل ، أو ألف من الغنم ، أو عشرة آلاف درهم ، أو ألف دينار»[4] والرواية وان وردت في قتل الخطأ الا انه لا فرق بينه وبين العمد الا في خصوصيات سياتي الحديث عنها
ورواية عبيد الله بن زرارة ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال :«الدية ألف دينار ، أو اثنا عشر ألف درهم ، أو مائة من الابل»[5] وهي ظاهرة في التخيير
ويؤيده اختلاف التعبير في الروايات فتارة تعبر اهل البوادي واهل السواد واخرى تعبر اهل الابل واهل البقر وثالثة تعبر من كان في ارض فيها الابل كما في رواية عبدالله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «من قتل مؤمنا متعمدا قيد منه ، إلا أن يرضى أولياء المقتول أن يقبلوا الدية ، فان رضوا بالدية وأحب ذلك القاتل فالدية اثنا عشر ألفا ، أو ألف دينار ، أو مائة من الابل وإن كان في أرض فيها الدنانير فألف دينار ، وإن كان في أرض فيها الابل فمائة من الابل ، وإن كان في أرض فيها الدراهم فدراهم بحساب ( ذلك ) اثنا عشر ألفا»[6] ولا ملازمة بين ان يكون المكلف في ارض فيها ابل وبين ان يكون هو من اهل البوادي، فاختلاف العناوين الماخوذة في هذا الباب مؤشر على ان القضية لا تعيين فيها، فهو نظير مواقيت الاحرام في رواية علي بن جعفر ، عن أخيه ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن المتعة في الحجّ ، من أين إحرامها وإحرام الحجّ ؟ قال: (( وقت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) لأَهل العراق من العقيق ، ولأَهل المدينة ومن يليها من الشجرة ، ولأَهل الشام ومن يليها من الجحفة ))[7] فلم يفهم منها الفقهاء التنويع وان العراقي لا يجوز له الاحرام الا من هذا الميقات بل فهموا منها التخيير بين هذه المواقيت
فالصحيح هو ما ذهب اليه المعظم بل لعله كل المتاخرين من ان الحكم هو التخيير بين هذه الامور لا التنويع
الان نعود الى ما انتهينا اليه في الدرس السابق حيث ذكرنا دعوى ان استفادة ما ذهب اليه المشهور من ان كل واحد من هذه الستة اصل في نفسه وليس بدلاً عن غيره باللوازم التي تترتب عليه من النصوص غير واضحة، والمهم من هذه اللوازم هو مسالة عدم اعتبار التساوي في القيمة، والمدعى ان هذا ليس واضحاً من الصحيحة لظهورها في ان الامام في مقام الرد على ابن ابي ليلى الذي ذكر ان الاصل هو الابل والامام ذكر ان الدية الف دينار ثم ذكر (وكل دينار عشرة دراهم) فحينئذ يكون عشرة الاف درهم هي نفس الف دينار بلحاظ القيمة والمدعى ان الملحوظ في ما ذكره في باقي الاصناف هو القيمة ايضاً، فالاصل هو الف دينار او عشرة الاف درهم واما البقر والغنم والابل فيجوز دفعها ولكن لا بد ان تكون مساوية للاصل في القيمة، وهذا المدعى لا ينافي التخيير كما هو واضح، كما انه ليس مشروطاً بعدم غيره، نعم لا بد من اعتبار التساوي في القيمة اي ان ما يدفعه من هذه الاصناف لا بد ان تكون قيمته مساوية للالف دينار او عشرة الاف درهم كما هو الحال في الدراهم التي ذكرها الامام (عليه السلام) في الصحيحة، ويؤيد هذا الطرح روايتان
الاولى صحيحة جميل بن دراج ، في الدية ، قال : ((ألف دينار ، أو عشرة آلاف درهم. ويؤخذ من أصحاب الحلل الحلل ، ومن أصحاب الابل الابل ، ومن أصحاب الغنم الغنم ، ومن أصحاب البقر البقر))[8] فيدعى بانها ظاهرة في ان الدية هي الف دينار او عشرة الاف درهم وان اخذ الحلل من اصحاب الحلل واخذ البقر من اصحاب البقر انما هو من باب البدلية عن الالف دينار فلا بد من مراعاة القيمة في هذه الامور خصوصاً وان الامام عليه السلام لم يعين العدد فالتعبير بانه يؤخذ من اهل الابل الابل من دون تعيين العدد اي يؤخذ ما قيمته الف دينار فالمستفاد منها ان الامور الاربعة المذكورة في ذيل الرواية بدائل عن الدنانير والدراهم والا لو كان كل واحد منها اصل براسه فلا داعي لتغيير التعبير، فتحمل على ما كان قيمته الف دينار في ذلك الزمان، ومقتضى ذلك ان العدد في هذه الاربعة يحدد على اساس الالف دينار اوعشرة الالف درهم،
ثم ان الرواية وان كانت موقوفة وغير مسندة الى الامام وعلى هذا الاساس استشكل السيد الخوئي (قده) بالعمل بها، ولكن نستبعد احتمال ان يبين جميل وهو بتلك المنزلة حكماً شرعياً مبني على السماع وينقل ابن ابي عمير ذلك عنه، مع كون هذا الحكم راياً اجتهادياً لجميل او انه جاء به اعتباطاً من دون ان يسمعه من الامام فهذا بعيد جداً، فهذا لا يمنع من الاعتماد على الرواية