1441/05/19
تحمیل
الأستاذ الشيخ هادي آل راضي
بحث الأصول
41/05/19
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: الاخبار العلاجية
كان الكلام في ما تعرضت له مقبولة عمر بن حنظلة من الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة وتكلمنا في دلالتها على ان كلاً منهما مرجح مستقل
وبعد الفراغ عن ذلك يقع الكلام حول الترتيب بين هذين المرجحين بمعنى تقديم موافقة الكتاب على مخالفة العامة وتظهر الثمرة في ما اذا تعارض خبران احدهما موافق للكتاب والأخر مخالف للعامة
وهذا البحث لا علاقة له بالبحث الذي طرحناه سابقاً فحتى على القول بدلالة المقبولة على الترتيب بين المرجحات يأتي هذا البحث لوجود الخصوصية في هذين المرجحين فان الامام (عليه السلام) قد عطف مخالفة العامة على موافقة الكتاب بالواو ومن هنا ينشأ احتمال عدم اعتبار الترتيب بينهما، وقد أثبتنا بانه لا يستفاد منها كون المرجح مجموع الامرين بمعنى ان الواو بمعنى (او) فلا يستفاد الترتيب منها
والسيد الخوئي (قده) كأنه سلم بان المقبولة لا دلالة فيها على الترتيب ولذا استعان برواية عبد الرحمن بن ابي عبد الله التي وصفها بالصحة وهي ظاهرة ظهوراً واضحاً في الترتيب بينهما، عن الامام الصادق (عليه السلام) : »إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه ، فان لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه«[1]
وقد حاول السيد الشهيد (قده) ان يستدل على الترتيب بنفس مقبولة عمر بن حنظلة ببيان حاصله ان السائل في مقام استقصاء كل فروض المسالة بقرينة تكرار السؤال وقد عرف السائل حكم كل الفروض المحتملة للمسألة من اجوبة الامام (عليه السلام) عن اسئلته الا فرض ما اذا كان احد الخبرين موافقاً للكتاب فقط والاخر مخالفاً للعامة فقط فهذه الصورة لم يسأل عنها السائل ولا يفهم حكمها من اجوبة الامام (عليه السلام) ولا يكون حكمها واضحاً الا اذا قلنا بالطولية والترتيب بين هذين المرجحين، ثم يستعرض الفروض المحتملة في المسالة وتصل الى عشرة صور تسعة منها عرف السائل حكمها من اجوبة الامام (عليه السلام) الا هذا الفرض الذي ذكرناه مع انه لم يسأل عنه، فلا بد انه عرف حكمه من اجوبة الامام ومعرفة حكمه تتوقف على القول بالطولية بين المرجحين
ثم ذكر نحتمل ان تكون عبارة (وخالف العامة) في قول الامام (عليه السلام) (فما وافق حكمه حكم كتاب الله والسنة وخالف العامة) زائدة جيء بها للاشارة الى ما هو المرتكز في اذهان اتباع اهل البيت (عليهم السلام) من ان الغالب في اخبار العامة مخالفتها للكتاب فكأنما من لوازم كون الخبر موافقاً للكتاب هو كونه مخالفاً للعامة لان الغالب في اخبارهم ان تكون مخالفة للكتاب، فجاء بهذه الجملة للتمهيد للترجيح بما خالف العامة وفيها اشارة الى ان الخبر الموافق للكتاب يكون عادة مخالفاً للعامة وكذا العكس
وعلى كل حال فالأولى هو ما يقوله السيد الخوئي (قده) من الاستدلال على الترتيب بينهما برواية عبد الرحمن بن ابي عبد الله ان تممناها سنداً
ومن هنا يتبين -بناءً على ما يقوله السيد الشهيد والسيد الخوئي (قدهما)- دلالة المقبولة على ان كلاً من موافقة الكتاب ومخالفة العامة مرجح مستقل، وان هناك ترتيب بينهما
الرواية الثالثة «مما دل على الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة): رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : قال الصادق ( عليه السلام ) : إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه ، فان لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة ، فما وافق أخبارهم فذروه ، وما خالف أخبارهم فخذوه»[2] فهي تتعرض لهذين المرجحين وتدل على استقلال كل منهما في الترجيح والترتيب بينهما
واما سندها فقد نقلها في الوسائل عن سعيد بن هبة الله الراوندي في (رسالته) الّتي ألّفها في أحوال أحاديث أصحابنا وإثبات صحّتها، عن محمّد ، وعليّ ابني عليِّ بن عبد الصمد ، عن أبيهما ، عن أبي البركات عليِّ بن الحسين ، عن أبي جعفر ابن بابويه ، عن أبيه ، عن سعد بن عبد الله، عن أيّوب بن نوح، عن محمّد ابن أبي عمير ، عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : قال الصادق ( عليه السلام )
والسند من الشيخ الصدوق (قده) الى الامام (عليه السلام) لا شبهة فيه، وانما يقع الكلام في امرين:
الاول: في طريق الراوندي الى الشيخ الصدوق فان فيه ابا البركات
الثاني: في صحة نسبة الرسالة الى الراوندي، والاهم هو صحة النسبة
فالقطب الراوندي هو سعيد بن عبد الله الراوندي المتوفى 573 هـ المعروف بالقطب الراوندي وكان من تلامذة الشيخ الطبرسي صاحب تفسير مجمع البيان والطبري صاحب بشارة المصطفى، ومن أبرز تلامذته ابن شهر اشوب والشيخ منتجب الدين الرازي صاحب الفهرست، وهو صاحب كتاب الخرائج والجرائح في دلالئل النبوة والمعجزات وذكر في ذيل كتابه فصولاً مهمة ترتبط في بيان نوادر المعجزات والفرق بين المعجزة وغيرها
واما نسبة الرسالة اليه فقد وقع فيها تشكيك ونقل عن النراقي في مناهج الاصول التشكيك في نسبة الرسالة اليه
وهناك طرق لاثبات صحة نسبة كتاب الى شخص:
الطريق الاول: اشتهار النسبة ووضوحها، فقد يقال بان انتساب الرسالة الى القطب الراوندي امر معروف ولا مجال للتشكيك فيه، ولكن لا شاهد على اشتهار النسبة، نعم نسبها اليه كثير من المتاخرين كصاحب الوسائل وصاحب البحار، ولكن لا شهرة في ذلك، خصوصاً مع ملاحظة بعض القرائن:
منها: ان ابن شهر اشوب تعرض في كتابه معالم العلماء لترجمة استاذه وذكر له جملة من الكتب ولم يذكر الرسالة منها، وكذلك تعرض لذلك منتجب الدين الرازي في كتابه الفهرست الذي الفه تكملة لفهرست الشيخ الطوسي (قده) ولم يذكر الرسالة، وهذا يجعلنا -على الاقل- ننفي شهرة نسبة الرسالة اليه، فلا دليل على وجود هذه الشهرة بل الشواهد على عكسها
ويظهر من السيد الخوئي (قده) وغيره ممن عبر عن الرواية بالصحيحة ثبوت انتساب الرسالة للراوندي عندهم