33/06/06
تحمیل
الموضوع :- الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع ( صلاة الطواف )/ واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
الرواية الثالثة:- صحيحة هاشم أو هشام بن المثنى قال:- ( نسيت أن أصلي الركعتين للطواف خلف المقام حتى انتهيت إلى منى فرجعت إلى مكة فصليتهما ثم عدت إلى منى فذكرنا ذلك لأبي عبد الله عليه السلام ، قال:- أفلا صلاهما حيثما ذكر )
[1]
.
ويرد عليها:- - رغم انه ورد فيها التعبير ب( نسيت أن اصلي الركعتين للطواف خلف المقام ) وهذا يظهر منه مركوزية لزوم أداء صلاة الطواف خلف المقام والإمام قد أمضى الارتكاز المذكور - ما أوردناه على الصحيحة السابقة فيقال:-
أولاً:- نسلم أن هناك شيئاً مركوزاً في ذهن السائل وأن صلاة الطواف يؤتى بها خلف المقام ولكن هل هو مركوز بنحو اللزوم أو بنحو الرجحان الأعم ؟ انه لا يظهر من الرواية أن المركوز هو خصوص اللزوم والوجوب ، وعليه فتشكل دلالة الرواية على اللزوم.
وثانياً:- ما أشرنا إليه سابقاً أيضاً وهو أنه حتى لو سلمنا أن المركوز في ذهن السائل هو اللزوم ولكن هل يلزم على الإمام أن ينبّه على أن لزوم الصلاة خلف المقام شيء غير ثابت وإنما الثابت هو الرجحان الأعم ؟ فهل يلزم التنبيه في مثل هذا الارتكاز الذي لا يضر بالدين ؟ ربما يمكن التشكيك من هذه الناحية.
ومن خلال هذا اتضحت المناقشة في روايات أخرى هي على هذا المنوال
من قبيل:- صحيحة أبي بصير المتقدمة ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام وقد قال الله تعالى "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى" حتى ارتحل ، قال:- إن كان ارتحل فاني لا أشق عليه ولا آمره أن يرجع ولكن يصلي حيث يذكر )
[2]
، وتقريب الدلالة كما سبق والمناقشة كما سبق.
ومن قبيل:- صحيحة معاوية بن عمار الأخرى ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- رجل نسي الركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام فلم يذكر حتى ارتحل من مكة ، قال:- فليصلهما حيث ذكر ، وان ذكرهما وهو في البلد فلا يبرح حتى يقضيهما )
[3]
، والكلام هو الكلام.
ومن قبيل:- ما رواه الصدوق بسنده إلى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام ( انه رُخِّصَ له أن يتم طوافه ثم يرجع فيركع خلف المقام )
[4]
، وضمير ( انه ) يرجع - بقرينة ما سبق - إلى من نسي الركعتين حتى دخل في السعي وذكر أثناءه ، والإمام عليه السلام رخَّص لهذا الناسي أن يتم طوافه - أي سعيه لأنه قد يطلق على السعي بأنه طواف - ثم يرجع ويصلي الركعتين خلف المقام ، وعبارة ( خلف المقام ) هي من كلام محمد بن مسلم ، والكلام هو الكلام من حيث التقريب والمناقشة .
والخلاصة من كل هذا:- إن الدليل المهم على اعتبار الخلفيَّة هو صحيحة الحلبي المتقدمة المعتضدة بمرسلة صفوان والمعتضدة أيضاً برواية الأبزاري المتقدمة ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسي فصلى ركعتي طواف الفريضة في الحِجْرِ ، قال:- يعيدهما خلف المقام لأن الله تعالى يقول:- واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) والظاهر أن دلالتها لا بأس بها لأن الإمام عليه السلام قال ( يعيدهما خلف المقام ) فدلالتها تامة ، إلا أن المشكلة في سندها لورود محمد بن سنان إذا لم نقل بوثاقته وكذلك الأبزاري نفسه.
والمعتضدة أيضاً بمرسلة جميل عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام ( يصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام بـ "قل هو الله أحد" و "قل يا أيها الكافرون" )
[5]
، ودلالتها تامة بناءً على مسلك حكم العقل فإنها تشتمل على بعض المستحبات - أي يقرأ ( قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون ) وهذا من المستحبات جزماً ، فبناءً على مسلك حكم العقل تتم دلالتها ، إلا أن المشكلة في سندها باعتبار الإرسال.
بل ربما تناقش من حيث المتن ببيان:- إن الشيخ الكليني رواها عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا قال:- ( قال أحدهما عليهما السلام:- يصلي الرجل ركعتي الطواف طواف الفريضة والنافلة بـ " قل هو الله أحد " و " قل يا أيها الكافرون " )
[6]
وهنا لا توجد فقرة ( خلف المقام ) ومن القريب أن تكون الرواية واحدة وليست متعددة فان المضمون واحد والراوي هو جميل وما دام لا مثبت للتعدد فنحتمل أن الصادر هو النقل الثاني الفاقد لفقرة ( خلف المقام ) التي هي المهمة لنا.
إن قلت:- يمكن أن نستعين بفكرة أصالة عدم الزيادة - بمعنى أن الزيادة واقعة في موقعها المناسب - وبذلك يثبت أن هذه الفقرة ثابتة ببركة الأصل المذكور.
قلت:- قد تقدم منّا في أبحاث سابقة الإشارة إلى الأصل المذكور وقلنا إن الجزم بانعقاد سيرة عقلائية على أصالة عدم الزيادة بشكل مطلق أمر غير ثابت وإنما العقلاء يتسايرون مع القرائن وما تمليه مناسبات المقام فربما يحكمون أحياناً بأصالة عدم الزيادة كما إذا كانت الفقرة فقرة طويلة فمن البعيد أن السائل يمليها تبرعاً منه.
على أنه لو سلمنا بالأصل المذكور ولكن نسلمه لا في مثل المقام الذي تكون الزيادة فيه مما قد يمليها طبع المقام أو طبع المتكلم فان بعض الزيادات ربما يذكرها المتكلم لاقتضاء طبعه لذلك ، فيحذفها أحياناً لأن المنقول عنه لم يذكرها ويذكرها في نقل آخر باعتبار أن الطبع يقتضي ذكرها ، وإذا كانت الزيادة من هذا القبيل فلا نسلّم الأصل المذكور ، والزيادة في المقام من هذا القبيل فان الإمام عليه السلام حتى إذا لم يذكرها فالمتكلم ربما يضيفها تبرعاً منه من باب أنه يؤتى بها عادة خلف المقام.
والخلاصة من كل هذا:- إن الخلفيَّة معتبرة لصحيحة الحلبي المدعومة بما ذكر.
النقطة الرابعة:- إن المكلف إذا لم يمكنه أداء الصلاة خلف المقام أتى بها في أي مكان في المسجد من دون لزوم مراعاة الأقرب فالقرب إلى المقام وان كان ذلك أحوط استحباباً.
[1] الوسائل 13 - 429 - 74 من أبواب الطواف ح9.
[2] المصدر السابق ح 10.
[3] المصدر السابق ح 18.
[4] الوسائل 13 - 438 - 77 من أبواب الطواف ح2.
[5] الوسائل 13 - 424 - 71 من أبواب الطواف ح5.
[6] المصدر السابق ح2.