36/04/17
تحمیل
الموضوع:- شرطية القدرة في
متعلّق التكليف - مباحث الحكم.
ومن جملة من ذهب إلى عدم شرطية القدرة في متعلّق التكليف السيد الخميني(قده)[1]:- فإنّه ذهب إلى أن القدرة ليست شرطاً في متعلّق التكليف وإنما هي شرطٌ في التنجّز - أو بالأحرى وجوب الامتثال -، ويظهر من كلامه الاستدلال على ذلك بوجهين:-
الوجه الأوّل:- إنّ الحاكم باعتبار القدرة في متعلّق التكليف هو العقل، ونسأل هل العقل يحكم على الشرع بأنّه يلزمك أن تأخذ القدرة في متعلّق التكليف - أو بالأحرى يلزم أن تكون أحكامك مختصّة بالقادر - أو أنّه يحكم بمعنى الكشف يعني يقول أنا استكشف أنّ الشارع قد أخذ القدرة في متعلّق أحكامه لا أنّي أحكم عليه ؟
وكلاهما باطلٌ.
أمّا الأوّل فواضحٌ:- إذ لا معنى لأن يحكم شخصٌ على أحكام غيره ويقول يلزم أن يكون حكمك كذا فإنّ الذي يضيّق ويوسّع من الحكم هو نفس الحاكم أمّا غيره فهذا ليس عقلائياً وليس ممكناً.
وأمّا أنّ الثاني باطلٌ:- فلأنه يلزم منه عدّة لوازم باطلة وبطلان اللوازم يدلّ على بطلان نفس المطلب المؤدي إليها، واللوازم الباطلة ثلاثة وهي:-
اللازم الأوّل:- إذا شككنا في ثبوت القدرة وعدمها على الفعل بأن فرض أني شككت أنّي اتمكن من الاتيان بالحج أو لا ؟ فهذا احتماله موجودٌ فلا أجزم بثبوت القدرة واستمرارها إلى نهاية الحجّ فأشك في القدرة ولازمه أن أجري البراءة عن وجوب الحج لأنّ القدرة شرطٌ في التكليف فإذا شككت فيها فذلك شكٌّ في ثبوت التكليف والشكّ في ثبوت التكليف مجرى للبراءة، وهكذا الصلاة لأني احتمل أنّي سوف يصيبني ما يصيبني أثناء الصلاة ....، وهكذا بقية الواجبات.
اللازم الثاني:- إنّ المكلف لو أراد أن يزيل القدرة عنه فسوف يكون ذلك جائزاً في حقّه بأن يصنع شيئاً يزيل معه القدرة على الحجّ مثلاً، ولماذا يلزم جواز ذلك ؟ باعتبار أنّه مادامت القدرة شرطاً في التكليف فأنا بإزالة القدرة قد أزلت توجّه التكليف لي وهذا لا محذور فيه.
وهذا مثل المرأة حينما تأخذ الأقراص وتنزل الدورة الشهريّة قبل وقتها فلا يقال هي قد منعت نفسها من الصلاة أو الصوم وهذا لا يصح، كّلا بل هي أزالت موضوع التكليف فموضوع التكليف هو القادر وهي الآن ليست قادرة فلا تكليف فهذا حكم على طبق القاعدة.
وهنا نقول لو كانت القدرة شرطاً في متعلّق التكليف يلزم أن يتمكّن الشخص من أن يزيل عنه وجوب الحجّ مثلاً، وهل هناك فقيهٌ يلتزم بذلك ويجوّزه ؟!! إنَّ هذا يدلّ على أنّ القدرة ليست شرطاً في متعلّق التكليف وإلا لجاز إزالتها.
اللازم الثالث:- لو كانت القدرة شرطاً في متعلّق التكليف يلزم أن يكون العلم شرطاً في التكليف أيضاً فإن العقل من هذه الناحية سواءٌ، فإذا فرض أنه كان يحكم بأنّ القدرة شرطاً في التكليف من باب قبح تكليف العاجز يلزم أن يحكم بنفس المنوال لاعتبار العلم - يعني اختصاص التكليف بالعالم لقبح توجيه التكليف للجاهل -، فالعقل إن كان لأجل القبح يحكم بشرطيّة القدرة يلزم أن يحكم بشرطيّة العلم، وحيث إنّ العلم ليس شرطاً في متعلّق التكليف فكذلك القدرة، نعم العلم شرطٌ في استحقاق العقوبة - أي في التنجّز -.
الوجه الثاني:- إنّ منشأ تصوّر أن القدرة شرطٌ في متعلّق التكليف هو أنّ الخطابات الشرعيّة خطابات شخصيّة - يعني كلّ شخصٍ يتوجّه له الخطاب - فأنت يتوجّه لك الخطاب ويقال لك يا فلان يجب عليك الحج، وإذا كانت شخصيّة سوف يأتي هذا الكلام وأنّ الشخص إذا لم يكن قادراً كيف تخاطبه وتقول له يجب عليك الحج مثلاً إذ يقول أنا لست بقادرٍ فكيف توجّه لي وجوب الحج أو الصيام أوليس هو مجعولٌ بداعي التحريك وأنا لا استطيع التحرّك ؟!! إنه إذا كان الخطاب خطاباً شخصيّاً فهذا واردٌ، ولكن نقول إنَّ الخطابات الشرعيّة هي ليست خطاباتٍ شخصيّة وإنما هي خطاباتٍ موجّهة للعنوان الكلّي - أي المكلف - فيقول أيّها الإنسان المكلّف كتب عليك الصيام، وإذا كان موجّهاً للعنوان الكلّي كفى في وجاهة توجّه هذا التكليف للعنوان الكلّي قدرة بعض أفراده ولا يلزم أن يكون كلّ فردٍ قادراً فإن التكليف لم يتوجّه لكلّ فردٍ فردٍ بعنوانه وإنما توجّه إلى العنوان.
إن قلت:- هذا وجيهٌ إذا فرض أنّ هذا التكليف الموجّه إلى العنوان لا ينحلّ إلى الأفراد أمّا إذا قلنا إنّه انحلالي إلى الأفراد فيلزم اشتراط القدرة، فصحيح أنَّ الآية الكريمة قالت:- ﴿ كتب عليكم الصيام ﴾ لكن هذا انحلاليٌّ أي كتب عليك أيها الإنسان الأوّل وكتب عليك أيّها الانسان الثاني .... وهكذا، فهو انحلاليٌّ، وإذا صار انحلاليّاً عادة المشكلة وهي أنّه يلزم توجّه التكليف إلى الشخص وهو ليس بقادر.
أجاب(قده) وقال:- لا أسلّم أنّ التكليف المتوجّه إلى العنوان الكلّي ينحلّ بعدد أفراده لأنّه لو كان ينحلّ فسوف يلزم تالياً فاسداً وهو أنّه لو فرض أنّ الشخص قال ( النار لا تحرق ) فبناءً على فكرة الانحلال يلزم أن يكون هذا الشخص كاذباً بأكثر من كذبةٍ واحدةٍ - أي بعدد أفراد النار - يعني سوف يستحق أكثر من عقوبة والحال نحن نسجّل عليه كذبةً واحدةً . إذن هذا دليل على أنّ فكرة الانحلال باطلة.
إن قلت:- هذا خبرٌ ونحن كلامنا في الإنشاء، فلنلتزم أنّ الإنشاء انحلاليٌّ ولكن الخبر ليس انحلاليّاً.
قلت:- إذا فرض أن فكرة الانحلال كانت صحيحةً فلا فرق بين الخبر والإنشاء من هذه الناحية، فإن الحكم موجّه إلى العنوان فإذا كان توجيه الحكم إلى العنوان يستدعي الانحلال بعدد الأفراد فيلزم ذلك في كِلا الموردين وإذا لم يستلزم ذلك فيلزم أن لا ينحلّ في كِلا الموردين أيضاً.
ومن جملة من ذهب إلى عدم شرطية القدرة في متعلّق التكليف السيد الخميني(قده)[1]:- فإنّه ذهب إلى أن القدرة ليست شرطاً في متعلّق التكليف وإنما هي شرطٌ في التنجّز - أو بالأحرى وجوب الامتثال -، ويظهر من كلامه الاستدلال على ذلك بوجهين:-
الوجه الأوّل:- إنّ الحاكم باعتبار القدرة في متعلّق التكليف هو العقل، ونسأل هل العقل يحكم على الشرع بأنّه يلزمك أن تأخذ القدرة في متعلّق التكليف - أو بالأحرى يلزم أن تكون أحكامك مختصّة بالقادر - أو أنّه يحكم بمعنى الكشف يعني يقول أنا استكشف أنّ الشارع قد أخذ القدرة في متعلّق أحكامه لا أنّي أحكم عليه ؟
وكلاهما باطلٌ.
أمّا الأوّل فواضحٌ:- إذ لا معنى لأن يحكم شخصٌ على أحكام غيره ويقول يلزم أن يكون حكمك كذا فإنّ الذي يضيّق ويوسّع من الحكم هو نفس الحاكم أمّا غيره فهذا ليس عقلائياً وليس ممكناً.
وأمّا أنّ الثاني باطلٌ:- فلأنه يلزم منه عدّة لوازم باطلة وبطلان اللوازم يدلّ على بطلان نفس المطلب المؤدي إليها، واللوازم الباطلة ثلاثة وهي:-
اللازم الأوّل:- إذا شككنا في ثبوت القدرة وعدمها على الفعل بأن فرض أني شككت أنّي اتمكن من الاتيان بالحج أو لا ؟ فهذا احتماله موجودٌ فلا أجزم بثبوت القدرة واستمرارها إلى نهاية الحجّ فأشك في القدرة ولازمه أن أجري البراءة عن وجوب الحج لأنّ القدرة شرطٌ في التكليف فإذا شككت فيها فذلك شكٌّ في ثبوت التكليف والشكّ في ثبوت التكليف مجرى للبراءة، وهكذا الصلاة لأني احتمل أنّي سوف يصيبني ما يصيبني أثناء الصلاة ....، وهكذا بقية الواجبات.
اللازم الثاني:- إنّ المكلف لو أراد أن يزيل القدرة عنه فسوف يكون ذلك جائزاً في حقّه بأن يصنع شيئاً يزيل معه القدرة على الحجّ مثلاً، ولماذا يلزم جواز ذلك ؟ باعتبار أنّه مادامت القدرة شرطاً في التكليف فأنا بإزالة القدرة قد أزلت توجّه التكليف لي وهذا لا محذور فيه.
وهذا مثل المرأة حينما تأخذ الأقراص وتنزل الدورة الشهريّة قبل وقتها فلا يقال هي قد منعت نفسها من الصلاة أو الصوم وهذا لا يصح، كّلا بل هي أزالت موضوع التكليف فموضوع التكليف هو القادر وهي الآن ليست قادرة فلا تكليف فهذا حكم على طبق القاعدة.
وهنا نقول لو كانت القدرة شرطاً في متعلّق التكليف يلزم أن يتمكّن الشخص من أن يزيل عنه وجوب الحجّ مثلاً، وهل هناك فقيهٌ يلتزم بذلك ويجوّزه ؟!! إنَّ هذا يدلّ على أنّ القدرة ليست شرطاً في متعلّق التكليف وإلا لجاز إزالتها.
اللازم الثالث:- لو كانت القدرة شرطاً في متعلّق التكليف يلزم أن يكون العلم شرطاً في التكليف أيضاً فإن العقل من هذه الناحية سواءٌ، فإذا فرض أنه كان يحكم بأنّ القدرة شرطاً في التكليف من باب قبح تكليف العاجز يلزم أن يحكم بنفس المنوال لاعتبار العلم - يعني اختصاص التكليف بالعالم لقبح توجيه التكليف للجاهل -، فالعقل إن كان لأجل القبح يحكم بشرطيّة القدرة يلزم أن يحكم بشرطيّة العلم، وحيث إنّ العلم ليس شرطاً في متعلّق التكليف فكذلك القدرة، نعم العلم شرطٌ في استحقاق العقوبة - أي في التنجّز -.
الوجه الثاني:- إنّ منشأ تصوّر أن القدرة شرطٌ في متعلّق التكليف هو أنّ الخطابات الشرعيّة خطابات شخصيّة - يعني كلّ شخصٍ يتوجّه له الخطاب - فأنت يتوجّه لك الخطاب ويقال لك يا فلان يجب عليك الحج، وإذا كانت شخصيّة سوف يأتي هذا الكلام وأنّ الشخص إذا لم يكن قادراً كيف تخاطبه وتقول له يجب عليك الحج مثلاً إذ يقول أنا لست بقادرٍ فكيف توجّه لي وجوب الحج أو الصيام أوليس هو مجعولٌ بداعي التحريك وأنا لا استطيع التحرّك ؟!! إنه إذا كان الخطاب خطاباً شخصيّاً فهذا واردٌ، ولكن نقول إنَّ الخطابات الشرعيّة هي ليست خطاباتٍ شخصيّة وإنما هي خطاباتٍ موجّهة للعنوان الكلّي - أي المكلف - فيقول أيّها الإنسان المكلّف كتب عليك الصيام، وإذا كان موجّهاً للعنوان الكلّي كفى في وجاهة توجّه هذا التكليف للعنوان الكلّي قدرة بعض أفراده ولا يلزم أن يكون كلّ فردٍ قادراً فإن التكليف لم يتوجّه لكلّ فردٍ فردٍ بعنوانه وإنما توجّه إلى العنوان.
إن قلت:- هذا وجيهٌ إذا فرض أنّ هذا التكليف الموجّه إلى العنوان لا ينحلّ إلى الأفراد أمّا إذا قلنا إنّه انحلالي إلى الأفراد فيلزم اشتراط القدرة، فصحيح أنَّ الآية الكريمة قالت:- ﴿ كتب عليكم الصيام ﴾ لكن هذا انحلاليٌّ أي كتب عليك أيها الإنسان الأوّل وكتب عليك أيّها الانسان الثاني .... وهكذا، فهو انحلاليٌّ، وإذا صار انحلاليّاً عادة المشكلة وهي أنّه يلزم توجّه التكليف إلى الشخص وهو ليس بقادر.
أجاب(قده) وقال:- لا أسلّم أنّ التكليف المتوجّه إلى العنوان الكلّي ينحلّ بعدد أفراده لأنّه لو كان ينحلّ فسوف يلزم تالياً فاسداً وهو أنّه لو فرض أنّ الشخص قال ( النار لا تحرق ) فبناءً على فكرة الانحلال يلزم أن يكون هذا الشخص كاذباً بأكثر من كذبةٍ واحدةٍ - أي بعدد أفراد النار - يعني سوف يستحق أكثر من عقوبة والحال نحن نسجّل عليه كذبةً واحدةً . إذن هذا دليل على أنّ فكرة الانحلال باطلة.
إن قلت:- هذا خبرٌ ونحن كلامنا في الإنشاء، فلنلتزم أنّ الإنشاء انحلاليٌّ ولكن الخبر ليس انحلاليّاً.
قلت:- إذا فرض أن فكرة الانحلال كانت صحيحةً فلا فرق بين الخبر والإنشاء من هذه الناحية، فإن الحكم موجّه إلى العنوان فإذا كان توجيه الحكم إلى العنوان يستدعي الانحلال بعدد الأفراد فيلزم ذلك في كِلا الموردين وإذا لم يستلزم ذلك فيلزم أن لا ينحلّ في كِلا الموردين أيضاً.