33/06/20
تحمیل
الموضوع :- مسألة ( 328 ) / الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع ( صلاة الطواف )/ واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
والجواب:- ينبغي التفصيل بين ما إذا ترك المكلف ذلك عن جهل أو نسيان وهو بعد لم يدخل في السعي وبين ما إذا دخل فيه ثم التفت.
ففي الصورة الأولى:- عليه اعادة الطواف والصلاة ، والوجه في ذلك:- هو أن الحديثين المذكورين لا يدلان على أن الذي لم يأت بالواجب نسياناً أو جهلاً هو بحكم الآتي به ولا يلزمه أن يأتي به بعد ارتفاع جهله أو نسيانه ، فلو فرض أن المكلف دخل عليه وقت صلاة الظهر مثلاً ونسي أو جهل أن يصلي إلى أن مضى من الوقت شطر كنصفه ثم التفت قبل أن يدخل وقت المغرب فهل يمكن أن نطبّق الحديث في حقه ونقول لا يلزمه الإتيان بالصلاة بعد الالتفات ؟ كلا ، ومقامنا من هذا القبيل فان المكلف حسب الفرض لم يأت بالواجب إذ المطلوب هو الإتيان به بنحو الموالاة وهذا لم يتحقق فعليه أن يأتي بذلك الواجب والحديث لا يقول له ( ان عدم اتيانك بالواجب هو بحكم الإتيان ) وإنما يقول ( إذا ترتب جزاء من كفارة أو قضاء على الفعل إذا صدر عن عمدٍ فبسبب الجهل أو النسيان يرتفع ما يترتب على ذلك الفعل العمدي من قضاء أو كفارة ) ، أما إذا لم يكن الأثر أثراً للفعل العمدي وإنما كان أثراً لعدم امتثال أصل الأمر فالحديث لا يقول ( ان الأثر المذكور مرتفع وتعد أنت بمثابة الممتثل للأمر ) ، ومقامنا كذلك فان اعادة الطواف قبل السعي ليست قضاءً ولا كفارةً إذ الفرض أنه بعدُ لم يدخل في السعي وإذا كنا نحكم عليه بلزوم الاعادة فهي أثر لعدم امتثال الأمر الأوَّلى الأصلي الثابت في أصل التشريع وهو أنه يلزم الإتيان بالطواف والصلاة مع الموالاة فانه لم يأت بذلك فيلزمه الآن أن يأتي بالواجب وليس الإتيان به ثانية أثراً للإتيان الأوّل من دون موالاة حتى يرتفع بسببه الجهل ، كلا وإنما هو أثر لعدم امتثال الواجب وحديث الرفع يرفع ما كان أثراً للفعل الصادر عن عمدٍ كمن أفطر عن عمدٍ في شهر رمضان فان أثر الافطار العمدي هو الكفارة أو وجوب القضاء فيرتفعان بالنسيان أو بالجهل ، أما إذا فرضنا أنه لم يأت بالواجب رأساً نسياناً أو جهلاً فالحديث لا يمكن تطبيقه . هذا كله فيما إذا كان الالتفات قبل السعي.
في الصورة الثانية:- فالمناسب - بقطع النظر عن الدليل الخاص الذي سوف نذكره - ما أشرنا إليه سابقاً من أنه لابد وأن يأتي بالطواف والصلاة من جديد مع الموالاة لأنه لم يمتثل أصل الأمر وبإمكانه الامتثال الآن من جديد ، وحديث الرفع لا يرفع الأثر المترتب على عدم امتثال الأمر وإنما يرفع الأثر المترتب عن الفعل الصادر عن عمدٍ .
ولكن هناك دليل خاص يمكن أن نستفيد منه عدم لزوم الاعادة ، فانه سوف يأتي في المسألة التالية أن من نسي ركعتي الطواف - وأأكد أنه نساهما بالكليّة - والتفت في أثناء السعي أو بعد اكمال السعي فانه يذهب إلى مقام إبراهيم ويأتي بالركعتين من دون حاجة إلى اعادة الطواف ثم يواصل بقيّة السعي ان كان الالتفات في الأثناء ، وهذا حكمٌ سوف يأتي انشاء الله تعالى وقد دلت عليه بعض الروايات التي ستأتي - وواضح أن ذلك الحكم السابق عام للجاهل والناسي - فمن هذه الروايات التي تقول على التارك لركعتي الطواف نسياناً أو جهلاً في أثناء السعي أن يعيد الركعتين فقط يمكن أن نفهم منها في مقامنا أنه لا حاجة إلى اعادة الطواف إذ هذا مثل ذلك لو لم يكن أحسن حالاً منه فان هذا قد أتى بالركعتين وذاك لم يأت بهما أصلاً فإذا لم يحتج الذي لم يأت بهما إلى اعادة الطواف فهذا الذي أتي بالصلاة مع عدم الموالاة هو مثل ذاك لو لم يكن أحسن حالاً منه - ونحن لا نريد التمسك بالأولوية بل يكفينا أن هذا مثل ذاك - فلا حاجة إلى اعادة الطواف ، وأما الصلاة فلا وجه لإعادتها أيضاً فان الفرض أنه قد أتى بها سابقاً والاتيان بها من جديد لا يصنع الموالاة المطلوبة . إذن ينبغي التفصيل في هذه المسألة بين من لم يدخل السعي فتلزمه اعادة الطواف والصلاة تمسكاً بالقاعدة ، وبين من دخل فيه فلا حاجة إلى اعادة الطواف ولا الصلاة تمسكاً بالروايات المذكورة التي ستأتي في المسألة التالية.
الأمر الثالث:- هل تشرع صلاة الجماعة في صلاة الطواف ؟ وهل يعم دليل شرعية صلاة الجماعة مثل صلاة الطواف ؟
والجواب:- كلا انه لا يعمها كما سوف نوضح . نعم إذا فرض أن المكلف كان يلحن في قراءته فالواجب عليه أن يتعلم ، وأما إذا لم يتمكن من التعلم كما لو كان شيخاً كبيراً أو امرأة عجوزاً ففي مثل هذه الحالة يكون مقتضى الاحتياط هو أن يأتي بما يمكنه وأن يصلي جماعة ان أمكنه أيضا كما يلزمه أن يستنيب عنه نفسه ، وهذا لا يدلل على الشرعية ولا يتنافى مع قولنا بأنه لا دليل على شرعية الجماعة في صلاة الطواف وإنما ذلك من باب الاحتياط لاحتمال أن الثابت في حقه هو الجماعة فيأتي بها جماعة بنية رجاء المطلوبية . ولكن لماذا لا دليل على شرعية صلاة الجماعة في صلاة الطواف ؟ الوجه في ذلك هو:- انه في باب صلاة الجماعة لعله توجد رواية واحدة يمكن التمسك بها لإثبات شرعية الجماعة في مطلق الصلوات لا خصوص الصلاة اليومية وهي صحيحة زرارة والفضيل ، قالا:- ( قلنا له:- الصلاة في جماعة فريضة هي ؟ فقال:- الصلوات فريضة وليس الاجتماع بمفروض في الصلوات كلها ولكنه سنّة من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علّة فلا صلاة له )
[1]
.
وتقريب الدلالة:- ان قوله عليه السلام ( ولكنه سنّة ) هو عطف على قوله ( وليس الاجتماع بمفروض ) وعليه فنحذف هذه الجملة التي هي المعطوف عليه - ونضع المعطوف مكانها
[2]
، وهنا إذا حذفنا الجملة المعطوف عليها فتصير العبارة هكذا ( قال:- الصلاة فريضة ولكن الاجتماع سنَّة في الصلوات كلها ) وبذلك يثبت أن الجماعة في الصلوات كلها - من دون تقييد باليومية - سنّة ، وبهذا يثبت لدينا إطلاق أو عموم على أن الجماعة مستحبة ومشروعة في جميع الصلوات ومن ذلك صلاة الطواف.
[1] الوسائل 8 285 1 من أبواب صلاة الجماعة ح2.
[2] لأنه توجد عندنا قاعدة لمعرفة المعطوف والمعطوف عليه وهي أن نحذف المعطوف عليه ونضع المعطوف مكانه فإن استقام الكلام دل ذلك على صحة العطف ، وأما إذا لم يستقم الكلام فهذا يدل على أن هذا ليس معطوفاً على ذاك.