1441/05/17
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الفقه
41/05/17
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الديات
(مسألة 214): المشهور بين الأصحاب أنّ دية ولد الزنا إذا كان محكوماً بالإسلام دية المسلم، وقيل: إنّ ديته ثمانمائة درهم، وهو الأقرب(2)2- تنبيه يرتبط بالدرس السابق حول توثيق عبد الرحمن بن حماد الذي تعارض فيه التوثيق والتضعيف وعبرنا بان التضعيف اخص فيقدم، فوقع كلام حول التقديم بالاخصية مع ان الكلامين لم يصدرا من جهة واحدة فكيف يكون الخاص قرينة على المراد الجدي من العام مع صدوره من شخص اخر
وجوابه بان هناك مباني في وجه التقديم بالاخصية احدها مسألة الاظهرية فالخاص اظهر في مورده من العام في نفس المورد او الخاص نص في مورده بينما العام ليس نصاً في المورد فيقدم الاظهر او النص على الظاهر وهذا الملاك لا يعتبر فيه اتحاد الجهة
هذا، وقد ذكرنا ثلاث روايات للقول الثاني وهناك رواية رابعة وهي مرسلة الشيخ الصدوق في المقنع عن أبي جعفر (عليه السلام ) ، أنه قال:«دية ولد الزنى دية العبد ، ثمانمائة درهم»[1]
الا ان جميع روايات القول الثاني وان تمت دلالتها الا انها غير سليمة السند كما اشار الى ضعف سند هذا القول المحقق في الشرائع
القول الرابع: ما اختاره ابن ادريس بقوله «الذي يقتضيه الأدلّة التوقف في ذلك، و ان لا دية له، لأن الأصل براءة الذمّة»[2]
وقلنا بان هناك رواية صحيحة السند ظاهرها ان ديته ان يعطى من انفق عليه ما انفق عليه فقد ذكر في الوسائل (قد تقدم في المواريث حديث عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : سألته عن دية ولد الزنا ، قال: «يعطى الذي أنفق عليه ما أنفق عليه»[3] وقد قرب السيد في الرياض الاستدلال بها على القول الثاني ببيان انها ظاهرة في ثبوت الدية وانها ان يعطى من انفق عليه ما انفق عليه وهي بهذا التحديد وان كانت تشمل ما كان اقل من دية الذمي كما تشمل ما كان اكثر منها لكن نخرج ما اذا كان ما انفق عليه اقل من دية الذمي وما اذا كان اكثر بالاجماع فتبقى دية الذمي فذكر «وهو ظاهر في ثبوت الدية لا كما ذكره الحلّي وأنّها ما أنفق عليه ، وهو يشمل ما قصر عن دية الحرّ المسلم ، بل والذمّي أيضاً ، بل لعلّه ظاهر فيه ، إلاّ أنّ الأخير خارج بالإجماع ، كخروج ما زاد عنه به أيضاً ، فيتعيّن الثمانمائة جدّاً» [4] والظاهر ان مقصوده في ما اذا لم يكن محكوما عليه بالاسلام
ونشير الى ان صاحب الوسائل لم ينقلها كما ينبغي فالمذكور في ميراث ولد الملاعنة (عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : سألته ، فقلت له : جعلت فداك ، كم دية ولد الزنا ؟ قال: «يعطى الذي أنفق عليه ، ما أنفق عليه ، قلت : فإنّه مات ، وله مال ، من يرثه ؟ قال : الإِمام» [5]
ولذا ذكر السيد الخوئي (قده) بان »هذه الصحيحة تدلّ على أنّه كان المرتكز في ذهن عبد اللَّه بن سنان أنّ دية ولد الزنا مغايرة لدية الحرّ المسلم، ولذا سأل عن مقدارها، ويظهر من الجواب وعدم بيان أنّ ديته دية المسلم الحرّ: ثبوت المغايرة« [6]
ولكن هذا ليس واضحاً باعتبار ان السؤال عن المقدار يستلزم الفراغ عن ثبوت اصل الدية وهذا لا يعني ان المرتكز في ذهن السائل المغايرة بين مقدارها وبين دية المسلم الحر، فيمكن افتراض انه يحتمل ان ديته دية المسلم الحر او دية الذمي فيسأل عن مقدارها
واما ما ذكره السيد في الرياض فهو استدلال بالاجماع على ان دية ولد الزنا لا تقل عن ثمانمائة درهم ولا تزيد عنها
والذي نقوله في المقام: انه لا ينبغي الاشكال في ان ولد الزنا اذا كان محكوماً عليه بالاسلام فان ديته دية المسلم الحر اذ لا فرق بينه وبين مسلم اخر فتشمله مطلقات من قتل مسلماً فعليه عشرة الاف درهم وغيرها، نعم هناك كلام في انه متى يحكم عليه بالاسلام فهناك من يرى بانه يحكم عليه بالاسلام اذا اظهر الاسلام، وهذا يستبطن اشتراط البلوغ فان شهادة غير البالغ لا اعتبار بها
وعلى كل حال فالنصوص متفقة على ان الدية المعهودة موضوعها قتل المسلم او قتل المؤمن باختلاف الالسنة فيها فاذا حكم باسلام ولد الزنا تشمله هذه الادلة بلا اشكال، والمعروف خصوصاً بين المتاخرين الحكم على ولد الزنا بالاسلام مطلقاً بمجرد ان يتولد من مسلم زاني او من زانيين مسلمين ومحل هذه المسألة هو كتاب الطهارة فهناك روايات تشير الى الحكم عليه بالاسلام عن صفوان بن يحيى ، قال : سأل المرزبان أبا الحسن (عليه السلام) عن ذبيحة ولد الزنا قد عرفناه بذلك ؟ قال : »لا بأس به ، والمرأة والصبيّ إذا اضطرُّوا إليه« [7] والاطلاق الناشيء من ترك الاستفصال يشمل ما اذا اظهر الاسلام او لا، وبالغاً كان او لم يكن، نعم هناك روايات يستدل بها على الحكم بكفره ولكنها مناقشة، نعم الالتزام بان ديته دية المسلم الحر موقوف على عدم تمامية الاخبار التي استدل بها على ان ديته دية الذمي والا فاذا تمت يتعين العمل بها لان اثبات ان ديته دية المسلم انما يكون بالمطلقات فهذه الروايات تتقدم عليها لورودها في خصوص ولد الزنا، وقد عرفنا ان هذه الروايات غير تامة سنداً ولكنها اربع روايات مع تعدد طرقها وهذا قد يولد نوع من الاستفاضة والوثوق بصدورها في الجملة وعليه فلا بد من الالتزام بالقول الثاني هذا من جهة، ومن جهة اخرى فان المتاخرين قد اعرضوا عن هذه الروايات ولم يعملوا بها لضعف سندها، بل اذا اخذنا بهذه الروايات لا بد ان نرفع اليد عما ذكرناه من الحكم عليه بالاسلام مطلقاً اذ معه لا وجه للقول بان ديته دية الذمي الا ان يقال بان هذا حكم تعبدي خاص
فالمسالة قوية الاشكال فالاحتياط بالتصالح في محله