33/04/20
تحمیل
الموضوع / الدوران بين الأقل والأكثر / تنبيهات / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
الدليل الثاني:-
وحاصله:- ان كل تكليف ينشأ من غرض وملاك في المتعلق فان هذا هو ما استقر عليه رأي العدليّة حيث قالوا ان الاحكام تابعة لملاكاتٍ في متعلقاتها ، وهذا الملاك يلزم تحصيله فانه لو لم يلزم تحصيله لم ينشأ بسببه التكليف فنشوء التكليف وثبوته كاشف عن لزوم تحصيل ذلك الملاك.
ثم نضيف الى ذلك مقدمة ثالثة:- وهي ان هذا الملاك او الغرض ليس متعدداً بحيث يكون هناك غرض في التسعة وغرض في العشرة والا لصار المورد من الدوان بين الاستقلاليين وليس بين الارتباطيين والحال ان المفروض في كلامنا هو ان الواجب لو كان هو العشرة فهو ارتباطي ولازم الارتباطية كون الغرض واحداً.
ثم نضيف الى ذلك مقدمة رابعة:- وهي ان هذا الغرض الواحد لا يدور امره بين القلة والكثرة فان الذي يدور امره كذلك هو الواجب فالواجب قد يكون هو الاقل وقد يكون هو الاكثر وليس الغرض.
ثم نضيف الى ذلك مقدمة خامسة:- وهي انه ما دمنا قد اعترفنا بكل المقدمات السابقة - أي اعترفنا بوجود غرض واحد يلزم تحصيله - فلابد من تحصيل ذلك الغرض بحكم القعل ولا يحصل الجزم بتحققه الا بالإتيان بالعشرة ، يعني نطبق قاعدة الاشتغال اليقيني يستدعي الفراغ اليقيني ، فالذمة قد اشتغلت يقيناً بالغرض والملاك ولا يحصل الجزم بالفراغ الا بالإتيان بالأكثر فوجوب الاتيان بالأكثر حكم عقلي يحكم به العقل ولكن لا من باب العلم الاجمالي كما هو مقتضى الدليل الاول فانه كان ناظرا الى فكرة العلم الاجمالي وبلحاظ الواجب او الوجوب ، اما هنا فنغض النظر عن كل هذه المصطلحات وانما ننظر الى الغرض وما دمنا نعتقد بوجود ملاك يلزم تحصيله في باب الصلاة او في أي واجب فلابد من الاتيان بالأكثر حتى يحصل الفراغ اليقيني.
ولك أن تصوغ هذا الدليل بصياغة اخرى وتقول:- ان المورد من موارد الشك في المحصِّل - أي المحصِّل للغرض - فالغرض قد اشتغلت به الذمة بيد ان المحصِّل له يشك هل هو التسعة او هو العشرة ، فالعقل يحكم بلزوم الاحتياط في موارد الشك في المحصِّل.
هذا هو الدليل الثاني وقد ذكره الشيخ الاعظم(قده) في الرسائل وناقشه بمناقشتين ، و ذهب الشيخ الخراساني(قده) في الكفاية - على ما نقالنا سابقاً - الى التفصيل وقال في موارد الشك في الجزئية - أي الاقل والاكثر الارتباطيين - يجب الاحتياط بحكم العقل ولكن بواسطة النقل تجري البراءة الشرعية - ولا معارضة بين حكم العقل وحكم الشرع فان حكم العقل تعليقي على ان لا يتنازل الشرع عن حقه فاذا تنازل بالبراءة الشرعية فالعقل يرفع يده عن حكمه وهذه قضية جانبية ليست مهمه.
فصاحب الكفاية قال يلزم الاحتياط عقلاً ، ولماذا ؟ استند الى وجهين احدهما هذا - أي أنه قال ان الاحكام الشرعية نابعة عن الاغراض ويلزم تحصيل تلك الاغراض ولا نجزم بتحققها الا بالإتيان بالأكثر , وثانيهما هو ما تقدم من الدليل الاول وهو انه هناك علم اجمالي بوجوب نفسي استقلالي اما للأقل او للأكثر وهذا العلم لا ينحل اذ لو انحل للزم الخلف او من فرض وجود الشيء يلزم عدمه بالبيان المتقدم.