33/03/26
تحمیل
الموضوع :-
مسألة ( 307 ) / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
مسألة ( 307 ) / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
وبعد اتضاح هذا نقول :- ذكر (قده) أنه توجد صور ثلاث للخروج عن المطاف ، فتارة يخرج قبل النصف مع فوات الموالاة بحيث تكون فترة الخروج كبيرة ، وأخرى يكون الخروج قبل النصف ولكن من دون فوات الموالاة كما إذا خرج دقيقة أو دقيقتين ، وثالثة أن يكون الخروج بعد تجاوز النصف ، وفي الأولى حكم ببطلان الطواف ولا أقل لفوات الموالاة فانها شرط في صحة الطواف عنده ، وأما في الثانية والثالثة فالأحوط أن يتم طوافه ثم يعيده.
وكان بإمكانه أن يقول:- ويجوز له أن يأتي بطوافٍ واحدٍ بقصد الأعم من التمام والإتمام ، فالاحتياط السابق - أي بالإتمام والإعادة - يتأتى بهذه الطريقة ، ولعله لم يذكر ذلك لأنه قد سبقت الإشارة إليه أكثر من مرة . هذا هو التفصيل الذي ذكره (قده ).
وإذا رجعنا إلى الفتوى المشهورة - على ما يقال أنها مشهورة - رأينا أنهم لا يفصِّلون تفصيلاً ثلاثياً بل يفصِّلون تفصيلاً ثنائياً ، أي يقولون هكذا ( ان خرج قبل النصف فعليه الإعادة وان خرج بعده فلا إعادة بل يبني على ما سبق ) من دون أن يأخذوا قيد فوات الموالاة بعين الاعتبار ، كما لم يذكروا مسألة ( الأحوط هو الإتمام ثم الإعادة ).
وبعد هذا نتساءل ونقول:- ما هو الدليل على هذه الفتوى المشهورة ؟ وواضح المناسب لولا الدليل الخاص بمقتضى القاعدة والصناعة هو إتمام ما سبق بلا حاجة إلى استئناف ، نعم لو اشترطنا الموالاة فيلزم أن لا تفوت من دون فرق بين أن يكون الخروج قبل النصف أوبعده ، وإذا لم نشترط الموالاة فلا يجب الاستئناف بل يتم ما سبق بلا فرق أيضاً بين ما قبل النصف وما بعده ، وأما إذا لم نشترط المولاة كما هو مختارنا فلا يؤثر الخروج على الطواف بل يبني على ما سبق مطلقاً - أي سواء كان الخروج قبل النصف أم بعده وسواء فاتت الموالاة أم لا - هذا ما تقتضيه القاعدة لولا الدليل الخاص.
فمن أين جاء المشهور بهذا التفصيل فأنهم يحتاجون إلى نصٍّ خاصٍّ ولولاه فلا مجال لهذا التفصيل ، وهل يوجد نصٌّ خاصٌ في هذا المجال ؟
والجواب:- قد يصعب تحصيل ذلك ، وقد اعترف بهذا صاحب المدارك حيث قال ( هذا التفصيل مشهور بين الأصحاب ولم أقف على رواية تدل عليه )
[1]
، وحاول صاحب الجواهر أن يتمسك بروايات طرو حدث الحيض على المرأة حيث أن بعض الروايات تقول ان طرأ الحدث قبل النصف خرجت وأعادت بعد الطهر والاغتسال وان كان بعد النصف خرجت وبنت على ما سبق بعد الطهر والاغتسال من قبيل رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ( إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت وبين الصفا والمرأة
[2]
فجاوزت النصف فعلَّمت ذلك الموضع فإذا طهرت رجعت فأتمت بقية طوافها من الموضع الذي علَّمته ، فان هي قطعت
[3]
طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوَّله )
[4]
فقد تمسك بهذه الرواية وما شاكلها ، ولابد أن مقصوده هو بعد ضم ضميمة وهي أن هذه الرواية وان وردت في طرو الحيض ولكن نعمّمها إلى الموارد الأخرى خصوصاً ان بعض الروايات قد عبَّرت فيمن جاءها الحيض بعد النصف وعلَّلت بقول ( لأنها قد جاوزت النصف ) فيظهر أن تجاوز النصف هو الذي له المدخلية في الحكم المذكور.
ولكن نقول له:- ان الطهر من الحيض شرط في صحة الطواف فإذا طرأ الحدث فيمكن أن يؤثر على أصل الطواف باعتبار أن الطهر منه شرط في صحته والشرع فصَّل بين النصف وما بعده ، وهذا بخلافه في الخروج عن المطاف إلى الخارج فان عدم الخروج لم يثبت أنه شرط معتبر في صحة الطواف ولم يذكر أحد الفقهاء أنه من الشرائط فيمكن للشرع أن يتنازل ويقول ( لا يضر الخروج سواء كان قبل النصف أو بعده ) . إذن قياس الخروج عن المطاف على حدث الحيض في غير محله لهذه النكتة.
والأجدر أن يتمسك بروايتين أخريين:-
الأولى:- صحيحة أبان بن تغلب عن أبي عبد الله عليه السلام ( رجل طاف شوطاً أو شوطين ثم خرج مع رجل في حاجته ، قال :- ان كان في طواف نافلة بنى عليه وان كان في طواف فريضة لم يبن )
[5]
.
والثانية:- روى صفوان الجمال ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام :-الرجل يأتي أخاه وهو في الطواف ، فقال:- يخرج معه في حاجته ثم يرجع ويبني على طوافه )
[6]
.
وهذه الرواية حكمت بأنه يبني على ما سبق من دون تفصيل بينما السابقة فصَّلت بين الطواف المستحب وغيره.
ونلاحظ سند الروايتين أوَّلاً:-
أما بالنسبة إلى الرواية الأولى:- فقد نقلها صاحب الوسائل هكذا ( وعنه عن عبد الرحمن عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبان بن تغلب ) والمقصود من ( عنه ) بقرينة ما سبق هو موسى بن القاسم ففي الأسناد السابقة يوجد موسى بن القاسم وعنه عن عبد الرحمن ، ومن هو عبد الرحمن ؟ لو رجعنا إلى من يروي عنه موسى بن القاسم لوجدناه يروي مرة عن عبد الرحمن بن نجران الثقة وأخرى عن عبد الرحمن بن سيابة الذي لم تثبت وثاقته إلا على أساس كبرى وثاقة رجال كامل الزيارات ، وعليه ان استظهرنا أنه ابن أبي نجران بقرينة الراوي والمروي عنه فلا مشكلة ، وان لم نستظهر ذلك فلا مشكلة أيضاً باعتبار أن صاحب الوسائل قال بعد ذلك ( ورواها الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير مثله ) - أي مثل ما سبق - وحينئذ يمكننا أن نعوِّض عن تلك القطعة من السند أي ( عنه عن عبد الرحمن ) بـ( علي بن إبراهيم عن أبيه ) فان كلتا القطعتين يلتقيان في الرواية عن ابن أبي عمير وحينئذ ترتفع المشكلة وهذا من موارد قبول نظرية التعويض فانه كما ذكرنا في بعض المباحث أن نظرية التعويض لها مصاديق متعددة وليس مصداقاً واحداً ، ولعل البعض يسال ويقول هل تقبل نظرية التعويض أو لا ؟ فاقول:- هذا سؤال ليس بصحيحٍ لأنها ليست ذات مصداق واحد حتى يُسأل بأنك هل تقبلها أو لا بل هي ذات مصاديق متعددة وهذا من مصاديقها المقبولة لأن كلا السندين يلتقي بابن أبي عمير . إذن يمكن التعويض عن تلك القطعة بهذه القطعة فلا مشكلة.
بل يمكن أن نقول شيء أكثر:- وهو أنه لا داعي إلى تطبيق نظرية التعويض بل نقول ابتداءً انه يوجد طريقان فطريق الشيخ الطوسيأن كان فيه خلل فنأخذ بطريق الكليني بلا حاجة إلى تطبيق نظرية التعويض.
إذن الرواية الأولى لا مشكلة فيها حتى إذا توقفنا في عبد الرحمن فانه يوجد لدينا الطريق الثاني كما أوضحنا كما أن جميل هو بن دراج وهو من أعاظم رواتنا.
وأما بالنسبة إلى الرواية الثانية:- فقد رواها الشيخ الصدوق عن صفوان حيث قال ( وروى صفوان الجمال ...... ) فلابد وأن نرجع إلى المشيخة واذا رجعنا إليها وجدنا أنه يذكر طريقين إلى صفوان حيث يقول هكذا ( وما كان فيه عن صفوان بن مهران الجمال فقد رويته عن محمد بن علي ماجيلويه رضي الله عنه عن عمه محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن ابن أبي عمير عن صفوان بن مهران الجمال ) ثم قال ( ورويته عن أبي رضي الله عنه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد بن يحيى عن موسى بن عمر عن عبيد الله بن محمد الحجّال عن صفوان بن مهران الجمال ) ، والمشكلة في الطريق الأوَّل من ناحية ماجيلوية - أي من ناحية شيخه - فانه لم يذكر في كتب الرجال بتوثيق فان أمكننا توثيقه من ناحية الترضِّي عليه أو من ناحية أنه من مشايخ الإجازة - فان كثيراً من أصولنا قد وردت بواسطته - أو غير ذلك فبها وإلا فالسند محلّ إشكال من ناحيته ، وأما باقي السند فلا مشكلة فيه.
وأما بالنسبة إلى الطريق الثاني فالمشكلة من ناحية موسى بن عمر فانه لم يذكر بتوثيق أيضاً إلا إذا بنينا على فكرة كبرى وثاقة رجال كامل الزيارات وأما بقية السند فلا مشكلة فيه فانه يروي عن والده وهو من أجلَّة أصحابنا عن محمد بن يحيى العطار هو الأشعري الذي هو شيخ الكليني والذي يروي عنه ربع الكافي تقريباً وهو من أجلة أصحابنا ثقاتهم بلا إشكال ، عن محمد بن أحمد بن يحيى وهو صاحب كتاب نوادر الحكمة المسمى بـ( دبة شبيب ) وهو أيضاً رجل ثقة ، وعبيد الله بن محمد الحجّال الأسدي هو من ثقاة أصحابنا وصفوان واضحٌ ، وإنما المشكلة من ناحية موسى بن عمر .
هذا من حيث السند.
وبعد هذا نأتي ونقول:- مرة نفترض أننا لا نقبل سند الرواية الثانية من ناحية ضعفه بكلي طريقيه ومرة نقبله.
فعلى الأول - أي إذا أخذنا في الحساب فقط وفقط الرواية الأولى - فهل يمكن أن نستفيد منها التفصيل الذي ذهب إليه المشهور أو لا ؟ انه يمكن ذلك بعد ضم بعض الضمائم فيقال هكذا:- ان السؤال قد وقع عمَّن طاف شوطاً أو شوطين والإمام عليه السلام قال ( ان كان الطواف واجباً فلا يبني على ما سبق ) وحينئذ يثبت أنه ان كان قد خرج قبل النصف فعليه الإعادة وأما إذا خرج بعد النصف فالرواية ساكتة عنه إذ ليس لها مفهوم فان الإمام لم يقل ( ان خرج قبل النصف أعاد ) حتى يثبت المطلوب وإنما السؤال كان عن الخروج قبل النصف والإمام قال ( أعاد ) وهذا لا يدل على أنه لو خرج بعد النصف بنى على ما سبق ، فكيف نثبت أنه لو خرج بعد النصف بنى على ما سبق بلا حاجة إلى إعادة ؟ اننا نتمسك بالقاعدة ، فصحيح أن الرواية ساكتة عن ذلك ولكن بإمكاننا أن نتمسك بما تقتضيه القاعدة والمفروض أنها تقتضي الصحة ولا نحتاج إلى الإعادة كما تقدم.
إذن يمكن أن نصل إلى تفصيل المشهور من خلال هذه الرواية ، فأحد شقيها - وهو الخروج قبل النصف - يُحكم فيه بالإعادة لأنه مورد الرواية ، ولكن الشق الثاني هو وان كان مسكوتاً عنه إلا اننا نتمسك بالقاعدة وهي تقتضي الصحة فنحصل على تفصيل المشهور ، ولكن نحتاج إلى ضمَّ بعض الضمائم كما سنوضح فيما بعد إنشاء الله تعالى.
[1] المدارك 8 148.
[2] أي وبين الصفا والمروة.
[3] أي جاءها الحيض قبل النصف.
[4] الوسائل 13 453- 85 من أبواب الطواف ح1.
[5] الوسائل 13 83 41 من أبواب الطواف ح5.
[6] الوسائل 13 382 42 من الطواف ح1.