33/07/23
تحمیل
الموضوع / قاعدة لا ضرر / العلم الإجمالي / أصالة الاشتغال / الأصول العملية.
المورد الثاني:- إذا لاحظنا رواية زرارة وحدها من دون أن ندخل رواية الحذاء في الحساب فسوف نلحظ وجود اختلاف في نقل هذه الرواية بين الكليني والشيخ الطوسي من جانب وبين الشيخ الصدوق من جانب آخر ، فالشيخ الكليني والطوسي نقلاها هكذا:- ان النبي صلى الله عليه وآله بعدما قال ما قال إلى سمرة توجّه إلى الانصاري قائلاً ( اذهب فاقلعها وأرمِ بها إليه فانه لا ضرر ولا ضرار ) ، وأما في نقل الشيخ الصدوق فهكذا ( فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله الأنصاري أن يقلع النخلة ويلقيها إليه وقال:- لا ضرر ولا ضرار ).
وهنا قد يقال:- انه على النقل الأول توجد زيادة وهي الفاء بينما على النقل الثاني لا توجد هذه الزيادة فنطبق أصالة عدم الزيادة - بمعنى أن الزيادة وقعت في موقعها المناسب -.
وأيضاً قد يقال:- انه بناءً على الفاء تصير جملة ( لا ضرر ) علة للأمر بالقلع ، يعني كان الرسول صلى الله عليه وآله يريد أن يقول ( أيها الأنصاري اقلع النخلة وارمها والعلّة لأمري هذا ولجواز قلعها هو لا ضرر ولا ضرار ) فيصير علّة للأمر
[1]
، وأما بناءً على الـواو فحديث ( لا ضرر ) لا يكون علّة للأمر بالقلع بل يصير على احتمالٍ كلاماً مستقلاً لا يرتبط بسابقه وكأن الشيخ الصدوق يريد أن يقول ( ان النبي صلى الله عليه وآله أمر الأنصاري بقلع النخلة ورميها ) وقد انتهى من هذا ثم يريد أن يقول ( ان للنبي صلى الله عليه وآله حكماً آخر لا يرتبط بقصة سمرة وهو أنه لا ضرر ولا ضرار ) فيصير كلاماً مستقلاً لا ربط به بسابقه . وسيأتي أن شيخ الشريعة يحاول أن يثبت هذا وأن ( لا ضرر ) هي في الحقيقة قضاء مستقل من الرسول صلى الله عليه وآله لا ربط له بقصة سمرة وحكم قلع الشجرة.
وفيه:-
أما بالنسبة إلى الأول:- فالمورد ليس من الدوران بين الزيادة والنقيصة حتى تطبق أصالة عدم الزيادة بل المورد من موارد الدوران بين زيادتين اما الفاء أو الواو فان الواو زيادة كالفاء . فلا مجال إذن لتطبيق أصالة عدم الزيادة هنا.
وأما بالنسبة إلى الثاني:- فيمكن أن يقال ان الفاء في النقل الأول هي صريحة في التعليل - أي أن العلة للأمر بالقلع هو لا ضرر ولا ضرار - وأما في النقل الثاني فالواو صالحة أيضاً للتعليل لا أنها آبية عن ذلك غايته ليست صريحة ونصّ فيه إلا أنها ملائمة له فلا تكون منافية للنقل الأول حتى يتحقق تعارض بين الفاء والواو.
بل نصعد اللهجة ونقول:- ان المناسب هو ذكر الواو في النقل الثاني وأن ذكر الفاء ليس بمناسب لنكتة في خصوص النقل الثاني وهي أن الشيخ الصدوق لم ينقل نصّ الفاظ وحديث النبي صلى الله عليه وآله كما فعل الشيخ الكليني فان الكليني في النقل الأول لم يتصرف بل أنزل الرواية كما هي وذكرها كما جاءت وأما الشيخ الصدوق فقد حكى فعل النبي صلى الله عليه وآله لا قوله يعني أنه أراد أن يقول:- ( ان النبي صلى الله عليه وآله فعل هكذا:- وهو أنه أمر الأنصاري بقلع النخلة ) وحينئذ ما دام أنه يحكي فعل النبي فلا معنى للتعبير بالفاء بل المناسب التعبير بالواو ، وهذه نكتة ظريفة يجدر الالتفات إليها . وعلى هذا الأساس لا منافاة بين النقلين بل هناك كمال التلاؤم بينهما ، ومعه لا تعود مشكلة من هذه الناحية.
[1] وسياتي انشاء الله تعالى بحث ذلك وانه هل يصلح أن يكون هذا علة أو لا يصلح ؟