33/04/18
تحمیل
الموضوع :- مسألة (314 ) / الزيادة في الطواف / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
وذلك ببيان:- إن الآتي بأقل من شوط تارةً يشك في لزوم إكمال ذلك أسبوعاً جديداً كاملاً وأخرى يشك في بطلان الطواف بذلك ولا يوجد شق ثالث:-
أما بلحاظ الشك الأول:- فوجوب الإكمال سبعاً جديداً يحتاج إلى دليل وإلا فالأصل يقتضي البراءة والدليل قد ثبت فيمن أتى بشوط كامل فان تلك الروايات السابقة ناظرة إلى ذلك ، وأما من أتى بأقل من شوط فلا توجد رواية تدل على لزوم الإكمال أسبوعا كاملاً . إذن عدم وجوب الأسبوع الجديد هو مقتضى أصل البراءة بعد قصور الروايات السابقة واختصاصها بمن أتى بشوط كامل.
وأما بلحاظ الشك الثاني:- فباعتبار أن المورد من موارد الشك في المانعيَّة حيث نشك في أن زيادة أقل من شوط ما دام سهواً هل هو مانع أو ليس بمانع ؟ أي هل قُيِّد الطواف الواجب بعدم زيادة أقل من شوط حتى في حالة السهو أو لم يؤخذ هذا القيد ؟ انه شك في أخذ القيد فيكون من الشك في أصل التكليف فتجري البراءة ككل مورد شك فيه في المانعية فان مرجع الشك في المانعية إلى الشك في الشرطية غايته شرطية العدم والشك في الشرطية مجرى للبراءة.
نعم يمكن أن يقال:- إن النوبة لا تصل إلى الأصل بعد وجود رواية تدل على أن الطواف يبطل بكل زيادة وهي صحيحة عبد الله بن محمد المتقدمة التي جاء فيها ( الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة إذا زدت عليها فعليك الإعادة وكذلك السعي ) فان مقتضى الإطلاق هو الشمول للزيادة السهوية أيضاً حتى إذا كانت أقل من شوط ، ومعه فلا تصل النوبة إلى الأصل.
والجواب:- إنا ذكرنا سابقاً أن عنوان الزيادة يشك في صدقه حالة الإتيان بأقل من شوطٍ فان الأسبوع مركب من أشواط سبعة فأجزاءه هي الأشواط والزيادة تكون بإضافة شوط ، أما إذا كانت الزيادة بأقل من شوط فيشك في صدق عنوان الزيادة فلا يمكن التمسك بالإطلاق أو بالعموم لأنه من التمسك به في مورد إجمال المفهوم.
هذا مضافاً إلى أن زيادة شوط سهواً إذا لم تكن مبطلةً فبالأولى زيادة الأقل من الشوط لا تكون مبطلة.
إذن احتمال بطلان الطواف بالزيادة السهوية بمقدار الأقل من الشوط منتفٍ بالروايات الدالة على أن الإتيان بشوطٍ كاملٍ سهواً لا يبطل الطواف ، وعليه فما ذهب إليه المشهور وجيه تمسكاً بالقاعدة ، غايته تكون رواية أبي كهمس وصحيحة محمد بن مسلم مؤيدتين له . هذا كله فيما إذا كانت الزيادة بأقل من شوط.
الزيادة بشوط كامل سهواً:-
ذكرنا فيما سبق أن الفقهاء قد اختلفوا في ذلك ، فالمنسوب إلى المشهور الإكمال بستة أشواط بينما ذهب الشيخ الصدوق(قده) إلى وجوب الإعادة ، وإذا رجعنا إلى الروايات وجدنا أن الطائفة الأولى تدل على وجوب الإعادة بينما تدل الثانية على الإكمال بستة أشواط ، فما هو الموقف أزاء هذا التعارض ؟
ربما يقال في بادئ الأمر بأنه بالإمكان الجمع بالتخيير بين الإعادة وبين الإكمال كما هو الحال فيما لو دل دليل على أن الكفارة في حق من أفطر هو العتق وجاء دليل آخر دل على أن الكفارة هي الإطعام فانه يُجمع بالحمل على التخيير وهنا يقال ذلك أيضاً - أي يجمع بالحمل على التخيير -.
وقد ذكرنا في بعض الأبحاث السابقة أنه قد يقال:- هناك جمع آخر وهو الحمل على بيان أحد فردي الواجب فيقال يحمل العتق على أنه أحد خصلتي الكفارة الواجبة والإطعام يحمل على الخصلة الأخرى فتكون النتيجة هي الجمع بين الاثنين معاً دون التخيير ، فلماذا رجَّحت الجمع بالتخيير على الجمع الآخر - أعني بيان أحد فردي الواجب - الذي نتيجته لزوم الجمع بين الفردين ؟ وذكر السيد الخوئي(قده) في دفع هذا الإشكال أنه لابد وأن نفترض أنه ثبت من الخارج عدم لزوم الجمع بين الأمرين فإذا قام إجماع أو غيره على عدم لزوم الجمع بين الفردين فحينئذ تصل النوبة إلى الجمع بالتخيير أما إذا لم يقم إجماع أو غيره فلابد من الأخذ بالجمع الآخر - أي يلزم الجمع بين الفردين - لا أنه يتخير بينهما.
ونحن علقنا وقلنا:- لا نحتاج إلى هذه الضميمة وتغلبنا على المشكلة من خلال طريق آخر وذلك بأن يقال:- إن الإنسان العرفي قد يتساهل فيذكر أحد فردي الواجب ولا يتحقق قصور في بيانه لأنه بيَّن أحد فردي الواجب فإذا جاءني شخص وقال ( أنا أفطرت في شهر رمضان ) فقلت له ( اطعم ستين مسكيناً ) فلا يعد ذلك إخلال بالبيان إذا لم اذكر الفرد الثاني للتخيير ، وهذا بخلاف ما إذا كان للازم هو الجمع بينهما فانه قد أخل بالبيان حيث أنه بيَّن نصف الواجب والحال أن النصف الثاني لازمٌ ، وكلما دار الأمر بين أن يكون مخلّاً بالوظيفة أو غير مخلّ فنحمله بأنه ليس بمخلٍّ ، فتكون النتيجة هي الجمع بالتخيير دون الجمع بلزومهما معاً بنحو الجمع.
وعلى أي حال قد يُجمع في المقام بالحمل على التخيير فيقال:- إن المكلف إذا زاد شوطاً سهواً فهو مخيَّر بين الإعادة أو الإكمال بستة أشواط.
والجواب:- هذا وجيه إذا فرض أن المورد لم يكن من العام والخاص ، أما إذا كان من ذلك فيلزم الجمع بالتخصيص ، وفي المقام نقول إن صحيحة عبد الله بن محمد التي دلّت على البطلان بالزيادة مطلقة - أي أنها تشمل الزيادة العمدية والسهوية - فلاحظ نصها ( الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة إذا زدت عليها فعليك الإعادة وكذلك السعي ) إنها مطلقة من حيث كون الزيادة قد صدرت عن عمد أو عن سهو ، بينما الطائفة الثانية الدالة على أنه يكمل بستة أشواط عند زيادة شوطٍ مقيدة بحالة السهو من قبيل صحيحة محمد بن مسلم ( إن في كتاب عليّ:- إذا طاف الرجل بالبيت ثمانية أشواط الفريضة فاستيقن ثمانية أضاف إليها ستة ... ) إنها ناظرة إلى حالة النسيان ، وهكذا صحيحة عبد الله بن سنان ( من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم أربعة عشر شوطا ) . إذن مورد هذه الطائفة هو الزيادة السهوية بينما تلك فهي مطلقة فتقيدها وتصير النتيجة هكذا ( من زاد شوطاً عمداً فعليه الإعادة لأجل الطائفة الأولى ، ومن زاد شوطاً سهواً فعليه الإكمال بستة أشواط لأجل الطائفة الثانية ) فتكون النتيجة هي الجمع بالتخصيص.
نعم قد يقال:- انه توجد في روايات الطائفة الأولى رواية خاصة بحالة السهو والإمام عليه السلام حكم بوجوب الإعادة فتكون النسبة آنذاك بين الطائفتين بعد نظرهما معاً إلى حالة السهو نسبة التباين ، وتلك الرواية هي رواية أبي بصير ( قلت له:- فان طاف وهو متطوع ثمان مرات وهو ناس ، قال:- فليتمه طوافين وأما الفريضة فليعد حتى يتم سبعة أشواط ) فإن النظر فيها إلى حالة السهو والإمام عليه السلام حكم بالإعادة . إذن لا يمكن الجمع بالتخصيص بين هذه الرواية وبين الطائفة الثانية.
ويمكن الجواب عن ذلك:- بأن هذه الرواية ضعيفة السند بإسماعيل بن مرار ، ولكن سوف يتضح أنها سواء كانت ضعيفة أم غير ضعيفة فذلك لا يؤثر بشكل مهم كما سنوضح.
والخلاصة إلى الآن:- هي أن المناسب هو التخصيص ، فتصير النتيجة هي أن من زاد شوطاً عمداً فعليه الإعادة ومن زاد شوطاً سهواً فعليه الإكمال بستة أشواط ، هكذا ربما يقال.
ولكن يمكن للمكلف أن لا يلزمه الإكمال بستة أشواط بل يجوز له الاكتفاء بما أتى به - أعني الثمانية أشواط فالثمانية تقع صحيحة - ولكن إن شاء أضاف ستة وان لم يشأ جاز له الاكتفاء بتلك الثمانية ، وإذا أراد أن يعيد فله ذلك أيضاً ، فهو مخير بين الأمور الثلاثة.