09-06-1435
تحمیل
الأستاذ الشيخ باقر الايرواني
بحث الفقه
35/06/09
بسم الله الرحمن الرحیم
الموضـوع:- مسألة ( 421 ) / الواجب
العاشر والحادي عشر من واجبات الحج ( طواف النساء وصلاته ) / حجّ التمتع / مناسك الحجّ للسيد الخوئي(قد).
ويوجد للسيد الخوئي(قده) كلام نتيجته التوقّف، فهو يبني على أن الناسي - وبالأولى الجاهل - إذا خالف الترتيب فالأحوط الاعادة - أو أنّه صناعةً يبني على الاعادة - وحاصل ما أفاده أنه قال:- نحن عندنا مستندان، الأوّل صحيحة جميل الواردة في القوم الذين جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وأله وقدّموا ما أخّروا وأخّروا ما قدّموا، والثاني هو موثّق سماعة . وكلاهما قابل للمناقشة دلالةً.
أمّا بالنسبة صحيحة جميل:- فقد ذكر إن هذه الرواية ناظرة إلى أفعال الحج - يعني إلى أجزائه - مثل أعمال يوم النحر فإن أعمال يوم النحر من رمي جمرة العقبة والذبح والحلق والطواف بالبيت والسعي كلّها أعمالٌ وأجزاءٌ من الحج، فهي ناظرة إلى ذلك فمن قدّم أو أخر شيئاً من أفعال الحج فلا حرج عليه، وحيث إن طواف النساء ليس من أفعال الحج فلا يكون مشمولاً لنفي الحرج الذي ذكره النبي صلى الله عليه وآله.
ولو كانت الرواية عامة لغير أفعال الحج يلزم أن نقول بشيءٍ قد يصعب الالتزام به وهو المبيت في منى ليلية الحادي عشر والثاني عشر فإنه من الواجبات لكنه خارج عن الحج، وهكذا الرمي في اليوم الحادي والثاني عشر فإنه واجب ولكنه خارج عن أفعال الحج، فلو فرض أن شخصاً قدّم المبيت في منى ففي مثل هذه الحالة هل تلتزم بالإجزاء لو كان جاهلاً أو ناسياً ؟ كلّا، وهذا شاهدٌ على أن الرواية المذكورة ناظرة إلى أفعال الحج فقط.
وأمّا بالنسبة إلى موثقة سماعة:- فأورد عيها بأنها ظاهرة في العموم - يعني حتى في حق العامد فالذي يقدّم طواف النساء على السعي ذلك لا يضرّه - ومقتضى الإطلاق أو العموم الشمول حتى للمتعمّد، وهل تلتزم بذلك ؟ كلّا، وحملها على حالة النسيان مخالفٌ للظاهر.
إذن ما هو ظاهرها لا يمكن الالتزام به، وما يمكن الالتزام به - وهو حملها على حالة النسيان - مخالفٌ لظاهرها فلاحظ الرواية حيث تقـول:- ( سالته عـن رجل طـاف طواف الحج وطــواف النســاء بين الصفــا والمــروة، قـال:- لا يضرّه ).
هذا مضافاً إلى أنه يمكن أن نقول:- هي أجنبية عن المقام، فهي ناظرة إلى حيثيةٍ وقضيّةٍ أخرى غير القضيّة التي نحن بصددها، فنحن بصدد لو قدّم طواف النساء على السعي هل يؤثر ذلك على صحة العمل أو لا ؟، بينما الرواية لا يبعد أنها ناظرة إلى شيءٍ آخر وهو حيثيّة الفصل بين طواف الحج وبين السعي فإنه سوف يحصل فاصلٌ فالإمام عليه السلام قال لا يضرّه هذا الفاصل . إنّها بصدد بيان هذا المطلب وليس بصدد أنه بالتالي لا يضرّه يعني يقع الطواف صحيحاً يعني بالتالي على هذا الأساس يلزمه أن يعيد طواف النساء - وإن كان هو لم يصرّح بذلك ولكن بالتالي هو هكذا -، فحيثيّة الفصل التي حصلت بين طواف الحج والسعي لا تؤثر، أمّا بالنسبة إلى أنّه هل يعيد طواف النساء أو لا يعيده حيث قدّمه على السعي فالرواية لا تقول إنه لا يحتاج إلى إعادة بل هي ساكتة عن هذه الناحية . فإذن لا نستفيد منها.
وما هي قرينتك على أنها ناظرة إلى هذه الحيثية دون تلك الحيثية ؟
قال:- إن القرينة على ذلك هي أن السائل حينما سأل قال هكذا:- ( سألته عن رجلٍ طاف طواف الحج ) فابتدأ أوّلاً بطواف الحج، فلو كان ناظراً إلى حيثيّة تقديم طواف النساء على السعي فذكر طواف الحج لا داعي إليه، يعني كان من المناسب أن يقول:- ( سألته عن رجلٍ طاف طواف النساء قبل أن يسعى ) . إذن ذكر طواف الحج يدلّ على أن السائل ناظر إلى حيثيّة الفصل بين طواف الحج وبين السعي وذلك الفصل بطواف النساء.
ثم قال(قده):- إن لم تكن الرواية ظاهرة في ذلك - أي فيما نقول من أنها ناظرة إلى حيثيّة الفصل دون حيثيّة التقديم - فلا أقل هي مجملة فيحتمل أنها تقصد هذا ويحتمل أنها تقصد ذاك فلا يمكن التمسّك بها . والنتيجة هي عدم الإجزاء إن لم يكن أقوى فهو أحوط.
فهو(قده) انتهى إلى هذا الشيء حتى في حقّ الناسي فضلاً عن الجاهل . هذا توضيح ما أفاده(قده).
ويرد عليه:-
أما ما أفاده بلحاظ صحيحة جميل فيرد عليه:-
أوّلاً:- مَن قال إن صحيحة جميل أو محمد بن حمران هي ناظرة إلى أفعال الحج ؟! إنه لا توجد قرينة تشهد بذلك فإن الوارد فيها:- ( عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق، قال:- لا ينبغي إلا أن يكون ناسياً، ثم قال:- إن رسول الله صل الله عليه وآله أتاه أناس يوم النحر فقال بعضهم أني حلقت قبل أن أذبح وقال بعضهم حلقت قبل أن أرمي فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي أن يؤخّروه إلا قدّموه، فقال:- لا حرج )، إن الأمثلة التي ذكرت اتفاقاً هي ( حلقت قبل أن أذبح ) أو ( حلقت قبل أن أرمي ) والحلق ورمي جمرة العقبة أو الذبح هي من أفعال الحج، ولكن قال بعد ذلك:- ( فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي أن يؤخّروه إلا قدّموه ) ويدخل في ذلك طواف النساء، فما هو المنشأ ؟ فهو(قده) لم يذكر شيئاً إلى أن هذا الرواية ناظرة إلى ذاك بهذه القرينة. وعلى أيّ حال يرد عليه أنه لا شاهد على ما يقول من التخصيص.
وثانياً:- إنه حتى لو سلّمنا أن الرواية شاملة لأجزاء الحج فقط، لكنّي أقول:- إن طواف النساء هو من أجزاء الحج بالنظرة العرفيّة التي يتحاور فيها الإمام مع الناس فهم عندهم طواف النساء هو من أجزاء الحج، فحوار الإمام حوار عرفيّ، ومادام حواراً عرفياً فيدخل فيه كلّ شيء معتبر في الحج وكان جزءاً ولو بالنظرة العرفيّة، وعلى هذا الأساس يدخل بدلك طواف النساء بلحاظ النظرة العرفيّة وإن لم يدخل بلحاظ النظرة الفقهية أو الاستدلالية التي تحتاج إلى درس.
وثالثاً:- سلمنا أنها خاصة بأفعال الحج بالنظرة الدقيّة وليس بالنظرة العرفيّة، ولكن نقول:- إن من يقرأ الرواية يفهم عدم الخصوصيّة لأفعال الحج وإنما المهم أنهم قدّموا ما أخّروا أو أخّروا ما قدّموا لجهلٍ أو نسيانٍ أمّا أنه جزءٌ أو ليس بجزءٍ فلا فرق من هذه الناحية.
إذن الرواية لا وجه للتأمل في دلالتها على عدم الاخلال بتقديم طواف النساء.
وأما ما ذكره من أنه لو كانت الرواية شاملة لغير أفعال الحج فيلزم أن نلتزم بأن المبيت أو الرمي لو قُدِّم على الموقع المناسب لهما أيضاً أن نقول بالإجزاء، فهل تلتزم أو لا ؟!! فجوابه:- إن هذا إعلامٌ فقط، فأيُّ مانعٍ من أن نلتزم بذلك، فالإمام عليه السلام هو الذي قد أشار إليه، فلو قدّم المكلف المبيت أو الرمي جهلاً أو نسيانا فلا بأس بالحكم بصحته . وإذا صار البناء على الإعلام فنحن عندنا إعلامٌ أيضاً فنقول له:- لو فرضنا أن شخصاً قدّم أجزاء الحج بعد الإحرام كما لو أحرم في اليوم السابع أو الثامن من ذي الحجّة وبعد الاحرام أتى بالذبح أو حلق فما هو رأيك ؟ فهل تقول بالإجزاء أو لا ؟ نعم نقول بالإجزاء بمقتضى الرواية مادام عن جهلٍ أو نسيانٍ، والحال أن الالتزام بذلك إعلامياً لعله شيءٌ صعب، فأنت أحرمت قبل قليلٍ فكيف حلقت أو ذبحت ؟!! فصحيحٌ أنّ هذا صعبٌ بادئ ذي بدءٍ ولكن بمقتضى القانون الذي ذُكر في الرواية فهو قانون عامّ لو تصورنا الجهل أو النسيان فلا بأس بالالتزام بذلك، وإنما يصعب عليه أو علينا الالتزام بذلك لأنه عادة لا يتصوّر وجود شخصٍ يكون جاهلاً أو ناسياً إلى هذا الحدّ . هذا هو سبب الاستبعاد والاستغراب وإلا فلا مانع من الالتزام بالإجزاء فيما أشرنا إليه .
وأما ما أفاده في ردّ موثقة سماعة فنقول:-
أما مّا أفاده من أنها عامّة ولا يمكن الأخذ بعمومها وحملها على النسيان مخالف للظاهر فيمكن أن نقول:- إنه لا عموم فيها من البداية، فإن المقصود من البداية هو النظر إلى الجاهل والناسي والسائل ناظرٌ إلى ذلك، والإمام عليه السلام ناظرٌ إلى ذلك، بقرينة أن الشخص الذي يجيء فهو يجيء عادةً بقصد امتثال أوامر الله عزّ وجل فهو لا يقدِّم طواف النساء عن عمدٍ، فلعلّ السائل وهكذا الإمام اعتمد على هذه القرينة وكان مقصود السائل ومقصود الإمام من البداية هو خصوص الجاهل والناسي وليس المقصود هو العامد، فالرواية قرينتها المتّصلة معها وليس فيها عمومٌ من البداية.
ويوجد للسيد الخوئي(قده) كلام نتيجته التوقّف، فهو يبني على أن الناسي - وبالأولى الجاهل - إذا خالف الترتيب فالأحوط الاعادة - أو أنّه صناعةً يبني على الاعادة - وحاصل ما أفاده أنه قال:- نحن عندنا مستندان، الأوّل صحيحة جميل الواردة في القوم الذين جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وأله وقدّموا ما أخّروا وأخّروا ما قدّموا، والثاني هو موثّق سماعة . وكلاهما قابل للمناقشة دلالةً.
أمّا بالنسبة صحيحة جميل:- فقد ذكر إن هذه الرواية ناظرة إلى أفعال الحج - يعني إلى أجزائه - مثل أعمال يوم النحر فإن أعمال يوم النحر من رمي جمرة العقبة والذبح والحلق والطواف بالبيت والسعي كلّها أعمالٌ وأجزاءٌ من الحج، فهي ناظرة إلى ذلك فمن قدّم أو أخر شيئاً من أفعال الحج فلا حرج عليه، وحيث إن طواف النساء ليس من أفعال الحج فلا يكون مشمولاً لنفي الحرج الذي ذكره النبي صلى الله عليه وآله.
ولو كانت الرواية عامة لغير أفعال الحج يلزم أن نقول بشيءٍ قد يصعب الالتزام به وهو المبيت في منى ليلية الحادي عشر والثاني عشر فإنه من الواجبات لكنه خارج عن الحج، وهكذا الرمي في اليوم الحادي والثاني عشر فإنه واجب ولكنه خارج عن أفعال الحج، فلو فرض أن شخصاً قدّم المبيت في منى ففي مثل هذه الحالة هل تلتزم بالإجزاء لو كان جاهلاً أو ناسياً ؟ كلّا، وهذا شاهدٌ على أن الرواية المذكورة ناظرة إلى أفعال الحج فقط.
وأمّا بالنسبة إلى موثقة سماعة:- فأورد عيها بأنها ظاهرة في العموم - يعني حتى في حق العامد فالذي يقدّم طواف النساء على السعي ذلك لا يضرّه - ومقتضى الإطلاق أو العموم الشمول حتى للمتعمّد، وهل تلتزم بذلك ؟ كلّا، وحملها على حالة النسيان مخالفٌ للظاهر.
إذن ما هو ظاهرها لا يمكن الالتزام به، وما يمكن الالتزام به - وهو حملها على حالة النسيان - مخالفٌ لظاهرها فلاحظ الرواية حيث تقـول:- ( سالته عـن رجل طـاف طواف الحج وطــواف النســاء بين الصفــا والمــروة، قـال:- لا يضرّه ).
هذا مضافاً إلى أنه يمكن أن نقول:- هي أجنبية عن المقام، فهي ناظرة إلى حيثيةٍ وقضيّةٍ أخرى غير القضيّة التي نحن بصددها، فنحن بصدد لو قدّم طواف النساء على السعي هل يؤثر ذلك على صحة العمل أو لا ؟، بينما الرواية لا يبعد أنها ناظرة إلى شيءٍ آخر وهو حيثيّة الفصل بين طواف الحج وبين السعي فإنه سوف يحصل فاصلٌ فالإمام عليه السلام قال لا يضرّه هذا الفاصل . إنّها بصدد بيان هذا المطلب وليس بصدد أنه بالتالي لا يضرّه يعني يقع الطواف صحيحاً يعني بالتالي على هذا الأساس يلزمه أن يعيد طواف النساء - وإن كان هو لم يصرّح بذلك ولكن بالتالي هو هكذا -، فحيثيّة الفصل التي حصلت بين طواف الحج والسعي لا تؤثر، أمّا بالنسبة إلى أنّه هل يعيد طواف النساء أو لا يعيده حيث قدّمه على السعي فالرواية لا تقول إنه لا يحتاج إلى إعادة بل هي ساكتة عن هذه الناحية . فإذن لا نستفيد منها.
وما هي قرينتك على أنها ناظرة إلى هذه الحيثية دون تلك الحيثية ؟
قال:- إن القرينة على ذلك هي أن السائل حينما سأل قال هكذا:- ( سألته عن رجلٍ طاف طواف الحج ) فابتدأ أوّلاً بطواف الحج، فلو كان ناظراً إلى حيثيّة تقديم طواف النساء على السعي فذكر طواف الحج لا داعي إليه، يعني كان من المناسب أن يقول:- ( سألته عن رجلٍ طاف طواف النساء قبل أن يسعى ) . إذن ذكر طواف الحج يدلّ على أن السائل ناظر إلى حيثيّة الفصل بين طواف الحج وبين السعي وذلك الفصل بطواف النساء.
ثم قال(قده):- إن لم تكن الرواية ظاهرة في ذلك - أي فيما نقول من أنها ناظرة إلى حيثيّة الفصل دون حيثيّة التقديم - فلا أقل هي مجملة فيحتمل أنها تقصد هذا ويحتمل أنها تقصد ذاك فلا يمكن التمسّك بها . والنتيجة هي عدم الإجزاء إن لم يكن أقوى فهو أحوط.
فهو(قده) انتهى إلى هذا الشيء حتى في حقّ الناسي فضلاً عن الجاهل . هذا توضيح ما أفاده(قده).
ويرد عليه:-
أما ما أفاده بلحاظ صحيحة جميل فيرد عليه:-
أوّلاً:- مَن قال إن صحيحة جميل أو محمد بن حمران هي ناظرة إلى أفعال الحج ؟! إنه لا توجد قرينة تشهد بذلك فإن الوارد فيها:- ( عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق، قال:- لا ينبغي إلا أن يكون ناسياً، ثم قال:- إن رسول الله صل الله عليه وآله أتاه أناس يوم النحر فقال بعضهم أني حلقت قبل أن أذبح وقال بعضهم حلقت قبل أن أرمي فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي أن يؤخّروه إلا قدّموه، فقال:- لا حرج )، إن الأمثلة التي ذكرت اتفاقاً هي ( حلقت قبل أن أذبح ) أو ( حلقت قبل أن أرمي ) والحلق ورمي جمرة العقبة أو الذبح هي من أفعال الحج، ولكن قال بعد ذلك:- ( فلم يتركوا شيئاً كان ينبغي أن يؤخّروه إلا قدّموه ) ويدخل في ذلك طواف النساء، فما هو المنشأ ؟ فهو(قده) لم يذكر شيئاً إلى أن هذا الرواية ناظرة إلى ذاك بهذه القرينة. وعلى أيّ حال يرد عليه أنه لا شاهد على ما يقول من التخصيص.
وثانياً:- إنه حتى لو سلّمنا أن الرواية شاملة لأجزاء الحج فقط، لكنّي أقول:- إن طواف النساء هو من أجزاء الحج بالنظرة العرفيّة التي يتحاور فيها الإمام مع الناس فهم عندهم طواف النساء هو من أجزاء الحج، فحوار الإمام حوار عرفيّ، ومادام حواراً عرفياً فيدخل فيه كلّ شيء معتبر في الحج وكان جزءاً ولو بالنظرة العرفيّة، وعلى هذا الأساس يدخل بدلك طواف النساء بلحاظ النظرة العرفيّة وإن لم يدخل بلحاظ النظرة الفقهية أو الاستدلالية التي تحتاج إلى درس.
وثالثاً:- سلمنا أنها خاصة بأفعال الحج بالنظرة الدقيّة وليس بالنظرة العرفيّة، ولكن نقول:- إن من يقرأ الرواية يفهم عدم الخصوصيّة لأفعال الحج وإنما المهم أنهم قدّموا ما أخّروا أو أخّروا ما قدّموا لجهلٍ أو نسيانٍ أمّا أنه جزءٌ أو ليس بجزءٍ فلا فرق من هذه الناحية.
إذن الرواية لا وجه للتأمل في دلالتها على عدم الاخلال بتقديم طواف النساء.
وأما ما ذكره من أنه لو كانت الرواية شاملة لغير أفعال الحج فيلزم أن نلتزم بأن المبيت أو الرمي لو قُدِّم على الموقع المناسب لهما أيضاً أن نقول بالإجزاء، فهل تلتزم أو لا ؟!! فجوابه:- إن هذا إعلامٌ فقط، فأيُّ مانعٍ من أن نلتزم بذلك، فالإمام عليه السلام هو الذي قد أشار إليه، فلو قدّم المكلف المبيت أو الرمي جهلاً أو نسيانا فلا بأس بالحكم بصحته . وإذا صار البناء على الإعلام فنحن عندنا إعلامٌ أيضاً فنقول له:- لو فرضنا أن شخصاً قدّم أجزاء الحج بعد الإحرام كما لو أحرم في اليوم السابع أو الثامن من ذي الحجّة وبعد الاحرام أتى بالذبح أو حلق فما هو رأيك ؟ فهل تقول بالإجزاء أو لا ؟ نعم نقول بالإجزاء بمقتضى الرواية مادام عن جهلٍ أو نسيانٍ، والحال أن الالتزام بذلك إعلامياً لعله شيءٌ صعب، فأنت أحرمت قبل قليلٍ فكيف حلقت أو ذبحت ؟!! فصحيحٌ أنّ هذا صعبٌ بادئ ذي بدءٍ ولكن بمقتضى القانون الذي ذُكر في الرواية فهو قانون عامّ لو تصورنا الجهل أو النسيان فلا بأس بالالتزام بذلك، وإنما يصعب عليه أو علينا الالتزام بذلك لأنه عادة لا يتصوّر وجود شخصٍ يكون جاهلاً أو ناسياً إلى هذا الحدّ . هذا هو سبب الاستبعاد والاستغراب وإلا فلا مانع من الالتزام بالإجزاء فيما أشرنا إليه .
وأما ما أفاده في ردّ موثقة سماعة فنقول:-
أما مّا أفاده من أنها عامّة ولا يمكن الأخذ بعمومها وحملها على النسيان مخالف للظاهر فيمكن أن نقول:- إنه لا عموم فيها من البداية، فإن المقصود من البداية هو النظر إلى الجاهل والناسي والسائل ناظرٌ إلى ذلك، والإمام عليه السلام ناظرٌ إلى ذلك، بقرينة أن الشخص الذي يجيء فهو يجيء عادةً بقصد امتثال أوامر الله عزّ وجل فهو لا يقدِّم طواف النساء عن عمدٍ، فلعلّ السائل وهكذا الإمام اعتمد على هذه القرينة وكان مقصود السائل ومقصود الإمام من البداية هو خصوص الجاهل والناسي وليس المقصود هو العامد، فالرواية قرينتها المتّصلة معها وليس فيها عمومٌ من البداية.