1441/04/19
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الفقه
41/04/19
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الديات
(مسألة 206): دية شبه العمد أيضاً أحد الأُمور الستّة(1) وهي على الجاني نفسه(2) إلّا أنّه إذا اختار تأديتها من الإبل اعتبر أن تكون على الأوصاف التالية: أربعون منها خلفة من بين ثنية إلى بازل عامها، وثلاثون حقّة، وثلاثون بنت لبون(3)
3- كان الكلام في تحديد الاوصاف التي تعتبر في الابل اذا اختار الجاني تادية الدية في شبه العمد منها ويوجد في
المقام ثلاثة اقوال:
الاول: ثلاثة وثلاثون بنت لبون وثلاث وثلاثون حقة واربعة وثلاثون ثنية وهو منسوب الى العلامة وهو ظاهر المحقق في الشرائع والنافع واختاره الشهيدان
الثاني: ما اختاره السيد الماتن وهو أربعون خلفة بين ثنية الى بازل عامها، وثلاثون حقّة، وثلاثون بنت لبون
الثالث: انها ثلاثة وثلاثون حقة وثلاث وثلاثون جذعة واربعة وثلاثون ثنية طروقة الفحل
والاخبار على طوائف: الطائفة الاولى دالة على القول الثالث، والقول الثاني تدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان
وهناك اخبار متفرقة وهي رواية معلى بن عثمان ورواية عبد الرحمن وهما مختلفتان في التحديد، اما رواية عبد الرحمن فهي مرسلة لان الفاصلة بين العياشي وبين اصحاب الامام الصادق (عليه السلام) كبيرة جدا
واما رواية معلى بن عثمان فالظاهر انها تامة سنداً والوارد فيها (وفي شبيه العمد المغلظة ثلاثة وثلاثون حقة ، وأربعة وثلاثون جذعة ، وثلاثة وثلاثون ثنية) [1]
وهو لا ينطبق على شيء من الاقوال السابقة وان كان قريباً من القول الثالث
وعلى كل حال فالروايتان لا تدلان على القول الاول ومن هنا صرح الفقهاء بانه لم نجد مستنداً واضحاً للقول الاول فقال في الجواهر (لم نظفر له بمستند مما وصل إلينا من النصوص ، وإن نسبه في محكي الخلاف إلى إجماع الفرقة وأخبارها ، وفي النافع « أنه أشهر الروايتين » وفي المفاتيح « أنه المشهور وبه روايتان » بل في المسالك والروضة « أن به رواية أبي بصير والعلاء بن الفضيل ، لكن لم نقف على شيء من ذلك) [2] وقد نقل في الجواهر عن علماء سبقوه التفتوا الى ذلك فقال (اعترف به الآبي وأبو العباس والأصبهاني والمقدس الأردبيلي وفاضل الرياض وغيرهم)، وقد احتمل بعضهم ان تكون بنت لبون من الغلط في نسخة من اختار القول الاول كصاحب الشرائع فبدل ان يقول جذعة قال بنت لبون وبهذا يتطابق مع القول الثالث
ولكن هذا الاحتمال قد يرد في عبارة الشرائع ولكن ليس هو فقط من ذهب الى هذا القول فقد اختاره العلام والمحقق في المختصر النافع والشهيد الثاني في الروضة
وعلى كل حال نركز على الرواياتورواية ابي بصير تامة سنداً عندناً وان كان فيها علي بن ابي حمزة، وبناءً على هذا نقول ان القول الثالث تدل عليه روايتان معتبرتان هما صحيحة محمد بن مسلم وزرارة ومعتبرة ابي بصير، نعم استشكل في دلالة صحيحة محمد بن مسلم وزرارة على القول الثالث من جهة ان الوارد فيها اما الدية مطلقاً او دية الخطأ مطلقاً فالوارد في صدر الرواية (في الدية) وفي ذيلها بعد ان ذكر القول الثالث قال (وزاد علي بن حديد في حديثه: إن ذلك في الخطأ) فموضوع هذه الصفات اما مطلق الدية او دية الخطأ فليست نصاً في محل الكلام
ومن جهة اخرى ان هذه الاوصاف قد ذكرها جميل ولم ينسبها للامام (عليه السلام) بل في ذيلها ورد (قال: وروى ذلك بعض أصحابنا عنهما) وقد يفهم منها ان ما ذكره جميل ليس مروياً عن الامام (عليه السلام)، وبهذا تختلف هذه الرواية عن صحيحة جميل المتقدمة التي استدللنا بها على ان الاصل في الدية هي الدنانير والدراهم ففي هذه الرواية توجد قرينة على ان جميل لم يروها عن الامام (عليه السلام)
ويمكن ان يقال بان الاشكال الاول لا اثر له غايته اثبات ان موضوع الرواية هو مطلق الدية او دية مطلق الخطأ ويمكن تقييدها بما يدل على ان الدية في شبه العمد تختلف عما ذكر في هذه الرواية فتحمل هذه الرواية على غير دية شبه العمد
واما الاشكال الثاني فقد يقال بان الذي يفهم من قول ابن ابي عمير هو ان الذي نقله جميل ليس منسوباً الى احد الائمة بينما هو اشار الى ان بعض اصحابنا روى هذا المضمون عن الائمة، الا ان هذا لا ينافي ما ذكرناه من استبعاد ان يكون جميل قد ذكر هذه الاحكام التي يكون المحكم فيها هو النص عادة من دون ان يكون سمعها من الامام (عليه السلام)
ثم لو تنزلنا عن ذلك فيمكن التمسك بمرسلة ابن ابي عمير لاثبات القول الثالث ومراسيل ابن ابي عمير حجة، فيصح ان نقول بان القول الثالث تدل عليه روايتان معتبرتان
واما القول الثاني فتدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان.ولو بقينا نحن وصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم فالمسألة محلولة بان نقيد هذه المطلقة بصحيحة ابن سنان لانها واردة في شبه العمد ومعه نحمل صحيحة محمد بن مسلم وزرارة على غير شبه العمد ويثبت بذلك القول الثاني
ولكن المشكلة هو وجود معتبرة ابي بصير الدالة على القول الثالث ودخولها في الحساب يمنع من الوصول الى هذه النتيجة لانها تكون معارضة لصحيحة بن سنان فان موردهما واحد وحيث لا مرجح فالقاعدة تقتضي التساقط وعدم العمل بكل منهما فيبقى المطلق على اطلاقه وهو صحيحة محمد بن مسلم وزرارة الدالة على القول الثالث، فيثبت بذلك القول الثالث
نعم اذا قلنا بان ما ذكر في الصحيحة هو مطلق الدية فلا بد ان نخرج منه دية العمد ودية الخطأ المحض بادلتهما، وان قلنا بان موضوعها هو خصوص الخطأ كما فهم ذلك علي بن حديد فنخرج منها الخطأ المحض لما سياتي من اختلافه معها في الاوصاف، فالصناعة في المقام تقتضي البناء على القول الثالث
والسيد الماتن ينتهي الى ما انتهى اليه بحسب مبانيه لان رواية ابي بصير غير معتبرة عنده وصحيحة محمد بن مسلم يرى انها غير منسوبة الى الامام فلم يبق لديه الاصحيحة عبد الله بن سنان الدالة على القول الثاني، حتى لو فرضنا انه يمكن الاستدلال بالبيان الذي بيناه بمرسلة ابن ابي عمير فهي مطلقة وتقيد بصحيحة عبد الله بن سنان